الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فصلى ركعتين والمقام بينه وبين البيت، ثم أتى البيت بعد الركعتين فاستلم الحجر ثم خرج إلى الصفا)) (1)، ولأنها عبادة تتعلق بالبيت فكان الترتيب فيها شرطاً كالصلاة (2).
الشرط السابع: أن يبتدئ بالحجر الأسود فيحاذيه
، وينتهي إليه في كل شوط؛ لحديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((
…
حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً .... )) (3). فدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالحجر الأسود، وقد قال عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما في صفة طواف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت:((قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين، وسعى بين الصفا والمروة سبعاً، وقد كان لكم في رسول اللَّه أسوة حسنة)) (4).
الشرط الثامن: الموالاة. فيوالي في طوافه ويستأنف الطواف من أوله
إذا أحدث أثناء الطواف على الصحيح، وكذلك إذا قطع الطواف وطال
الفصل بحيث يكون القطع طويلاً (5)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف كذلك، وقد قال: ((
…
لتأخذوا مناسككم)) (6).
(1) مسلم، برقم 1218، والنسائي واللفظ له، في كتاب مناسك الحج، باب كيف يطوف أول ما يقدم؟ وعلى أي شقَّيه يأخذ إذا استلم الحجر، برقم 2939،وصححه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 324.
(2)
الكافي لابن قدامة، 2/ 413.
(3)
مسلم، برقم 1218، وتقدم تخريجه.
(4)
متفق عليه: البخاري، برقم 1623،ومسلم واللفظ له، برقم 1234،وتقدم تخريجه في الشرط الرابع.
(5)
انظر: نيل المآرب بشرح دليل الطالب، لعبد القادر بن عمر التغلبي، 1/ 307.
(6)
مسلم، برقم 1297، وتقدم تخريجه.
إلا أن الطائف بالبيت إذا أُقيمت الصلاة، أو حضرت جنازة، فإنه يُصلِّي ثم يبني فيكمل الباقي من الأشواط (1)؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) (2).
قال الإمام البخاري رحمه الله: ((باب: إذا وقف في الطواف، وقال عطاء فيمن يطوف فتقام الصلاة أو يدفع عن مكانه: إذا سلم يرجع حيث قُطِع عليه (3).ويذكر نحوه عن ابن عمر (4)،وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم)) (5)(6).
(1) انظر: الكافي لابن قدامة، 2/ 413.
(2)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم 710، وأبو داود، كتاب التطوع، باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر، برقم 1266.
(3)
قال ابن حجر في الفتح، 3/ 484:((وصل نحوه عبد الرزاق عن ابن جريج، قلت لعطاء: الطواف الذي يقطع عليَّ الصلاة وأعتدُّ به أيجزئ؟ قال: نعم، وأحبُّ إلي أن لا يعتد به، قال: فأردت أن أركع قبل أن أتم سبعي، قال: لا، أوفِ سبعك، إلا أن تمنع من الطواف)). قال العلامة الألباني في مختصر صحيح البخاري، 1/ 478:((وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه نحوه)). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري، 3/ 484:((وقال سعيد بن منصور: حدثنا هشيم، حدثنا عبد الملك، عن عطاء، أنه كان يقول في الرجل يطوف بعض طوافه ثم تحضر الجنازة: يخرج فيصلِّي عليها ثم يرجع فيقضي ما بقي عليه من طوافه)).
(4)
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: ((وصل نحوه سعيد بن منصور: حدثنا إسماعيل بن زكريا عن جميل بن زيد، قال: رأيت ابن عمر طاف بالبيت فأقيمت الصلاة فصلى مع القوم ثم قام فبنى على ما مضى من طوافه)). قال الألباني في مختصر صحيح البخاري، 1/ 478:((وجميل هذا ضعيف)).
(5)
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 3/ 484:((وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء: أن عبد الرحمن بن أبي بكر طاف في إمارة عمرو بن سعيد على مكة - يعني في خلافة معاوية - فخرج عمرو إلى الصلاة فقال له عبد الرحمن: انظرني حتى أنصرف على وتر، فانصرف على ثلاثة أطواف - يعني ثم صلى - ثم أتمَّ ما بقي)) قال الألباني في مختصر صحيح البخاري، 1/ 487:((ووصله عبد الرزاق بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبي بكر)).
(6)
البخاري، كتاب الحج، باب إذا وقف في الطواف، بعد الحديث رقم 1622.
وسمعت شيخنا العلامة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله يقول: ((وهذا هو الصواب إذا أقيمت الصلاة وهو يطوف، فإنه يصلِّي وبعد نهاية الصلاة يقوم ويبدأ من محلِّه، وقال بعض الفقهاء: إنَّ هذا الشوط يضيع عليه، ويبدأ من الحَجَر، والصواب أنه لا يعود وإنما يبدأ من محلِّه؛ لأنه طواف قطعه بنيَّة شرعيَّة ثم رجع إليه، أما من أحدث، أو خرج بدون عذر شرعي وطال الزمن فإنه يعيده من أوله؛ لأن الطواف مثل الصلاة)) (1)(2).
(1) سمعته رحمه الله أثناء تقريره على صحيح البخاري، باب 68 ((إذا وقف في الطواف))، بعد الحديث رقم 1622.
