المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته - منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة

[تامر محمد محمود متولي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

-

- ‌الفصل الأول: دراسة لعصر رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: الحياة السياسية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الحياة السياسية في الدولة العثمانية:

- ‌المطلب الثاني: الحياة السياسية في مصر

- ‌المطلب الثالث: الحياة السياسية في الشام:

- ‌المبحث الثاني: الحالة العلمية

- ‌المطلب الأول: الحياة العلمية في مصر

- ‌المطلب الثاني: الحياة العلمية في الشام:

- ‌المبحث الثالث: الحياة الدينية:

- ‌الفصل الثاني: دراسة لحياة رشيد رضا الشخصية

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده ونشأته وصفاته

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أخلاقه وصفاته:

- ‌المبحث الثاني: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الأول: نشأته العلمية:

- ‌المطلب الثاني: هجرته إلى مصر:

- ‌المبحث الثالث: شيوخه:

- ‌المبحث الرابع: مذهبه وآرؤه الفقهية

- ‌المطلب الأول: مذهب رشيد رضا الفقهي

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد من ربا الفضل

-

- ‌المبحث الخامس:أثر الشيخ رشيد رضا في العالم الإسلامي

- ‌المطلب الأول: أثر المنار في مصر والهند

- ‌المطلب الثاني: مدرسة دار الدعوة والإرشاد:

- ‌المطلب الثالث: مؤلفات رشيد رضا:

- ‌المطلب الرابع: الكتابات حول رشيد رضا:

- ‌المبحث السادس: وفاة الشيخ رشيد:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في الاستدلال وموقفه من علم الكلام

- ‌‌‌تمهيد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: مصادر التلقي عند رشيد رضا

- ‌المطلب الأول: القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: السنة النبوية:

- ‌المطلب الثالث: الإجماع:

- ‌المطلب الرابع: الفطرة:

- ‌المطلب الخامس: العقل:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الاستدلال عند الشيخ رشيد رضا

- ‌القاعدة الأولى: الإيمان بظاهر القرآن

- ‌القاعدة الثانية: الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الثالثة: رفض التأويل:

- ‌القاعدة الرابعة: الردّ عند التنازع إلى الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الخامسة: مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم:

- ‌القاعدة السادسة: درء التعارض بين العقل والنقل:

- ‌القاعدة السابعة: المحكم والمتشابه:

- ‌المبحث الثالث موقف الشيخ رشيد من علم الكلام

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: نشأة رشيد رضا على مذهب الأشعرية وتحوله عنه:

- ‌المطلب الثاني: مخالفة رشيد رضا للمتكلمين:

- ‌المبحث الرابع:‌‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌المبحث الخامس: موارد رشيد رضا في العقيدة

- ‌أولاً: مؤلفات ابن تيمية

- ‌ثانياً مؤلفات ابن القيم (ت: 751هـ) ومدرسة ابن تيمية:

- ‌ثالثاً: مصادر أخرى:

- ‌الباب الأول: منهج رشيد رضا في الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: تعريف رشيد رضا الإيمان ومباحثه

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان في اللغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الإيمان في الشرع:

- ‌المطلب الثالث: أدلة أهل السنة على خصال الإيمان الثلاثة:

- ‌المبحث الثاني: الصلة بين "الإيمان" و"الإسلام

- ‌المبحث الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه

-

- ‌المبحث الرابع: الكبائر

- ‌المطلب الأول: تعريف الكبيرة وحكم مرتكبها:

- ‌المطلب الثاني: التكفير:

- ‌الفصل الثاني: منهج رشيد رضا في إثبات الربوبية

- ‌مدخل

- ‌في تقسيم التوحيد عند رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: تعريف الربوبية

- ‌المطلب الأول: معنى كلمة "رب" في اللغة

- ‌المطلب الثاني: المعنى الشرعي لتوحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثاني: منهج رشيد رضا في أدلة معرفة الله تعالى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الفطرة عند الشيخ رشيد رضا:

