الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وللعلماء في العلاقة هذه أقوال أخرى، منها عكس ما ذكره رشيد رضا، ومنها الترادف 1.
1 انظر: الراغب: المفردات (ص: 675)"قضى"، وانظر: السفاريني: لوامع الأنوار (1/ 345) ط. على نفقة آل ثاني. والجرجاني: التعريفات (ص: 151 و 155)
المطلب الثاني: الإيمان بالقدر شرعاً:
ويبين الشيخ رشيد معنى الإيمان بالقدر ـ بعد أن يستبعد كعادته طريق المتكلمين ونظرياتهم لأن "دين الفطرة لا يكلف الناس عناء هذه الفلسفة" 2 ـ فيقول: " هو أن الله تعالى خلق كل شيء بحكمة ونظام وقدر سابق على الفعل تجري عليه السنن العامة"3.
ويقول في موضع آخر: "إن الله خلق كل شيء بقدر ونظام، وأنه لا يعجزه شيء، وأنه إذا قضى أمراً وأراده يقع بلا تخلف ولا بطءٍ، وأن له سنناً ونواميس ينبغي لهم أن يعرفوها وأن لأعمالهم جزاءً هو أثر طبيعي لها، يكون بعضه في الدنيا وتمامه في الآخرة
…
" 4. وفي معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "وتؤمن بالقدر خيره وشره" 5 قال: "إن كلاً من الخير والشر يجري في الكون بمقادير وموازين وسنن وأسباب اقتضتها الحكمة البالغة
…
" 6.
وبعد أن يورد عدداً من الآيات ليستشهد بها على إثبات القدر ـ ومنها قوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} 7 يعلق قائلاً: "فعلم من هذه الشواهد كلها أن عقيدة القدر والمقدار والتقدير في كتاب الله ـ هي التي
2 مجلة المنار (12/ 199)
3 المصدر نفسه.
4 المصدر نفسه (ص: 200)
5 مسلم: الصحيح، ك: الإيمان، ح:8.
6 مجلة المنار (12/ 200)
7 سورة الفرقان، الآية (2)
تعلم المؤمنين بهذا الكتاب أن لهذا الكون نظاماً محكماً وسنناً مطردة، ارتبطت فيها الأسباب بالمسببات، وأنه ليس في خلق الرحمن خلل ولا تفاوت، ولا فيه قذفات مصادفات ولا خلل استبداد، وأنه لا استئناف في الإيجاد والإمداد
…
" 1.
ورغم أن كلام رشيد رضا يتضمن عناصر هامة في معنى القدر والإيمان به، إلا أنه يبدو ناقصاً بعض الأركان التي أشرت إليها، وهي: العلم السابق والكتابة والإرادة والخلق. إلا أن رشيد رضا لا ينكر شيئاً من ذلك. فهو ينكر على القدرية الأولى عدم اعترافهم بالعلم السابق ودعواهم أن الأمر أنف: أي مستأنف أو كما يقول رشيد رضا "أن اله يستأنف ويبتدأ ما يريد إيجاده كل شيء في وقته
…
" 2. كما أنه ينكر على المتأخرين منهم إنكارهم لإرادة الله تعالى ـ مع إثباتهم العلم ـ مع أن "الإرادة هي وقوع الفعل من العالم على حسب علمه" 3. فإذاً يثبت رشيد رضا هذين العنصرين الهامين في تعريف القدر: وهما: العلم والإرادة، حتى إنه يقول: إن البحث في هذا الموضوع ـ القدر ـ هو من توابع البحث في العلم والإرادة الإلهية 4. فمن أثبت القدر أثبت هذين العنصرين. ولذلك فنحن بحاجة لمعرفة موقف رشيد رضا من عناصر القدر الأربعة التي ذكرتها وهي: العلم والكتابة والإرادة والخلق.
1 مجلة المنار (12/ 195)
2 المصدر نفسه (12/ 196)
3 المصدر نفسه.
4 المصدر نفسه (3/ 490)