الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: يحتاج جواز إدخال العمرة على الحج، فيكون قارناً إلى دليل صحيح صريح، ولكن المشروع إذا طاف بالبيت وسعى: أن يتحلَّل ويجعلها عمرة، فيكون متمتعاً إذا حجّ من عامة.
المسألة الثالثة: إذا ساق المعتمر الهدي، وهو يريد الحج من عامه:
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله (1): ((إذا فرغ المتمتع من عمرته، وكان لم يسق هدياً، فإنَّ له التحلل التامّ، فله مسّ الطيب، والاستمتاع بالنساء، وكل شيء حرم عليه بإحرامه، فإن كان ساق الهدي ففيه للعلماء قولان:
أحدهما: أن له التحلل أيضاً
؛ لأن اللَّه يقول في التمتع: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} (2)، ولا يمنعه سوق الهدي من ذلك؛ لأنه متمتع.
والقول الثاني: أنه لا يجوز له الإحلال حتى يبلغ الهدي محلَّه يوم النحر
، واستدلَّ من قال بهذا بحديث: حفصة رضي الله عنها
…
أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ((ما شأنُ النَّاس حَلُّوا بعمرةٍ، ولم تَحْلِلْ أنت من عمرتك؟ فقال: ((إني لبَّدت رأسي، وقلّدت هديي، فلا أحلّ حتى أنحر)) (3)، وكلا القولين قال به جماعة من الأئمة رضي الله عنهم
…
)).
ثم قال الشنقيطي رحمه الله: ((أظهر القولين عندي: أنَّ له أن يحلَّ من إحرامه، ولكنَّه يؤخِّر ذبح هدي تمتّعه، حتى يرمي جمرة العقبة يوم
النحر، كما قدمنا إيضاحه، والاحتجاج بحديث حفصة المذكور لا
(1) أضواء البيان، 5/ 571.
(2)
سورة البقرة، الآية:196.
(3)
متفق عليه، صحيح البخاري، كتاب الحج، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج، وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي، برقم 1566، ومسلم، كتاب الحج، باب بَيَانِ أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَتَحَلَّلُ إِلَاّ فِى وَقْتِ تَحَلُّلِ الْحَاجِّ الْمُفْرِدِ، برقم 1229.
ينهض كلّ النهوض؛ لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان قارناً، فحديثها ليس في محلّ النزاع؛ لأن النزاع فيمن أحرم بعمرة يريد التحلل منها، والإحرام بالحج بعد ذلك، هل يمنعه سوق الهدي من التحلل؟ وحديث حفصة في القران، والقران ليس محل نزاع، وقولها: ولم تحلل أنت من عمرتك؟ تعني: عمرته المقرونة مع الحج، لا عمرة مفردة بإحرام، دون الحج كما هو معلوم
…
ومما يوضحه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لو أنِّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة)) (1)، فدل على أنه لم يجعلها عمرة مفردة الذي هو محل النزاع؛ لأن ظاهره أنها لو كانت مفردة لكان له الإحلال منها مطلقاً، ولا حجة في قوله صلى الله عليه وسلم:((لم أسق الهدي))؛ لأنه ساقه لقران لا لعمرة مفردة عن الحج
…
وقول من قال: إن سوق الهدي في عمرته يمنعه من الإحلال منها، حتى ينحر يوم النحر له وجه قويٌّ من النظر؛ لدخوله في ظاهر عموم قوله تعالى:{وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (2).
وهذا المعتمر المتمتع الذي ساق معه هدي التمتع إن حلَّ من عمرته حلق قبل أن يبلغ هديه محِلَّه، والعلم عند اللَّه تعالى)) (3).
(1) مسلم، برقم 1218، وتقدم تخريجه.
(2)
سورة البقرة، الآية:196.
(3)
أضواء البيان، للشنقيطي، 5/ 571 - 573.