الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: الحياة السياسية في الشام:
كانت بلاد الشام على عهد المماليك مقسمة إلى ست "نيابات" هي: نيابة حلب، وحماة، وطرابلس، وصفد، والكرك، فعبارة "بلاد الشام" في عصر المماليك تشمل ما يسمى اليوم بالجمهورية العربية السورية، ولبنان، وفلسطين والأردن بالإضافة إلى المناطق التي تقع بين خط الحدود الحالي مع تركيا وبين سفوح جبال طوروس والتي اغتصبتها تركيا من سوريا إبان الاستعمار الفرنسي 1، وقد أبقى الأتراك الدوائر النيابية في الشام على نحو ما كانت عليه على عهد المماليك ولكنهم بدلوا بعض الشيء في نظام التسمية فدعيت النيابة ولاية أو إيالة وأصبح الحاكم يسمى الوالي بدل النائب 2. ثم اندمجت هذه الولايات بعضها في بعض عقب الحركة الاستقلالية التي قادها الغزالي 3 فأصبحت ولايات الشام ثلاث: هي ولاية دمشق وحلب طرابلس، ثم صارت صيدا ولاية سنة 1660 لتكون مركزاً للرقابة على لبنان 4.
الولاة:
لم تفز سوريا أو "الشام" بولاياتها، بمثل ما فازت به أختها مصر من الحكم الذاتي شبه الاستقلالي، بل بقيت من الفتح العثماني تسير من سيء إلى أسوأ، وتعاقب تبدل الولاة عليها، والسعيد منهم من كان يحول عليه الحول، وأكثرهم يقيمون فيها أشهراً ثم يصرفون ويستبدل غيرهم بهم.
1 انظر: أكرم حسن العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين (ص:24ـ25) ط. المؤسسة المتحدة للتوزيع: الأولى: 1982م =1402هـ. وأحمد شلبي: التاريخ الإسلامي (5/494) .
2 انظر: ساطع الحصري: البلاد العربية (ص: 230)، وأحمد شلبي: التاريخ الإسلامي (5/494) .
3 انظر تفاصيل ذلك: أحمد شلبي: المرجع السابق (5/503) .
4 المصدر السابق (5/494) .
وكانت الولاية منصباً رسمياً للباشا. إذ لم يكن هناك مماليك كأولئك الذين كانوا في مصر ينازعون الباشا سلطانه أو ينغصون عليه عيشه، ثم إن قرب سوريا من تركية ضمن للولاة الباشوات نوعاً من الهيبة. ومن هنا كان تكالب الولاة على سوريا ملحوظاً، وكان الطامعون في الولاية مستعدين أن يدفعوا رشوة باهظة لينالوها، فكثر بذلك عدد الولاة في كل ولايات سوريا إذ بلغ عددهم في ولاية دمشق 133والياً خلال السنين المائة والأربع والثمانين التي ابتدأت بالفتح العثماني 1.
الامتيازات وتقسيم الشام:
تقدمت فرنسا إلى الدولة العثمانية ـ وهي في أوج قوتها ـ باسم الصداقة والدبلوماسية تطلب مركزاً لرعاياها داخل الدولة العلية يمتاز عن رعايا باقي الدول وقد نجحت في ذلك فحصلت سنة 1535 على هذا الامتياز، وما إن حصلت فرنسا على هذا الحق حتى حصلت روسيا على حق مثيل له بالنسبة للمسيحيين الأرثوذكس 2. وكانت أوروبا تنتهز الفرص من حين لآخر لتحصل على مزيد من الامتيازات للمسيحيين وبالتالي مزيد من حقوق التدخل باسم حمايتهم. ونتيجة لذلك برز الموارنة في لبنان مؤيدين بفرنسا ووقف الدروز مؤيدين بإنجلترا وقامت فتن وثورات 3.
وفي عام 1864 ونتيجة لتوالي الفتن والتدخل الأوروبي انفصلت لبنان رسمياً عن الدولة العثمانية وسوريا وظلت كذلك حتى قيام الحرب العالمية الأولى4.
وبعد الحرب العالمية الأولى حصلت فرنسا على حق الانتداب على
1 انظر: محمد كرد علي: خطط الشام (2/235) ، ط. دار العلم للملايين، بيروت، الثالثة، 1403هـ. وأحمد شلبي: مرجع سابق (5/492) .
2 انظر: أحمد شلبي: المرجع السابق (5/495) وما بعدها.
3 انظر: محمود شاكر: التاريخ الإسلامي (8/181)، وأحمد شلبي: مرجع سابق (5/497)، ومحمد كرد علي: خطط الشام (3/107) .
4 انظر: أحمد شلبي: مرجع سابق (5/499) .
سوريا ولبنان وانتزعت أجزاء من سوريا وضمّت إلى لبنان باسم "لبنان الكبير" 1، ثم تلا ذلك تقسيم آخر في ظل هذا الانتداب هو انتزاع فلسطين من سوريا وإخضاعها للانتداب الإنجليزي بناء على ما قرره مؤتمر سان ريمو في إبريل 1920 ونص في صك الانتداب على أن تعمل إنجلترا لتحقيق وعد بلفور بجعل فلسطين وطناً قومياً لليهود 2.
1 انظر: بروكلمان: تاريخ الشعوب (ص:762ـ 763)، وأحمد شلبي: مرجع سابق (5/499ـ500) .
2 انظر: بروكلمان: مرجع سابق (ص:759 وص:768) وما بعدها، وأحمد شلبي: مرجع سابق (5/500) .