- ‌المطلب الثاني: النظر في الملكوت:

- ‌المطلب الثالث: الرسل وآياتهم:

- ‌المطلب الرابع: الاحتياط الواجب:

- ‌المطلب الخامس: موقف رشيد رضا من مسألة "حدوث العالم

- ‌المبحث الثالث: بدء الخلق:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في إثبات الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الأسماء الحسنى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الناس من الأسماء الإلهية:

- ‌المطلب الثاني: مسألة الاسم والمسمى

- ‌المطلب الثالث: مصادر معرفة أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الرابع: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الخامس: معنى إحصاء أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: الإلحاد في أسماء الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الصفات

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات وتقرير الشيخ رشيد له جملة

- ‌المطلب الثاني: موقف الشيخ رشيد من قواعد المتكلمين:

- ‌المبحث الثالث: الصفات التي تكلم عليها رشيد رضا

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تقسيم الصفات:

- ‌المطلب الثاني: صفات الذات العقلية:

- ‌المطلب الثالث: صفات الفعل العقلية:

- ‌المطلب الرابع: صفات الذات الخبرية:

- ‌الفصل الرابع: منهج رشيد رضا في إثبات الألوهية ونفي الشرك والبدع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الألوهية

- ‌المطلب الأول: تعريف الإله

- ‌المطلب الثاني: العبادة

- ‌المطلب الثالث: بعض أنواع العبادة التي ذكرها رشيد رضا

- ‌المبحث الثاني: نفي الشرك ومظاهره

- ‌تميهد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك:

- ‌المطلب الثاني: أقسام الشرك:

- ‌المطلب الثالث: منشأ الشرك:

- ‌المطلب الرابع: مفاسد الشرك ومساوئه:

- ‌المطلب الخامس: مظاهر الشرك:

-

- ‌المبحث الثالث: رفض البدع ومظاهرها

- ‌المطلب الأول: تعريف البدعة لغة وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: مظاهر البدع التي تعرض لها الشيخ رشيد رضا

- ‌الفصل الخامس: منهج رشيد رضا في إثبات القدر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: موقف رشيد رضا من الفرق في القدر

- ‌المبحث الأول: تعريف القدر: لغة وشرعاً

- ‌المطلب الأول: تعريف القدر لغة

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالقدر شرعاً:

- ‌المبحث الثالث: بيان رشيد رضا لأركان القدر

- ‌المطلب الأول: العلم

- ‌المطلب الثاني: الكتابة:

- ‌المطلب الثالث: الإرادة:

- ‌المطلب الرابع: الخلق:

- ‌المبحث الرابع: القدر والأسباب

- ‌المبحث الخامس: الهدى والضلال:

- ‌المبحث السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى

- ‌المبحث السابع: الحسن والقبح:

- ‌المبحث الثامن: الصلاح والأصلح

- ‌المبحث التاسع: العمر، والرزق، والدعاء:

- ‌المبحث العاشر: الكونيات والشرعيات:

- ‌المبحث الحادي عشر: الاحتجاج بالقدر:

- ‌الباب الثاني: منهج رشيد رضا في الإيمان بالملائكة والكتب والرسل

- ‌الفصل الأول: الإيمان بالملائكة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الملائكة

- ‌المطلب الأول: وجوب الإيمان بالملائكة جملة وتفصيلاً

- ‌المطلب الثاني: وظائف الملائكة وخصائصهم:

- ‌المطلب الثالث: التفاضل بين الملائكة والأنبياء:

-

- ‌المبحث الثاني: الجن والشياطين:

- ‌المطلب الأول: معنى الجن والشيطان:

- ‌المطلب الثاني: رؤية الجن:

- ‌المطلب الثالث: دخول الجن في جسم الإنسان:

- ‌الفصل الثاني: الإيمان بالكتب

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: القرآن

- ‌المبحث الثاني: التوراة:

- ‌المبحث الثالث: الإنجيل:

- ‌الفصل الثالث: الإيمان بالرسل

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي والرسول:

- ‌المبحث الثاني: الحاجة إلى الوحي والنبوة:

- ‌المبحث الثالث: معنى الوحي وأنواعه، وشبهة الوحي النفسي

- ‌المطلب الأول: تعريف الوحي

- ‌المطلب الثاني: الوحي النفسي:

- ‌المطلب الثالث: الوحي والنبوة عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث الرابع: عدد الرسل:

- ‌المبحث الخامس: صفات الرسل ووظائفهم

- ‌المطلب الأول: صفات الرسل

- ‌المطلب الثاني: وظيفة الرسل:

- ‌المبحث السادس: عصمة الأنبياء

- ‌المطلب الأول: تعريف العصمة

- ‌المطلب الثاني: بعض مسائل العصمة:

- ‌المطلب الثالث: الأدلة العقلية والنقلية على ثبوت العصمة:

- ‌المطلب الرابع: دفع شبهات حول العصمة:

- ‌المطلب الخامس: عصمة الأنبياء عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث السابع: آيات الأنبياء، وكرامات الأولياء، وخوارق الأشقياء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشيخ رشيد للآية والمعجزة:

- ‌المطلب الثاني: أنواع الآيات:

- ‌المطلب الثالث: كرامات الأولياء:

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين آيات الأنبياء وخوارق الأشقياء:

- ‌المبحث الثامن: نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: حاجة العالم لبعثة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: أدلة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث التاسع: منهج رشيد رضا في الصحابة:

- ‌المبحث العاشر: الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الأول: تعريف الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الثاني: طرق التولي:

- ‌المطلب الثالث: وظيفة الإمام:

- ‌المطلب الرابع: ما يخرج به الخليفة عن الإمامة:

- ‌المطلب الخامس: تعدد الأئمة:

- ‌الباب الثالث: منهج محمد رشيد رضا في الإيمان باليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: منهج رشيد رشا لليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الشيخ رشيد لليوم الآخر جملة وحكمه:

- ‌المبحث الثاني: الموت والبرزخ:

- ‌الفصل الثاني: البعث وأدلته

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: أدلة البعث

- ‌المطلب الأول: النشأة الأولى

- ‌المطلب الثاني: الاستدلال على البعث بالخلق:

- ‌المطلب الثالث: المشاهدة:

- ‌المطلب الرابع: قدرة الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: البعث يكون بالجسد والروح:

- ‌الفصل الثالث: الساعة وأشراطها

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الساعة

- ‌المطلب الأول: تعريف الساعة لغة واصطلاحاً وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: علم الساعة:

- ‌المبحث الثاني: أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الشيخ رشيد من أشراط الساعة جملة:

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد رضا من أشراط الساعة تفصيلاً:

- ‌الفصل الرابع: الصور والموازين

- ‌المبحث الأول: الصور

- ‌المبحث الثاني: الموازين:

- ‌الفصل الخامس: الجنة والنار

- ‌المبحث الأول: الجنة ونعيمها

- ‌المبحث الثاني: النار وعذابها:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

‌المبحث الرابع:‌

‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

المبحث الرابع: موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته:

نستطيع أن نقول إن هذا العصر هو عصر "ابن تيمية" إذ كان لشخصيته ودعوته وعقيدته وإصلاحه عودة في هذا العصر ولكتاباته ظهور وانتفاضة، لم تكن لمصلح إسلامي قبله، ولا لمؤلف من المؤلفين القدامى 1. لقد كاد مذهب السلف أن يندرس، إذ لم يكن له وجود إلا في زوايا أهل الحديث من الحنابلة، والذين لم يكونوا ليجهروا به في الناس، لولا أن ظهر في أوائل القرن الثامن الهجري زعيم المجددين شيخ الإسلام ابن تيمية. لقد كان قوياً حتى واجه جميع الفرق والمذاهب القائمة في عصره بحرارة وشجاعة فأعلن مذهب السلف في جرأة وصراحة وكتب به فتوى لم تنشب أن سرت في العالم الإسلامي سير الريح 2. واختصم الناس فيه واختلفوا حوله فهو في نظر فريق شيخ الإسلام وقدوة الأنام، وفي نظر فريق آخر مشبه ومجسم ومنتقص للرسول صلى الله عليه وسلم 3.

