الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث: منهج محمد رشيد رضا في الإيمان باليوم الآخر
تمهيد
…
تمهيد:
إن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان الستة، ولا يصح إيمان أحد إن لم يؤمن باليوم الآخر. قال تعالى في وصف المؤمنين:{وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} 1،وقال في وصف الكافرين:{وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ} 2، ويشمل الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بكل ما أخبر به الله ورسوله مما يكون بعد الموت من عذاب القبر ونعيمه وما يكون من النفخ في الصور وما يكون من البعث والنشور، وما يكون من القيامة من ثواب وعقاب وجنة ونار، وما يكون قبل ذلك كله من علامات وأشراط.
إن الإيمان باليوم الآخر أحد الأسس العقائدية التي وجدت عند الجماعات البشرية منذ أن خلق الله الإنسان، كما نجده واضحاً عند قدماء المصريين، وعند البراهمة من الهنود، ونجده عند الفرس أيضاً 3. ويرجع ذلك ـ لا إلى التطور الفكري كما يحلو للبعض أن يقول ـ ولكن يرجع إلى الوحي عن طريق الأنبياء، كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} 4 كما يرجع إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها بإحساسهم جميعاً بضرورة وجود حياة آخرة يجازى فيها المحسن والمسيء.
1 سورة البقرة، الآية (4)
2 سورة الأعراف، الآية (45)
3 انظر: فرج الله عبد الباري: اليوم الآخر بين اليهودية والمسيحية والإسلام (29ـ 48) ط. دار الوفاء، مصر، ط. الثانية 14112هـ =1992م.
4 سورة فاطر، الآية (24)
ولا ريب أيضاً أن أهل الكتاب لديهم اعتقاد باليوم الآخر، ولكنه ضوء خافت لا يكاد يرى الناظر من خلاله شيئاً، وأفكار مشوشة لا يحصل باجتماعها صورة واضحة لهذا اليوم بسبب ما طرأ على كتبهم من تحريف وتبديل.
وقد تحدث الشيخ رشيد عن اليوم الآخر وعرض مسائله التي أشرت إليها، وقارن بين اليوم الآخر كما صوره القرآن وكما هو في كتب أهل الكتاب، وبيّن إصلاح القرآن لهذه العقيدة التي شُوهت في جميع الأديان، وفيما يلي عرض ذلك.