المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: دخول الجن في جسم الإنسان: - منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة

[تامر محمد محمود متولي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

-

- ‌الفصل الأول: دراسة لعصر رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: الحياة السياسية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الحياة السياسية في الدولة العثمانية:

- ‌المطلب الثاني: الحياة السياسية في مصر

- ‌المطلب الثالث: الحياة السياسية في الشام:

- ‌المبحث الثاني: الحالة العلمية

- ‌المطلب الأول: الحياة العلمية في مصر

- ‌المطلب الثاني: الحياة العلمية في الشام:

- ‌المبحث الثالث: الحياة الدينية:

- ‌الفصل الثاني: دراسة لحياة رشيد رضا الشخصية

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده ونشأته وصفاته

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أخلاقه وصفاته:

- ‌المبحث الثاني: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الأول: نشأته العلمية:

- ‌المطلب الثاني: هجرته إلى مصر:

- ‌المبحث الثالث: شيوخه:

- ‌المبحث الرابع: مذهبه وآرؤه الفقهية

- ‌المطلب الأول: مذهب رشيد رضا الفقهي

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد من ربا الفضل

-

- ‌المبحث الخامس:أثر الشيخ رشيد رضا في العالم الإسلامي

- ‌المطلب الأول: أثر المنار في مصر والهند

- ‌المطلب الثاني: مدرسة دار الدعوة والإرشاد:

- ‌المطلب الثالث: مؤلفات رشيد رضا:

- ‌المطلب الرابع: الكتابات حول رشيد رضا:

- ‌المبحث السادس: وفاة الشيخ رشيد:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في الاستدلال وموقفه من علم الكلام

- ‌‌‌تمهيد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: مصادر التلقي عند رشيد رضا

- ‌المطلب الأول: القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: السنة النبوية:

- ‌المطلب الثالث: الإجماع:

- ‌المطلب الرابع: الفطرة:

- ‌المطلب الخامس: العقل:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الاستدلال عند الشيخ رشيد رضا

- ‌القاعدة الأولى: الإيمان بظاهر القرآن

- ‌القاعدة الثانية: الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الثالثة: رفض التأويل:

- ‌القاعدة الرابعة: الردّ عند التنازع إلى الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الخامسة: مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم:

- ‌القاعدة السادسة: درء التعارض بين العقل والنقل:

- ‌القاعدة السابعة: المحكم والمتشابه:

- ‌المبحث الثالث موقف الشيخ رشيد من علم الكلام

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: نشأة رشيد رضا على مذهب الأشعرية وتحوله عنه:

- ‌المطلب الثاني: مخالفة رشيد رضا للمتكلمين:

- ‌المبحث الرابع:‌‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌المبحث الخامس: موارد رشيد رضا في العقيدة

- ‌أولاً: مؤلفات ابن تيمية

- ‌ثانياً مؤلفات ابن القيم (ت: 751هـ) ومدرسة ابن تيمية:

- ‌ثالثاً: مصادر أخرى:

- ‌الباب الأول: منهج رشيد رضا في الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: تعريف رشيد رضا الإيمان ومباحثه

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان في اللغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الإيمان في الشرع:

- ‌المطلب الثالث: أدلة أهل السنة على خصال الإيمان الثلاثة:

- ‌المبحث الثاني: الصلة بين "الإيمان" و"الإسلام

- ‌المبحث الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه

-

- ‌المبحث الرابع: الكبائر

- ‌المطلب الأول: تعريف الكبيرة وحكم مرتكبها:

- ‌المطلب الثاني: التكفير:

- ‌الفصل الثاني: منهج رشيد رضا في إثبات الربوبية

- ‌مدخل

- ‌في تقسيم التوحيد عند رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: تعريف الربوبية

- ‌المطلب الأول: معنى كلمة "رب" في اللغة

- ‌المطلب الثاني: المعنى الشرعي لتوحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثاني: منهج رشيد رضا في أدلة معرفة الله تعالى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الفطرة عند الشيخ رشيد رضا:

- ‌المطلب الثاني: النظر في الملكوت:

- ‌المطلب الثالث: الرسل وآياتهم:

- ‌المطلب الرابع: الاحتياط الواجب:

- ‌المطلب الخامس: موقف رشيد رضا من مسألة "حدوث العالم

- ‌المبحث الثالث: بدء الخلق:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في إثبات الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الأسماء الحسنى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الناس من الأسماء الإلهية:

