الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر: الكونيات والشرعيات:
فرق الشيخ رشيد رضا رحمه الله بين الكونيات والدينيات، فبين الفرق بين الأمر الكوني والأمر الشرعي، وبين الجعل الكوني والشرعي، والإرادة الكونية والشرعية.
قال الشيخ رشيد: "
…
وهذا الأمر نوعان: أمر تكوين وهو ما عليه الخلق من النظام والسنن المحكمة، وقد سمى الله التكوين أمراً بما عبر عنه بقوله "كن"، وأمر تشريع: وهو ما أوحاه الله إلى أنبيائه وأمر الناس بالأخذ به
…
" 1.
كما فرق الشيخ رشيد بين الجعل التكويني والتشريعي، قال عند قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ
…
} 2 "الجعل هنا إما خلقي تكويني وهو التصيير، وإما أمري تكليفي وهو التشريع
…
" 3.
وفرق أيضاً بين إرادة التكوين وإرادة التشريع، فعند قوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} 4 قال: "والمراد بالإرادة هنا
1 تفسير المنار (1/ 243)
2 سورة المائدة، الآية (97)
3 تفسير المنار (7/ 116)
4 سورة البقرة، الآية (185)
حكمة التشريع لا إرادة التكوين" 1.
وبهذه التفرقة بين الكونية والدينية يفصل النزاع الذي وقع فيه طوائف من الناس في مسألة الأمر والإرادة، وهل أمر الله مستلزم لإرادته أو لا؟ لأنهم لم يفرقوا بينهما.
ومن الفروق التي فرق بها الشيخ رشيد بين الأمر الكوني والشرعي، أن الأول متعلق صفة الإرادة، والثاني متعلق صفة الكلام.
وأن أمر التكوين يتوجه إلى المعدوم، ليكون ويوجد، كما يتوجه إلى الموجود.
وأما أمر التكليف فيخاطب به العاقل فيسمى المكلف ولا يخاطب به غيره، فضلاً عن المعدوم 2.
وقد ذكر هذه التفرقة غير واحد من أهل السنة 3. ويندفع بهذا الإشكال الذي وقع فيه من وقع من أهل البدع، بسبب عدم تفرقتهم بين الكوني القدري والشرعي الديني، وبهذه التفرقة يعطل احتجاج أهل المعاصي بالقدر.
1 تفسير المنار (2/164)
2 المصدر نفسه (1/ 438 ـ 439)
3 انظر: الآجري: الشريعة (ص: 151)، وابن تيمية: مجموع الفتاوى (7/ 58 ـ 61، 140، 159)، وابن القيم: شفاء العليل (ص: 464 ـ 469)