المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: معنى كلمة "رب" في اللغة - منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة

[تامر محمد محمود متولي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

-

- ‌الفصل الأول: دراسة لعصر رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: الحياة السياسية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الحياة السياسية في الدولة العثمانية:

- ‌المطلب الثاني: الحياة السياسية في مصر

- ‌المطلب الثالث: الحياة السياسية في الشام:

- ‌المبحث الثاني: الحالة العلمية

- ‌المطلب الأول: الحياة العلمية في مصر

- ‌المطلب الثاني: الحياة العلمية في الشام:

- ‌المبحث الثالث: الحياة الدينية:

- ‌الفصل الثاني: دراسة لحياة رشيد رضا الشخصية

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده ونشأته وصفاته

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أخلاقه وصفاته:

- ‌المبحث الثاني: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الأول: نشأته العلمية:

- ‌المطلب الثاني: هجرته إلى مصر:

- ‌المبحث الثالث: شيوخه:

- ‌المبحث الرابع: مذهبه وآرؤه الفقهية

- ‌المطلب الأول: مذهب رشيد رضا الفقهي

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد من ربا الفضل

-

- ‌المبحث الخامس:أثر الشيخ رشيد رضا في العالم الإسلامي

- ‌المطلب الأول: أثر المنار في مصر والهند

- ‌المطلب الثاني: مدرسة دار الدعوة والإرشاد:

- ‌المطلب الثالث: مؤلفات رشيد رضا:

- ‌المطلب الرابع: الكتابات حول رشيد رضا:

- ‌المبحث السادس: وفاة الشيخ رشيد:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في الاستدلال وموقفه من علم الكلام

- ‌‌‌تمهيد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: مصادر التلقي عند رشيد رضا

- ‌المطلب الأول: القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: السنة النبوية:

- ‌المطلب الثالث: الإجماع:

- ‌المطلب الرابع: الفطرة:

- ‌المطلب الخامس: العقل:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الاستدلال عند الشيخ رشيد رضا

- ‌القاعدة الأولى: الإيمان بظاهر القرآن

- ‌القاعدة الثانية: الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الثالثة: رفض التأويل:

- ‌القاعدة الرابعة: الردّ عند التنازع إلى الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الخامسة: مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم:

- ‌القاعدة السادسة: درء التعارض بين العقل والنقل:

- ‌القاعدة السابعة: المحكم والمتشابه:

- ‌المبحث الثالث موقف الشيخ رشيد من علم الكلام

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: نشأة رشيد رضا على مذهب الأشعرية وتحوله عنه:

- ‌المطلب الثاني: مخالفة رشيد رضا للمتكلمين:

- ‌المبحث الرابع:‌‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌المبحث الخامس: موارد رشيد رضا في العقيدة

- ‌أولاً: مؤلفات ابن تيمية

- ‌ثانياً مؤلفات ابن القيم (ت: 751هـ) ومدرسة ابن تيمية:

- ‌ثالثاً: مصادر أخرى:

- ‌الباب الأول: منهج رشيد رضا في الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: تعريف رشيد رضا الإيمان ومباحثه

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان في اللغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الإيمان في الشرع:

- ‌المطلب الثالث: أدلة أهل السنة على خصال الإيمان الثلاثة:

- ‌المبحث الثاني: الصلة بين "الإيمان" و"الإسلام

- ‌المبحث الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه

-

- ‌المبحث الرابع: الكبائر

- ‌المطلب الأول: تعريف الكبيرة وحكم مرتكبها:

- ‌المطلب الثاني: التكفير:

- ‌الفصل الثاني: منهج رشيد رضا في إثبات الربوبية

- ‌مدخل

- ‌في تقسيم التوحيد عند رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: تعريف الربوبية

- ‌المطلب الأول: معنى كلمة "رب" في اللغة

- ‌المطلب الثاني: المعنى الشرعي لتوحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثاني: منهج رشيد رضا في أدلة معرفة الله تعالى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الفطرة عند الشيخ رشيد رضا:

