المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: نشأة رشيد رضا على مذهب الأشعرية وتحوله عنه: - منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة

[تامر محمد محمود متولي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

-

- ‌الفصل الأول: دراسة لعصر رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: الحياة السياسية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الحياة السياسية في الدولة العثمانية:

- ‌المطلب الثاني: الحياة السياسية في مصر

- ‌المطلب الثالث: الحياة السياسية في الشام:

- ‌المبحث الثاني: الحالة العلمية

- ‌المطلب الأول: الحياة العلمية في مصر

- ‌المطلب الثاني: الحياة العلمية في الشام:

- ‌المبحث الثالث: الحياة الدينية:

- ‌الفصل الثاني: دراسة لحياة رشيد رضا الشخصية

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده ونشأته وصفاته

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أخلاقه وصفاته:

- ‌المبحث الثاني: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الأول: نشأته العلمية:

- ‌المطلب الثاني: هجرته إلى مصر:

- ‌المبحث الثالث: شيوخه:

- ‌المبحث الرابع: مذهبه وآرؤه الفقهية

- ‌المطلب الأول: مذهب رشيد رضا الفقهي

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد من ربا الفضل

-

- ‌المبحث الخامس:أثر الشيخ رشيد رضا في العالم الإسلامي

- ‌المطلب الأول: أثر المنار في مصر والهند

- ‌المطلب الثاني: مدرسة دار الدعوة والإرشاد:

- ‌المطلب الثالث: مؤلفات رشيد رضا:

- ‌المطلب الرابع: الكتابات حول رشيد رضا:

- ‌المبحث السادس: وفاة الشيخ رشيد:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في الاستدلال وموقفه من علم الكلام

- ‌‌‌تمهيد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: مصادر التلقي عند رشيد رضا

- ‌المطلب الأول: القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: السنة النبوية:

- ‌المطلب الثالث: الإجماع:

- ‌المطلب الرابع: الفطرة:

- ‌المطلب الخامس: العقل:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الاستدلال عند الشيخ رشيد رضا

- ‌القاعدة الأولى: الإيمان بظاهر القرآن

- ‌القاعدة الثانية: الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الثالثة: رفض التأويل:

- ‌القاعدة الرابعة: الردّ عند التنازع إلى الكتاب والسنة:

- ‌القاعدة الخامسة: مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم:

- ‌القاعدة السادسة: درء التعارض بين العقل والنقل:

- ‌القاعدة السابعة: المحكم والمتشابه:

- ‌المبحث الثالث موقف الشيخ رشيد من علم الكلام

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: نشأة رشيد رضا على مذهب الأشعرية وتحوله عنه:

- ‌المطلب الثاني: مخالفة رشيد رضا للمتكلمين:

- ‌المبحث الرابع:‌‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌ موقف الشيخ رشيد من ابن تيمية ومدرسته

- ‌المبحث الخامس: موارد رشيد رضا في العقيدة

- ‌أولاً: مؤلفات ابن تيمية

- ‌ثانياً مؤلفات ابن القيم (ت: 751هـ) ومدرسة ابن تيمية:

- ‌ثالثاً: مصادر أخرى:

- ‌الباب الأول: منهج رشيد رضا في الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: تعريف رشيد رضا الإيمان ومباحثه

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان في اللغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الإيمان في الشرع:

- ‌المطلب الثالث: أدلة أهل السنة على خصال الإيمان الثلاثة:

- ‌المبحث الثاني: الصلة بين "الإيمان" و"الإسلام

- ‌المبحث الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه

-

- ‌المبحث الرابع: الكبائر

- ‌المطلب الأول: تعريف الكبيرة وحكم مرتكبها:

- ‌المطلب الثاني: التكفير:

- ‌الفصل الثاني: منهج رشيد رضا في إثبات الربوبية

- ‌مدخل

- ‌في تقسيم التوحيد عند رشيد رضا

- ‌المبحث الأول: تعريف الربوبية

- ‌المطلب الأول: معنى كلمة "رب" في اللغة

- ‌المطلب الثاني: المعنى الشرعي لتوحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثاني: منهج رشيد رضا في أدلة معرفة الله تعالى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الفطرة عند الشيخ رشيد رضا:

- ‌المطلب الثاني: النظر في الملكوت:

- ‌المطلب الثالث: الرسل وآياتهم:

- ‌المطلب الرابع: الاحتياط الواجب:

- ‌المطلب الخامس: موقف رشيد رضا من مسألة "حدوث العالم

- ‌المبحث الثالث: بدء الخلق:

- ‌الفصل الثالث: منهج رشيد رضا في إثبات الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الأسماء الحسنى

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الناس من الأسماء الإلهية:

- ‌المطلب الثاني: مسألة الاسم والمسمى

- ‌المطلب الثالث: مصادر معرفة أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الرابع: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الخامس: معنى إحصاء أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: الإلحاد في أسماء الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: قواعد الصفات

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات وتقرير الشيخ رشيد له جملة

- ‌المطلب الثاني: موقف الشيخ رشيد من قواعد المتكلمين:

- ‌المبحث الثالث: الصفات التي تكلم عليها رشيد رضا

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تقسيم الصفات:

- ‌المطلب الثاني: صفات الذات العقلية:

- ‌المطلب الثالث: صفات الفعل العقلية:

- ‌المطلب الرابع: صفات الذات الخبرية:

- ‌الفصل الرابع: منهج رشيد رضا في إثبات الألوهية ونفي الشرك والبدع

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الألوهية

- ‌المطلب الأول: تعريف الإله

- ‌المطلب الثاني: العبادة

- ‌المطلب الثالث: بعض أنواع العبادة التي ذكرها رشيد رضا

- ‌المبحث الثاني: نفي الشرك ومظاهره

- ‌تميهد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشرك:

- ‌المطلب الثاني: أقسام الشرك:

- ‌المطلب الثالث: منشأ الشرك:

- ‌المطلب الرابع: مفاسد الشرك ومساوئه:

- ‌المطلب الخامس: مظاهر الشرك:

-

- ‌المبحث الثالث: رفض البدع ومظاهرها

- ‌المطلب الأول: تعريف البدعة لغة وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: مظاهر البدع التي تعرض لها الشيخ رشيد رضا

- ‌الفصل الخامس: منهج رشيد رضا في إثبات القدر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: موقف رشيد رضا من الفرق في القدر

- ‌المبحث الأول: تعريف القدر: لغة وشرعاً

- ‌المطلب الأول: تعريف القدر لغة

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالقدر شرعاً:

- ‌المبحث الثالث: بيان رشيد رضا لأركان القدر

- ‌المطلب الأول: العلم

- ‌المطلب الثاني: الكتابة:

- ‌المطلب الثالث: الإرادة:

- ‌المطلب الرابع: الخلق:

- ‌المبحث الرابع: القدر والأسباب

- ‌المبحث الخامس: الهدى والضلال:

- ‌المبحث السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى

- ‌المبحث السابع: الحسن والقبح:

- ‌المبحث الثامن: الصلاح والأصلح

- ‌المبحث التاسع: العمر، والرزق، والدعاء:

- ‌المبحث العاشر: الكونيات والشرعيات:

- ‌المبحث الحادي عشر: الاحتجاج بالقدر:

- ‌الباب الثاني: منهج رشيد رضا في الإيمان بالملائكة والكتب والرسل

- ‌الفصل الأول: الإيمان بالملائكة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الملائكة

- ‌المطلب الأول: وجوب الإيمان بالملائكة جملة وتفصيلاً

- ‌المطلب الثاني: وظائف الملائكة وخصائصهم:

- ‌المطلب الثالث: التفاضل بين الملائكة والأنبياء:

-

- ‌المبحث الثاني: الجن والشياطين:

- ‌المطلب الأول: معنى الجن والشيطان:

- ‌المطلب الثاني: رؤية الجن:

- ‌المطلب الثالث: دخول الجن في جسم الإنسان:

- ‌الفصل الثاني: الإيمان بالكتب

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: القرآن

- ‌المبحث الثاني: التوراة:

- ‌المبحث الثالث: الإنجيل:

- ‌الفصل الثالث: الإيمان بالرسل

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي والرسول:

- ‌المبحث الثاني: الحاجة إلى الوحي والنبوة:

- ‌المبحث الثالث: معنى الوحي وأنواعه، وشبهة الوحي النفسي

- ‌المطلب الأول: تعريف الوحي

- ‌المطلب الثاني: الوحي النفسي:

- ‌المطلب الثالث: الوحي والنبوة عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث الرابع: عدد الرسل:

- ‌المبحث الخامس: صفات الرسل ووظائفهم

- ‌المطلب الأول: صفات الرسل

- ‌المطلب الثاني: وظيفة الرسل:

- ‌المبحث السادس: عصمة الأنبياء

- ‌المطلب الأول: تعريف العصمة

- ‌المطلب الثاني: بعض مسائل العصمة:

- ‌المطلب الثالث: الأدلة العقلية والنقلية على ثبوت العصمة:

- ‌المطلب الرابع: دفع شبهات حول العصمة:

- ‌المطلب الخامس: عصمة الأنبياء عند أهل الكتاب:

- ‌المبحث السابع: آيات الأنبياء، وكرامات الأولياء، وخوارق الأشقياء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريف الشيخ رشيد للآية والمعجزة:

- ‌المطلب الثاني: أنواع الآيات:

- ‌المطلب الثالث: كرامات الأولياء:

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين آيات الأنبياء وخوارق الأشقياء:

- ‌المبحث الثامن: نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: حاجة العالم لبعثة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: أدلة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث التاسع: منهج رشيد رضا في الصحابة:

- ‌المبحث العاشر: الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الأول: تعريف الخلافة والإمامة

- ‌المطلب الثاني: طرق التولي:

- ‌المطلب الثالث: وظيفة الإمام:

- ‌المطلب الرابع: ما يخرج به الخليفة عن الإمامة:

- ‌المطلب الخامس: تعدد الأئمة:

- ‌الباب الثالث: منهج محمد رشيد رضا في الإيمان باليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: منهج رشيد رشا لليوم الآخر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: إثبات الشيخ رشيد لليوم الآخر جملة وحكمه:

- ‌المبحث الثاني: الموت والبرزخ:

- ‌الفصل الثاني: البعث وأدلته

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: أدلة البعث

- ‌المطلب الأول: النشأة الأولى

- ‌المطلب الثاني: الاستدلال على البعث بالخلق:

- ‌المطلب الثالث: المشاهدة:

- ‌المطلب الرابع: قدرة الله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: البعث يكون بالجسد والروح:

- ‌الفصل الثالث: الساعة وأشراطها

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الساعة

- ‌المطلب الأول: تعريف الساعة لغة واصطلاحاً وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: علم الساعة:

- ‌المبحث الثاني: أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: موقف الشيخ رشيد من أشراط الساعة جملة:

- ‌المطلب الثاني: موقف رشيد رضا من أشراط الساعة تفصيلاً:

- ‌الفصل الرابع: الصور والموازين

- ‌المبحث الأول: الصور

- ‌المبحث الثاني: الموازين:

- ‌الفصل الخامس: الجنة والنار

- ‌المبحث الأول: الجنة ونعيمها

- ‌المبحث الثاني: النار وعذابها:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الأول: نشأة رشيد رضا على مذهب الأشعرية وتحوله عنه:

‌المطلب الأول: نشأة رشيد رضا على مذهب الأشعرية وتحوله عنه:

لقد نشأ الشيخ رشيد ـ يوم نشأ ـ على ما ينشأ عليه لداته وأترابه من طلبة العلم، فدرس الكتب المتداولة يومه ذاك، فقرأ "أم البراهين" و "جوهرة التوحيد" وشروحهما 1 على شيوخه الأزهريين. وكان الطالب يومئذ يُعد ليكون متكلماً مجادلاً، وفقيهاً مقلداً. وكان الشيخ رشيد يحاول أن يفهم ما في هذه الكتب التي لُقنها في بداية طلبه للعلم في طرابلس الشام، ويحاول أن يُفهمها للعوام فيعجز عن ذلك 2. وكان ـ متأثراً بهذه النشأة ـ يرى:"أن كتب الأشاعرة هي وحدها منبع الدين وطريق اليقين" 3، وكان ينظر إلى آراء السلف في هذه الكتب فيحسب أنهم "قوم جمدوا على ظواهر النقول وما فهموها حق فهمها ولا عرفوا حقائق العلوم وطابقوا بين النقل وبينها"4. وبقي الشيخ رشيد على هذا، حتى أنشأ المنار وشرع في شرح العقيدة في "أمالي دينية" اعتمد فيها على ما نشأ عليه من كتب المتكلمين، فأخذ يشرح ـ في الإيمان بالله ـ اصطلاحات المتكلمين: الوجوب والواجب، الاستحالة والمستحيل، الإمكان والممكن، الترجيح بلا مرجح، حدوث العالم، معتمداً في ذلك على "السنوسي" 5 والإيجي" 6 وكان يرى أن هذه الكتب هي أمثل كتب العقائد 7.

1 انظر: مجلة المنار (1/ 472ـ 473، 2/ 421، و 23/ 124)

2 انظر: مجلة المنار (33/ 124)

3 انظر: مجلة المنار (8/ 614)

4 المصدر السابق والصفحة.

5 هو: محمد بن يوسف السنوسي الحسيني، عالم تلمسان في عصره، له العقيدة الكبرى والصغرى وغيرهما. الزركلي: الأعلام (7/ 154)

6 هو: عبد الرحمن بن أحمد عضد الدين، عالم بالأصول والمعاني والعربية، له: المواقف في علم الكلام، والعقائد العضدية وعليها حاشية للجلال الدواني. الزركلي: الأعلام (3/ 295)

7 انظر: مجلة المنار (2/ 522، و 2/ 506 ـ 507)

ص: 176

ولكن ما لبث الشيخ رشيد أن تحول تدريجياً ـ عن هذا الاتجاه ـ وأقول تدريجياً ـ لأن الأفكار لا تتحول في يوم وليلة ـ ولا سيما أن الشيخ رشيد قد رافق رجلاً ـ أول عهده قد تأثر بالفلسفة القديمة والحديثة، وارتبط به ارتباطاً وثيقاً حتى صار " ترجمان أفكاره" هذا الرجل هو الشيخ محمد عبده. لذا كان التحول تدريجياً وزادت سرعته بعد وفاة أستاذه 1. ولكن متى كانت بداية هذا التحول؟

إن أول مرة ورد فيها اسم عالم سلفي في مجلة المنار كان في المجلد الثالث، فقد ذكر الشيخ رشيد اسم "العلامة ابن القيم" في أثناء رده على طائفة الجبربة23، وفي المجلد الثالث أيضاً وقف الشيخ رشيد على إحدى رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية، وهي "الواسطة بين الحق والخلق" فقرظها في مناره 4. ورغم أن الشام هي الموطن الأصلي لشيخ الإسلام إلا أن الشيخ رشيد لم يعرفه هناك، وربما كان السبب في ذلك أن كتب شيخ الإسلام قد تعرضت لحملات إبادة من خصوم دعوته 5.

ومهما يكن من شيء، وبدءاً من هذا المجلد الثالث ارتبط الشيخ رشيد بمؤلفات السلف، وكان لانتشار مجلة المنار في العالم الإسلامي أثر كبير في ذلك، فلقد استطاع أن يحصل على مؤلفات شيخ الإسلام التي انتشرت في كل مكان بواسطة قرائه السلفيين في العالم الإسلامي 6.

1 توفي الشيخ محمد عبده يوم الثلاثاء ثامن جمادى الأولى 1323هـ. = 19 يوليو 1905م. انظر: مجلة المنار (8/ 378)

2 نسبة إلى الجبر: وهو في باب القدر مذهب الذين يقولون: إن الإنسان مجبور على أفعاله الاختيارية؛ كالريشة المعلقة في الهواء. انظر: البغدادي: الفرق بين الفرق.

