الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذي ذهب إليه الشيخ رشيد في هاتين المسألتين، عدد أسماء الله وتعيينها، هو الراجح وهو قول الجمهور كما سبق ذكره.
المطلب الخامس: معنى إحصاء أسماء الله تعالى:
المسألة الثالثة في هذا الحديث هي معنى إحصاء أسماء الله تعالى الموعود عليها بالجنة. وقد اختلفت آراء وأقوال العلماء في معنى هذا الإحصاء. ذكر الخطابي منها أربعة أقوال:
أحدها: حفظها، ويدل له رواية:"لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة" 1، ورواية:"من حفظها دخل الجنة"2.
الثاني: الطاقة: ومعنى أن يطيقها أن يقوم بحقها ويعمل بمقتضاها فيعتبر بمعانيها ويلزم نفسه بها كقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} 3.
الثالث: أنه فهم معانيها ومعرفتها.
الرابع: أن يقرأ القرآن فيستوفي هذه الأسماء في أضعاف التلاوة، والمراد حفظ القرآن فمن حفظه دخل الجنة 4.
والذي يترجح أن الإحصاء يشمل أموراً ثلاثة:
أحدها: إحصاء ألفاظها وعددها.
الثاني: فهم معانيها ومدلولها.
الثالث: دعاء الله تعالى بها 5.
1 هي رواية البخاري القريبة.
2 مسلم: الصحيح، ك: الذكر والدعاء، ح: 4 [2677](4/ 2062) ط: عبد الباقي.
3 سورة المزمل، الآية (20)
4 انظر: شأن الدعاء (ص: 26 ـ 29) بتصرف.
5 انظر: ابن القيم: بدائع الفوائد (1/ 164)
وينقل الشيخ رشيد هذه الآراء في معنى الإحصاء فيقول: "أي من أحصاها حفظاً لمعانيها وعلماً بها وإيماناً، أو من استخرجها من كتاب الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لأجل أن يزداد بها إيماناً ومعرفة بربه عزوجل، ويدعوه بها، أو من أطاق العمل بما تهدي إليه من الكمال والبر، أو من أخطرها بباله وتفكر في معانيها عند ذكرها بتلاوة القرآن والأذكار المأثورة خاشعاً معتبراً متدبراً راغباً راهباً
…
ولك أن تقول به كله
…
" 1.
ويخص الشيخ رشيد مسألة دعاء الله بها بمزيد من العناية، ويميل إلى القول بها مستدلاً بالكتاب والسنة، فيورد أدلة الكتاب والسنة التي تشير إلى هذا المعنى. فيقول:"وقد ورد في بعض روايات الحديث الضعيفة "وما من عبد يدعو بها إلا وجبت له الجنة" رواه الديلمي 2 من حديث عليّ كرم الله وجهه. وفي أخرى "من دعا بها استجاب الله له" رواه ابن ماجه عن أبي هريرة 3، وليس فيها ذكر الإحصاء وعندنا فوق ذلك كله قول الله عزوجل في سورة الأعراف:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}
…
فهو تعالى يهدينا إلى أن ندعوه ونتضرع إليه بهذه الأسماء الحسنى لاشتمالها على أحسن المعاني الدالة على منتهى الكمال والفضل
…
" 4.
ويقول: "ولم يقل أحد ممن يعتد بعلمه وفهمه أن المراد عدها بالأرقام أو إحصاؤها على السبح"5.
1 مجلة المنار (17/ 738)
2 الحديث لم أجده في مسند الفردوس بهذا اللفظ. انظر: فردوس الأخبار (1/231) ط. الريان، ولكن ذكره السيوطي في الجامع الكبير، إلى أبي نعيم وابن عساكر عن علي بن أبي طالب. وهو في ضعيف الجامع الصغير برقم:(1944) وقال الألباني: ضعيف، وانظر: الجامع الكبير (19/1/ ص2370) ط. مجمع البحوث بالأزهر، الأولى 1395هـ. وقوله: كرم الله وجهه ليس من منهج السلف بل يترضون عنهم كلهم كسائر الصحابة رضي الله عنهم.
3 هذا اللفظ ليس عند ابن ماجه، ولكن عزاه السيوطي في الجامع الكبير إلى ابن مردويه عن أبي هريرة، وهو في ضعيف الجامع الصغير برقم (1953) وقال الألباني: ضعيف وانظر: الجامع الكبير (19/1/2370)
4 مجلة المنار (17/739)
5 مجلة المنار (17/ 738)