- ‌المطلب الثاني: مسألة الاسم والمسمى

- ‌المطلب الثالث: مصادر معرفة أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الرابع: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الخامس: معنى إحصاء أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: الإلحاد في أسماء الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الصفات

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات وتقرير الشيخ رشيد له جملة

- ‌المطلب الثاني: موقف الشيخ رشيد من قواعد المتكلمين:

- ‌المبحث الثالث: الصفات التي تكلم عليها رشيد رضا

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تقسيم الصفات:

- ‌المطلب الثاني: صفات الذات العقلية:

- ‌المطلب الثالث: صفات الفعل العقلية:

- ‌المطلب الرابع: صفات الذات الخبرية:

- ‌الفصل الرابع: منهج رشيد رضا في إثبات الألوهية ونفي الشرك والبدع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الألوهية

- ‌المطلب الأول: تعريف الإله

- ‌المطلب الثاني: العبادة

- ‌المطلب الثالث: بعض أنواع العبادة التي ذكرها رشيد رضا

- ‌المبحث الثاني: نفي الشرك ومظاهره

- ‌تميهد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك:

- ‌المطلب الثاني: أقسام الشرك:

- ‌المطلب الثالث: منشأ الشرك:

- ‌المطلب الرابع: مفاسد الشرك ومساوئه:

- ‌المطلب الخامس: مظاهر الشرك:

-

- ‌المبحث الثالث: رفض البدع ومظاهرها

- ‌المطلب الأول: تعريف البدعة لغة وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: مظاهر البدع التي تعرض لها الشيخ رشيد رضا

- ‌الفصل الخامس: منهج رشيد رضا في إثبات القدر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: موقف رشيد رضا من الفرق في القدر

- ‌المبحث الأول: تعريف القدر: لغة وشرعاً

- ‌المطلب الأول: تعريف القدر لغة

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالقدر شرعاً:

- ‌المبحث الثالث: بيان رشيد رضا لأركان القدر

- ‌المطلب الأول: العلم

- ‌المطلب الثاني: الكتابة:

- ‌المطلب الثالث: الإرادة:

- ‌المطلب الرابع: الخلق:

- ‌المبحث الرابع: القدر والأسباب

- ‌المبحث الخامس: الهدى والضلال:

- ‌المبحث السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى

- ‌المبحث السابع: الحسن والقبح:

- ‌المبحث الثامن: الصلاح والأصلح

- ‌المبحث التاسع: العمر، والرزق، والدعاء:

- ‌المبحث العاشر: الكونيات والشرعيات:

- ‌المبحث الحادي عشر: الاحتجاج بالقدر:

- ‌الباب الثاني: منهج رشيد رضا في الإيمان بالملائكة والكتب والرسل

- ‌الفصل الأول: الإيمان بالملائكة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الملائكة

- ‌المطلب الأول: وجوب الإيمان بالملائكة جملة وتفصيلاً

- ‌المطلب الثاني: وظائف الملائكة وخصائصهم:

- ‌المطلب الثالث: التفاضل بين الملائكة والأنبياء:

-

- ‌المبحث الثاني: الجن والشياطين:

- ‌المطلب الأول: معنى الجن والشيطان:

- ‌المطلب الثاني: رؤية الجن:

- ‌المطلب الثالث: دخول الجن في جسم الإنسان:

- ‌الفصل الثاني: الإيمان بالكتب

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: القرآن

- ‌المبحث الثاني: التوراة:

- ‌المبحث الثالث: الإنجيل:

- ‌الفصل الثالث: الإيمان بالرسل

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي والرسول:

- ‌المبحث الثاني: الحاجة إلى الوحي والنبوة:

- ‌المبحث الثالث: معنى الوحي وأنواعه، وشبهة الوحي النفسي

- ‌المطلب الأول: تعريف الوحي

- ‌المطلب الثاني: الوحي النفسي:

- ‌المطلب الثالث: الوحي والنبوة عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث الرابع: عدد الرسل:

- ‌المبحث الخامس: صفات الرسل ووظائفهم

- ‌المطلب الأول: صفات الرسل

- ‌المطلب الثاني: وظيفة الرسل:

- ‌المبحث السادس: عصمة الأنبياء

- ‌المطلب الأول: تعريف العصمة

- ‌المطلب الثاني: بعض مسائل العصمة:

- ‌المطلب الثالث: الأدلة العقلية والنقلية على ثبوت العصمة:

- ‌المطلب الرابع: دفع شبهات حول العصمة:

- ‌المطلب الخامس: عصمة الأنبياء عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث السابع: آيات الأنبياء، وكرامات الأولياء، وخوارق الأشقياء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشيخ رشيد للآية والمعجزة:

- ‌المطلب الثاني: أنواع الآيات:

- ‌المطلب الثالث: كرامات الأولياء:

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين آيات الأنبياء وخوارق الأشقياء:

- ‌المبحث الثامن: نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: حاجة العالم لبعثة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: أدلة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث التاسع: منهج رشيد رضا في الصحابة:

- ‌المبحث العاشر: الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الأول: تعريف الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الثاني: طرق التولي:

- ‌المطلب الثالث: وظيفة الإمام:

- ‌المطلب الرابع: ما يخرج به الخليفة عن الإمامة:

- ‌المطلب الخامس: تعدد الأئمة:

- ‌الباب الثالث: منهج محمد رشيد رضا في الإيمان باليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: منهج رشيد رشا لليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الشيخ رشيد لليوم الآخر جملة وحكمه:

- ‌المبحث الثاني: الموت والبرزخ:

- ‌الفصل الثاني: البعث وأدلته

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: أدلة البعث

- ‌المطلب الأول: النشأة الأولى

- ‌المطلب الثاني: الاستدلال على البعث بالخلق:

- ‌المطلب الثالث: المشاهدة:

- ‌المطلب الرابع: قدرة الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: البعث يكون بالجسد والروح:

- ‌الفصل الثالث: الساعة وأشراطها

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الساعة

- ‌المطلب الأول: تعريف الساعة لغة واصطلاحاً وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: علم الساعة:

- ‌المبحث الثاني: أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الشيخ رشيد من أشراط الساعة جملة:

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد رضا من أشراط الساعة تفصيلاً:

- ‌الفصل الرابع: الصور والموازين

- ‌المبحث الأول: الصور

- ‌المبحث الثاني: الموازين:

- ‌الفصل الخامس: الجنة والنار

- ‌المبحث الأول: الجنة ونعيمها

- ‌المبحث الثاني: النار وعذابها:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الثالث: دخول الجن في جسم الإنسان:

ولذلك يتخذ رشيد رضا موقفاً متشدداً في هذه المسألة، فيرى ـ وينقله عن الشافعي ـ أن رؤية الجن خاصة بالأنبياء، ويريد بذلك أن يقطع حجة الدجالين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل بولايتهم للشياطين، وولاية الشياطين لهم، "وقد خوفوا الناس منهم حتى أوقعوا الرعب في قلوبهم، وأوقعوهم في ضلالات كثيرة"1.

والحق أن رؤية الناس الجن وكلامهم إياهم ثابت لا يدفع، وهذا يكون للصالحين على سبيل الكرامة، ولغير الصالحين، كما يقع لبعض السحرة وتسخيرهم لهم في الشرور وغيرها 2. والفرق بين هؤلاء وهؤلاء بيّن والحمد لله، وسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى ـ بيان الفرق بين كرامات الأولياء وخوارق الأشقياء.

1 المصدر نفسه (8/368ـ 369) ولم أجد هذا الكلام المنسوب للشافعي في مناقب البيهقي، ط. دار التراثن مصر، الأولى، 1391هـ، ت: السيد صقر.

2 انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى (4/232 و 19/ 41ـ 42) وبدر الدين الشبلي: آكام المرجان (ص:15) وانظر: عبد الكريم نوفان: عالم الجن في الكتاب والسنة (ص:19)

ص: 651

‌المطلب الثالث: دخول الجن في جسم الإنسان:

وردت إشارة واحدة في القرآن الكريم تشير إلى تأثير الجن في الإنسان، هي قوله تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} 3، أي لا يقومون إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له" 4.

