الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أبواب ما يصلى فيه
1 - باب ما جاء في الصّلاة في ثوب واحد وصفة لبسه
• عن أبي هريرة أن سائلًا سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الصّلاة في ثوب واحد. فقال: "أو لِكُلِّكم ثوبان؟ ".
متفق عليه: رواه مالك في صلاة الجماعة (30) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البخاريّ في الصّلاة (358)، ومسلم في الصّلاة (519) كلاهما من طريق مالك.
ورواه أيضًا البخاريّ (365) عن سليمان بن حرب، قال حَدَّثَنَا حمّاد بن زيد، عن أيوب، عن محمد (وهو ابن سيرين) عن أبي هريرة فذكر مثله وفيه: ثمّ سأل رجل عمر، فقال: إذا وسَّع الله فأوسعوا، جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقَباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقباء، في تُبَّان وقباء، في تبان وقميص، قال: وأحسبه قال: في تبان ورداء".
ورواه مسلم من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب فاكتفى بالمرفوع، ولم يذكر قول عمر.
وقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "أو لِكُلِّكم ثوبان" يدل على ضيق الحال التي كانوا عليها.
يقول أبو هريرة: رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء، إمَّا إزار وإمَّا كساء، قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بده كراهية أن تُري عورتُه".
رواه البخاريّ في الصّلاة (442) عن يوسف بن عيسى قال: حَدَّثَنَا ابن فُضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة فذكره.
• عن أبي هريرة قال: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "لا يُصلِّي أحدكم في الثوب الواحد، ليس على عاتقيه شيء".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصّلاة (359)، ومسلم في الصّلاة (516) كلاهما من طريق أبي الزّناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره. وزاد مسلم:"منه شيء".
وقوله: "ليس على عاتقيه شيء، أي: أنه لا يتزر في وسطه، ولا يشد طرفي الثوب في حقويه، بل يتوشح بهما على عاتقيه ليحصل الستر لجزء من أعالي البدن، وإن كان ليس بعورة.
أو لكون ذلك أمكن في ستر العورة. كذا في الفتح.
والجمهور على أنَّ النهي نهي أدب، فإنه إذا غطَّى ما بين سرته وركبته صحتّ صلاته، ولكن
السُّنة أن يُصلي في إزار ورداء إذا وجدهما. كذا في "شرح السنة"(2/ 422) وسيأتي من حديث أبي هريرة، ما يؤيِّد هذا.
وقال الإمام أحمد وبعض السَّلف: لا تصح صلاته إذا قَدِر على وضع شيء على عاتقه إِلَّا بوضعه لظاهر الحديث.
• عن أبي هريرة يقول: أشهد أنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلَّى في ثوبٍ واحدٍ فليُخالف بين طرفيه".
صحيح: رواه البخاريّ في الصّلاة (360) عن أبي نُعيم، قال: حَدَّثَنَا شيبان (هو ابن عبد الرحمن) عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة. قال - أي يحيى بن أبي كثير - سمعتُه - أو كنت سألتُه - قال - أي عكرمة - سمعتُ أبا هريرة فذكره.
قوله: سمعتُه - أي قال يحيى: سمعت عكرمة، ثمّ تردد هل سمعه ابتداء، أو جواب سؤال منه.
قلت: السماع ابتداء أو بعد سؤال، فالسماع حاصل، والبخاري رحمه الله تعالى احتاط في استعمال صيغة الأداء، لأن يحيى بن أبي كثير وصف بالتدليس.
ولكن نقل الحافظ عن الإسماعيلي أنه قال: "لا أعلم أحدًا ذكر فيه سماع يحيى بن عكرمة - قال: يعني بالجزم، قال: وقد رويناه من طريق حسين بن محمد، عن شيبان بالتردد في السماع أو الكتابة أيضًا". قال الحافظ: "قد رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن يزيد بن هارون عن شيبان نحو رواية البخاريّ. قال: "سمعتُه" أو "كنت سألته فسمعته". انتهى.
قلت: وهذا يؤكد ما ذهب إليه البخاريّ من سماع يحيى بن أبي كثير عن عكرمة.
ومعنى الحديث كما قال البغوي في "شرح السنة"(2/ 423): "المراد منه أنه لا يشدّ الثوب على وسطه، فيصلي مكشوف المنكبين، بل يتَّزِرُ به، ويرفع طرفيه، فيخالفُ بينهما، ويشده على عاتقه، فيكون بمنزلة الإزار والرداء، وهذا إذا كان الثوب واسعًا، فإن كان ضيقًا شده على حَقْوِه".
والدليل عليه ما سيأتي من حديث جابر.
