الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: معنى الوحي وأنواعه، وشبهة الوحي النفسي
المطلب الأول: تعريف الوحي
…
وبعد تعريف النبوة والرسالة وبيان حاجة الناس إليها ووقوعها فعلاً وإزاحة الشبه عنها، يحسن أن نعرف معنى الوحي وأقسامه، ونعرج بعد ذلك إلى تمحيص شبهة الوحي النفسي التي لجأ لها بعض الماديين بعدما تبين لهم ـ بلا ريب ـ صدق الأنبياء وتواترهم بما يحيل كذبهم ـ وقد ركزوا في ذلك على نبينا صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك تناوله الشيخ رشيد ـ رحمه الله تعالى ـ.
المطلب الأول: تعريف الوحي:
عرف رشيد رضا الوحي في اللغة فقال: "
…
إنه الإعلام الخفي السريع الخاص بمن يوجه إليه بحيث يخفى على غيره، ومنه: الإلهام الغريزي كالوحي إلى النحل، وإلهام الخواطر بما يلقيه الله في روع الإنسان السليم الفطرة، كالوحي إلى أم موسى، ومنه ضده وهو وسوسة الشيطان، قال تعالى:{وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} 1، وقال:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} 2
…
" 3.
1 سورة الأنعام، الآية (121)
2 سورة الأنعام، الآية (112)
3 الوحي المحمدي (ص: 44)، وانظر أيضاً: مجلة المنار (4/ 252 و6/ 864)
وأما الوحي شرعاً فقد عرفه الشيخ رشيد أيضاً، فقال: "
…
هو ما أنزله الله على أنبيائه وعرفهم به من أنباء الغيب والشرائع والحكم، ومنهم من أعطاه كتاباً، أي تشريعاً يكتب ومنهم من لم يعطه
…
" 1.
أنواع الوحي:
ويبين الشيخ رشيد أنواع الوحي معتمداً على قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} 2، قال: "فالآية الشريفة ناطقة بأن طرق كلام الله لأنبيائه ثلاثة: أحدها الوحي بلا واسطة
…
وهذا التلقي قد يكون بالإلهام وعبرت عنه الآية بالوحي المطلق. وهذا الحرف مستعمل في القرآن بمعنى الإلهام كما قال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً} 3
…
وقال جل ذكره: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} 4 الآية وليس كل موحى إليه بالإلهام الصحيح نبياً أو مرسلاً، بل النبي هو الموحى إليه بالدين الذي يرشد به الناس والرؤيا الصادقة من هذا القسم وكانت أول وحي نبينا عليه الصلاة والسلام، وأدخل بعضهم الإلقاء في القلب في معنى وحي الإلهام
…
ولكن ورد في الحديث ذكر الإلقاء والنفث في الروع مضافاً إلى روح القدس، فيدل على أنه من القسم الثالث وهو الوحي بواسطة الرسول
…
" 5. فهذا النوع الأول هو المراد بقوله تعالى: {إِلَّا وَحْياً} .
أما النوع الثاني من الوحي فقد قال في تعريفه: "
…
والكلام من وراء حجاب: هو أن يسمع كلام الله من حيث لا يراه، كما سمع موسى عليه السلام النداء من وراء الشجرة
…
" 6. وأما النوع الثالث فهو الوحي بواسطة
1 الوحي المحمدي) ص: 44)
2 سورة الشورى، الآية (51)
3 سورة النحل، الآية (68)
4 سورة القصص، الآية (7)
5 مجلة المنار (4/ 252)
6 الوحي المحمدي (ص: 45)