- ‌المطلب الثاني: النظر في الملكوت:

- ‌المطلب الثالث: الرسل وآياتهم:

- ‌المطلب الرابع: الاحتياط الواجب:

- ‌المطلب الخامس: موقف رشيد رضا من مسألة "حدوث العالم

- ‌المبحث الثالث: بدء الخلق:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في إثبات الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الأسماء الحسنى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الناس من الأسماء الإلهية:

- ‌المطلب الثاني: مسألة الاسم والمسمى

- ‌المطلب الثالث: مصادر معرفة أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الرابع: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الخامس: معنى إحصاء أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: الإلحاد في أسماء الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الصفات

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات وتقرير الشيخ رشيد له جملة

- ‌المطلب الثاني: موقف الشيخ رشيد من قواعد المتكلمين:

- ‌المبحث الثالث: الصفات التي تكلم عليها رشيد رضا

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تقسيم الصفات:

- ‌المطلب الثاني: صفات الذات العقلية:

- ‌المطلب الثالث: صفات الفعل العقلية:

- ‌المطلب الرابع: صفات الذات الخبرية:

- ‌الفصل الرابع: منهج رشيد رضا في إثبات الألوهية ونفي الشرك والبدع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الألوهية

- ‌المطلب الأول: تعريف الإله

- ‌المطلب الثاني: العبادة

- ‌المطلب الثالث: بعض أنواع العبادة التي ذكرها رشيد رضا

- ‌المبحث الثاني: نفي الشرك ومظاهره

- ‌تميهد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك:

- ‌المطلب الثاني: أقسام الشرك:

- ‌المطلب الثالث: منشأ الشرك:

- ‌المطلب الرابع: مفاسد الشرك ومساوئه:

- ‌المطلب الخامس: مظاهر الشرك:

-

- ‌المبحث الثالث: رفض البدع ومظاهرها

- ‌المطلب الأول: تعريف البدعة لغة وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: مظاهر البدع التي تعرض لها الشيخ رشيد رضا

- ‌الفصل الخامس: منهج رشيد رضا في إثبات القدر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: موقف رشيد رضا من الفرق في القدر

- ‌المبحث الأول: تعريف القدر: لغة وشرعاً

- ‌المطلب الأول: تعريف القدر لغة

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالقدر شرعاً:

- ‌المبحث الثالث: بيان رشيد رضا لأركان القدر

- ‌المطلب الأول: العلم

- ‌المطلب الثاني: الكتابة:

- ‌المطلب الثالث: الإرادة:

- ‌المطلب الرابع: الخلق:

- ‌المبحث الرابع: القدر والأسباب

- ‌المبحث الخامس: الهدى والضلال:

- ‌المبحث السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى

- ‌المبحث السابع: الحسن والقبح:

- ‌المبحث الثامن: الصلاح والأصلح

- ‌المبحث التاسع: العمر، والرزق، والدعاء:

- ‌المبحث العاشر: الكونيات والشرعيات:

- ‌المبحث الحادي عشر: الاحتجاج بالقدر:

- ‌الباب الثاني: منهج رشيد رضا في الإيمان بالملائكة والكتب والرسل

- ‌الفصل الأول: الإيمان بالملائكة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الملائكة

- ‌المطلب الأول: وجوب الإيمان بالملائكة جملة وتفصيلاً

- ‌المطلب الثاني: وظائف الملائكة وخصائصهم:

- ‌المطلب الثالث: التفاضل بين الملائكة والأنبياء:

-

- ‌المبحث الثاني: الجن والشياطين:

- ‌المطلب الأول: معنى الجن والشيطان:

- ‌المطلب الثاني: رؤية الجن:

- ‌المطلب الثالث: دخول الجن في جسم الإنسان:

- ‌الفصل الثاني: الإيمان بالكتب

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: القرآن

- ‌المبحث الثاني: التوراة:

- ‌المبحث الثالث: الإنجيل:

- ‌الفصل الثالث: الإيمان بالرسل

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي والرسول:

- ‌المبحث الثاني: الحاجة إلى الوحي والنبوة:

- ‌المبحث الثالث: معنى الوحي وأنواعه، وشبهة الوحي النفسي

- ‌المطلب الأول: تعريف الوحي

- ‌المطلب الثاني: الوحي النفسي:

- ‌المطلب الثالث: الوحي والنبوة عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث الرابع: عدد الرسل:

- ‌المبحث الخامس: صفات الرسل ووظائفهم

- ‌المطلب الأول: صفات الرسل

- ‌المطلب الثاني: وظيفة الرسل:

- ‌المبحث السادس: عصمة الأنبياء

- ‌المطلب الأول: تعريف العصمة

- ‌المطلب الثاني: بعض مسائل العصمة:

- ‌المطلب الثالث: الأدلة العقلية والنقلية على ثبوت العصمة:

- ‌المطلب الرابع: دفع شبهات حول العصمة:

- ‌المطلب الخامس: عصمة الأنبياء عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث السابع: آيات الأنبياء، وكرامات الأولياء، وخوارق الأشقياء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشيخ رشيد للآية والمعجزة:

- ‌المطلب الثاني: أنواع الآيات:

- ‌المطلب الثالث: كرامات الأولياء:

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين آيات الأنبياء وخوارق الأشقياء:

- ‌المبحث الثامن: نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: حاجة العالم لبعثة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: أدلة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث التاسع: منهج رشيد رضا في الصحابة:

- ‌المبحث العاشر: الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الأول: تعريف الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الثاني: طرق التولي:

- ‌المطلب الثالث: وظيفة الإمام:

- ‌المطلب الرابع: ما يخرج به الخليفة عن الإمامة:

- ‌المطلب الخامس: تعدد الأئمة:

- ‌الباب الثالث: منهج محمد رشيد رضا في الإيمان باليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: منهج رشيد رشا لليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الشيخ رشيد لليوم الآخر جملة وحكمه:

- ‌المبحث الثاني: الموت والبرزخ:

- ‌الفصل الثاني: البعث وأدلته

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: أدلة البعث

- ‌المطلب الأول: النشأة الأولى

- ‌المطلب الثاني: الاستدلال على البعث بالخلق:

- ‌المطلب الثالث: المشاهدة:

- ‌المطلب الرابع: قدرة الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: البعث يكون بالجسد والروح:

- ‌الفصل الثالث: الساعة وأشراطها

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الساعة

- ‌المطلب الأول: تعريف الساعة لغة واصطلاحاً وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: علم الساعة:

- ‌المبحث الثاني: أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الشيخ رشيد من أشراط الساعة جملة:

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد رضا من أشراط الساعة تفصيلاً:

- ‌الفصل الرابع: الصور والموازين

- ‌المبحث الأول: الصور

- ‌المبحث الثاني: الموازين:

- ‌الفصل الخامس: الجنة والنار

- ‌المبحث الأول: الجنة ونعيمها

- ‌المبحث الثاني: النار وعذابها:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الأول: معنى كلمة "رب" في اللغة

‌المبحث الأول: تعريف الربوبية

‌المطلب الأول: معنى كلمة "رب" في اللغة

المطلب الأول: معنى كلمة "رب" في اللغة:

ويحسن بنا ـ قبل الشروع في معنى الربوبية ـ أن نقف على معنى أصل هذه المادة، وهو كلمة "رب".

