الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد انتشرت مجلة المنار في أرجاء العالم الإسلامي، وكان لهذا الانتشار أثره في نشر الأفكار السلفية في مجلة المنار. وبشكل خاص كان أثر المنار في مصر والهند ظاهراً وواضحاً.
المطلب الأول: أثر المنار في مصر والهند
منذ أن بدأ رشيد رضا العمل في مصر والدعوة إلى الإصلاح وهو يسعى لإيجاد جماعة تتولى هذه المهمة، وكان يود أن يكون محمد عبده هو الزعيم لهذه الجماعة، إذ كان يمهد السبيل لجعل الأستاذ الإمام زعيم الإصلاح السياسي في جميع بلاد الإسلام. وقد نجح رشيد رضا في وضع محمد عبده في مكانة بحيث لا يجرؤ أحد على مطاولته ولا النيل منه، وذلك بسبب الدعاية الكثيرة التي كان يقوم بها لصالح " الأستاذ الإمام" في مجلة المنار. 1.
لقد امتد فكر رشيد رضا وآراؤه في كل مصر، وأثر فيها أعمق الأثر، فلقد قامت جماعات كثيرة كلها تزعم أنها امتداد لرشيد رضا ومنهجه الإصلاحي، وكان من أبرز هذه الجمعيات التي اتفقت أفكارها ونشاطاتها مع رشيد رضا الإصلاحية؛ جمعية " الشبان المسلمين" التي قامت في حياته، وكان هو من مؤسسي هذه الجمعية، وعضواً في مجلس إدارتها وقام بوضع قانونها الأساسي بصورته النهائية 2.
وفي اجتماعات" جمعية الشبان المسلمين" التقى برشيد رضا: حسن البنا، الذي أنشأ جماعة فيما بعد، وأراد أيضاً أن يجعلها امتداداً لعمل رشيد رضا الإصلاحي، وأنها امتداد له؛ مستشهداً في ذلك ببعض عبارات رشيد
1 أصبح في مصر لا يستطيع أحد أن ينتقد محمد عبده ويعد انتقاده كافياً كدليل على فساد قول صاحبه: انظر: مجلة المنار (33/ 40)
2 انظر: مجلة المنار (28/788) وأحمد الشوابكة: رشيد رضا ودوره في الحياة الفكرية والسياسية (ص: 160)
رضا 1، وحاول حسن البنا أن يتخذ من كلمات رشيد رضا دستوراً لجماعتة 2.
غير أن الجماعة التي تعتبر بحق امتداداً لرشيد رضا بكل ما فيه من حسنات وغيرها، هي " جماعة أنصار السنة" الذي أسسها الشيخ محمد حامد الفقي، أحد علماء الأزهر وخطباء الأوقاف وتلامذة رشيد رضا في دار الدعوة والإرشاد، ولقد اقتبس الفقي اسم جماعته من عبارة رشيد رضا "أنصار السنة المحمدية" 3. ولقد ورثت هذه الجماعة رشيد رضا وتبنت أفكاره وآراءه ومنهجه في الإصلاح حتى أنني أستطيع القول: بأن كل حسنة لرشيد رضا هي كذلك في جماعة " أنصار السنة" وكل انتقاد وجه إليه سيوجه إليها أيضاً، وكل المواقف التي اتخذها قد تبنتها فيما بعد هذه الجماعة 4.
ومن أمثلة ذلك: الموقف المتشدد من كرامات الأولياء حتى اشتهر أن أنصار السنة ينكرونها، وأيضاً مسألة السحر، فقد ورثت الجماعة موقف رشيد رضا من السحر جملة بأنه لا حقيقة له، وهو مجرد تأثير قوى النفس، وكذلك مسألة الأحاديث والاقتصار على الصحيحين، والمهدي، وسيأتي بيان ذلك تفصيلاً في محله، وفيما يتعلق بحامد الفقي، فقد وجه إليه انتقاد بشأن كلامه عن الملائكة5، وكذلك الجن 6.
كما ورثت الجماعة حسناته كما هو معلوم باتباعها منهج السلف
1 انظر: مجلة المنار (35/ 1ـ 5)
2 انظر: مجلة المنار (35/5)
3 تفسير المنار (7/143)
4 على أن ذلك لم يكن عاماً، فقد كان موجوداً لا سيما بين المقربين من رشيد رضا، ويتلا شى كلما بعد به العهد.
5 انظر: المعصومي: تنبيه النبلاء من العلماء إلى قول حامد الفقي إن الملائكة غير عقلاء، ط. المطبعة السلفية بمصر، سنة 1374هـ
6 انظر: أحمد شاكر بيني وبين حامد الفقي (ضمن كلمة حق) ط. المكتبة السلفية بمصر، الأولى.
الصالح والدعوة إليه، في جميع أبواب الدين لا سيما التوحيد والصفات، ونبذ التقليد والعصبية المذهبية 1.
أثر المنار في الهند:
لقد وصلت مجلة المنار إلى الهند وبواسطتها تعرف الهنود على رشيد رضا وخطته الإصلاحية، وكان رشيد رضا شديد الاهتمام بمسلمي الهند، لذا فقد خص أبناء مسلمي الهند بنصيب وافر من مدرسة الدعوة والإرشاد، فتخرج فيها من الهنود من كان له جهود علمية وعملية في تحقيق الإصلاح الديني والتعليمي لدى مسلمي الهند. وقامت عدة جمعيات ومؤتمرات تدعو للعود إلى الإسلام في صورته الأولى ومحاربة البدع والخرافات المنتشرة بين المسلمين والاهتمام بالعلوم العصرية وإدخالها المدارس 2.
وكانت نقطة الالتقاء بين رشيد رضا وعلماء الهند هي الاهتمام بعلوم السنة والحديث بشكل خاص 3، واعترافاً من علماء الهند بدور رشيد رضا وريادته للإصلاح الذي يسعون إليه فقد دعته جمعية "ندوة العلماء" لرئاسة مؤتمرها السنوي 4.
ولم يقف أثر المنار عند مصر والهند، بل ذهبت المنار إلى أماكن كثيرة في العالم الإسلامي، فقد وصلت إلى أندونيسيا والمغرب العربي، وتونس والجزائر، وإلى استانبول وعمان والعراق والكويت 5.
1 انظر: أبو الوفاء درويش: مجلة التوحيد: السنة الخامسة والعشرون/ ذو القعدة 1417هـ (من روائع الماضي، ص: 61) وما بعدها. وعبد الرحمن الوكيل: الصفات الإلهية، ط. دار لينا.
2 انظر: مجلة المنار (27/ 634) وانظر: أيضاً (16/ 77) وما بعدها
3 انظر: مقدمة مفتاح السنة (ص: ق) ومجلة المنار (30/ 673)
4 انظر: مجلة المنار (16/ 77ـ 80، 104ـ 106)
5 انظر: مجلة المنار (16/ 396)