الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا استدلال مباشر بالكتاب على عصمة الأنبياء، وأما استدلال الشيخ فهو بواسطة العقل.
1 سورة آل عمران، الآية (79)
المطلب الرابع: دفع شبهات حول العصمة:
وبعد إثبات العصمة عقلاً ونقلاً يحسن دفع ما يرد عليها من شبهات وهو ما فعله رشيد رضا في دفعه عن عدد من الأنبياء شبهات ترد على عصمتهم، منها:
أولاً: قصة آدم وحواء:
تمسك بعضهم بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} 2 قالوا: لا شك أن النفس الواحدة هي آدم، وزوجها المخلوق منها هي حواء، وهذا يقتضي صدور الشرك عنهما. وتمسكوا ببعض الآثار التي تشير إلى هذا المعنى، منها حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه مرفوعاً: "لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث
2 سورة الأعراف، الآية (189ـ 191)
فعاش، فكان ذلك وحياً من الشيطان" 1.
وقد أجاب أهل العلم على ذلك بوجوه:
الأول: إن الآية تشير إلى خلق الناس من آدم وحواء كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} 2.
وقوله: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} 3.
وإنما وقع الشرك في قوله تعالى: {جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ} من بعض ذريته، وروي ذلك عن الحسن 4، واختاره ابن كثير 5.
الثاني: إن النفس الواحدة في الآية ليست هي آدم، إذ لا دليل في نص الآية على ذلك ـ مع عدم صحة حديث سمرة ـ في رأيهم ـ بل الخطاب في الآية لقريش، والمعنى: خلقكم من نفس قصي وجعل منها زوجها عربية قرشية ليسكن إليها، فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح سميا أولادهما الأربعة عبد مناف وعبد العزى وعبد قصي وعبد الدار 6.
الثالث: على التسليم بأن الآية في آدم وحواء وأن الشرك فيها منسوب إليهما، وكما ورد في حديث سمرة، أن هذا الشرك لم يكن شركاً في العبادة، وإنما هو شرك في التسمية واللفظ، فقد قصدت بتسمية
1 أخرجه الترمذي: ك: التفسير، باب: ومن سورة الأعراف، ح: 3077 (5/ 267) وقال: حسن غريب. وأحمد في المسند (5/ 11) وأعله ابن كثير من ثلاثة أوجه، ورجح وقفه على سمرة. انظر: التفسير (2/ 263) ، وقد أخرجه أيضاً الحاكم في المستدرك (2/ 545) وقد ضعفه أحمد شاكر، انظر: حاشية الطبري (13/ 310)
2 سورة النساء، الآية (1)
3 سورة الحجرات، الآية (13)
4 انظر: ابن كثير: التفسير (2/ 267) وقال: هذه أسانيد صحيحة عن الحسن. وانظر: الطبري: التفسير (13/ 303 و314) ط. شاكر.
5 ابن كثير: المصدر نفسه (2/ 267)
6 الرازي: عصمة الأنبياء (ص: 42 و43ـ44) وانظر: الطبري: التفسير (13/ 314)
عبد الحارث أن الحرث سبب لنجاة الولد، فالمعاتبة على ذلك من حيث أنها نظرت إلى السبب دون المسبب، والشرك في الألفاظ مما يقع وحكمه الاستغفار منه والتوبة منه، وعدم العود إليه 1.
وأما رشيد رضا فقد رجح في معنى الآية أن المراد جنس الذكر والأنثى ولا يقصد فيه إلى معين، آدم ولا غيره، فالمعنى خلقكم جنساً واحداً وجعل أزواجكم منكم أيضاً لتسكنوا إليها سكوناً زوجياً، فلما تغشى الجنس الذي هو الذكر الجنس الآخر الذي هو الأنثى جرى من هذين الجنسين ما حكي في الآية 2. فيرى رشيد رضا أن الآية ليست نصاً في آدم وحواء. وأما الحديث والآثار المروية كحديث سمرة فيهذب رشيد رضا إلى أنه ضعيف، ومأخوذ من الإسرائيليات لأن فيه طعناً صريحاً في آدم وحواء، ورمياً لهما بالشرك. وقد نقل كلام ابن كثير بطوله 3 واستحسنه، لأنه يؤيد رأيه في الآثار المروية وكونها من الإسرائيليات المروية عن أهل الكتاب. قال:"إن هذه الآثار مأخوذة من الإسرائيليات ولما كانت طعناً في عقيدة أبوينا آدم وحواء عليهما السلام بما تبطله عقائد الإسلام، وجب الجزم ببطلانها وتكذيبهم فيها"4.
