الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاسعاً: بعد رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر من أيام التشريق بعد الزوال
، إن شاء الحاج تعجَّل وطاف طواف الوداع ثم ذهب إلى بلاده، وإن شاء تأخَّر فبات بمنى ليلة الثالث عشر، ورمى الجمار بعد الزوال في اليوم الثالث عشر، وهذا هو الأفضل؛ لقوله تعالى:{فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (1)؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أَذِنَ ورخَّص للناس بالتعجُّلِ، ولم يتعجَّل هو، بل بقي حتى رمى الجمرات الثلاث بعد الزوال من اليوم الثالث عشر، ثم نزل بالأبطح، وصلى بها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ثم رقد رقدة، ثم نهض إلى مكة؛ ليطوف طواف الوداع (2).
وهل النزول بالمحصَّب - الأبطح - سُنَّةٌ أم أن النبي صلى الله عليه وسلم نزله؛ لأنه أسمح لخروجه؟
قالت طائفة: هو من سنن الحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين أراد أن ينفر من منى: ((نحن نازلون غداً إن شاء اللَّه بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر))، يعني بالمحصَّب، وذلك أن قريشاً وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب -أو بني المطلب- أن لا يناكحوهم، ولا يبايعوهم حتى يُسلِّمُوا إليهم النبي صلى الله عليه وسلم (3)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما، ((أن
النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر كانوا ينزلون الأبطح)) (4)، وكان ابن عمر يَرَى
(1) سورة البقرة، الآية:203.
(2)
انظر: صحيح البخاري، كتاب الحج، باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح، من حديث أنس رضي الله عنه، برقم 1763، ورقم 1764.
(3)
البخاري، كتاب الحج، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 1589، 1590.
(4)
مسلم، كتاب الحج، باب استحباب النزول بالمحصب، برقم 1310.
التحصيب سُنّة وقال نافع: ((قد حصَّب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده)) (1).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((من السنة النزول بـ (الأبطح)(2) عشية النفر)) (3).
ويرى ابن عباس رضي الله عنهما وعائشة رضي الله عنها أن النزول بالأبطح كان أسمح لخروج النبي صلى الله عليه وسلم (4).
والصواب إن شاء اللَّه تعالى أن النزول بالأبطح يوم النفر سنة كما قال ابن عمر وفعل الخلفاء، وهذا القول مال إليه ابن القيم رحمه اللَّه تعالى، ورجحه العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله، فقد سمعته رحمه الله يقول:((والصواب أن صلاة الظهر يوم النفر في الأبطح سنة، هذا هو الأفضل، واختلف أهل العلم: هل هذا من السنة، أم نزله [صلى الله عليه وسلم]؛ لأنه أسمح لخروجه، والصواب كما تقدم)) (5)، فالأفضل أن يفعل الحاج كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن لم يفعل فلا حرج ولا إثم، وإنما ذلك إذا تيسر بدون مشقة فهو أفضل (6).
(1) مسلم، كتاب الحج، باب استحباب النزول بالمحصب، برقم 338 - (1310) ..
(2)
الأبطح: يعني أبطح مكة، وهو مسيل واديها. النهاية.
(3)
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني، برقم2675.
(4)
مسلم، كتاب الحج، باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر والصلاة، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم 1311، وحديث ابن عباس، برقم 1312.
(5)
سمعته منه أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1763، والحديث رقم 1764.
(6)
انظر: زاد المعاد، 2/ 294، وفتح الباري، لابن حجر، 3/ 590، وزاد المعاد، 2/ 925، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني، 6/ 207.