• عن محمد بن المنكدر قال: دخلتُ عليّ جابر وهو يُصَلِّي في ثوب ملتحفًا به، ورداؤه موضوع. فلمّا انصرف قلنا: يا أبا عبد الله! تُصَلِّي ورداؤك موضوع؟ قال: نعم، أحببتُ أن يراني الجهالُ مثلكم. رأيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصلي هكذا.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصّلاة (370) عن عبد العزيز بن عبد الله، قال: حَدَّثَنِي ابن أبي المواليّ، عن محمد بن المنكدر فذكر مثله.
وفي صحيح مسلم (518) عن أبي الزُّبير المكي أنه رأي جابر بن عبد الله يُصَلِّي في ثوبٍ متوشِّحًا به، وعنده ثيابه. وقال: إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك. رواه من طريق سفيان وعمرو بن الحارث، عن أبي الزُّبير.
ورواه الإمام أحمد (14469) من طريق ابن جريج، قال: قال أبو الزُّبير، قال جابر بن عبد الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من صلى في ثوب واحد فليتعطَّفْ به" رواه عن محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، ومن طريقه رواه أيضًا ابن حبان في صحيحه (2299) ورجاله ثقات.
وقوله: "فليتعطَّف به" أي: ليرتده، وسمي الرداء عِطافًا لوقوعه على عِطْفي الرّجل، وهما ناحينا عنقه.
وقد ثبت مثل هذا أيضًا عن أبي هريرة أنه سئل: هل يُصلِّي الرّجل في ثوب واحد. فقال: نعم، فقيل له: هل أنت تفعل ذلك؟ فقال: نعم، إني لأصلي في ثوب واحد، وإن ثيابي لَعَلَى المِشْجَبِ.
رواه مالك في صلاة الجماعة (31) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: سُئِل أبو هريرة فذكره. وأخرجه ابن خزيمة (758)، وابن حبان (2296) كلاهما من طريق سفيان، عن الزهري به مع الحديث المرفوع الذي سبق ذكره في أول الباب.
• عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: ذهبتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجده يغتسل، وفاطمة ابنته نستره بثوب، قالت: فسلَّمتُ عليه، فقال:"من هذه؟ " فقلت: أم هانئ بنت أبي طالب، فقال:"مرحبا بأم هانئ" فلمّا فرغ من غُسله، قام فصلي ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد، ثمّ انصرف.
متفق عليه: رواه مالك في كتاب قصر الصّلاة (28) عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، أن أبا مرة مولى عقيل بن أبي طالب أخبره، أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول فذكرت الحديث.
ورواه البخاريّ في الصّلاة (357)، ومسلم في الحيض (336) مختصرًا كلاهما من طريق مالك وسبق الحديث في كتاب الطهارة، باب الاستار في الغسل، وسأني في صلاة الضُحى.
• عن عمر بن أبي سلمة: أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي في ثوب واحد، مشتملًا به في بيت أم سلمة، واضعًا طرفيه على عاتقه.
متفق عليه: رواه مالك في صلاة الجماعة (29) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة فذكره.
ورواه البخاريّ في الصّلاة (354، 355، 356)، ومسلم في الصّلاة (5617) من غير طريق مالك، عن هشام بن عروة به مثله.
وفي رواية عند مسلم: "متوشِّحًا" ولم يقل "مشتمِلًا".
وفي رواية أخرى: "ملتحفًا مخالفًا بين طرفيه".
والملتحف والمتوشِّح هو المخالف بين طرفيه على عاتقيه، وهو الاشتمال على منكبيه.
• عن سهل بن سعد قال: كان رجال يُصلُّون مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عاقِدي أُزْرِهم على أعناقهم
كهيئة الصبيان. وقال للنساء: "لا ترفعنَّ رُءوسَكنَّ حتَّى يستوي الرجال جلوسًا".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصّلاة (362) حَدَّثَنَا مسدد، قال: حَدَّثَنَا يحيى (هو ابن سعيد القطان)، عن سفيان، قال: حَدَّثَنِي أبو حازم، عن سهل بن سعد فذكره واللَّفظ له، والظاهر أن فاعل قال للنساء هو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
ولكن رواه مسلم في الصّلاة (441) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حَدَّثَنَا وكيع، عن سفيان به وفيه: فقال قائل: "يا معشر النساء! لا ترفعنَّ رؤوسكن حتَّى يرفع الرجال، فقيل: القائل هو بلال قال ذلك بحكم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك لئلا تقع أبصارهنَّ على عورات الرجال لضيق أُزُرهم.
• عن أبي سعيد الخدريّ أنه دخل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرآهُ يُصلِّي على حصيرٍ يسجد عليه قال: "ورأيته يصلِّي في ثوبٍ واحدٍ متوشِّحًا به".
صحيحٌ: رواه مسلم في الصّلاة (519) من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: حَدَّثَنِي أبو سعيد الخدريّ فذكره. وفي رواية: "واضعًا طرفيه على عاتقيه".