قال ابن فارس: "الراء والباء يدل على أصول. فالأول: إصلاح الشيء والقيام عليه. فالرب: المالك، والخالق، والصاحب. والرب: المصلح للشيء. يقال: ربَّ فلان ضيعته؛ إذا قام على إصلاحها. وهذا سقاء مربُوبٌ بالرُّبِّ. والرُّبّ للعنب وغيره، لأنه يُرَبُّ به الشيء. وفرس مربوب. قال سلامة 1:

ليس بأسقى ولا أَقْنَى ولا سَغِلٍ

يُسْقى دواءَ قَفِيِّ السَّكنِ مَرْبُوبِ

والربُّ: المصلح للشيء. والله جل ثناؤه الرَّبُّ، لأنه مصلح أحوال خلقه.

1 هو ابن جندل، والبيت في المفضليات (ص: 121) ط. دار المعارف، مصر، ت: أحمد شاكر وعبد السلام هارون.

ص: 252

والرِّبِّيُّ: العارف بالرب. ورببتُ الصَّبيَّ أَرُبُّه، وربَّبْتُه أربِّبُه. والرَّبيبة: الحاضنة. وربيب الرجل: ابن امرأته. والرَّابُّ: الذي يقوم على أمر الربيب

" 1.

وفي اللسان: ".. الرب ينقسم على ثلاثة أقسام: يكون الرب المالك، ويكون الرب: السيد المطاع، قال الله تعالى:{فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} 2أي: سيده، ويكون الرب: المصلح: ربَّ الشيء إذا أصلحه

وفي حديث ابن عباس مع ابن الزبير رضي الله عنهم: "لأن يربني بنو عمي أحبُّ إليّ من أن يربّني غيرهم" 3 أي: يكونون عليّ أمراء وسادة..، وربّ ولده والصبي يربُّه ربّا، وربّته تربيباً وتَرِبَّة، عن اللحياني: بمعنى ربّاه. وفي الحديث: "لك نعمة تربّها" 4 أي: تحفظها وتراعيها وتربيها، كما يربي الرجل ولده

" 5.

فالرب ـ إذن ـ مصدر مستعان للفاعل 6 فمعنى {رَبِّ الْعَالَمِينَ} : رابُّ العالمين 7.

فالمعاني اللغوية لكلمة "رب" هي: المصلح للشيء، القائم عليه، المنمي له حتى يبلغ كماله، وأيضاً: صاحبه وسيده.

وهذه المعاني اللغوية باقية على أصلها في الشرع، لم تتحول عنه،

1 معجم مقاييس اللغة (2/ 381 ـ382)

2 سورة يوسف، الآية (41)

3 البخاري (8/ 177) ، تفسير سورة براءة، ح: 4666 (8/177)

4 مسلم: الصحيح (16/ 124) مع شرح النووي.

5 لسان العرب (1/ 440 ـ 401)، وأيضاً الطبري: التفسير (1/ 141ـ 142) ت: شاكر، والبيهقي: الاعتقاد (ص: 30) ت: محمد موسى. والنقل بعد ذلك سيكون عن طبعة أحمد عصام الكاتب.

6 الراغب: المفردات (ص: 336)

7 المقريزي: تجريد التوحيد (ص: 4 ـ 5)، والنحاس: معاني القرآن (1/ 60) ط. جامعة أم القرى، ت: الصابوني.

ص: 253

فإن الربّ تعالى: هو الخالق المالك القائم بأمر عباده وتربيتهم خلقاً وشرعاً.

ولقد عرّف الشيخ محمد رشيد هذه الكلمة عدة مرات، فقال: "..والرب هو السيد المالك والمربي والمدبر والمتصرف، وليس للخلق رب ولا إله إلا الله الذي خلقهم، فهو المالك لكل شيء في كل زمن وكل حال وملكه حقيقي تام، وملك غيره عرفي ناقص موقوت

" 1.

وقال في موضع آخر: "ومعنى الرب: السيد المربي الذي يسوس مسوده ويربيه ويدبره"2.

وقال إن كلمة "رب" هي: "التي تفيد عنايته تعالى بعبيده وتربيته لعقولهم وأرواحهم بالمعارف

" 3.

