الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقوله صلى الله عليه وسلم: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس جزاء إلا الجنة)) (1)، وهذا أعظم المنافع التي تحصل لمن حج حجاً مبروراً؛ لأن من زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (2).
سادساً: السلامة من الفقر، لمن تابع بين الحج والعمرة
؛ لقول النبي
صلى الله عليه وسلم: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
…
)) الحديث (3).
وهذا من المنافع؛ فإن المتابعة بين الحج والعمرة يزيلان الفقر، قال العلامة المباركفوري رحمه الله: ((ينفيان الفقر: أي يزيلانه، وهو يحتمل الفقر الظاهر بحصول غنى اليد، والفقر الباطن بحصول غنى
القلب)) (4)، وقد قال اللَّه تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} (5).
سابعاً: أرباح التجارة، من المنافع المباحة الدنيوية
التي تحصل للحاج إذا أراد البيع والشراء أرباح التجارة، وقد أباح اللَّه ذلك للحاج إذا لم تشغله عن حجه، قال اللَّه تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} (6).
(1) البخاري، برقم 1773، ومسلم، برقم 1349، وتقدم تخريجه.
(2)
سورة آل عمران، الآية:185.
(3)
الترمذي، برقم 810، والنسائي، برقم 2631، وتقدم تخريجه.
(4)
تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي، 3/ 539.
(5)
سورة الطلاق، الآيتان: 2 - 3.
(6)
سورة البقرة، الآية:98.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كانت عكاظُ، ومَجنَّةُ، وذو المجازِ أسواقاً في الجاهلية، فتأثَّموا أن يتَّجروا في المواسم، فنزلت {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج))، وفي لفظ: ((كان ذو المجاز وعكاظ متَّجر الناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج)) (1).
وعنه رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} قال: ((كانوا لا يتَّجرون بمنى، فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات)) (2).
وروى الإمام الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ((لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده)) (3).
وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله: ((وقوله: (منافع)(4) جمع منفعة، ولم يبيِّن هنا هذه المنافع ما هي، وقد جاء بيان بعضها في الآيات القرآنية، وأن منها ما هو دنيوي، وما هو أخروي، وأما الدنيوي فكأرباح التجارة، إذا خرج الحاج بمال تجارته معه؛ فإنه يحصل له الربح غالباً،
(1) البخاري، كتاب التفسير، بابٌ (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) برقم 4519، وفي كتاب الحج، باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية، برقم 1770، وأطرافه في البخاري، 2098، ورقم 4519.
(2)
أبو داود، كتاب المناسك، باب التجارة في الحج، برقم 1731، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 485.
(3)
تفسير الطبري، 4/ 162، برقم 3761.
(4)
سورة الحج، الآية:28.
وذلك نفع دنيوي، وقد أطبق علماء التفسير على أن معنى قوله تعالى:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} (1) أنه ليس على الحاج إثم ولا حرج إذ ابتغى ربحاً بتجارة في أيام الحج إن كان ذلك لا يشغله عن شيء من أداء مناسكه
…
ومن المنافع الدنيوية ما يصيبونه من البدن،
والذبائح
…
كقوله تعالى: (فكلوا منها)(2) في الموضعين، وكل ذلك نفع دنيوي، وفي ذلك بيان أيضاً لبعض المنافع المذكورة في آية الحج هذه)) (3).
وقال الإمام الطبري رحمه الله في قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} : ((اختلف أهل التأويل في معنى المنافع التي ذكرها اللَّه في هذا الموضع، فقال بعضهم: هي التجارة، ومنافع الدنيا
…
وقال آخرون: هي الأجر في الآخرة، والتجارة في الدنيا،
…
وقال آخرون: بل هي العفو والمغفرة،
…
وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عنى بذلك: ليشهدوا منافع لهم من العمل الذي يرضي اللَّه والتجارة، وذلك أن اللَّه عمَّ لهم منافع جميع ما يَشْهَد له الموسم ويتأتى له مكة أيام الموسم من منافع الدنيا والآخرة، ولم يخصص من ذلك شيئاً من منافعهم بخبر ولا عقل، فذلك على العموم في المنافع التي وصفت)) (4).
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: ((منافع الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان اللَّه تعالى، وأما منافع الدنيا، فما يصيبون من منافع
(1) سورة البقرة: الآية: 98.
(2)
سورة الحج: الآية، 28، والآية:36.
(3)
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، 5/ 489 - 490، ببعض التصرف.
(4)
تفسير الطبري (جامع البيان في تأويل القرآن)، 18/ 610.