لقد شعّ على يدي ابن تيمية نور الوحيين ـ الكتاب والسنة ـ كفلق الصبح، يبدد ظلام التقليد والفلسفة، وينشر صحيح الاعتقاد ومستقيم

1 انظر: أبو الحسن الندوي: ابن تيمية (ص: 60) ط. دار القلم الكويت الرابعة 1407هـ

2 انظر: محمد خليل هراس: ابن تيمية السلفي (ص: 6 و7) ط. دار الكتب العلمية، بيروت الأولى 1404هـ

3 المصدر السابق نفس الصفحة.

ص: 187

الأخلاق. وأصبح ابن تيمية ميزاناً توزن عليه أفكار الرجال طوال القرون السابقة المتطاولة. لأنه أصبح ممثل السلف في العصور المتأخرة، والقنطرة الموصلة إلى مذهبهم، حتى يذكر المترجمون في تراجمهم أن فلاناً كان من المائلين إلى ابن تيمية أو المائلين عنه 1.

ليس لدي أي دليل على أن الشيخ رشيد عرف شيئاً ذا بال عن شيخ الإسلام قبل وصوله إلى مصر، وأول مرة ورد فيها ذكر اسم شيخ الإسلام على لسان الشيخ رشيد كانت في المجلد الثالث من المنار في مناسبة تقريظه لرسالتين من رسائل شيخ الإسلام هما:"الواسطة بين الحق والخلق" و "رفع الملام عن الأئمة الأعلام"2. فكيف كان الشيخ رشيد يرى شيخ الإسلام؟ في المجلد الرابع من المنار يقول الشيخ رشيد: "ولقد كان الإمام أحمد ابن تيمية في عصره ناصر السنة وخاذل البدعة والمحيط بعلوم الدين والمحيي اجتهاد المجتهدين، وكان جرد حسام قلمه لمحاربة البدع والدعوة إلى مذهب السلف لا سيما فيما يتعلق بالعقائد وأصول الدين فحمل عليه بعض علماء التقليد الذين يرون معاشهم وجاههم بإرضاء العامة، فخاضوا فيه كما خاضوا في الأئمة من قبله

" 3.

ويقول في موضع آخر متحدثاً عن ابن القيم وشيخه: "فقد كان هو وشيخه ـ بل شيخ الإسلام وعلم الأعلام أحمد ابن تيمية ـ أعلم أهل الأرض بالكتاب والسنة. وعندي: أنه لا يستغني أحد يطلب علم الدين عن الاطلاع على كتبهما

" 4. ورغم أن الشيخ رشيد لم يطلع على كل ما

1 انظر: الشوكاني: طلب العلم (ص: 14) ط. مكتبة القرآن، القاهرة، ت: عثمان الخشت.

2 انظر: مجلة المنار (3/ 651) وقد سبق أن ذكرت اعتقادي أن الشيخ رشيد عرف شيخ الإسلام بواسطة السفاريني في لوامع الأنوار ورجحت أن كتاب السفاريني وقع في يد الشيخ رشيد مبكراً. هذا ظن ويحتمل أن تكون هذه المناسبة في المجلد الثالث هي البداية، إلا أن كتاب السفاريني كان مفصلاً وشاملاً وقد طبعت هاتان الرسالتان في مطبعة الآداب والمؤيد بمصر. انظر: مجلة المنار (3 / 651)

3 مجلة المنار (4/ 272)

4 المصدر نفسه (6/ 140 ـ 141)

ص: 188

كتبه شيخ الإسلام وابن القيم إلا أنه من خلال ما قرأه واطلع عليه ـ يرى: "أنها من أفضل ما كتب علماء الإسلام هداية وتحقيقاً وانطباقاً على الكتاب والسنة، بل لا نظير لها فيما نعرفه من كتب المسلمين في مجموع مزاياها

" 1.