واسم الرب "هو الدال على معنى الملك والتدبير والتربية والإحسان خاصة" 4

و"رب العالمين الذي يغذيهم بنعمه، ويربيهم بفضله وإحسانه

"5.

ويفصل هذا التعريف، وينبه أيضاً فيقول:"ولفظ "رب" ليس معناه المالك السيد فقط، بل فيه معنى التربية والإنماء، وهو صريح بأن كل نعمة يراها الإنسان في نفسه وفي الآفاق منه عزوجل، فليس في الكون متصرف بالإيجاد ولا بالإشقاء والإسعاد سواه"6.

وهذه التعريفات التي ذكرها الشيخ رشيد رحمه الله هي تعريفات لغوية شرعية، إذ ـ وكما ذكرت قبل ذلك إن معاني هذه الكلمة العالية

1 تفسير المنار (7/ 568) وأيضاً (12: 199)

2 المصدر السابق (1/ 50)

3 المصدر السابق (3/ 53)

4 المصدر السابق (7/ 253)

5 المصدر السابق (6/ 343)

6 المصدر السابق (1/ 36)

ص: 254

الشريفة بقيت على أصلها اللغوي فهي صحيحة في حقه تعالى، على ما يليق بكماله وجلاله.

تربية الله تعالى لخلقه نوعان:

وهذه المعاني التي اشتملت عليها كلمة "رب" وهي تربية الله تعالى لخلقه وإصلاحه لأمرهم وإحسانه إليهم ليبلغوا كمالهم بمقتضى خلقه وملكه لهم، تظهر في أمرين: خلقي وشرعي.

فالناحية الأولى خَلقية أي تربية بمقتضى الخلق والفطرة، وهي خلقه تعالى لهم في أحسن صورة وأقومها. وتربية شرعية دينية تعليمية.

وفي هذا؛ يقول الشيخ رشيد: "وربوبية الله للناس تظهر بتربيته إياهم، وهذه التربية قسمان: تربية خلقية بما يكون به نموهم وكمال أبدانهم وقواهم النفسية والعقلية، وتربية شرعية تعليمية، وهي ما يوحيه إلى أفراد منهم 1 ليكمل به فطرتهم بالعلم والعمل إذا اهتدوا به.." 2 "فإنزاله الوحي وبعثه الرسل وتأييدهم وهداية الخلق بهم من مقتضى ربوبيته

"3.

إطلاق اسم الرب على غيره تعالى:

وهذه المعاني العالية التي اشتملت عليها هذه الكلمة، وكما قال الشيخ رشيد، تكون حقيقية وتامة وكاملة في حقه تعالى، وإذا ما أضيفت إليه، وهي في حق غيره عرفية وعلى ما يليق به.

ولذلك فإن إطلاق هذا الاسم على غيره تعالى غير جائز إلا أن يضاف.

ومن ذلك ما ورد في القرآن الكريم كقوله تعالى: {اذْكُرْنِي

1 هم الأنبياء كما لا يخفى.

2 تفسير المنار (1/ 51)

3 المصدر نفسه (7/301)

ص: 255

عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} 1 فقوله تعالى: "عند ربك: يعني الملك، وقوله: فأنساه الشيطان ذكر ربه: يعني يوسف".

وكذلك ما ورد في السنة من ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم: "إن ربي تبارك وتعالى قد قتل ربك"2.

وأما ورد من كلام العرب من اطلاق هذا الاسم، كقول الحارث بن حلزة 3:

وهو الرب والشهيد على يو م الحيارين والبلاء بلاء 4

يريد المنذر بن ماء السماء، ولم يذكر مطلقاً في غير الشعر 5. وهو بيت جاهلي.

وأما ما ورد في الكتاب والسنة فعلى ما كان متعارفاً عندهم وعلى ما كانوا يسمونهم به. ومنه قوله للسامري: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} 6 7.