3 انظر: مجلة المنار (3/ 439/) ثم ذكر اسم شيخ الإسلام وقرظ بعض كتبه (3/ 651)

4 وأعاد ذلك في 4/ 272 و 463 وانظر: 3/ 651)

5 انظر: ناصر الدين الألباني: مقدمة الكلم الطيب (ص: 3)

6 انظر: مجلة المنار (26/ 243) وبنفس الطريقة وصلت إليه كتب ابن القيم: انظر: مجلة المنار (6/ 500) وقبله وصله: لوامع الأنوار. وانظر: مجلة المنار (10/ 145)

ص: 177

وفي المجلد السابع من المجلة تحديداً حدث تغيير أساسي في منهج الشيخ رشيد، مما حدا به إلى أن يسمي هذا العام بـ" سن التمييز":"فقد دخل المنار في العام السابع من حياته، وهو سن التمييز في الحياة الشخصية، ولعل حياته تكون في هذا الطور خيراً منها فيما قبله إن شاء الله تعالى 1". وفي هذه السنة وقع كتاب "لوامع الأنوار" للسفاريني الحنبلي 2، في يد الشيخ رشيد بواسطة "بعض محبي العلم والدين من العرب" 3، فأرسل منه نسخة خطية للشيخ رشيد فطبع منها عدداً من النسخ وقفاً على طلبة العلم في بلاد مختلفة، وطبع منه الشيخ رشيد على نفقته عدداً آخر 4، ويحسن أن أنقل كلام الشيخ رشيد عن هذا الكتاب، إذا يبدو لي أن هذا الكتاب كان أول الطريق السلفي الذي سار فيه الشيخ رشيد، وتعرف منه ـ ومن خلال ما ينقله السفاريني عن كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ـ على منهج السلف في مسائل العقيدة، يقول: الشيخ رشيد تحت عنوان: "شرح عقيدة السفاريني":" للشيخ محمد بن أحمد السفاريني الأثري الحنبلي رحمه الله تعالى عقيدة منظومة اسمها: "الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية" بلغني أن الشيخ حسناً الطويل 5، ـ عليه الرحمة ـ قال لما اطلع عليها ما معناه: إن هذه أول عقيدة إسلامية اطلعت عليها. ولناظمها شرح مطول عليها سماه: لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية" جمع فيها المؤلف أقوال السلف والخلف ومذاهب الفرق في مسائل

1 مجلة المنار (7/ 1) وفي هذه التسمية دليل على أنه في الأعوام السابقة كان مختلطاً

2 هو محمد بن أحمد بن سالم النابلسي الحنبلي عالم بالحديث والأصول والأدب، صاحب تصانيف، ولد 1114، وتوفي 1189هـ. انظر: ترجمته: محمد خليل المرادي: سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر (4/31) ط. مكتبة المثنى بغداد. والزركلي: الأعلام: (6/ 14)

3 انظر: مجلة المنار (10/ 145)

4 المصدر نفسه والصفحة.

5 هو حسن بن أحمد بن علي، فاضل مصري، مالكي أزهري، جاهر بنصرة مهدي السودان، كان شديداً على المبتدعة، له كتاب في التفسير، ت: 1317هـ = 1899م. انظر: الزركلي: الأعلام (2/ 183)

ص: 178

الاعتقاد، وبين رجحان مذهب السلف على غيره، مؤيداً ذلك بالدلائل النقلية وكذا العقلية فيما يستدل على مثله بالعقل، واقتبس جل تحقيقاته فيه من كلام الإمامين الجليلين شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه المحقق ابن القيم عليهما الرحمة والرضوان.. وجملة القول: إن هذا الكتاب لا يستغنى عنه بشيء من كتب العقائد التي يتداولها طلاب العلم، وكلها من وضع المتكلمين الذين جروا علىطريقة فلاسفة اليونان.."1. لقد وصل كتاب لوامع الأنوار للشيخ رشيد مبكراً، إذ أن أول نقل عنه كان في أثناء المجلد السابع، ولكنه كان يحتاج إلى وقت حتى يقرأ الكتاب قبل الشروع في طبعه ونشره، فمن المرجح أنه وصل إليه قبل ذلك بكثير.

