الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الثاني: أن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة
؛ وهذا هو الترتيب، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله:((وجملة ذلك: أن الترتيب شرط في السعي، وهو أن يبدأ بالصفا، فإن بدأ بالمروة لم يعتد بذلك الشوط، فإذا صار على الصفا اعتدَّ بما يأتي بعد ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالصفا، وقال: ((أبدأ بما بدأ اللَّه به)) (1)، فبدأ بالصفا، وقد قال صلى الله عليه وسلم:((لتأخذوا مناسككم)) (2)، وهذا قول الحسن، ومالك، والشافعي، وأحمد، والأوزاعي وأصحاب الرأي، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ
اللَّهُ} (3). فبدأ بالصفا، وقال:((اتبعوا القرآن، فما بدأ اللَّه به فابدأوا به)) (4)(5).
الشرط الثالث: أن يكون السعي بعد طواف صحيح
، قال الإمام ابن
(1) مسلم، برقم 1218، وتقدم تخريجه من حديث جابر في حجة الوداع.
(2)
مسلم، برقم 1297، وتقدم تخريجه.
(3)
سورة البقرة، الآية:158.
(4)
المغني لابن قدامة، 5/ 237.
(5)
قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان، 5/ 250:((اعلم أن جمهور أهل العلم يشترطون الترتيب، وهو أن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، فإن بدأ بالمروة لم يعتد بذلك الشوط، وممن قال باشتراط الترتيب: مالك، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم، والحسن البصري، والأوزاعي، وداود، وجمهور العلماء، وعن أبي حنيفة خلاف في ذلك)) اهـ. قلت وحجة الجمهور ما تقدم في المتن من الأدلة.
وبين العلامة شيخنا ابن باز رحمه الله: أن من سعى سبعة أشواط ثم حلق أو قصر، ولكنه كان مبتدئاً بالمروة خاتماً بالصفا فإنه على هذه الحال قد فاته شوط؛ لأنه لا يحسب له الذي بدأه من المروة، فيسقطه، ويكمل شوطاً ليكمل سعيه.
قدامة: ((والسعي تبع للطواف لا يصح إلا أن يتقدمه طواف، فإن سعى قبله لم يصح، وبذلك قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، وقال عطاء يجزئه، وعن أحمد يجزئه إن كان ناسياً، وإن كان عمداً لم يجزئه سعيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن التقديم والتأخير في حال الجهل، والنسيان، قال: ((لا حرج)) (1) ووجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سعى بعد طوافه، وقد قال:((لتأخذوا مناسككم)) (2)(3)(4)، واختار شيخنا العلامة
(1) أبو داود، كتاب المناسك، باب فيمن قدم شيئاً على شيء في حجه، برقم 2015، وقال عنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، برقم 2015.
(2)
مسلم، برقم 1297، وتقدم تخريجه.
(3)
المغني لابن قدامة (5/ 240)، وقال:((فعلى هذا إن سعى بعد طوافه ثم علم أنه طاف بغير طهارة لم يعتد بسعيه ذلك)). وانظر: كتاب الفروع لابن مفلح، 6/ 44، فقد ذكر ابن مفلح في الفروع عن أحمد ثلاث روايات، 6/ 44: وهي أن السعي لا يجزي قبل الطواف، وعنه بلا: سهواً وجهلاً، وعنه مطلقاً: أي سواء كان متعمداً أو ناسياً.
(4)
قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان، 5/ 251:((اعلم أن جمهور أهل العلم على أن السعي لا يصح إلا بعد طواف، فلو سعى قبل الطواف لم يصح سعيه عند الجمهور، منهم الأئمة الأربعة، ونقل الماوردي وغيره الإجماع عليه، قال النووي في شرح المهذب: وحكى ابن المنذر عن عطاء وبعض أهل الحديث: أنه يصح، وحكاه أصحابنا عن عطاء، وداود، وحجة الجمهور: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسع في حج ولا عمرة إلا بعد الطواف، وقد قال: ((لتأخذوا مناسككم)) فعلينا أن نأخذ ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، واحتج من قال بصحة السعي قبل الطواف بما رواه أبو داود في سننه
…
عن أسامة بن شريك)) وفي حديثه: يا رسول اللَّه سعيت قبل أن أطوف
…
فكان يقول: ((لا حرج)) [أبو داود، برقم 2015] ثم صحح الشنقيطي إسناده، ونقل تصحيح النووي لإسناده، ثم قال: ((وهذا الحديث الصحيح يقتضي صحة السعي قبل الطواف، وجماهير أهل العلم على خلافه، وأنه لا يصح السعي إلا مسبوقاً بطواف
…
)) قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: وهذا الحديث محمول على ما حمله عليه الخطابي في معالم السنن، 2/ 433، وغيره، وهو أن قوله:((سعيت قبل أن أطوف: أي سعيت بعد طواف القدوم، وقيل: طواف الإفاضة واللَّه أعلم)) أضواء البيان، 5/ 251 - 252.