المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: مفاسد الشرك ومساوئه: - منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة

[تامر محمد محمود متولي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

-

- ‌الفصل الأول: دراسة لعصر رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: الحياة السياسية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الحياة السياسية في الدولة العثمانية:

- ‌المطلب الثاني: الحياة السياسية في مصر

- ‌المطلب الثالث: الحياة السياسية في الشام:

- ‌المبحث الثاني: الحالة العلمية

- ‌المطلب الأول: الحياة العلمية في مصر

- ‌المطلب الثاني: الحياة العلمية في الشام:

- ‌المبحث الثالث: الحياة الدينية:

- ‌الفصل الثاني: دراسة لحياة رشيد رضا الشخصية

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده ونشأته وصفاته

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أخلاقه وصفاته:

- ‌المبحث الثاني: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الأول: نشأته العلمية:

- ‌المطلب الثاني: هجرته إلى مصر:

- ‌المبحث الثالث: شيوخه:

- ‌المبحث الرابع: مذهبه وآرؤه الفقهية

- ‌المطلب الأول: مذهب رشيد رضا الفقهي

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد من ربا الفضل

-

- ‌المبحث الخامس:أثر الشيخ رشيد رضا في العالم الإسلامي

- ‌المطلب الأول: أثر المنار في مصر والهند

- ‌المطلب الثاني: مدرسة دار الدعوة والإرشاد:

- ‌المطلب الثالث: مؤلفات رشيد رضا:

- ‌المطلب الرابع: الكتابات حول رشيد رضا:

- ‌المبحث السادس: وفاة الشيخ رشيد:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في الاستدلال وموقفه من علم الكلام

- ‌‌‌تمهيد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: مصادر التلقي عند رشيد رضا

- ‌المطلب الأول: القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: السنة النبوية:

- ‌المطلب الثالث: الإجماع:

- ‌المطلب الرابع: الفطرة:

- ‌المطلب الخامس: العقل:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الاستدلال عند الشيخ رشيد رضا

- ‌القاعدة الأولى: الإيمان بظاهر القرآن

- ‌القاعدة الثانية: الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الثالثة: رفض التأويل:

- ‌القاعدة الرابعة: الردّ عند التنازع إلى الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الخامسة: مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم:

- ‌القاعدة السادسة: درء التعارض بين العقل والنقل:

- ‌القاعدة السابعة: المحكم والمتشابه:

- ‌المبحث الثالث موقف الشيخ رشيد من علم الكلام

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: نشأة رشيد رضا على مذهب الأشعرية وتحوله عنه:

- ‌المطلب الثاني: مخالفة رشيد رضا للمتكلمين:

- ‌المبحث الرابع:‌‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌المبحث الخامس: موارد رشيد رضا في العقيدة

- ‌أولاً: مؤلفات ابن تيمية

- ‌ثانياً مؤلفات ابن القيم (ت: 751هـ) ومدرسة ابن تيمية:

- ‌ثالثاً: مصادر أخرى:

- ‌الباب الأول: منهج رشيد رضا في الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: تعريف رشيد رضا الإيمان ومباحثه

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان في اللغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الإيمان في الشرع:

- ‌المطلب الثالث: أدلة أهل السنة على خصال الإيمان الثلاثة:

- ‌المبحث الثاني: الصلة بين "الإيمان" و"الإسلام

- ‌المبحث الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه

-

- ‌المبحث الرابع: الكبائر

- ‌المطلب الأول: تعريف الكبيرة وحكم مرتكبها:

- ‌المطلب الثاني: التكفير:

- ‌الفصل الثاني: منهج رشيد رضا في إثبات الربوبية

- ‌مدخل

- ‌في تقسيم التوحيد عند رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: تعريف الربوبية

- ‌المطلب الأول: معنى كلمة "رب" في اللغة

- ‌المطلب الثاني: المعنى الشرعي لتوحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثاني: منهج رشيد رضا في أدلة معرفة الله تعالى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الفطرة عند الشيخ رشيد رضا:

- ‌المطلب الثاني: النظر في الملكوت:

- ‌المطلب الثالث: الرسل وآياتهم:

- ‌المطلب الرابع: الاحتياط الواجب:

- ‌المطلب الخامس: موقف رشيد رضا من مسألة "حدوث العالم

- ‌المبحث الثالث: بدء الخلق:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في إثبات الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الأسماء الحسنى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الناس من الأسماء الإلهية:

