الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى)) (1).
الشرط الرابع: كمال الحرية
، فلا يجب الحج على المملوك، ولكنه لو حج فحجه صحيح ولا يجزئه عن حجة الإسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق: ((
…
وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى)).
الشرط الخامس: الاستطاعة
؛ لقول اللَّه تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (2).
وقد فسَّر هذه الآية كثير من أهل العلم بما روي مرفوعاً: أن رجلاً سأل عما يوجب الحج، فقيل له:((الزاد والراحلة)) (3).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((الحج إنما يجب على من
استطاع إليه سبيلاً بنصِّ القرآن والسنة المستفيضة، وإجماع المسلمين، ومعنى قوله:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} واستطاعة السبيل عند أبي عبد اللَّه وأصحابه: ملك الزاد والراحلة، فمناط الوجوب وجود المال، فمن وجد المال وجب عليه الحج بنفسه أو بنائبه، ومن لم يجد المال لم يجب عليه
(1) أخرجه الشافعي، في مسنده، 1/ 290، والطحاوي، 1/ 435، والبيهقي، 5/ 156، والحاكم، 1/ 481، وغيرهم، وقال الحافظ في فتح الباري، 4/ 71،:((إسناده صحيح))، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 4/ 156، برقم 986.
(2)
سورة آل عمران، الآية:97.
(3)
ابن ماجه، كتاب المناسك، باب ما يوجب الحج، برقم 1897، عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورقم 2896، عن ابن عمر رضي الله عنهما، والترمذي عن ابن عمر، كتاب الحج، باب ما جاء في إيجاب الحج بالزاد والراحلة، برقم 813، وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه، وفي ضعيف الترمذي. وفي إرواء الغليل، 4/ 167، وقال الألباني أيضاً في صحيح الترغيب والترهيب،
2/ 20 عن حديث ابن عمر عند ابن ماجه: ((حسن لغيره)).
الحج وإن كان قادراً ببدنه
…
)) (1).
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((والاستطاعة المشترطة: ملك الزاد والراحلة، وبه قال الحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والشافعي، وإسحاق، قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم، وقال عكرمة: هي الصحة
…
)) (2).
قال الشنقيطي رحمه اللَّه تعالى: ((
…
أما الأكثرون الذين فسَّروا الاستطاعة بالزاد والراحلة، فحجتهم الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بتفسير الاستطاعة في الآية: بالزاد والراحلة
…
، وقد روي عنه ذلك من حديث: ابن عمر، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث أنس، ومن حديث عائشة، ومن حديث جابر، ومن حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، ومن حديث ابن مسعود
…
))، ثم تكلم الشنقيطي رحمه الله عن هذه الأحاديث ثم قال: ((
…
وبما ذكرنا تعلم أن حديث ابن عباس هذا عند ابن ماجه لا يقلّ عن درجة الحسن، مع أنه معتضد بما تقدم)) (3)،
وقال في موضع آخر: ((الذي يظهر لي واللَّه تعالى أعلم: أن حديث الزاد والراحلة المذكور ثابت لا يقل عن درجة الاحتجاج؛ لأن الطريقين اللتين أخرجهما به الحاكم في المستدرك عن أنسٍ قال: كلتاهما صحيحة الإسناد، وأقر تصحيحها الحافظ الذهبي، ولم يتعقبه بشيء
…
)) (4)، ولكن
(1) شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة، 1/ 124.
(2)
المغني لابن قدامه، 5/ 8، وانظر: كلام الترمذي في سننه آخر الحديث، رقم 813.
(3)
أضواء البيان، للشنقيطي، 5/ 82 و 86.
(4)
المرجع السابق، 5/ 89، 92.
لو حج غير المستطيع كان حجه مجزئاً (1).
ويختص اشتراط الراحلة بالبعيد الذي بينه وبين البيت مسافة القصر، فأما القريب الذي يمكنه المشي فلا يعتبر وجود الراحلة في حقه؛ لأنها مسافة قريبة يمكنه المشي إليها)) (2).
وشرط خاص بالمرأة: وهو وجود المحرم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((لا يخلُوَنَّ رجل بامرأة إلا معها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم))، فقام رجل فقال: يا رسول اللَّه إن امرأتي خرجت حاجّة، وإني اكتُتِبتُ في غزوة كذا وكذا: قال: ((انطلق فحج مع امرأتك)) (3).
فلا يجب على المرأة أن تسافر للحج، ولا يجوز لها ذلك إلا مع زوج أو
ذي محرم (4)، لكن لو حجت المرأة بغير محرم أجزأتها الحجة عن حجة الفرض مع معصيتها، وعظيم الإثم عليها (5).
والأحاديث في تحريم سفر المرأة بدون محرم كثيرة، منها الأحاديث
(1) انظر: مفهوم الاستطاعة في أضواء البيان، 5/ 75 - 98، والمغني لابن قدامة، 5/ 7 - 14، وشرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية، 1/ 124 - 130، والفتاوى الإسلامية، 2/ 187.
(2)
المغني لابن قدامه، 2/ 10.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة، أو كان له عذر هل يؤذن له، برقم 3006، ومسلم، واللفظ له، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره، برقم 1341.
(4)
شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية 1/ 172.
(5)
المرجع السابق 1/ 182.