ووردت في السنة عدة أحاديث تثبت صرع الجن للإنس وغلبتهم على عقله، وورد فيها معالجته صلى الله عليه وسلم للمصروعين، منها:

حديث مطر بن عبد الرحمن الأعنق عن أم أبان بنت الوازع عن أبيها

3 سورة البقرة: الآية (275)

4 ابن كثير: التفسير (1/308)

ص: 651

أن جدها الوازع 1 انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق معه بابن له مجنون أو ابن أخت له، قال جدي: فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قلت يا رسول الله إن معي ابن لي، أو ابن أخت لي مجنون آتيك به فتدعوا الله عزوجل له، قال له:"ائتني به". فانطلقت إليه وهو في الركاب فأطلقت عنه، وألقيت عليه ثياب السفر وألبسته ثوبين حسنين وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ادنه مني، واجعل ظهره مما يليني، قال: فأخذ بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض أبطيه ويقول: أخرج عدو الله، أخرج عدو الله، فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس نظره الأول، ثم أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم يبن يديه فدعا له فمسح وجهه"، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل عليه" 2.

ومنها حديث ابن عباس "أن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن به لمماً، وإنه يأخذه عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له، فثع 3 ثعة فخرج من فيه مثل الجرو 4 الأسود فشفي"5.

ففي هذه الأحاديث دلالة على دخول الجني في جسم الإنسي وصرعه له. وعلى هذا كان السلف. فقد قال عبد الله بن أحمد لأبيه: " إن قوماً يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي، فقال: يا بني يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه"6. وقال ابن تيمية: "وليس في أئمة المسلمين من ينكر

1 هو من وفد عبد القيس: انظر: الطبراني: المعجم الكبير (5/275) .

2 هذا الحديث عزاه ابن تيمية إلى أبي داود في السنن، وليس هناك، وإلى أحمد في المسند ولم أجده فيه، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، وأم أبان لم يرو عنها غير مطر. مجمع الزوائد (9/2) وهو في المطبوع من الطبراني الكبير (5/275) ت: حمدي عبد المجيد السلفي.

3 الثع: القيء، والثعة: المرة الواحدة. ابن الأثير: النهاية (1/212)

4 الجِرو: صغار القثاء، وقيل الرمان، ويجمع على: أجرٍ. ابن الأثير: النهاية (1/264)

5 رواه أحمد (1/ 254، 268) وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني وفيه فرقد السبخي، وثقه ابن معين والعجلي، وضعفه غيرهما. مجمع الزوائد (9/2)

6 انظر: ابن تيمية مجموع الفتاوى (19/12)

ص: 652

دخول الجني في بدن المصروع وغيره، ومن أنكر وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك" 1.

وفي الأناجيل المتداولة الآن أخبار عن المسيح عليه السلام تدل على علاجه للمصروعين، وإخراج الجن منهم 2.

ولقد سئل الشيخ رشيد رحمه الله عن دخول الجن والشيطان في بدن الإنسان بناء على ما ذكر في الأناجيل، وبناء على ما ورد عن السلف، لا سيما شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.

وفيما يتعلق بما أثبتته الأناجيل، فقد أجاب الشيخ أولاً: بأن الأناجيل لا يعتمد عليها إذ ليس لها أسانيد صحيحة 3.

وقد أمرنا أن لا نصدق أهل الكتاب ولا نكذبهم فيما لا حجة له أو عليه في كتابنا، ثم قال:"على أننا إذا سلمنا بأن بعض الشياطين دخلت في أجسام بعض الناس، وأنها خرجت على يد المسيح معجزة له فلا يلزم من ذلك أن نقيس خرافات عجائز الزار على معجزات الأنبياء المصطفين الأخيار "4.

وأما ما ورد عن شيخي الإسلام فيجيب عنه الشيخ رشيد بقوله: "

وإن كان شيخا الإسلام من أجل الثقات عندنا فيما يرويانه عن أنفسهما وعن غيرهما بالجزم ـ فإننا نقول: إن وقائع الأحوال في هذا المقام فيها إجمال، هي قابلة لأنواع شتى من الاحتمال، على أن ما يؤخذ منها على ظاهره لا حجة فيه على شيء من أعمال الدجالين التي ينكرها الشرع والعقل، وأين دجل هؤلاء الفساق المحتالين من معجزة أو كرامة يكرم الله بها نبياً مرسلاً أو ولياً صالحاً، فيشفي على يديه مصروعاً ألم به شيطان أم لم يلم؟ وما إلمام الشيطان ببعض الناس بالمحال عقلاً حتى نحار في فهم