- ‌المطلب الثاني: مسألة الاسم والمسمى

- ‌المطلب الثالث: مصادر معرفة أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الرابع: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الخامس: معنى إحصاء أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: الإلحاد في أسماء الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الصفات

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات وتقرير الشيخ رشيد له جملة

- ‌المطلب الثاني: موقف الشيخ رشيد من قواعد المتكلمين:

- ‌المبحث الثالث: الصفات التي تكلم عليها رشيد رضا

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تقسيم الصفات:

- ‌المطلب الثاني: صفات الذات العقلية:

- ‌المطلب الثالث: صفات الفعل العقلية:

- ‌المطلب الرابع: صفات الذات الخبرية:

- ‌الفصل الرابع: منهج رشيد رضا في إثبات الألوهية ونفي الشرك والبدع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الألوهية

- ‌المطلب الأول: تعريف الإله

- ‌المطلب الثاني: العبادة

- ‌المطلب الثالث: بعض أنواع العبادة التي ذكرها رشيد رضا

- ‌المبحث الثاني: نفي الشرك ومظاهره

- ‌تميهد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك:

- ‌المطلب الثاني: أقسام الشرك:

- ‌المطلب الثالث: منشأ الشرك:

- ‌المطلب الرابع: مفاسد الشرك ومساوئه:

- ‌المطلب الخامس: مظاهر الشرك:

-

- ‌المبحث الثالث: رفض البدع ومظاهرها

- ‌المطلب الأول: تعريف البدعة لغة وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: مظاهر البدع التي تعرض لها الشيخ رشيد رضا

- ‌الفصل الخامس: منهج رشيد رضا في إثبات القدر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: موقف رشيد رضا من الفرق في القدر

- ‌المبحث الأول: تعريف القدر: لغة وشرعاً

- ‌المطلب الأول: تعريف القدر لغة

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالقدر شرعاً:

- ‌المبحث الثالث: بيان رشيد رضا لأركان القدر

- ‌المطلب الأول: العلم

- ‌المطلب الثاني: الكتابة:

- ‌المطلب الثالث: الإرادة:

- ‌المطلب الرابع: الخلق:

- ‌المبحث الرابع: القدر والأسباب

- ‌المبحث الخامس: الهدى والضلال:

- ‌المبحث السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى

- ‌المبحث السابع: الحسن والقبح:

- ‌المبحث الثامن: الصلاح والأصلح

- ‌المبحث التاسع: العمر، والرزق، والدعاء:

- ‌المبحث العاشر: الكونيات والشرعيات:

- ‌المبحث الحادي عشر: الاحتجاج بالقدر:

- ‌الباب الثاني: منهج رشيد رضا في الإيمان بالملائكة والكتب والرسل

- ‌الفصل الأول: الإيمان بالملائكة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الملائكة

- ‌المطلب الأول: وجوب الإيمان بالملائكة جملة وتفصيلاً

- ‌المطلب الثاني: وظائف الملائكة وخصائصهم:

- ‌المطلب الثالث: التفاضل بين الملائكة والأنبياء:

-

- ‌المبحث الثاني: الجن والشياطين:

- ‌المطلب الأول: معنى الجن والشيطان:

- ‌المطلب الثاني: رؤية الجن:

- ‌المطلب الثالث: دخول الجن في جسم الإنسان:

- ‌الفصل الثاني: الإيمان بالكتب

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: القرآن

- ‌المبحث الثاني: التوراة:

- ‌المبحث الثالث: الإنجيل:

- ‌الفصل الثالث: الإيمان بالرسل

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي والرسول:

- ‌المبحث الثاني: الحاجة إلى الوحي والنبوة:

- ‌المبحث الثالث: معنى الوحي وأنواعه، وشبهة الوحي النفسي

- ‌المطلب الأول: تعريف الوحي

- ‌المطلب الثاني: الوحي النفسي:

- ‌المطلب الثالث: الوحي والنبوة عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث الرابع: عدد الرسل:

- ‌المبحث الخامس: صفات الرسل ووظائفهم

- ‌المطلب الأول: صفات الرسل

- ‌المطلب الثاني: وظيفة الرسل:

- ‌المبحث السادس: عصمة الأنبياء

- ‌المطلب الأول: تعريف العصمة

- ‌المطلب الثاني: بعض مسائل العصمة:

- ‌المطلب الثالث: الأدلة العقلية والنقلية على ثبوت العصمة:

- ‌المطلب الرابع: دفع شبهات حول العصمة:

- ‌المطلب الخامس: عصمة الأنبياء عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث السابع: آيات الأنبياء، وكرامات الأولياء، وخوارق الأشقياء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشيخ رشيد للآية والمعجزة:

- ‌المطلب الثاني: أنواع الآيات:

- ‌المطلب الثالث: كرامات الأولياء:

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين آيات الأنبياء وخوارق الأشقياء:

- ‌المبحث الثامن: نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: حاجة العالم لبعثة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: أدلة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث التاسع: منهج رشيد رضا في الصحابة:

- ‌المبحث العاشر: الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الأول: تعريف الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الثاني: طرق التولي:

- ‌المطلب الثالث: وظيفة الإمام:

- ‌المطلب الرابع: ما يخرج به الخليفة عن الإمامة:

- ‌المطلب الخامس: تعدد الأئمة:

- ‌الباب الثالث: منهج محمد رشيد رضا في الإيمان باليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: منهج رشيد رشا لليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الشيخ رشيد لليوم الآخر جملة وحكمه:

- ‌المبحث الثاني: الموت والبرزخ:

- ‌الفصل الثاني: البعث وأدلته

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: أدلة البعث

- ‌المطلب الأول: النشأة الأولى

- ‌المطلب الثاني: الاستدلال على البعث بالخلق:

- ‌المطلب الثالث: المشاهدة:

- ‌المطلب الرابع: قدرة الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: البعث يكون بالجسد والروح:

- ‌الفصل الثالث: الساعة وأشراطها

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الساعة

- ‌المطلب الأول: تعريف الساعة لغة واصطلاحاً وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: علم الساعة:

- ‌المبحث الثاني: أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الشيخ رشيد من أشراط الساعة جملة:

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد رضا من أشراط الساعة تفصيلاً:

- ‌الفصل الرابع: الصور والموازين

- ‌المبحث الأول: الصور

- ‌المبحث الثاني: الموازين:

- ‌الفصل الخامس: الجنة والنار

- ‌المبحث الأول: الجنة ونعيمها

- ‌المبحث الثاني: النار وعذابها:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الرابع: مفاسد الشرك ومساوئه:

والتماثيل، وبين من عبد القبور، لوجود معنى العبادة، وإن لم تسمّ بهذا الاسم، أو أنكر تسميتها بهذا الاسم، يقول الشيخ: "

وأما مشركو العرب في زمن البعثة فلم يكونوا يجهلون أن هذا كله يسمى عبادة، لأن اللغة لغتهم ولم يكن لهم عرف ديني مخصص لعموم العبادة اللغوي، ولا باعث على التأويل أو التحريف، فكانوا يصرحون بأنهم يعبدون أصنامهم ويسمونها آلهة لأن الإله هو المعبود وإن لك يكن رباً خالقاً، ويقولون كما أخبر الله عنهم:{هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} 1 ويسمونهم أولياء أيضاً {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 2 الآية، وقد فعل أهل الكتاب ومن اتبع سنتهم من المسلمين مثل ذلك، ولكن سموه توسلاً وأنكروا تسميته عبادة، والتسمية لا تغير الحقائق، وكذلك تعبير المعبودات من البشر والملائكة وما يذكر بها من صورة وتمثال أو قبر أو تابوت

فكل تعظيم ديني لهذه الأشياء أو الأشخاص بما ذكر أو غيره مما لم يرد به شرع؛ عبادة لها وإشراك مع الله عزوجل

" 3.

فلا فرق بين معبود ومعبود، والأسماء لا تغير الحقائق، والعبرة بحقيقة العمل، لا باسمه، وقد ورد في السنة ما يشير إلى أن ناساً سوف يرتكبون الحرام ويغيرون اسمه 4.

1 سورة يونس، الآية (18)

2 سورة الزمر، الآية (3)

3 تفسير المنار (8/ 147)

4 انظر: البخاري: الصحيح، ك: الأشربة، باب: ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، معلقاً، وأبو داود: السنن، ك: الأشربة، باب في الداذي، ح: 3688، وح: 3689، وابن ماجه: السنن، ك: الفتن، باب: العقوبات، ح:4020.

