الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنصب بعد فراغه 1.
1 لقد عقد مؤتمر بالقاهرة يناقش هذه المسألة، وأشيع يومئذ أن هذا المؤتمر كان لغرض ترشيح أحد ملوك ذلك الوقت لهذا المنصب: انظر: مجلة المنار (27/ 208 و280 و370 و449 و458) وأيضاً (25/ 525 و599 و26/ 789) وانظر: رسالة رشيد رضا لهذا المؤتمر: مجلة المنار (27/ 138)
المطلب الثاني: طرق التولي:
ذكر الشيخ رشيد ثلاث طرق للولاية: أحدها: المبايعة، فقال: "الإمامة عقد تحصل بالمبايعة من أهل الحل والعقد لمن اختاروه إماماً للأمة، بعد التشاور بينهم، والأصل في البيعة أن تكون على الكتاب والسنة وإقامة الحق والعدل من قبله، وعلى السمع والطاعة في المعروف من قبلهم
…
وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يلقنهم قيد الاستطاعة عند المبايعة، وقد بايعوه أيضاً على الإسلام، وعلى الهجرة، وعلى الجهاد، والصبر وعدم الفرار من القتال، وعلى بيعة النساء المنصوصة في القرآن 2
…
" 3.
وهذه الطريق هي إحدى الطرق الصحيحة عند أهل السنة 4.
وأما الطريق الثاني التي يقررها رشيد رضا فهي التولية بالاستخلاف والعهد، فيقول: "اتفق الفقهاء على صحة استخلاف الإمام الحق والعهد منه بالخلافة إلى من يصح العهد إليه على الشروط المعتبرة فيه، أي في الإمام الحق، فالعهد أو الاستخلاف لا يصح إلا من إمام مستجمع لجميع شروط الإمامة لمن هو مثله في ذلك. هذا شرط العهد إلى فرد، واستدلوا على ذلك باستخلاف أبي بكر لعمر، وأما العهد إلى الجميع وجعله شورى في
2 انظر: سورة الممتحنة، الآية (12)
3 الخلافة (ص: 33)
4 انظر: الماوردي: الأحكام السلطانية (ص: 33)
عدد محصور من أهل الحل والعقد، فاشترطوا فيه أن تكون الإمامة متعينة لأحدهم، بحيث لا مجال لمنازعة أحد لمن يتفقون عليه منهم، وهو الموافق لجعل عمر إياها شورى في الستة رضي الله عنهم
…
" 1. ويرى الشيخ رشيد أن هذه الطريق وإن كانت صحيحة فهي متوقفة على إقرار أهل الحل والعقد للخليفة المستخلف احترازاً عن وضعها في غير موضع باستخلاف من ليس أهلاً لها ولا مستجمعاً لشروطها. قال: "وأما المتغلبون بقوة العصبية فعهدهم واستخلافهم كإمامتهم، وليس حقاً شرعياً لازماً لذاته، بل يجب نبذه كما تجب إزالتها، واستبدال إمامة شرعية بها عند الإمكان والأمان من فتنة أشد ضرراً على الأمة منها، وإذا زالت بتغلب آخر فلا يجب على المسلمين القتال لإعادتها
…
" 2.
وسيأتي الكلام حول مسألة الخروج على الإمام الفاسق والكافر غير أني أشير هنا إشارة إلى أن محاولات الخروج على أئمة الجور قديماً وحديثاً قد أدت دائماً إلى ما هو أشد من جورهم، حتى كانت ولايتهم بالنسبة لما حدث بعدهم نعمة ود الناس لو دامت عليهم.
والطريق الثالث التي يكون بها الخليفة هي طريق الضرورة والغلبة، وخلافة الضرورة ـ كما يراها الشيخ رشيد ـ هي خلافة من لم يستجمع شروط الخلافة المعتبرة، فإذا تعذر وجود بعض الشروط تدخل المسألة في حكم الضرورات، والضرورات ـ كما يقول الشيخ رشيد ـ تقدر بقدرها فيكون الواجب حينئذ مبايعة من كان مستجمعاً لأكثر الشرائط من أهلها، مع الاجتهاد والسعي لاستجماعها كلها
…
3.
وأما خلافة التغلب ـ وهي جائزة للضرورة أيضاً ـ إلا أن الفرق بينها وبين ما قبلها أن الأولى صدرت من أهل الحل والعقد باختيارهم لمن هو أمثل الفاقدين لبعض الشرائط
…
وأما الثانية: فصاحبها هو المعتدي على
1 الخلافة (ص: 41)
2 الخلافة (ص: 42)
3 الخلافة (ص: 43)
الخلافة بقوة العصبية لا باختيار أهل الحل والعقد له، لعدم وجود من هو أجمع للشرائط منه، فذاك يطاع اختياراً، وهذا يطاع اضطراراً
…
" 1.
ويثبت الشيخ رشيد كما وضح من النص السابق وجوب طاعة الإمام في كلا الحالتين.
غير أنه يقول إن حالة سلطة التغلب كأكل الميتة ولحم الخنزير عند الضرورة لتنفذ بالقهر وتكون أدنى من الفوضى. ومقتضاه ـ كما يقول ـ "إنه يجب السعي دائماً لإزالتها عند الإمكان، ولا يجوز أن توطن النفس على دوامها
…
" 2.
والحق أن الاستخلاف بالغلبة متى تم واستقر أصبح له حكم الخلافة الشرعية من وجوب الطاعة وعدم الخروج 3، وهو الواجب على الرعية الذي بينه الشيخ رشيد فيما يلي:
طاعة أولي الأمر:
قال الشيخ رشيد: "ومتى تمت البيعة وجب بها على المبايعين وسائر الأمة بالتبع لهم الطاعة للإمام في غير معصية الله والنصرة له، وقتال من بغى عليه أو استبد بالأمر دونه
…
وأهم ما يجب التذكير به من طاعة الإمام الحق على كل مسلم، وكذا إمام الضرورة أو التغلب على كل من بايعه بالذات، ومن لزمته بيعة أهل الحل والعقد ـ أداء زكاة المال والأنعام والزرع والتجارة والجهاد الواجب وجوباً كفائياً على مجموع الأمة
…
كما يجب عليهم طاعة من ولاهم أمر البلاد من الولاة السياسيين والقضاة، وقواد الجيوش دون غيرهم، ويجب على هؤلاء الخضوع له فيما يفيد به سلطتهم، وفي عزله إياهم إذا عزلهم، والشرط العام في الطاعة أن لا تكون في معصية الله تعالى
…
" 4.
1 المصدر نفسه (ص: 45)
2 الخلافة (ص: 45)
3 انظر: ابن أبي العز: شرح الطحاوية (ص: 379) ط. المكتب الإسلامي.
4 الخلافة (ص: 34)