الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
إما أن ينظر كم قيمة الصيد المقتول ويخرج ما يقابلها
طعاماً ويفرقه على المساكين لكل مسكين نصف صاع.
وإما أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً
(1) انظر: شرح العمدة، 2/ 280، 326، والمنهج لمريد العمرة والحج لابن عثيمين، ص 48، والشرح الممتع لابن عثميين، 7/ 196، والفروع لابن مفلح، 5/ 467.
(2)
سورة البقرة، الآية:95.
(3)
المقتول من الصيد قسمان:
القسم الأول: قضت فيه الصحابة رضي الله عنهم، فيجب فيه ما قضت به، وبهذا قال الإمام أحمد والشافعي وعطاء وإسحاق.
وقال الإمام مالك: يستأنف الحكم فيه؛ لأن اللَّه تعالى قال: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} [المائدة:95].
والصواب: أنه يجب ما قضت به الصحابة؛ لأنهم أقرب إلى الصواب وأبصر بالعلم، فكان حكمهم حجة على غيرهم، كالعالم مع العامي.
"
…
القسم الثاني: ما لم تقض فيه الصحابة، فيرجع فيه إلى قول عدلين من أهل الخبرة؛ لقوله تعالى:
{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} فيحكمان فيه بأشبه الأشياء من النعم: من حيث الخلقة، والصورة، لا من حيث القيمة، سواء كانت قيمته أزيد من قيمة الصيد المقتول أو أنقص، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:((بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الصحابة)) ثم ذكر الأدلة [شرح العمدة،
2/ 281]. وقال ابن قدامة: ((بدليل أن قضاء الصحابة لم يكن بالمثل في القيمة، وليس من شرط الحكم أن يكون فقيهاً؛ لأن ذلك زيادة على أمر اللَّه تعالى به، لكن تعتبر العدالة؛ لأنها منصوص عليها، ولأنها شرط في قبول القول على الغير في سائر الأماكن، وتعتبر الخبرة؛ لأنه لا يتمكن من الحكم بالمثل إلا لمن له خبرة)). [المغني لابن قدامة، 5/ 404 - 405].
ومن الصيد الذي له مثل من النعم: الضبع؛ لحديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما، قال: سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الضَّبُع؟ قال: ((هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم)) (1).
وقضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ((في الضبع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي الأرنب بعناق، وفي اليربوع بجفرة)) (2). والجفرة من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر وفُطِمَت وفُصلت عن أمها ورعت (3).
وقضى ابن عباس رضي الله عنهما في حمام الحرم على المحرم والحلال في كل حمامة شاة (4)، وقال الإمام مالك: ((لم أزل أسمع أن في النعامة إذا قتلها
المحرم بدنة)) (5) وغير ذلك مما له مثل (6).
(1) أبو داود، كتاب الأطعمة، باب في أكل الضبع، برقم 3801، والدارمي، 2/ 74، والحاكم،
1/ 452، والبيهقي، 5/ 183، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 448، وفي إرواء الغليل، 4/ 242، برقم 1050.
(2)
مالك في الموطأ،1/ 414،والبيهقي،5/ 183، 184،وصححه الألباني في إرواء الغليل، 4/ 245.
(3)
انظر: إرواء الغليل، 4/ 245، 246، وقال:((صحيح موقوفاً))، وأخرجه البيهقي بمعناه،
5/ 184، وانظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 1/ 277.
(4)
البيهقي، 5/ 205، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 4/ 247.
(5)
موطأ الإمام مالك، 1/ 415.
(6)
وقد نقل الإمام ابن قدامة في المغني، 5/ 402 - 405، وشيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة إجماع الصحابة رضي الله عنهم على أن المثل: ما مثال الصيد من جهة الخلقة والصورة سواء كانت قيمة أزيد من قيمة المقتول أو أنقص، ولفظ ابن قدامة: ((وأجمع الصحابة على إيجاب المثل، فقال عمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، وابن عباس، ومعاوية: في النعامة بدنة، وحكم أبو عبيدة، وابن عباس في حمار الوحش ببدنة، وحكم عمر فيه ببقرة، وحكم عمر وعلي في الظبي بشاة، وإذا حكموا بذلك في الأزمنة المختلفة، والبلدان المتفرقة دل ذلك على أنه ليس على وجه القيمة
…
)) [المغني، 5/ 402].
ومما ذكر عن الصحابة قضاؤهم فيه: الضبع فيه كبش، قضى به عمر، وعلي، وجابر، وابن عباس [وقد قضى فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبلهم بكبش إذا صاده المحرم، كما تقدم] وفي الظبي شاة، وفي الأرنب عناق، وفي اليربوع جفرة، وفي حمار الوحش بقرة، روي ذلك عن عمر، وقال عروة وغيره، وروي أن فيه بدنة كما جاء عن أبي عبيدة وابن عباس، وفي بقرة الوحش بقرة، روي ذلك عن ابن مسعود، والأيّل فيه بقرة، قال ابن عباس، والوعل، والتَّيثل بقرة [الوعل: التيس الجبلي، والأروى: شاة الوحش وهي أنثاه، والتَّيثل: هو الذكر المسن من الأوعال، والأيل: ذكر الأوعال] والأروى فيها بقرة، ذكر ذلك عن ابن عمر، وفي الظبي شاة، ثبت ذلك عن عمر، وفي الوبر شاة، وقيل: فيه جفرة؛ لأنه ليس بأكبرمنها [والجفرة من أولاد المعز ما أتى عليها أربعة أشهر، وفصلت عن أمها، والذكر جفر، وفي اليربوع جفرة، ذكر ذلك عن ابن عمر، وابن مسعود، وفي الضب جدي، قضى به عمر، وذكر عن جابر: أن فيه شاة، وفي الأرنب عناق، قضى به عمر [والعناق: الأنثى من ولد المعز في أول سنة] المغني لابن قدامة، 5/ 403 - 404، وشرح العمدة لابن تيمية، 2/ 383.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ((وما لم يحكم فيه الصحابة أو لم يبلغنا حكمهم فلا بد من استئناف حكم حاكمين، ويجب أن يكونا عدلين، كما قال تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} ((ولا بد أن يكونا من أهل الخبرة)) [شرح العمدة، 2/ 285 - 286]، وانظر: الفروع لابن مفلح، 5/ 493 - 510.