(2)
قال الإمام الخرقي رحمه الله: ((وإن أقيمت الصلاة أو حضرت جنازة وهو يطوف أو يسعى خرج فصلى، فإذا صلى بنى)) قال الإمام ابن قدامة في المغني مبيِّناً لقول الخرقي، 5/ 247:((وجملة ذلك: أنه إذا تلبَّس بالطواف أو بالسعي، ثم أقيمت المكتوبة فإنه يصلي مع الجماعة في قول أكثر أهل العلم، منهم: ابن عمر، وسالم، وعطاء، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وروي ذلك عنهم في السعي، وقال مالك: يمضي في طوافه ولا يقطعه، إن خاف أن يضر بوقت الصلاة؛ لأن الطواف صلاة، فلا يقطعه لصلاة أخرى)). قال الإمام ابن قدامة: ((ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، والطواف صلاة فيدخل تحت عموم الخبر، إذا ثبت ذلك في الطواف بالبيت، مع تأكده، ففي السعي بين الصفا والمروة أولى مع أنه قول ابن عمر، ومن سميناه من أهل العلم، ولم نعرف لهم في عصرهم مخالفاً، وإذا صلى بنى على طوافه وسعيه في قول من سميناه من أهل العلم، قال ابن المنذر: ولا نعلم أحداً خالف في ذلك إلا الحسن، فإنه قال: يستأنف، وقول الجمهور أولى؛ لأن هذا فعل مشروع في أثناء الطواف فلم يقطعه، كاليسر، وكذلك الحكم في الجنازة إذا حضرت يصلّي عليها ثم يبني على طوافه؛ لأنها تفوت بالتشاغل عنها، قال الإمام أحمد: يكون ابتداؤه من الحَجَر، يعني أنه يبتدئ الشوط الذي قطعه من الحجر، حين يشرع في البناء، فإن ترك الموالاة لغير ما ذكرنا وطال الفصل ابتدأ الطواف وإن لم يطل بنى، فلا فرق بين ترك الموالاة عمداً أو سهواً، مثل من يترك شوطاً من الطواف يحسب أنه قد أتمه، وقال أصحاب الرأي في من طاف ثلاثة أشواط من طواف الزيارة ثم رجع إلى بلده: عليه أن يعود فيطوف ما بقي، ولنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم والى بين طوافه، وقال: ((خذوا عني مناسككم))؛ لأنه صلاة، فيشترط له الموالاة، كسائر الصلوات، أو نقول: عبادة متعلقة بالبيت فاشترطت لها الموالاة، ويرجع في طول الفصل وقصرها إلى العرف من غير تحديد
…
)) المغني، 5/ 247 - 248.
وقال شيخنا ابن باز رحمه الله: ((والطواف من جنس الصلاة في الجملة، لكن لو قطعه لحاجة مثلاً: كمن طاف ثلاثة أشواط ثم أقيمت الصلاة فإنه يصلي ثم يرجع فيبدأ من مكانه، ولا يلزمه الرجوع إلى الحجر الأسود، بل يبدأ من مكانه ويكمل، خلافاً لما قال بعض أهل العلم: إنه يبدأ من الحجر الأسود، والصواب لا يلزمه ذلك، كما قال جماعة من أهل العلم، وكذا لو حضرت جنازة وصلَّى عليها، أو أوقفه أحد يكلمه، أو زحام، فإنه يكمل طوافه ولا حرج عليه في ذلك واللَّه ولي التوفيق)) (1)(2).
(1) مجموع فتاوى ابن باز، 10/ 160، 16/ 137، 17/ 216.
(2)
قال العلامة الشنقطي رحمه الله في أضواء البيان، 5/ 227: ((أظهر قولي العلماء عندي أنه إن أقيمت الصلاة وهو في أثناء الطواف أنه يصلِّي مع الناس، ولا يستمر في طوافه مقدماً إتمام الطواف على الصلاة، وممن قال بذلك: ابن عمر، وسالم، وعطاء، وأبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد وأصحابه، وأبو ثور، وروي ذلك عنهم في السعي أيضاً، ولكن عند المالكية لا يجوز قطع الطواف إلا للصلاة المكتوبة خاصة إذا أقيمت وهو في أثناء الطواف، ويبني عندهم إن قطعه للصلاة خاصة، ويندب عندهم إكمال الشوط إن قطعه في أثناء الشوط، وإن قطعه لغيرها لصلاة الجنازة أو تحصيل نفقة لا بد منها لم يبنِ على ما مضى منه بل يستأنف الطواف عندهم؛ لأنه لا يجوز عندهم قطعه لذلك ابتداء
…
وقيل يمضي في طوافه ولا يقطعه للصلاة، واحتج من قال بهذا بأن الطواف صلاة فلا تقطع الصلاة، ورد عليه بحديث:((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)). ومن قال من أهل العلم: إن الطواف يجوز قطعه للصلاة على الجنازة والحاجة الضرورية كالشافعية والحنابلة، قالوا: يبني على ما أتى به من أشواط الطواف، فإن كان قطعه للطواف عند انتهاء شوط من أشواطه بنى على الأشواط المتقدمة، وجاء ببقية الأشواط، وإن كان قطعه له في أثناء الشوط فأظهر قولي أهل العلم عندي أنه يبتدئ من الموضع الذي وصل إليه ويعتد ببعض الشوط الذي فعله قبل قطع الطواف، خلافاً لمن قال: بأنه يبتدئ الشوط الذي قطع الطواف في أثنائه ولا يعتد ببعضه الذي فعله، وهو قول الحسن، وأحد وجهين عند بعض الشافعية، وهو مندوب عند المالكية إن قطع للفريضة
…
)). [أضواء البيان، 5/ 228]، وانظر: شرح العمدة لابن تيمية، 2/ 592 - 593.