قال النوويّ: "المشتمل والمتوشِّح والمخالف بين طرفيه معناه واحد هنا. قال ابن السِّكِّيت: التوشُّح أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليُسرى، ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليُمنى، ثمّ يعقدهما على صدره. وفيه جواز الصّلاة في ثوب واحد". انتهى.
• عن قيس بن طلق، عن أبيه قال: قَدِمْنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا نبي الله! ما ترى في الصّلاة في الثوب الواحد؟ قال: فأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إزاره، طارق به رداءَه فاشتمل بهما، ثمّ قام فصلي بنا نبي الله صلى الله عليه وسلم. فلمّا أن قضى الصّلاة قال:"أو كلكم يجد ثوبين؟ ".
حسن: أخرجه أبو داود (629) عن مسدد، حَدَّثَنَا ملازم بن عمرو الحنفيّ، حَدَّثَنَا عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه فذكر الحديث.
وإسناده حسن لأجل قيس بن طلق بن عليّ الحنفي فإنه "صدوق".
وأخرجه أيضًا ابن حبان (2297) من طريق ملازم بن عمرو به مثله.
• عن سلمة بن الأكوع قال: قلت يا رسول الله! إني رجل أصيد أفأصلي في القميص الواحد؟ قال: نعم وازْرُرْه ولو بشوكة".
حسن: رواه أبو داود (632)، والنسائي (761) كلاهما من طريق موسى بن إبراهيم، عن سلمة بن الأكوع فذكر مثله.
وإسناده حسن لأجل موسى بن إبراهيم، وهو ابن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزوميّ، اشتبه على بعض النقاد هذا بموسى بن محمد بن إبراهيم الذي قال فيه أبو داود ضعيف، وكره أحمد
الرواية عنه. وأمّا موسى بن إبراهيم المخزومي هذا فلم ينقل عن أحد تضعيفه بل قال فيه ابن المديني: "وَسَط" ووثَّقه ابن حبان وأخرج حديثه هو وشيخه ابن خزيمة في صحيحيهما: ابن خزيمة (777، 778)، وابن حبان (2294)، وقال الحاكم (1/ 250):"هذا حديث مديني صحيح، فإن موسى هذا هو: ابن إبراهيم بن عبد الله المخزومي".
وقال ابن خزيمة: موسى بن إبراهيم هذا هو: ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة. وأنا أظنه: ابن إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن أبي ربيعة، أبوه إبراهيم هو الذي ذكره شرحبيل بن سعد أنه دخل وإبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن أبي ربيعة على جابر بن عبد الله في حديث طويل ذكره". انتهى.
وحسَّنه أيضًا النوويّ في المجموعه (3/ 175)، والخلاصة (1/ 328).
وقد صرَّح موسى بن إبراهيم بسماعه من سلمة بن الأكوع عند الحاكم في المستدرك (1/ 250).
وما رواه الطحاويّ (1/ 380) من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن سلمة بن الأكوع لا يُعِلُّ ما صحَّ، فإن فيه خطأ في موضعين: أحدهما قوله: موسى بن محمد بن إبراهيم، فهو مما اشتبه على بعض الرواة، والثاني: قوله عن أبيه، وقد ثبت سماع موسى بن إبراهيم، كما قلت، عن سلمة بن الأكوع بدون واسطة.
قوله: "وازرره" وفي رواية: "وزرَّه" أي ربّط جيبه لئلا تظهر عورتُك.
وأمّا ما رُوي عن ابن عمر أنَّه كان يصلِّي محلول إزاره وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله" فهو ضعيف جدًّا.
رواه ابن خزيمة (779)، والحاكم (1/ 250) وعنه البيهقيّ (2/ 240) من طريق الوليد بن مسلم، ثنا زهير بن محمد التميميّ، ثنا زيد بن اسلم، قال: رأيت ابن عمر يصلِّي محلول إزاره فسألته عن ذلك فقال: فذكره.
قال البيهقيّ: تفرّد به زهير بن محمد. وبلغني عن أبي عيسى الترمذيّ أنه قال: سألت محمدًا يعني البخاريّ عن حديث زهير هذا. فقال: "أنا أتقي هذا الشّيخ كأن حديثه موضوع. وليس هذا عندي زهير بن محمد. وكان أحمد بن حنبل يضعّف هذا الشّيخ، ويقول: هذا شيخ ينبغي أن يكونوا قلبوا اسمه".
قلت: زهير بن محمد هو التميمي أبو المنذر الخراسانيّ، سكن الشام ثمّ الحجاز. رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضُعِّف بسببها. وكان الوليد بن مسلم الراوي عنه من الشاميين.
• عن أنس، قال: آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مع القوم، صلّى في ثوب واحد متوشِّحًا به خلف أبي بكر.
صحيح: رواه النسائيّ (2/ 79)، وأحمد (12617)، وابن حبان (2125)، والبيهقي في