الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخبرية لأنها تقتضي الجهة أو الجسمية، وتأولوها كالمعتزلة 1.
وأما أهل السنة فقد ساروا في ذلك مذهباً وسطاً بين التشبيه والتعطيل، فأخذوا بنصوص الإثبات ونصوص التنزيه، فكان مذهبهم عدلاً في ذلك. فهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل فلا يمثلون صفات الله بصفات خلقه كما لا يمثلون ذاته بذات خلقه ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله. صلى الله عليه وسلم وقد سبق تفصيل ذلك. والمقصود الآن معرفة المنهج الذي سار عليه الشيخ رشيد رضا في هذا الباب، وأي السبل قد سلك.
1 انظر: البغدادي: أصول الدين (ص: 73 ـ 74 وص: 109) وما بعدها، والبيجوري: تحفة المريد (ص: 107) وما بعدها.
المطلب الأول: تقسيم الصفات:
الصفات الإلهية التي وردت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كثيرة، ولكني سأقتصر هنا على تلك التي تناولها الشيخ رشيد رحمه الله في كتاباته.
وقبل ذلك ـ وهو المناسب أيضاً ـ أبين تقسيم السلف لصفات الله تعالى وتقسيم الشيخ رشيد لها:
فأما السلف فيقسمون صفات الله تعالى إلى صفات ذاتية وصفات فعلية، ومن حيث طريقة ثبوتها إلى عقلية وسمعية.
فأما الصفات الذاتية: فهي الصفات المتعلقة بذاته المقدسة التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها، وهي لا تنفك عنه سبحانه، بل هي لازمة لذاته أزلاً وأبداً، ولا تتعلق بها مشيئته وقدرته. وهي ـ من حيث ثبوتها ـ قسمان: عقلية: وهي التي يشترك في إثباتها الدليل الشرعي والدليل العقلي والفطرة، كصفة الحياة والعلم والقدرة والإرادة، والعزة والملك والعظمة والكبرياء والمجد والجلال والسمع والبصر
…
ألخ.
1 انظر: البغدادي: أصول الدين (ص: 73 ـ 74 وص: 109) وما بعدها، والبيجوري: تحفة المريد (ص: 107) وما بعدها.
وخبرية: وهي التي لا سبيل للعقل على انفراده إلى إثباتها وإنما ثبتت بطريق السمع والخبر عن الله: كصفة الوجه واليدين والعين
…
أما الصفات الفعلية: فهي المتعلقة بمشيئته وقدرته، إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، وهي قسمان أيضاً:
سمعية عقلية: كالخلق، والرزق، والإعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، وأنواع التدبير المختلفة.
وخبرية: كالاستواء على العرش، والمجيء والإتيان، والنزول إلى السماء الدنيا، والرضا والمحبة والغضب 1
…
ومن الصفات ما هو ذاتي فعلي باعتبارين، كصفة الكلام، فإنه باعتبار أصل الصفة صفة ذاتية، لأنه تعالى لم يزل ولا يزال متصفاً بصفة الكلام، وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية. لأن الكلام متعلق بمشيئته عزوجل. فيتكلم بما شاء متى شاء 2.
وقد قسم الشيخ رشيد رحمه الله الصفات من حيث طريق ثبوتها إلى ما يعرف بالنظر والاستدلال، وما لا يعرف إلا بالوحي، فقال:
"إن صفات الربوبية منها ما يعرف بالنظر والاستدلال كعلمه تعالى وقدرته ومشيئته وحكمته ووحدته. ومنها ما لا يعرف به بل يتوقف على الوحي كخبر المعصوم عنه، ومنها ما جعله المتكلمون من المتشابهات كالرضا والغضب والوجه واليد، وسيأتي بيانه في محله
…
" 3.
ويقسمها أيضاً إلى ذاتية وفعلية: فيقول: "إذا علمنا هذا تجلت لنا حكمة وصفه تعالى في أول فاتحة الكتاب العزيز بالربوبية والرحمة الدالتين
1 انظر هذا التقسيم: عند: البيهقي: الأسماء والصفات (1/ 188)، ومحمد خليل هراس: شرح الواسطية (ص: 89 ـ 99)، ومحمد أمان الجامي: الصفات الإلهية (ص: 206 ـ 209)
2 محمد أمان الجامي: الصفات الإلهية (ص: 206) بتصرف.
3 تفسير المنار (1/ 135)