ثانياً: قصة يوسف عليه السلام:
وتمسك الطاعنون في العصمة بقوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ} 5.
1 انظر: الطبري: التفسير (13/ 315) وهذا هو الذي اختارد ابن جرير، وانظر: صديق حسن خان: فتح البيان (3/ 475)، وانظر: سليمان بن عبد الله: تيسير العزيز الحميد (ص: 593)، والميلي: الشرك ومظاهره (ص: 276 ـ 277)
2 انظر: تفسير المنار (9/ 517 و520)
3 تفسير المنار (9/ 521 ـ 525) وقارن مع ابن كثير: التفسير (2/ 263 ـ 264)
4 انظر: تفسير المنار (9/ 525)
5 سورة يوسف، الآية (24)
وقد اختلف في معنى الهم في الآية، فقيل هو: الهم منها بالفاحشة 1، وقيل المراد به منه: حديث النفس 2، كقوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى: "إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة
…
وإن هم بسيئة فلم يعملها فاكتبوها حسنة
…
" 3.
ولكن الشيخ رشيد يذهب في ذلك مذهباً خاصاً، فإنه يرى أن الهم بالفاحشة لم يقع منها ولا منه عليه السلام وإنما الذي وقع منها هو المراودة، فلما امتنع وكان ذلك إهانة لها وكسراً لطبيعة الأنثى التي فطرت على أن تكون مُرَاوَدة لا مراوِدة، من عبدها العبراني، وعدّت هذا احتقاراً منه، أرادت الانتقام منه بالاعتداء عليه والبطش به في ثورة غضبها وهو انتقام معهود من مثلها ومن دونها في كل زمان ومكان، والهم منه كان هماً بدفع اعتدائها عليه، والبرهان الذي رآه يوسف ـ كما يرى رشيد رضا ـ هو آية رآها يوسف في نفسه، وهي إما النبوة التي آتاه الله إياها بعد الحكم، أو مقدمات هذه النبوة من مقام الصديقية العليا وهي: مراقبته لله تعالى، ورؤية ربه متجلياً له ناظراً إليه، فهذا هو البرهان الذي رآه يوسف عليه السلام 4، ويرفض رشيد رضا كل ما روي في معنى الهم منها ومنه، ويعده من الإسرائيليات التي انخدع بها كثير من الناس 5، كما يرفض الروايات في البرهان الذي رآه يوسف 6.
ومهما يكن من شيء في معنى الهم فإن يوسف عليه السلام كان
1 انظر: ابن جرير: التفسير (16/ 35 ـ 37)
2 انظر: ابن كثير: التفسير (2/ 456)، والرازي: عصمة الأنبياء (ص: 76)، وانظر أيضاً: الطبري: التفسير (16/ 34)
3 رواه مسلم: الصحيح، ك: الإيمان، ح: 203 (128) و204 و205 (129)[1/ 117]
4 تفسير المنار (12/ 275 ـ 276) وقريب منه أيضاً رأي عند الطبري: انظر: التفسير (16/ 38)
5 المصدر نفسه (12/ 280)
6 المصدر نفسه (12/ 279) وانظر: الآراء في هذا البرهان: الطبري: التفسير (16/ 39 ـ 43)
معصوماً كالأنبياء ولم يرتكب الفاحشة قط، فقد شهد ببراءة يوسف من الذنب كل من له تعلق بتلك الواقعة من زوج وحاكم ونسوة وملك، وادعى يوسف ذلك واعترف له خصمه بصدق ما قال مرتين، وشهد بذلك رب العالمين وهو أصدق القائلين 1.
ثالثاً: سحر النبي صلى الله عليه وسلم:
ومما يشبه أن يكون شبهة على عصمة الأنبياء، ما روي من "أن اليهود سحروا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنه كان يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله" 2. وفي رواية:"حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن" 3، وطعن بعض الملحدة في الشرع متمسكين بهذا الحديث 4، كما أن بعض المبتدعة أنكرته بزعم أن تجويز ذلك يطرح الثقة بالشرائع. وممن أنكر أحاديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم الشيخ محمد عبده 5.