ومهما يكن من شيء فبدءاً من المجلد السابع بدأ الشيخ رشيد ينقل عن السفاريني تصريحاً، فينقل نصوصاً كاملة من الدرة وشرح السفاريني عليها 2. وصار بعد ذلك اعتماد الشيخ رشيد في دروسه الدينية على هذا الكتاب وحده بدلاً من " الإيجي" " والتفتازاني" 3 وفي إحدى هذه المرات يعلق الشيخ قائلاً: " كنا عند ابتداء الاشتغال بعلم الكلام نرى في الكتب خلاف الحنابلة فنحسب أنهم قوم جمدوا على ظواهر النقول

ثم اطلعنا على كتب القوم فإذا هي الكتب التي تجلي للمسلمين طريقة السلف المثلى، وإذا بقارئها يشعر ببشاشة الإيمان، ويحس بسريان برد الإيقان، وإذا الفرق بينها وبين كتب الأشاعرة كالفرق يبن من يمشي على الصراط السوي ومن يسبح في بحر لجيّ، تتدافعه أمواج الشكوك الفلسفية وتتجاذبه تيارات المباحث النظرية، وقد ظهر لي أن مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم.."4. ومن ذلك الحين ـ وكما ذكرت ـ صار اعتماد الشيخ على

1 وقد طبعه الشيخ رشيد بمطبعته باسم: " لوائح الأنوار" انظر: المجلة (10/ 145)

2 انظر: مجلة المنار (7/ 857و 859، 8/ 614، 8/ 649، 9/ 23 ـ 34، 9/ 81/ 110و 196ـ 204)

3 هو مسعود بن عمر من أئمة العربية والبيان، له "شرح العقائد النسفية" وغيرها. توفي سنة 793هـ. انظر: الزركلي: الأعلام (7/219)

4 مجلة المنار (8/ 620)

ص: 179

كتاب لوامع الأنوار أساسياً فقد نقل عنه من مسائل العقيدة في الكرامات 1، والمراد بمذهب السلف وذم الكلام 2، وفي القدر 3، وفي الإيمان 4، وقد انتهى الشيخ رشيد من طبع هذا الكتاب أثناء المجلد العاشر من مناره 5.

وعندما أعاد طبع الأجزاء الأولى من مجلة المنار بعد اثني عشر عاماً، علق عليه بعض التعليقات التي يظهر فيها تحوله عن مذهبه الأول 6.

وفي المجلد السابع عشر انتقد السنوسي قائلاً: "ما كتبه السنوسي رحمه الله من العقائد ولا سيما العقيدة الصغرى، التي انتشرت في المشرقين والمغربين وحذا حذوه فيها معلمو المدارس الرسمية وغيرها، حتى فيما يضعونه من العقائد للمبتدئين، وقاعدتها في الإلهيات: أن الواجب على كل مكلف شرعاً انه يؤمن بأنه يجب لله تعالى عشرون صفة، ويستحيل عليه أضدادها، واصطلاحه في هذه الصفات مخالف لما كان يفهمه السلف وأهل اللغة من معنى كلمة:"صفة" ومن إطلاقهم: الإيمان بصفات الله تعالى، فهو يعد الأمور الاعتبارية والعدمية صفات، فالوجود والمخالفة للحوادث ـ أي عدم الاحتياج إلى المكان، والمخصص صفتان لله تعالى عنده ـ والقدرة وكونه تعالى قادراً صفتان متغايرتان ولم ينقل مثل هذا عن أحد من الصحابة ولا التابعين، دع عدم ذكره في القرآن أو في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف نقتصر عليه ونجعله هو العمدة في تلقين عقيدة الإسلام..؟ "7. فهذا النقل يؤيد ما ذهبت إليه ـ من التحول التدريجي ـ للشيخ رشيد إلى مذهب السلف ـ وأكرر

1 انظر: المصدر نفسه (7/ 858)

2 المصدر نفسه (8/ 614)

3 المصدر نفسه (9/ 23 ـ 34)(9/ 81 ـ 110) .

4 المصدر نفسه (9/ 196ـ 204)

5 المصدر نفسه (10/ 145)

6 انظر: مجلة المنار (12/ 685) وانظر: على سبيل المثال: حاشية في (2/ 20) وأيضاً (2/ 13) حاشية و (2/ 18 حاشية) وانظر: مقدمة الطبعة الثانية للمنار (1/ 2)

7 مجلة المنار (17/ 739)

ص: 180