الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (1)، وقد رجح الإمام ابن جرير رحمه الله أن هذه الآية تدخل فيها صلاة التطوع في السفر على الراحلة حيثما توجهت بك راحلتك (2). وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله عن الإمام الطبري رحمه الله أنه احتج للجمهور: أن اللَّه جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر، وقد أجمعوا على أن من كان خارج المصر على ميل أو أقل ونيته العود إلى منزله لا إلى سفر آخر ولم يجد ماءً أنه يجوز له التيمم، فكما جاز له التيمم في هذا القدر جاز له التنفل على الدابة لاشتراكهما في الرخصة (3).
8 - السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر، والوتر
؛ لحديث حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتةٌ نحوَ (4) حيثُ صلى، فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مسبحًا أتممت صلاتي، يا ابن أخي إني صحبت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه، ثم
(1) سورة البقرة، الآية:115.
(2)
انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 3/ 530، و533، وانظر: المغني لابن قدامة، 2/ 95 - 96.
(3)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 2/ 575، وقد ذكر صاحب المغني أن الأحكام التي يستوي فيها السفر الطويل والقصير ثلاثة: التيمم، وأكل الميتة في المخمصة، والتطوع على الراحلة، وبقية الرخص تختص بالسفر الطويل. المغني لابن قدامة، 2/ 69.
(4)
المقصود: حصلت منه التفاتةٌ إلى جهة المكان الذي صلَّى فيه. انظر: شرح النووي، 5/ 204.
صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه، وقد قال اللَّه تعالى:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (1). أما سنة الفجر، والوتر فلا تُترك لا في الحضر ولا في السفر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في سنة الفجر أن النبي صلى الله عليه وسلم ((لم يكن يدعهما أبدًا)) (2)؛ ولحديث أبي قتادة رضي الله عنه في نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في السفر عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، وفيه:((ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم)) (3).
وأما سنة الوتر؛ فلحديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان النبي
صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به، يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته)). وفي لفظ:((كان يوتر على البعير)) (4).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((وكان تعاهده صلى الله عليه وسلم ومحافظته على سنة الفجر أشد من جميع النوافل ولم يكن يدعها هي والوتر سفرًا ولا حضرًا
…
ولم ينقل عنه في السفر أنه صلى الله عليه وسلم صلى سنة راتبة غيرهما)) (5).
وأما التطوع المطلق فمشروع في الحضر والسفر مطلقًا، مثل: صلاة الضحى،
(1) متفق عليه: البخاري بنحوه، كتاب التقصير، باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة، برقم 1101، 1102، ومسلم بلفظه، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها، برقم 689.
(2)
متفق عليه: البخاري، برقم 1159، ومسلم، برقم 724، وتقدم تخريجه.
(3)
أخرجه مسلم، برقم 681، وتقدم تخريجه.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الوتر، باب الوتر على الدابة، برقم 999، وباب الوتر في السفر، برقم 1000، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت به، برقم 700.
(5)
زاد المعاد في هدي خير العباد، 1/ 315.