ويبرر لنا الشيخ رشيد حكمه هذا ببيان حيثياته فيقول: " أما كتب شيخ الإسلام في الكلام فتمتاز على كتب جميع المتكلمين ببيان الفصل بين مذاهب الفلاسفة والمتكلمين على اختلاف فرقهم وتحرير دلائلهم وشبههم عليها، وبين مذهب السلف الصالح المأخوذ من نصوص الكتاب والسنة وفهم علماء الصحابة والتابعين وتابعي التابعين لها

ووالله إنه لا يغني عنها ولا عن شيء منها الوقوف على أشهر كتب الأشاعرة وأمثالهم كشروح وحواشي الدوانية والتفتازانية والمواقف والمقاصد فإن أكثر هذه الكتب فلسفية يونانية، ولا يمكن الوصول إلى معرفة عقيدة سلف الأمة الصالح منها

" 2.

ومن مميزات كتب شيخ الإسلام كما يشهد به الشيخ رشيد قائلاً: "وأشهد الله بأنني لم أجد في كتب أحد من علماء هذه الملة من أحاط بما أحاط به ـ يعني ابن تيمية ـ من حفظ النصوص وأقوال الناس من المحدثين والمتكلمين والفلاسفة والمبتدعة

والوقوف على أدلتهم وتحقيقها وتحرير الحق الذي كان عليه سلف الأمة وإقامة الحجة عليه

" 3.

ويقر الشيخ رشيد على نفسه ـ اعترافاً بالحق ـ فيقول: "فأنا أشهد على نفسي أنني لم يطمئن قلبي لمذهب السلف إلا بقراءة كتبهما

" 4، وهذه الشهادة تؤيد ما ذكرته من أن ابن تيمية يعد بحق الطريق أو القنطرة الموصلة لمذهب السلف.

1 المصدر نفسه (23/ 339)

2 مجلة المنار (15/ 555)

3 المصدر نفسه (31/ 122)

4 المصدر نفسه (33/ 680) وكرر ذلك انظر: تفسير المنار (1/252 ـ253)

ص: 189

وقد كان لشيخ الإسلام خصوم وأعداء في القديم والحديث هم دائماً ـ أعداء الاستدلال بالكتاب والسنة وأنصار البدعة 1.

وقد وصل بهم التعصب إلى اتهام الشيخ بالكفر، وقد قام تلامذته رحمه الله ومن كبار علماء عصره ـ بالرد على هذه الافتراءات ـ قديماً 2 ـ وفي الحديث أيضاً.. فقد قام الشيخ رشيد بالدفاع عن شيخ الإسلام في كل مناسبة، فعن مخالفة شيخ الإسلام لجمهور المتكلمين يقول الشيخ رشيد: "ولا يهولنك تخطئة هذا الرجل ـ يعني ابن تيمية ـ لجميع أولئك الأساطين من الفلاسفة والنظار غروراً بشبهة الشيطان أنه لا يعقل أن يكون هو أعلم منهم وأذكى حتى يكون أحق بالصواب وأولى، فالرجل ليس صاحب مذهب مخترع تعارضت أدلته مع أدلة هذه الفرق واشتبه علينا الأمر حتى نرجح بالأدلة العقلية التي انخدع بنظرياتها كل من شذ عنه قليلاً أو كثيراً، وأساس مذهبهم الإيمان بكل ما جاء في كتاب الله وصحّ عن رسوله على الوجه الذي كان عليه خير الأمة قبل افتتانها بالنظريات التي فرقتها شيعاً

" 3.