1 مجموع الفتاوى (24/277)

2 انظر: متى: (4/ 24 و 8/ 16 و9/ 32 ـ 33)

3 تفسير المنار (8/370)

4 مجلة المنار (6/709 ـ 710)

ص: 653

أمثال هذه الروايات النادرة عند أهل الكتاب وعندنا، بل عند جميع الأمم، وإن بعض الأمراض العصبية التي يصرع أصحابها لابسهم الشيطان فيها أم لا لتشفى بتأثير الاعتقاد وتأثير إرادة الأرواح القوية إذا توجهت إلى الله تعالى سائلة شفاءها، وما نحن بالذين يدارون الماديين أو يبالون بإنكارهم لكل ما لا يثبته الحس لهم، بل نرى أن جملة ما روي عن الأنبياء والعلماء وما اشتهر عند كل الأمم يفيد بمجموعه التواتر المعنوي في إثبات أصل المسألة، وما لنا لا نذكر أنه قد وقع لنا من ذلك ما يعده كثير من الناس أمراً عظيماً يستبعدون أن يكون من فلتات الاتفاق ونوادر المصادفات.." ثم ذكر بعض ما حدث له من ذلك. 1.

والدجالون الذين يشير إليهم الشيخ رشيد هم عبدة الجن الذين يقيمون الاحتفالات لإرضائهم وهو ما يعرف بالزار. يقول الشيخ رشيد في نفس السياق السابق: "إن مفاسد (الزار) 2 كثيرة مشهورة في هذه البلاد، وقد وصفناها من قبل في المنار. وسببها اعتقاد الكثيرات من النساء المريضات بأمراض عادية ولا سيما إذا كانت عصبية أن الشياطين قد دخلت في أجسادهن. وأن صانعات الزار يخرجنهم منها بإرضائهم والتقرب إليهم بالقرابين وغيرها. وهذا نوع من عبادة الجن التي كانت في الجاهلية فأزالها الإسلام بإصلاحه، ولما جهل الإسلام في كثير من البلاد وقبائل البدو عادت إلى أهلها

" 3.

والذي يريده رشيد رضا من هذا، هو ما أراده في المسألة السابقة، وهو قطع الطرق على الدجالين كما سبق بيانه، فهو لا ينكر دخول الجن في جسد الإنسان، بدليل ما يرويه هو عن نفسه وما حدث له مع أصحاب الصرع، ولكنه يتشدد في إثبات هذه الوقائع لسد باب الشر، فهو كما يقول بلسانه بعدما روى بعض هذه الوقائع: "إنني لم أذكر مثل هذا إلا لأمرين

1 تفسير المنار (8/369 ـ 370)

2 سبق تعريف الزار (ص:540)

3 تفسير المنار (8/ 369)، وانظر: الوحي المحمدي (ص/ 222ـ 223)

ص: 654

أحدهما: أن لا يظن ظان أني أميل في تشددي في كشف غش الدجالين إلى آراء الماديين، وثانيهما: أن لا يجعل أحد ما نقل عن مثل شيخ الإسلام من إرساله رسولاً إلى المصروع يخرج منه الشيطان حجة على من ينكر دجل هؤلاء الضالين من عباد الشياطين أو الدعاة إلىعبادتهم

" 1.

فيريد رشيد رضا إغلاق هذا الباب سداً للذريعة، على أنه لا ينكر أن يقع ذلك معجزة لنبي أو كرامة لولي ولكن: "أين دجل هؤلاء الفساق المحتالين من معجزة أو كرامة يكرم الله بها نبياً مرسلاً أو ولياً صالحاً فيشفي على يديه مصروعاً ألم به الشيطان

" 2.

والذي يدل على أن إخراج الجني من المصروع هو من باب "خوارق العادات، أو المعجزات والكرامات، صنيع المؤلفين من المحدثين وغيرهم، الذين يوردون هذه المسألة تحت باب معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم 3

1 تفسير المنار (8/ 371)

2 تفسير المنار (8/ 370)

3 ومن ذلك ما صنع: الدارمي: السنن (1/ 19)، والبيهقي: دلائل النبوة (2/ 21 و25) ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى، 1405هـ، ت: عبد المعطي قلعجي، والهيثمي: مجمع الزوائد (9/ 2)، وابن تيمية: الجواب الصحيح (6/ 188)

ص: 655