ويفصل الشيخ رشيد هذا الحكم قائلاً: "فأما العرب فكانت تطلق لفظ "رب" على الناس: يقولون: رب الدار، ورب هذه الأنعام ـ لا رب الأنعام مطلقاً ـ قال عبد المطلب في يوم الفيل (أما الإبل فأنا ربها وأما البيت فإن له رباً يحميه) 8 ويرى بعض العلماء أن هذا الاستعمال ممنوع في الإسلام،

1 انظر: الطبري: التفسير (16/ 109 ـ 111)(12/ 247) ط. الحلبي بمصر، الثالثة 1388هـ، الآلوسي: روح المعاني (ص: 33) ط. دار إحياء التراث. مصورة عن ط. إدارة الطباعة المنيرية.

2 انظر: أحمد بن حنبل: المسند (5/ 43)

3 هو: الحارث بن حِلِّزة بن مكروه اليشكري الوائلي، شاعر جاهلي من أهل بادية العراق، أحد أصحاب المعلقات. الزركلي: الأعلام (2/ 154)

4 البيت في معلقته. انظر: شرح القصائد السبع الطوال: الأنباري (ص: 271) ط. دار المعارف.

5 ابن منظور: لسان العرب (1/ 400)

6 سورة طه، الآية (97)

7 ابن منظور لسان العرب (1/ 40) .

8 ابن هشام: السيرة النبوية (1/ 61) ط. دار الفكر، القاهرة.

ص: 256

واستدل بالنهي في الحديث عن قول المملوك لسيده ربي 1. والصواب: أنه يمنع ما ورد به النص كهذا الاستعمال وما من شأنه ألا يقال إلا في الباري تعالى كلفظ الرب بالتعريف مطلقاً، ولفظ رب الناس، ورب المخلوقات، رب العالمين، وما أشبه ذلك" 2.

المقارنة بين اسم "الرب" واسم "الآب":

ولم تسلم هذه المعاني العالية الشريفة من الاعتراض، فاعترض عليها أجهل الخلق بربهم وأسمائه وصفاته، وقالوا: إن المسلمين لم يعلمهم نبيهم من صفات الخالق إلا القهر والسلطان والغضب، وأن ربهم قد أوجب عليهم الفتح من أجل قهر الأمم لا من أجل تربيتها وترقيتها. بينما يدل اسم الآب على الرحمة والرأفة والعطف 3. ويجيب الشيخ رشيد على هذا الاعتراض " السخيف" قائلاً: "وهذا الذي شرحناه يفند زعم بعض المتعصبين الغلاة في ذم الإسلام بالهوى الباطل أن رب المسلمين رب غضوب منتقم قهار، ودينهم دين رعب وخوف، بخلاف دين النصرانية الذي يسمي الرب أبا للإعلام بأنه يعامل عباده كمعاملة الأب لأولاده

وثبت في الحديث الصحيح أن الرب أرحم بعباده من الأم بولدها الرضيع 4 وأن جميع ما أودعه الله في قلوب خلقه من الرحمة جزء من مائة جزء من رحمته تبارك وتعالى.." 5.

وكذلك فإن تكرار قوله تعالى {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في فاتحة الكتاب بعد قوله تعالى {.. رَبِّ الْعَالَمِينَ} لأن "البعض يفهم من معنى الرب الجبروت والقهر فأراد الله تعالى أن يذكرهم برحمته وإحسانه، ليجمعوا بين

1 مسلم: الصحيح: ك: الألفاظ من الأدب وغيرها، ح: 14 (2249)[4/ 1764] وانظر: النووي شرح مسلم (15/ 6ـ 7)

2 تفسير المنار (1/ 53 ـ 54)

3 انظر: تفسير المنار (1/ 12)

4 البخاري: الصحيح: ك: الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله

ح:5999 (10/ 440)

5 تفسير المنار (1/ 76)

ص: 257