وبالنسبة للفروع الفقهية يقارن رشيد رضا بين الأئمة الأربعة المشهورين وبين ابن تيمية فيقول: "إنه اطلع على ما لم يطلعوا عليه كلهم من الأخبار والآثار لأنه اطلع على ما رووه وعلى غيره وحفظه وعرف ما قالوه هم وما قاله غيرهم من أقرانهم في أسانيدها ومعانيها، فهو في فتاويه يذكر خلاف الأئمة المجتهدين في المسألة وأدلة كل منهم ويمحص هذه الأدلة فيبين الراجح منها بالدليل، فمن تأمل فتاويه بنظر الإنصاف يرى أن ما رجحه هو الحق في الغالب

" 4، ومع ذلك يرى الشيخ رشيد أنه "لا ينبغي لأحد

1 انظر لمزيد التفصيل: صلاح الدين مقبول: دعوة شيخ الإسلام وأثرها في الحركات الإسلامية المعاصرة (ص: 186 ـ 271) ط. مجمع البحوث الإسلامية، نيودلهي، الهند، الأولى 1412هـ.

2 وأشار الشيخ رشيد إلى كتاب "الرد الوافر" ونصح بمطالعته. المجلة (27 / 424)

3 مجلة المنار (22/ 190)

4 المصدر نفسه (28 / 423 ـ 424)

ص: 190

أن يقول إن ابن تيمية أعلم من هؤلاء الأربعة هكذا على الإطلاق

" 1.

وأكبر دفاع عن شيخ الإسلام للشيخ رشيد كان بسبب تعدي بعض الرافضة على مذهب السلف وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، فقد أجاب الشيخ رشيد على كل كلمة نسبها الرافضي لشيخ الإسلام 2 وتلامذته لا سيما "الوهابية" أتباع محمد بن عبد الوهاب وهو ما يجب بسطه قليلاً.

موقف الشيخ رشيد من دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب:

تعتبر دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب امتداداً لدعوة ابن تيمية في التمسك بالمنهج السلفي. ولا جرم إذن أن يكال لهذا مثل الذي كيل لسلفه. وأن يدافع عن ابن عبد الوهاب من يدافع عن ابن تيمية.

لم يعرف الشيخ رشيد عن دعوة "الشيخ محمد بن عبد الوهاب" في الشام إلا ما يعرفه عامة الناس آنذاك وما تتناقله الألسن من الكذب والافتراء على دعوة "الشيخ محمد بن عبد الوهاب" 3، ولم يعرف الشيخ رشيد حقيقة هذه الدعوة إلا بعد قدومه مصر والاطلاع على تاريخ الجبرتي 4. ولقد وصلت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى مصر عن طريق أولاده وأحفاده الذين أتي بهم واليها محمد علي ومعهم علمهم وكتبهم، لقد قدم إلى مصر عدد كبير من أسرة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ودرس بعضهم في الأزهر، وكان طلقاء يمشون بين الناس 5، ولهذا السبب ولأنهم درسوا في الأزهر ودرّسوا وصنفوا انتشرت

1 المصدر نفسه (28/ 424)

2 انظر: مجلة المنار (30 / 47) وما بعدها، فقد نشر الشيخ رشيد ترجمة ابن تيمية كاملة من "الدرر الكامنة" مع التعليق والتنبيه والرد.

3 انظر: رشيد رضا: صيانة الإنسان (المقدمة ص: 7 ـ 8) ط. الثالثة 1378هـ

4 انظر: رشيد رضا: المرجع السابق (ص: 8)

5 انظر: الأمير محمد علي: مصدر سابق (ص: 5 و6) وانظر: البسام: علماء نجد (1/ 177و 178 و185 و204) ط. دار العاصمة، الرياض، الثانية 1419هـ، وابن بشر: عنوان المجد (2/ 20 و84)

ص: 191

هذه الدعوة بمصر وعرفت 1. لقد بقي عبد الرحمن بن حسن تلميذ الجبرتي مدة ثمان سنوات في مصر قبل عودته إلى وطنه، وبقي ابنه "عبد اللطيف" ثلاثين عاماً في الأزهر 2. ومن هذا يتضح أن دعوة الشيخ محمد وصلت لمصر مبكراً، وهناك عرفها الشيخ رشيد على حقيقتها. فماذا عرف عنها؟ يقول الشيخ رشيد: "لم يخل قرن من القرون التي كثرت فيها البدع من علماء ربانيين يجددون لهذه الأمة أمر دينها، بالدعوة والتعليم وحسن القدوة، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين

ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده، بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وترك البدع والمعاصي وإقامة شرائع الإسلام المتروكة، وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة

" 3.

