الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: الصور والموازين
المبحث الأول: الصور
…
المبحث الأول: الصور:
ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالنفخ في الصور، قال تعالى:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} 1.وقال: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} 2.
ولقد عرف الشيخ رشيد الصور بأنه: القرن لغة 3، وأشار إلى ذكره في كتاب العهد القديم 4، وذكر له تعريفات أخرى ولكنه ردها اعتماداً على أقوال أهل اللغة 5.
وقد ورد ذكر الصور في السنة النبوية كذلك، وهو ما أشار إليه الشيخ رشيد بقوله: "وأما الأخبار المرفوعة في الصور فقد أخرجها أصحاب السنن والتفسير المأثور وغيرهم بأسانيد لم يصح منها شيء على شرط الشيخين، ولذلك لم يخرجا منها شيئاً، وأقواها ما رواه أبو داود 6، والترمذي
1 سورة الزمر، الآية (68)
2 سورة الحاقة، الآية (13 ـ 15)
3 تفسير المنار (7/ 531)
4 المصدر نفسه والصفحة.
5 المصدر نفسه والصفحة.
6 ك: السنة، باب: في ذكر البعث والصور، برقم: 4742 (5/ 107)
وحسنه 1، والنسائي 2، وغيرهم، وصححه الحاكم 3 من حديث عبد الله بن عمرو، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور فقال: "هو قرن ينفخ فيه"، وروي عن ابن مسعود أنه قال:" الصور كهيئة القرن ينفخ فيه" 4، وورد في روايات يقوي بعضها بعضاً، وصحح بعضها الحاكم 5 أن الملك الموكل بالصور مستعد للنفخ فيه ينتظر متى يؤمر، وفي بعضها أنه وكل به ملكان
…
" 6.
وعن عدد هذه النفخات يذهب الشيخ رشيد إلى أنهما نفختان "والنفخة الأولى هي التي يموت فيها جميع أهل الأرض دفعة واحدة والثانية هي التي بها يبعثون وليس بعدها موت
…
وهذه النفخة تسمى نفخة الفزع لقوله تعالى في سورة النمل: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} 7 ونفخة الصعق لقوله في سورة الزمر: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} 8
…
" 9. فنفخة الفزع والصعق واحدة عند الشيخ رشيد مع اختلاف الوصفين. وهذا هو ما يذهب إليه ابن جرير
1 ك: التفسير، باب: ومن سورة الزمر، ح: 3244 (5/ 373)
2 في الكبرى رقم (11312 و11456) ، ورواه أحمد في المسند (2/ 162 و192)
3 المستدرك (2/ 473) وقول الشيخ لا يسلم من انتقاد، فليس كل ما صح على شرط الشيخين أورداه في الصحيح، فإنهما لم يلتزما ذلك، وقد ذكر الصور أيضاً في صحيح مسلم: ك: الفتن، باب: في خروج الدجال
…
، ح: 116 (2940)((4/ 2259)
4 انظر: الطبراني: المعجم الكبير (9/ 353 ح: 9755) وانظر: السيوطي: الدر المنثور (3/22)
5 المستدرك (4/ 603ـ 604)، وانظر: مجمع الزوائد (10/ 330 ـ 331)
6 المصدر السابق نفس الموضع. وقد سبق أن الشيخين لم يلتزما استيعاب الصحيح، فلا معنى لما يقوله رشيد رضا.
7 سورة النمل، الآية (87)
8 سورة الزمر، الآية (68)
9 تفسير المنار (8/ 335)
في تفسيره 1 وابن حجر في فتح الباري 2 وكذلك القرطبي 3.
وأما المستثنى من الفزع في الآيات فيرى الشيخ رشيد أن التوقف فيه أولى لأنه "أمر غيبي لا يعلم إلا بتوقيف، ولم يصح في قول منها حديث مرفوع
…
" 4 ولكنه أشار أيضاً إلى بعض الروايات في ذلك 5.
وقد تعددت الأقوال فيمن يستثنى من الصعق، والأولى التوقف في التعيين، ولا يمكن الجزم بكل ما استثناه الله في كتابه وقد توقف النبي صلى الله عليه وسلم في موسى، فإذا كان النبي لم يخبر بكل من استثنى الله فلا يمكننا نحن ذلك 6.
1 انظر: تفسير الطبري (24/ 39 ـ 531)
2 انظر: الفتح (11/ 377)
3 انظر: التذكرة (1/ 226)
4 تفسير المنار (8/ 336)
5 المصدر نفسه والصفحة، وانظر هذه الروايات: القرطبي: التذكرة (1/ 206) وما بعدها.
6 انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى (4/ 261)