ص: 515

‌المطلب الرابع: مفاسد الشرك ومساوئه:

إذا كان التوحيد هو أول الواجبات وأهمها، فإن الشرك هو أكبر المحرمات وأشدها. لذا فإن الشرك ذنب لا يغفر أبداً، إلا بالتوبة منه،

ص: 515

خلاف جميع الذنوب التي يقترفها العبد 1.

يقول الله تعالى ـ مبيناً وصاياه لعباده ـ مبتدئاً بأشدها حرمة وهو الشرك: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً

} 2.

قال الشيخ رشيد: "بدأ تعالى هذه الوصايا بأكبر المحرمات وأفظعها وأشدها فساداً للعقل والفطرة وهو الشرك بالله تعالى سواء كان باتخاذ الأنداد له أو الشفعاء المؤثرين في إرادته

وما يذكر بهم من صور وتماثيل وأصنام أو قبور

وتقدير الكلام: أول ما أتلوه عليكم في بيان هذه المحرمات وما يقابلها من الواجبات ـ أو ـ أول ما وصاكم به تعالى من ذلك هو: أن لا تشركوا بالله شيئاً من الأشياء وإن كانت عظيمة في الخلق كالشمس والقمر والكواكب أو عظيمة في القدر كالملائكة والأنبياء والصالحين

" 3.

ومفاسد الشرك ومخاطره كثيرة، بل إن الشرك كله مفاسد ومخاوف، وأول هذه المفاسد وأخطرها هو تسببه في حبوط عمل المشرك؛ فإنه مفسدة بالغة بحيث لا ينفع معها عمل صالح. يقول الشيخ رشيد: "

أما الدليل على الحبوط فآيات صريحة في القرآن، منها قوله تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} 4 {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 5 {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 6 {فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} 7

" 8.

1 انظر: عبد الرحمن بن حسن: فتح المجيد (ص: 78)، وانظر أيضاً: المقريزي: تجريد التوحيد (ص: 24) وما بعدها.

2 سورة الأنعام، الآية (151)

3 تفسير المنار (8/ 184)

4 سورة الزمر، الآية (65)

5 سورة الأنعام، الآية (88)

6 سورة المائدة، الآية (5)

7 سورة الكهف، الآية (105)

8 مجلة المنار (31/ 50)

ص: 516

ويستدل الشيخ رشيد أيضاً بالمعقول على إفساد الشرك لصاحبه وعمله، فيقول: "وأما من جهة المعقول: فهو أن الشرك بالله والكفر بأصول الدين من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر يفسد الأنفس البشرية ويدنسها دنساً لا تؤثر معه الأعمال البدنية في إزالته وتزكية الأنفس منه بل تكون كقليل الماء أو نقط من العطر تلقى في مجتمع القذر

" 1.

فلا يكون غريباً إذاً أن الله تعالى لا يغفر هذا الذنب لأنه مفسدة للنفس البشرية ـ أي مفسدة ـ بحيث لا يرجى من صاحبه صلاح البتة، وسيأتي في هذا المعنى مزيد بيان.

ومن مساوئ الشرك كذلك ومفاسده أنه سبب للخوف ومضيعة للأمن ـ في الدنيا والآخرة ـ أما في الآخرة فالأمن يكون للموحدين دون المشركين، كما قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} 2، والظلم في هذه الآية ـ وكما يقرر الشيخ رشيد ـ هو: "الشرك في العقيدة أو العبادة كاتخاذ ولي من دون الله يدعى معه أو من دونه، ولو لأجل التقريب إليه والشفاعة عنده، ويحب كحبه ويعظم من جنس تعظيمه

" 3.

وهذا الخوف يكون في الآخرة كما يقول الشيخ رشيد: "والذي نراه أن الأمن في هذا الكلام يقابل الخوف فيه، وهو الأمن من عذاب الرب المعبود لمن لا يرضى إيمانه وعبادته

" 4.

ومعنى الآية في رأي الشيخ رشيد: "الذين آمنوا بالله تعالى ولم يخلطوا إيمانهم بظلم عظيم وهو الشرك به سبحانه؛ أولئك لهم الأمن دون غيرهم من العقاب الديني المتعلق بأصل الدين وهو الخلود في دار العذاب، وهم فيما دون ذلك بين الخوف والرجاء

" 5.

1 المصدر نفسه والصفحة.

2 سورة الأنعام، الآية (82)

3 تفسير المنار (7/ 580)

4 المصدر نفسه والصفحة.

