الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
((
…
فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، نظرت إلى مدِّ بصري بين يديه: من راكب، وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل من شيء عملنا به، فأهلَّ بالتوحيد
…
)) (1).
6 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما
قال: ((بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيها، ما أهل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره)) (2).
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: ((ومراد ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أهلَّ محرماً حين استوت به راحلته قائمة، من منزله بذي الحليفة، قبل أن يصل إلى البيداء، ووجه الجمع أنه صلى الله عليه وسلم ابتداء إهلاله حين استوت به راحلته قائمة، فسمعه قوم، ثم لما استوت به على البيداء أعاد تلبيته فسمعه آخرون لم يسمعوا تلبيته الأولى، فحدَّث كل واحد منهم بما سمع، وقال
بعضهم: أحرم في مصلاة (3)، فسمعه بعضهم، ولم يسمعه ابن عمر حتى
(1) مسلم، برقم 1218، وتقدم تخريجه في الإحرام.
(2)
متفق عليه: البخاري، برقم 1552، ومسلم برقم 1186، وتقدم تخريجه في الإحرام.
(3)
حجة من قال: إنه أحرم في مصلاه، قول ابن عباس رضي الله عنهما:((خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حاجاً، فلما صلى في مجلسه بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام فحفظته عنه، ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل، وأدرك ذلك منه أقوام، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسلاً، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل، فقالوا: إنما أهل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين استقلت به ناقته، ثم مضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما علا على شرف البيداء أهل، وأدرك ذلك منه أقوام فقالوا: إنما أهل حين علا على شرف البيداء وايم اللَّه! لقد أهل في مصلاه، وأهل حين استقلت به ناقته، وأهل حين علا على شرف البيداء. قال سعيد: فمن أخذ بقول ابن عباس أهلَّ في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه)) [أبو داود، برقم 1770، والحاكم، 2/ 552، وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود، ص 140].
وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1515 يقول:((أما حديث أنه أوجب بعد صلاته، ثم أوجب عندما استوى على راحلته، ثم عند الاستواء على البيداء فهو ضعيف)) وسمعته أيضاً يقول أثناء تقريره على زاد المعاد، 2/ 158:((والصواب أنه لم يهل إلا بعد أن قامت به راحلته، أما حديث إهلاله من الأرض فضعيف، ولو كان الحديث جيداً لكان شاذاً مخالفاً للأحاديث الصحيحة، فكيف به وهو ضعيف)) ، وسمعته رحمه اللَّه تعالى يقول أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1541:((وأما إهلاله وهو على البيداء فهو تكرار)).
استوت به راحلته، وجَزْمُ ابن عمر أنه ما أهل حتى استوت به راحلته يدلّ على أنه علم أنه لم يهل حتى استوت به، فالأحاديث متفقة، ومراد ابن عمر بالإنكار والتكذيب خاص بمن زعم أنه لم يلبِّ قبل وصوله البيداء، وهذا الجمع ذكره ابن حجر عن أبي داود، والحاكم (1) وقال ابن حجر في الفتح (2): فائدة: البيداء فوق عَلَمي ذي الحليفة لمن صعد من
الوادي، قاله أبو عبيد البكري وغيره)) (3).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وأكثر نصوص أحمد تدلُّ على أن زمن الإحرام هو زمن التلبية)) (4).
وقال رحمه الله بعد أن ساق أحاديث الإحرام بعد الاستواء على الراحلة قائمة: ((فهذه نصوص صحيحة: أنه إنما أهل حين استوت به
(1) انظر: فتح الباري لابن حجر، 3/ 401.
(2)
انظر: المرجع السابق، 3/ 401.
(3)
أضواء البيان، 5/ 347.
(4)
شرح العمدة، في بيان مناسك الحج والعمرة، 1/ 422.