الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين، قال:((تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم)) (1). وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا صلى مع الإمام صلى أربعًا وإذا صلاها وحده صلى ركعتين (2).
وذكر الإمام ابن عبد البر رحمه الله أن في إجماع الجمهور من الفقهاء على أن المسافر إذا دخل في صلاة المقيمين فأدرك منها ركعة أنه يلزمه أن
يصلي أربعًا (3). وقال: ((قال أكثرهم إنه إذا أحرم المسافر خلف المقيم قبل سلامه أنه تلزمه صلاة المقيم، وعليه الإتمام)) (4).
ومما يدل على أن المسافر إذا صلى خلف المقيم يلزمه الإتمام عموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما جُعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبَّر فكبِّروا .. )) (5)(6).
11 - نية القصر أو الجمع عند افتتاح الصلاة والموالاة بين الصلاتين المجموعتين:
اختلف العلماء هل يشترط للقصر والجمع نية؟ قال شيخ الإسلام ابن
(1) أحمد في المسند، 1/ 216، قال الألباني في إرواء الغليل، 3/ 21:((قلت وسنده صحيح رجاله رجال الصحيح))، والحديث أخرجه مسلم بلفظ:((كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصلِّ مع الإمام))؟ فقال: ((ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم))، مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها، برقم 688.
(2)
مسلم، الكتاب والباب السابق، برقم 17 (688)، وانظر آثارًا في موطأ الإمام مالك، 1/ 149 - 150.
(3)
التمهيد، 16/ 311 - 312.
(4)
المرجع السابق، 16/ 315.
(5)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب الأذان، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، برقم 722، ومسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم 414.
(6)
انظر: المغني لابن قدامة، 3/ 346، ومجموع فتاوى الإمام ابن باز، 12/ 159، 260، والشرح الممتع، لابن عثيمين،4/ 519.
تيمية رحمه الله: ((الجمهور لا يشترطون النية: كمالك، وأبي حنيفة، وهو أحد القولين في مذهب أحمد، وهو مقتضى نصوصه، والثاني تشترط: كقول الشافعي، وكثير من أصحاب أحمد: كالخرقي وغيره، والأول أظهر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه)) (1). وقال رحمه الله: ((والأول هو الصحيح الذي تدل عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يقصر بأصحابه ولا يعلمهم قبل الدخول في الصلاة أنه يقصر، ولا يأمرهم بنية القصر
…
وكذلك لما جمع بهم لم يعلمهم أنه جمع قبل الدخول، بل لم يكونوا يعلمون أنه يجمع حتى يقضي الصلاة الأولى، فعلم أيضًا أن الجمع لا يفتقر إلى أن
ينوي حين الشروع في الأولى)) (2)، وقال رحمه الله:((والنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يصلي بأصحابه جمعًا وقصرًا لم يكن يأمر أحدًا منهم بنية الجمع والقصر، بل خرج من المدينة إلى مكة يصلي ركعتين من غير جمع، ثم صلى بهم الظهر بعرفة ولم يعلمهم أنه يريد أن يصلي العصر بعدها ثم صلى بهم العصر، ولم يكونوا نووا الجمع، وهذا جمع تقديم، وكذلك لما خرج من المدينة صلى بهم بذي الحليفة ركعتين ولم يأمرهم بنية قصر)) (3).
وقال سماحة شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله: ((
…
والراجح أن النية ليست بشرط عند افتتاح الصلاة الأولى، بل يجوز الجمع بعد الفراغ من الأولى إذا وجد شرطه: من خوف، أو مطر، أو مرض)) (4).
(1) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 24/ 16، وانظر: المغني لابن قدامة، 3/ 119.
(2)
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية،24/ 21،وانظر: الإنصاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 5/ 102.
(3)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 24/ 50.
(4)
مجموع فتاوى ابن باز، 12/ 294.
فظهر أن الصحيح من قولي أهل العلم أن النية ليست بشرط عند افتتاح الصلاة في القصر والجمع (1).
أما الموالاة بين الصلاتين المجموعتين فقد اشترطها بعضهم، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والعلامة السعدي، عدم اشتراط الموالاة (2).
وقال شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز رحمه الله: ((الواجب في جمع التقديم الموالاة بين الصلاتين، ولا بأس بالفصل اليسير عُرفًا؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) (3). أما جمع التأخير فالأمر فيه واسع؛ لأن الثانية تفعل في وقتها؛ ولكن الأفضل هو الموالاة بينهما تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، واللَّه ولي التوفيق)) (4) واللَّه أعلم (5).
(1) ورجح ذلك شيخ الإسلام كما تقدم، والإمام ابن باز، والسعدي في المختارات الجلية، ص67، والمرداوي في الإنصاف، المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 5/ 62، وابن عثيمين في الشرح الممتع، 4/ 523 - 525، و566، وانظر: الاختيارات الفقهية لابن تيمية، ص113.
(2)
انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 24/ 51، و54، والاختيارات الفقهية له، ص112، والمختارات الجلية للسعدي، ص68، والإنصاف للمرداوي، 5/ 104.
(3)
البخاري، كتاب الأذان، برقم 631.
(4)
مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز، 12/ 295.
(5)
قال العلامة ابن عثيمين: ((واختار شيخ الإسلام ابن تيمية: أنه لا تشترط الموالاة بين المجموعتين، وقال: إن معنى الجمع هو الضم بالوقت: أي ضم وقت الثانية للأولى بحيث يكون الوقتان وقتًا واحدًا
…
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله نصوصًا عن الإمام أحمد تدل على ما ذهب إليه من أنه لا تشترط الموالاة في الجمع بين الصلاتين تقديمًا كما أن الموالاة لا تشترط بالجمع بينهما تأخيرًا، والأحوط أن لا يجمع إذا لم يتصل، ولكن رأي شيخ الإسلام له قوة)) الشرح الممتع،4/ 568 - 569.
والأقوال ثلاثة: الأول: الموالاة ليست شرطًا في جمع التقديم ولا في جمع التأخير، وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية.
الثاني: الموالاة شرط في الجمعين؛ لأن الجمع هو الضم، وهو قول بعض العلماء.
الثالث: تشترط الموالاة في جمع التقديم ولا تشترط في جمع التأخير، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة. الشرح الممتع لابن عثيمين،4/ 578.