الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: إثبات الشيخ رشيد لليوم الآخر جملة وحكمه:
لقد تكلم الشيخ رشيد عن اليوم الآخر في كل مناسبة ورد ذكره فيها في كتاب الله تعالى، الذي أكثر من ذكر هذا اليوم ودعا إلى العمل من أجله. تكلم الشيخ رشيد عنه جملة فأثبته وبين أثر الإيمان به، كما بين شيئاً من تاريخ هذه العقيدة في الأديان السابقة على الإسلام. فقال:"الإيمان باليوم الآخر، وما يكون فيه من البعث والحساب والجزاء على الأعمال، هو الركن الثاني للدين الذي بعث الله به الرسل عليهم السلام، وبه يكمل الإيمان بالله تعالى، ويكون باعثا على العمل الصالح، وترك الفواحش والمنكرات والبغي والعدوان"1.
وأما تاريخ هذه العقيدة وما طرأ عليها من الفساد، فيقول عنه الشيخ رشيد: "وكان جل مشركي العرب ينكرونه، وأما أهل الكتاب وغيرهم من الملل ـ التي كان لها كتب وتشريع ديني ومدني ثم فقدت كتبهم واستحوذت عليهم الوثنية ـ فكلهم يؤمنون بحياة بعد الموت وجزاء يختلفون في صفتها لا في أصلهما. ولكن إيمانهم هذا قد شابه الفساد ببنائه على بدع ذهبت بجل فائدته في إصلاح الناس
…
فكان فساد الإيمان بهذا الركن من أركان الدين تابعاً لفساد الركن الأول وهو الإيمان
1 الوحي المحمدي (ص: 175)، وقارن مع ابن تيمية: شرح الأصفهانية (ص: 211)
بالله تعالى ومعرفته، ومحتاجاً إلى الإصلاح مثله
…
" 1.
ويقول الشيخ رشيد في حكم الإيمان بهذا اليوم: "أنه لا يتقبل إيمان أحد حتى يؤمن بما أخبر به النبي بعد الموت
…
فإن أركان الإيمان ثلاثة: الإيمان بالله وصفاته والإيمان بالنبوة والإيمان بالآخرة
…
" 2.
وعند قوله تعالى: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} 3 قال: "أما لفظ الآخرة فقد ورد في القرآن كثيراً حيث الجزاء على الأعمال، ويتضمن كل ما وردت به النصوص القطعية من الحساب والجزاء على الأعمال
…
" 4.
ولقد أصلح القرآن ما طرأ على عقيدة أهل الكتاب في هذا الباب ببيانه أتم البيان، وبرد الاعتقادات الفاسدة فيه والتي طرأت على هذه العقيدة 5.
أثر الإيمان باليوم الآخر:
ويشير الشيخ رشيد إلى أثر الإيمان باليوم الآخر وأنّه يظهر في الأعمال فيقول: "ويعرف اليقين في الإيمان بالله واليوم الآخر بآثاره في الأعمال" 6، ويقول في موضع آخر: "فإن العلم بذلك هو الذي يؤثر في النفس فيبعثها على العمل، وأما من كان على ظن أو شك فإنه يعمل تارة ويترك أخرى لتنازع الشكوك قلبه
…
" 7.
ويشير إلى أن تمسك المسلم وأدائه للعبادات ـ كالصوم ـ يرجع إلى
1 المصدر نفسه والصفحة.
2 مجلة المنار (5/ 911)، وقارن أيضاً مع: ابن تيمية: المصدر السابق والصفحة، وكون الأركان ثلاثة يفسر بإرجاع بعضها إلى بعض، فيكون الإيمان بالنبوة شاملاً للإيمان بالملائكة والكتب والرسل، كما يمكن إرجاع القدر إلى الإيمان بالله لأنه متعلق بصفاته تعالى.
3 سورة البقرة، الآية (4)
4 تفسير المنار (1/ 133 ـ 134)، وانظر أيضاً: المصدر نفسه (8/ 283)
5 انظر: الوحي المحمدي (ص: 176)
6 تفسير المنار (1/ 134)
7 المصدر نفسه (2/ 243)
إيمانه باليوم الآخر وما فيه من الجزاء والحساب، والعكس صحيح 1.
وفي هذا تأكيد لمذهب الشيخ رشيد ـ الصحيح ـ في ارتباط العمل بالإيمان والاعتقاد بالأفعال والذي سبق بيانه في موضعه في الباب الأول 2.
1 انظر: مجلة المنار (4/ 227)
2 انظر (ص:193) من هذا البحث.