وكان رشيد رضا قد أورد هذه الأحاديث ضمن الأحاديث التي ينبغي أن ترد لعلة في متنها لأنها تمثل شبهة على الدين، ولأن نفس النبي صلى الله عليه وسلم أقوى من أن يكون لمن دونه تأثير فيها 6، ونسب رشيد رضا رد هذه الرواية للأستاذ الإمام. ولكن رشيد رضا أورد هذا الحديث في السياق الذي أشرت إليه ليمثل للأحاديث التي ترد لعلة في متنها، وإن صح بحسب صناعة تعديل الرجال سندها 7. إلا أنه عندما هاجمه يوسف الدجوي ـ
1 انظر: الرازي: عصمة الأنبياء (ص: 75 ـ 76)
2 انظر: البخاري: الصحيح، ك: الطب، باب: السحر، ح: 5763 و5766، ومسلم: الصحيح، ك: السلام، ح: 43 (2189)
3 البخاري: الصحيح، ك: الطب، باب: هل يستخرج السحر، ح:5765.
4 انظر: القاضي عياض: الشفا (ص: 160)، وابن القيم: زاد المعاد (4/ 124)، وابن حجر: فتح الباري (10/ 237)
5 انظر: محمد عبده: تفسير جزء عم (ص:183 ـ 184) ط. الجمعية الخيرية الإسلامية بالقاهرة، ط. الثانية، بمطبعة مجلة المنار، مصر، 1329هـ
6 مجلة المنار (14/ 623)
7 المصدر نفسه (14/ 624)
محرر مجلة الأزهر ـ أنكر رشيد رضا رده للحديث واعتبر كلام الدجوي بهتاً له. وقال: "
…
إنني ناقل لهذه المسألة عن الأستاذ الإمام ولست أنا الذي رددت الحديث، فإسناد الرد إليّ، بهت لي وافتراء عليّ" 1.
ولكن أليس السكوت في موطن الحاجة بيان وهو علامة الموافقة؟ لقد أورد رشيد رضا عبارة "الأستاذ الإمام" من تفسير جزء عم بطولها، وفيها حجته ومنها قوله: "ولا يخفى أن تأثير السحر في نفسه عليه السلام حتى يصل به الأمر إلى أن يظن أنه فعل شيئاً وهو لا يفعله، ليس من قبيل تأثير الأمراض في الأبدان، ولا من قبيل عروض السهو والنسيان في بعض الأمور العادية، بل هو ماس بالعقل، آخذ بالروح، وهو مما يصدق قول المشركين فيه:{إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً} 2 وليس المسحور عندهم إلا من خولط في عقله، وخيل له أن شيئاً يقع وهو لا يقع، فيخيل إليه أنه يوحى إليه ولا يوحى إليه وقد قال كثير من المقلدة الذين لا يعقلون ما هي النبوة ولا ما يجب لها أن الخبر بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صح، فيلزم الاعتقاد به، وعدم التصديق به من بدع المبتدعين
…
" 3. ثم علق رشيد رضا قائلاً: "هذه حجة "الأستاذ الإمام" على إنكاره لوقوع السحر على تلك النفس القدسية العليا
…
فهو يجلها أن يؤثر فيها سحر ذلك اليهودي الرجيم
…
وإننا لم نرَ من علماء الملة متقدميهم ومتأخريهم من بين لنا من فضل تلك النفس الزكية العلوية، والشخصية الشريفة المحمدية، ما بينه لنا هذا الإمام الجليل
…
" 4، وهذا التعليق من الشيخ رشيد يدل على استحسانه لرأي الشيخ محمد عبده وموافقته له وإعجابه به.
