الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجيب عنها فيقول: "ومنشأ الغلط عند بعضهم أن الله تعالى أمرنا بذكره وتسبيحه في آيات وبذكر اسمه وتسبيح اسمه في آيات أخرى.. رأى بعضهم أن يجمع بين هذه الآيات بجعل الاسم عين المسمى.. وإنما يذكر اللسان اسم الله تعالى. كما يذكر من الأشياء أسماءها دون ذوات مسمياتها، فإذا قال نار لا يقع جسم النار على لسانه فيحرقه، وإذا قال الظمآن ماء لا يحصل مسمى هذا اللفظ فينقع غلته.." 1
وإذا كان الشيخ رشيد يرى أن الاسم غير المسمى بحسب الوضع اللغوي، فهل يذهب مذهب الجهمية الذين اتكأوا على هذه الحقيقة اللغوية وألبسوها ثوب الباطل؟ والجواب: أن لا.
وهو الواضح من النصوص التي نقلتها عنه في إثبات الأسماء الحسنى لله تعالى مثل قوله: "ولله دون غيره جميع الأسماء الدالة على أحسن المعاني وأكمل الصفات"2. وقوله: "وأسماء الله كثيرة وكلها حسن بدلالة كل منها على منتهى كمال معناه.. كالرحيم والحليم والحفيظ والعليم.." 3. فهذا الموقف من الشيخ رشيد صحيح موافق لما عليه أهل السنة. وقد اعتمد فيه على ابن القيم رحمه الله.
1 المصدر نفسه (1/ 44) وقارن مع ابن القيم: بدائع الفوائد (1/ 18 ـ 19)
2 تفسير المنار (9/ 431)
3 المصدر نفسه (9/ 432)
المطلب الثالث: مصادر معرفة أسماء الله تعالى:
مذهب أهل السنة أن أسماء الله تعالى توقيفية، وكذا صفاته تبارك وتعالى، وإن كان يجوز من باب الإخبار عنه تعالى أن يقال قديم وشيء وموجود ونحوه، إذ أن باب الإخبار عنه ليس توقيفياً 4 قال الإمام
4 انظر: ابن منده: التوحيد (2/ 14)، والخطابي: شأن الدعاء (ص: 111)،والبيهقي: الأسماء والصفات (1/ 25)، وابن القيم: بدائع الفوائد (1/ 162)
الخطابي 1 رحمه الله: "ومن علم هذا الباب أعني الأسماء والصفات ومما يدخل في أحكامه ويتعلق به من شرائط أنه لا يتجاوز فيها التوقيف ولا يستعمل فيها القياس.."2.
وقد خالف في هذا المعتزلة البصريون فقالوا بإثبات الأسماء بالقياس وما دل عليه العقل ولو لم يرد به النص وخالفهم البغداديون 3.
أما الشيخ رشيد فيرى رأي أهل السنة من أن أسماء الله تعالى توقيفية. فيقول: "وقد اتفق أهل الحق على أن أسماءه وصفاته توقيفية، ونصوا على إثبات كل ما ورد في الكتاب والأحاديث الصحيحة.. وعلى منع كل ما دل على منعه
…
وجوز المعتزلة ما صح معناه ودل الدليل على اتصافه به.."4.
وأما الأسماء التي يطلقها المتكلمون على الله تعالى مثل: واجب الوجود، أو الواجب والصانع والقديم 5 فيرى الشيخ رشيد أنها لا تثبت أسماءً لله تعالى، وإنما هي من اصطلاح المتكلمين، فيقول:" ويقتصر فيها كلها على التوقيف وليس منه الواجب والصانع والموجود، ولكن يجوز الإخبار بهذه الصفات عنه تعالى فيقال: إن الله موجود، وواجب وهو صانع كل شيء، والمتقن لكل ما خلقه، ولا يقال في الدعاء والنداء يا واجب أو يا صانع اغفر لي، مثلاً. وبهذا القدر يصحح كلام المتكلمين.."6.
وكما أطلق المتكلمون أسماء لم ترد في الكتاب والسنة، وإن صحح ذلك من جهة الأخبار، فلقد أطلق الصوفية على الله تعالى أسماء لا تصح بوجه من الوجوه.
1 هو: الإمام العلامة الحافظ اللغوي، أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم، صاحب التصانيف، ت: 388هـ السير (17/ 23ـ 28)
2 شأن الدعاء (ص: 111)
3 المقالات (2/ 206ـ 207) والرازي: شرح الأسماء (ص:36) والبغدادي: الفرق بين الفرق (ص337)
4 تفسير المنار (9/ 443ـ 444)
5 انظر: الباقلاني: التمهيد (ص: 43) وما بعدها، والبغدادي: أصول الدين (ص:68)
6 تفسير المنار (9/ 443ـ 444) وقارن مع ابن القيم بدائع الفوائد (1/ 161)
فادعى بعضهم أن الضمير "هو" من أسمائه تعالى، فيدعونه ويذكرونه به، وادعى بعضهم كذلك: أن "آه" من أسمائه تعالى، بل ذهب بعضهم إلى أن "هو" هو الاسم الأعظم 1.
ويرد الشيخ رشيد على هؤلاء أيضاً فيقول:"والضمير "هو" ليس من أسماء الله تعالى ولا يدل بنفسه على ذات الله تعالى ولا على صفة من صفاته، وإنما يدل على ذلك كما يدل على غيره إذا وقع في الكلام ضميراً راجعاً إليه.."2.
وأما " أه" التي يرددونها على أنها ذكر لله تعالى، فإنها وكما ينقل الشيخ رشيد:"بفتح الهمزة وسكون الهاء ليس من الكلمات العربية في شيء، بل هو لفظ مهمل لا معنى له مطلقاً، وإن كان بالمد فهو إنما يدل في اللغة العربية على معنى التوجع، وليس من أسماء الذوات فضلاً عن أن يكون من أسماء الله الحسنى.."3.
وأما الدعاء بالأسماء المقيسة والمخترعة على غير قياس، مثل: يا سخي، قياساً على يا جواد، فلا يجوز 4. قال الشيخ رشيد:"ومثله يا هو فإنه لم يقله أحد من السلف الصالح ولا جائز في لغة الدين، وأولى منه بالإنكار"أه" فإنه ليس من هذه اللغة
…
"5. ويجوز الإخبار عنه تعالى ببعض الأسماء المقيسة كما سبق لأن باب الإخبار عنه تعالى أوسع من باب الصفات وباب الصفات أوسع من باب الأسماء 6. أي أننا نخبر عنه تعالى
1 مجلة المنار (22/ 51ـ 53) وانظر: عبد الرحمن الوكيل: "هذه هي الصوفية"(ص: 144ـ 145) ط. دار الكتب العلمية. بيروت، الرابعة 1984م.
2 المصدر نفسه (22/ 151)
3 مجلة المنار (22/ 49)
4 انظر: الخطابي: شأن الدعاء (ص: 111)
5 مجلة المنار (22/ 154)
6 انظر: ابن تيمية درء التعارض (4/ 140)، وابن القيم: بدائع الفوائد (1/ 161)، ورشيد رضا: تفسير المنار (9/443)