الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: مذهبه وآرؤه الفقهية
المطلب الأول: مذهب رشيد رضا الفقهي
…
المبحث الرابع: مذهبه وآراؤه الفقهية:
المطلب الأول: مذهب رشيد رضا الفقهي:
لقد درس الشيخ رشيد مذهب الشافعية على شيخه العلامة "محمود نشابة"1. لكن لم يلبث الشيخ رشيد أن حمل على التقليد والمقلدين، فقد ظهر للشيخ رشيد " تحريم التقليد والأخذ فيه بآراء البشر
…
" 2. وأن " التقليد في الدين باطل لأنه ينافي أصل العلم اليقين. فإن المقلد في الدين هو من يعتمد في دينه على قول من يثق به من أهله وقومه أو معلمه، وليس على علم ولا بصيرة" 3.
وأما الأدلة على بطلان التقليد، فيورد الشيخ رشيد عند كل مناسبة ما يمكنه من أدلة يرى أنها تدل على بطلان التقليد، وبالجملة: "فكل ما ورد
…
من القرآن أو السنة من كون هذا الدين علماً مؤيداً بالحجة وبصائر للناس وآيات بينات فهو مبطل للتقليد، وكل ما ورد فيهما من النعي على
1 وقد سبق بيان ذلك؛ انظر (ص:56) .
2 تفسير المنار (9/570) .
3 المصدر السابق (8/288) ، وأيضاً (5/296) .
الكفار وعيبهم بالجهل وعدم العلم، ووصفهم بالصم البكم العمي، وبكونهم لا يعقلون فهو مبطل للتقليد. وكل ما فيه من مطالبتهم بالدليل على ما يدعون وبالعلم والعقل فكذلك
…
" 1. ويذهب إلى أن الاستدلال هو من الفطرة، وأن التقليد مفسد لها 2.
ويرى الشيخ رشيد أن التقليد ليس من العلم في شيء، والمقلد لا يكون عالماً ولا مفيداً للعلم ولا مستفيداً له 3.
ويشير إلى مساوئ التقليد وأثره على المقلد فيقول: " ومن رزئ بالتقليد كان محروماً من ثمرة العقل وهي الحكمة ومحروماً من الخير الكثير الذي أوجبه الله لصاحب الحكمة
…
فيكون كالكرة تتقاذفه وسوسة شياطين الجن وجهالة شياطين الإنس، يتوهم أنه قد يستغني بعقول الناس عن عقله وبفقه الناس عن فقه القرآن
…
" 4.
ومن مساوئ التقليد ـ كما يرى الشيخ رشيد ـ أن "الاختلاف هو أثر طبيعي للتقليد، والانتصار للرؤساء الذين اتخذوا أنداداً
…
إذ لولا التقليد لسهل على الأمة أن ترجع في كل عصر أقوال المجتهدين والمستنبطين إلى قول واحد يعرضه على كتاب الله وسنة رسوله
…
" 5.
وفي سبيل محاربة التقليد نشر عدة مقالات عبارة عن حوار بين مقلد من أنصار التقليد وبين صاحب حجة يحمل على التقليد، ثم أُرسل له كتاب أعلام الموقعين لابن القيم 6 وفيه مناظرة مشابهة للأولى فنشرها كذلك 7.
1 المصدر السابق نفس الصفحة.
2 انظر: تفسير المنار (5/ 429)
3 مجلة المنار (6/521) .
4 تفسير المنار (3/76) .
5 المصدر نفسه (2/108) .
6 هو شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب، السلفي الكبير، صاحب التصانيف. الدرر الكامنة (3/400)
7 انظر: مجلة المنار (7/222) وما يليها من أعداد، وقد طبعت فيما بعد في كتاب مستقل باسم "يسر الإسلام وأصول التشريع العام". انظر: مجلة المنار (29/63) .
وفي هذا السبيل أيضاً كان يعتمد على فهمه في فتواه للقراء التي أنشأ لها باباً في مجلته وكانت تأتيه الفتاوى من كل فج عميق ليجيب عليها. ونتج عن ذلك آراء له كثيرة خالف فيها الفقهاء، لا سيما تلك التي تتعلق بمسائل جديدة لم تكن وقعت من قبل أو وقع بسببها حرج ومشقة على الناس يخالف يسر الإسلام ومسايرته للحياة في كل عصر ومصر 1.
ومن هذه الآراء: اجتهاده في تذكية الحيوان بالصعق الكهربائي فإنه ذهب إلى جوازه معتمداً على فقهه هو مخالفاً للفقهاء راداً لأقوالهم. ولكن الشيخ رشيد في ذلك لم يأت ببينة من الشرع وإنما اعتمد على استحسانه فقط 2.
ومنها أيضاً: نكاح الوثنيين فذهب إلى جواز نكاح نسائهم 3. ومنها: العمل بالحساب في الرؤية الشرعية 4. ورأيه في صندوق التوفير 5. وأهم هذه الاجتهادات: اجتهاده في إباحة ربا الفضل، لأنه ـ كما يقول ـ مُنع سداً للذريعة إلى الربا الجاهلي فيباح للضرورة، وهو ما أود أن أفصل فيه بعض الشيء.
وقبل ذلك أريد أن أقف قليلاً عند هذا النص للشيخ رشيد إنه يقول: "إنه ليس في ديننا شيء ينافي المدنية الحاضرة المتفق على نفعها عند الأمم المترقية إلا بعض مسائل الربا، وإني مستعد للتوفيق بين الإسلام الحقيقي وكل ما يحتاج إليه العثمانيون لترقية دولتهم مما جربه الإفرنج قبلهم وغير ذلك، ولكن بشرط ألا ألتزم مذهباً من المذاهب بل القرآن والسنة الصحيحة
…
" 6.
1 انظر: جولدتسهير: مذاهب التفسير الإسلامي (ص 352) وما بعدها.
2 انظر: تفسير المنار (6/144ـ145 و6/174) .
3 انظر: المصدر السابق (6/185ـ217) .
4 انظر: تفسير المنار (2/185) .
5 انظر: مجلة المنار (19/527) .
6 مجلة المنار (12/239) .