والذي أريد أن أشير إليه هنا هو حديث الشيخين هنا محمد عبده ورشيد رضا عن النفس وسيأتي أيضاً كلام لرشيد رضا عن "قوى النفس"،
1 مجلة المنار (33/ 39)
2 سورة الفرقان، الآية (8)
3 مجلة المنار (33/ 41)
4 مجلة المنار (33/ 43)
فقول محمد عبده عن المثبتين للسحر المتمسكين بالحديث أنهم "لا يعقلون ما هي النبوة ولا ما يجب لها" وإنكاره عليهم قولهم: "إن الخبر بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صح فيلزم الاعتقاد به
…
" هو صحيح، إذ أن النبوة عند الفلاسفة الذين أعجب بهم محمد عبده بعد درسه للإشارات، هي من قوى النفس فالطعن في "قوى النفس" طعن في النبوة. وغني عن البيان أن هؤلاء الفلاسفة هم الذين "لا يعقلون ما هي النبوة ولا ما يجب لها" ولا أحد يطعن في الأنبياء طعنهم، إذا أنهم يقولون إن الأنبياء لا يخبرون بالحقائق على ما هي عليه، بل يتابعون "الجمهور" في ما يعتقدون ويخبرونهم بما "يفهمونه ويتخيلونه" بضروب من التمثيل والتخييل 1. كما أنني أريد أن أشير إلى قول رشيد رضا أيضاً أنه "لم ير من علماء الملة متقدميهم ومتأخريهم، من بين لنا فضل تلك النفس الزكية العلوية.... ما بينه لنا هذا الإمام الجليل" وأقول إن هذا "بهت وافتراء" على علماء الملة "متقدميهم ومتأخريهم" إذ أنهم رحمهم الله تعالى قد قاموا ببيان حقيقة النبوة ووضعوها في موضعها، ونقلوا لنا حقيقة هذه "النفس العلوية" بما لم تقم به أمة من الأمم، حتى صار عملهم ذلك من علامات نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم. وبعد ذلك كله ذكر رشيد رضا أقوالاً أخرى لمنكري السحر ثم ختم ذلك بقوله: "وإن لنا في هذا الحديث كلمتين:
إحداهما في سنده: وهي: أن الذين أعلوا الحديث بهشام بن عروة 2، ورد عليهم العلامة ابن القيم باتفاق الجماعة على تعديله لهم وجه
1 انظر: ابن تيمية: درء التعارض (1/ 8 ـ 10 وص: 179 ـ 180)
2 هو: هشام بن عروة بن الزبير، الإمام الثقة، شيخ الإسلام، راى ابن عمر ودعا له ومسح برأسه، كان مثل الحسن وابن سيرين، ثقة ثبت حجة. السير (6/ 34 ـ 46) .
ولم يقتصر طعن رشيد رضا هنا في هشام بن عروة بل طعن في ابن حجر أيضاً بأنه "من الرجال الذين انحصرت قوة تحقيقهم في الروايات وحفظ ما قاله أهل الجرح والتعديل في أسانيدها وسائر العلماء في متونها، والترجيح بينها بمقتضى قواعدهم التي هي آراء لهم. فبضاعته ضعيفة في تحقيق مسائل المتون وبنائها على قواعد المعقول والمنقول
…
" مجلة المنار (33/ 48) . بل إنه طعن بهذه المناسبة، في جميع المحدثين، فقال: "أما علماء الروايات فليسوا ممن يطلب منهم معرفة هذه الحقائق في نقد المتون". مجلة المنار (33/ 44) . فإذا كنا لا نأخذ الحديث من المحدثين، ولا من "علماء المناقشات اللفظية" يعني الفقهاء، فلا بد أن نأخذها من الفلاسفة ومنهم "الأستاذ الإمام" حكيم الإسلام".
وجيه ومستند من أقوال أئمة الجرح والتعديل
…
فالقول بوقوع الخطأ منه أهون من قبول روايته هذه وهو أوثق من روى هذا الحديث.
الثانية في متنه: وهو أن الروايات عن عائشة تدور على أمر واحد وهو ما يتعلق بالنساء، فقولها كان يخيل إليه إنه يفعل الشيء وهو لم يفعله كناية عن ذلك الأمر حياء من التصريح به على أنها صرحت في رواية أخرى فظن بعض الرواة أنه عام في كل فعل فعظمت الشبهة فيه على علماء الأصول والعقائد، ويؤيد حصر التأثير فيما ذكر ما في طبقات ابن سعد عن ابن عباس: مرض النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عن النساء والطعام والشراب، وفي مرسل يحيى بن يعمر عند عبد الرزاق: سحر النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة حتى أنكر بصره. فجملة القول أنه مرض مرضاً أثر في الجهاز الهضمي والجهاز التناسلي فقط، وما زالت الناس تعد هذا من أنواع السحر ويعبر عنه العوام في زماننا بالعقد ويسمون الواقع عليه "معقوداً" وكانت العرب تسميه مطبوباً،
…
"1. ثم قال الشيخ رشيد مبيناً قصده من ذلك: "وإننا على هذا قد محصنا أقوال علماء المعقول والمنقول في الراوية متناً وسنداً بما يهون فيها أمر منكري الرواية بما قيل في هشام، وبما يرجع أقوال مثبتيها إلى كون التأثير الذي وقع على قولهم هو خاص بمباشرة الراوية له (عائشة) على أن أستاذنا ـ رحمه الله تعالى ـ فوض الأمر في تأويل الحديث لأهله، ولم يرد روايته كغيره" 2.
وأما الشيخ محمد عبده فإن دفاع رشيد رضا عنه لا يجديه، فإن رده للمسألة هو ردٌ للحديث بلا شك.
1 مجلة المنار (33/ 46)
2 المصدر نفسه (33/ 49)