وعن أثر هذه الدعوة في نجد يقول الشيخ رشيد: "وقد كان من حسنات تأثير محمد بن عبد الوهاب المجدد للإسلام في نجد إبطال عبادة الجن وغير الجن منها، ولم يبق فيها إلا أهل تجريد التوحيد وإخلاص العبادة لله

" 4. ومن ذلك الحين والشيخ رشيد هو نصير دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في مصر 5، وينشر رسائله ويرد على أعدائه 6. ولقد وصلت إلى الشيخ رشيد مؤلفات الشيخ عبد اللطيف بن

1 انظر: صالح العبود: عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية (ص: 682) وما بعدها.

2 انظر: البسام: المصدر السابق (ص: 185 و204)

3 صيانة الإنسان: المقدمة (ص: 6 ـ 7)

4 تفسير المنار (8/ 369)

5 انظر: مجلة المنار (29/ 433 و531 و595) وانظر أيضاً (21/ 241 و281)

6 نشر الشيخ رشيد رسالة كسف الشبهات للشيخ محمد. [المجلة (21/ 284) وانظر: (21/ 229) ] ونشر رسائل للشيخ عبد اللطيف (27/ 505 و585) وغير ذلك. وانظر (12/ 389) وألف "الوهابيون والحجاز" لهذا الغرض.

ص: 192

عبد الرحمن بن حسن ونشر بعضها في مناره 1 ويقول عنه وعن كتبه: ".. الذي يظهر أن الشيخ عبد اللطيف كان أوسع علماً بفنون العربية وأصول الفقه ومصطلح الحديث من جده شيخ الإسلام، ولكن جده هو الذي هدى إلى العلم الواسع الدقيق بتوحيد الله تعالى الذي هو أساس الإسلام وقام بالدعوة وهدى الله به الألوف ومئات الألوف إلى دين الله الخالص، وكان أولاده وأحفاده ـ ومنهم عبد اللطيف هذا ـ من بعض حسناته

" 2.

وفي حياة الشيخ رشيد قامت الدولة السعودية الثالثة، فكان الشيخ رشيد ـ من قبل قيامها ومن بعده ـ أكبر نصير لها، ونستطيع أن نقول: إن مجلة المنار صارت لسان حال الدولة السعودية الثالثة، ومقالها أيضاً، دفاعاً عنها ودعاية لها وتأييداً لملكها في كل محفل ومناسبة، ونستطيع بسهولة أن ندرك ذلك بمطالعة الأجزاء الأخيرة من مجلة المنار 3، ولقد كان موقف الشيخ رشيد من دعوة الشيخ محمد والدولة السعودية محل دراسة وبحث للعلماء والباحثين 4.

1 انظر: (29/ 531)

2 مجلة المنار (28/ 424) وعبد اللطيف بن عبد الرحمن هو: العلامة القدوة الفهامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، ولد في الدرعية سنة 1225هـ ودرس في الأزهر، وتوفي في الرياض 1293هـ. انظر: البسام مصدر سابق (ص: 202) وما بعدها

3 انظر: مثلاً: (26/ 540، 27/162و 272 وما بعدها، 27/ 555، 28/ 1 و238و465 و 29/ 163 و 167و 185 و223 و432 و 696و 764 و 792، 30/ 111و226و 394و521و 633، 33/ 108و 305)

4 ومنها: محمد عبد الله السلمان: الشيخ رشيد رضا، ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب. والدكتور صالح العبود: عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأثرها في العالم الإسلامي. (ص: 685) وما بعدها

ص: 193