5 المصدر نفسه (7/ 581)

ص: 517

ولا يقتصر خوف المشرك على العقاب الأخروي، بل إن خوفه ـ من قبل ذلك ـ ممتد في حياته الدنيا، وهو أثر سيء ـ كذلك ـ بالغ السوء، فإنه يلقي في قلوب المشركين: "الرعب

وهو شدة الخوف التي تملأ القلب بسبب إشراكهم بالله أصناماً ومعبودات لم ينزل بها سلطاناً

" 1.

وإنك لن تبذل جهداً كبيراً حتى ترى أثر ذلك الخوف في من يشرك بالله تعالى ـ فإنك ـ وكما يقول الشيخ رشيد: "ترى أصحاب النزعات الوثنية في خوف دائم مما لا يخيف، لأنهم يعتقدون بثبوت السلطة الغيبية القاهرة لكل ما يظهر لهم من عمل لا يهتدون إلى سببه، ولا يعرفون تأويله، للدجالين والمشعوذين، ويرتعدون من حوادث الطبيعة الغريبة، إذا لاح لهم مذنب تخيلوا أنه منذر يهددهم بالهلاك، وإذا أصابتهم مصيبة بما كسبت أيديهم من الفساد توهموا أنها من تصرف بعض العباد، وتراهم في جزع وهلع من حدوث الحوادث، ونزول الكوارث، لا يصبرون في البأساء والضراء ولا يتقون في الرخاء والسراء

" 2.

فلهذه الأسباب كلها، ولهذه المفاسد التي تجتمع في المشرك ـ وما هو وفقها ـ فإن الشرك ذنب لا يغفر كما قلت سابقاً، كما أكد الله تعالى ذلك بقوله:

{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 3 يقول الشيخ رشيد: " أكد الله للناس أنه لا يغفر لأحد شركه به البتة وأنه قد يغفر لمن يشاء من المذنبين ما دون الشرك من الذنوب فلا يعذبهم عليه

" 4.

وأرى أنه لا يعسر عليك الآن أن تدرك السبب في ذلك، وهو الفرق بين أثر الشرك وأثر الذنب دونه ـ وهو ـ وكما يقول الشيخ رشيد: "ذلك

1 المصدر نفسه (4/ 177)

2 المصدر نفسه (1/ 426)

3 سورة النساء، الآية (48)

4 تفسير المنار (5/ 420)

ص: 518

بأن الشرك في نفسه هو منتهى فساد الأرواح وسفاهة الأنفس وضلال العقول، فكل حق أو خير يقارنه لا يقوى على إضعاف شروره ومفاسده

والمذنب قد يكون في إيمانه وسريرته خالصاً لله عبداً له وحده، فالعبد المملوك قد يعصي وقد يأبق فلا العصيان والإباق يخرجانه عن كونه عبداً لسيد واحد، ولسيده أن يعاقبه أو يعفو عنه، ولا يغفر له أن يجعل نفسه عبداً لغيره لا قناً 1 ولا مبعضاً 2 {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 3

" 4.

وهذه المفاسد والمساوئ وأكثر منها في الشرك، ومع ذلك، فإنه بعدما طمست آثاره، ومحيت آياته، بدعوة الأنبياء الصادقين، ودعاة التوحيد الصابرين، قد عاد وأطل برأسه من جديد، وها نحن نرى ـ وكما يقول الشيخ رشيد ـ: "

الملايين منهم يدعون المسيح ويوجهون كل عبادتهم إليه وحده تارة، ويذكرون اسم الله مع اسمه تارة أخرى، وتجد الملايين من دونهم يدعون وينادون من دون المسيح من الأولياء، ويعمدون إلى قبورهم أو إلى الصور والتماثيل التي اتخذها قدماء المفتونين بهم تذكاراً لهم

ومن الناس من يسمون أنفسهم موحدين، وهم يفعلون مثلما يفعل جميع المشركين، ولكنهم يفسدون في اللغة كما يفسدون في الدين، فلا يسمون أعمالهم هذه عبادة، وقد يسمونها توسلاً وشفاعة

" 5.

ومن هذا المعنى، نتحول إلى المسألة التالية وهي: مظاهر الشرك، التي تناولها الشيخ محمد رشيد في كتاباته

1 القن: العبد الذي لا يجوز بيعه ولا اشتراؤه. الجرجاني: التعريفات (ص: 157)

2 المبعض:

3 سورة الزمر، الآية (29)

4 تفسير المنار (5/ 420 ـ 421)

5 المصدر نفسه (5/ 421 ـ 422)

ص: 519