الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلح له سائر عمله، وإن فسدتْ فسد له سائر عمله".
رواه الطبراني في الأوسط "مجمع البحرين"(532) من طريق إسماعيل بن عيسى الواسطي، ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، ثنا القاسم بن عثمان، عن أنس مرفوعًا. وفيه القاسم بن عثمان ضعّفه البخاري والدارقطني وغيرهما.
ورواه أيضًا من طريق روح بن عبد الواحد القرشي، ثنا خليد بن دعلج، عن قتادة، عن أنس مرفوعًا ولفظه:"أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ينظر في صلاته، فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت فقد خاب وخسر".
وفيه روح بن عبد الواحد ضعيف، غمزه ابن عدي، وقال العقيلي: لا يتابع عليه. وخليد بن دعلج السدوسي البصري ضعيف أيضًا ضعَّفه ابن معين وأحمد وأبو داود وغيرهم.
وكذلك ما رُوِي عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "أول ما يسأل العبد عنه ويحاسب به صلاته، فإن قبلتْ منه قبل سائر عمله، وإن ردت عليه رد عليه سائر عمله". أخرجه السلفي في "الطيوريات" كما قال الشيخ الألباني رحمه الله، وفيه عطية العوفي وهو ضعيف.
معنى الحديث:
قال أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي": يحتمل أن يكون يكمل له ما نقص من فرض الصلاة وأعدادها بفضل التطوع، ويحتمل ما نقصه من الخشوع، والأول عندي أظهر لقوله - ثم الزكاة كذلك، وسائر الأعمال، وليس في الزكاة إلا فرض، أو فضل، فكما يكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك الصلاة، وفضل الله أوسع، ووعده أنفذ، وعزمه أعم وأتم".
وقال العراقي: "يحتمل أن يراد به ما انتقصه من السنن والهيئات المشروعة فيها من الخشوع والأذكار والأدعية، وأنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة، وإن لم يفعله فيها، وإنما فعله في التطوع، ويحتمل أن يراد به ما انتقص أيضًا من فروضها وشروطها، ويحتمل أن يراد ما ترك من الفرائض رأسًا فلم يصله فيعوض عنه من التطوع. والله سبحانه وتعالى يقبل من التطوعات الصحيحة عوضًا عن الصلوات المفروضة""تحفة الأحوذي"(2/ 413 - 464).
وأما ما رُوِي: ولا تُقبل نافلة المصلِّي حتى يُؤدي الفريضة" فهو ضعيف كما ذكره الشيخ المباركفوري صاحب "التحفة"
(2/ 464).
21 -
باب استحباب الانتقال للتطوع من مكان الفريضة، أو الفصل بالكلام
• عن عمر بن عطاء بن أبي الخُوار، أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نَمر، يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة. فقال: نعم. صليتُ معه الجمعةَ في المقصورة. فلما سلَّم الإمامُ قُمت في مقامي فصلَّيْتُ، فلما دخل أرسل
إليَّ فقال: لا تَعْدْ لما فعلتَ. إذا صلَّيتَ فلا تَصِلْها بصلاةٍ حتى تكلَّم أو تخرجَ. فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك. أن لا تُوصل صلاةٌ بصلاةٍ حتى نتكلَّم، أو نخرجَ.
صحيح: رواه مسلم في الجمعة (883) عن أبي بكر بن أبي شيبة وهو في المصنف (2/ 139) حدثنا غندر، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخُوار فذكره.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه (5534) وعنه أبو داود (1129) عن ابن جريج به مثله. وفيه السائب هو: ابن يزيد ابن أخت نمر.
والمقصورة: هي الحجرة المبنية في المسجد أحدثها معاوية بعد ما ضربه الخارجي.
• عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر، فقام رجل يُصلِّي فرآه عمر فقال له: اجلسْ، فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصلٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحسنَ ابن الخطاب".
صحيح: رواه أحمد (23121) عن محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الأزرق بن قيس، عن عبد الله بن رباح، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
ورواه أبو يعلى (7130 تحقيق الأثري) عن محمد بن بشار، حدثنا محمد (وهو ابن جعفر) به مثله، وإسناده صحيح.
قال الهيثمي في "المجمع"(2/ 234): "رواه أحمد وأبو يعلى ورجال أحمد رجال الصحيح"، وهو كما قال إلا أن رجال أبي يعلى مثله غير شيخه محمد بن بشار وهو: ابن عثمان العبدي أيضًا من رجال الشيخين.
وأما ما رواه أبو داود (1007) عن عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا أشعث بن شُعبة، عن المنهال بن خليفة، عن الأزرق بن قيس قال: صلى بنا إمام لنا يُكنَّى أبا رِمْثة فقال: صليت هذه الصلاة، أو مثل هذه الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكان أبو بكر وعمر يقومان في الصف المقدم عن يمينه، وكان رجل قد شهد التكبيرة الأولى من الصلاة، فصلى نبي الله، ثم سلَّم عن يمينه وعن يساره حتى رأينا بياض خديه، ثم انفتل كانفتال أبي رِمْثَة. يعني نفسه، فقام الرجل الذي أدرك معه التكبيرة الأولى من الصلاة يشفعُ، فوثب إليه عمر، فأخذ بمنكِبِه فهزَّه ثم قال: اجلس فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلواتهم فصل، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصرَه فقال:"أصاب الله بك يا ابن الخطاب".
ففيه أشعث بن شعبة، قال فيه أبو حاتم: لين. ولم بوثقه غير ابن حبان، ولذا قال فيه الحافظ:"مقبول".
والمنهال بن خليفة العجلي أبو قدامة الكوفي "ضعيف"، وقال فيه البخاري: صالح فيه نظر، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن حبان: كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير لا يجوز الاحتجاج به.
وأما الحاكم (1/ 270)، فقال: صحيح على شرط مسلم، وهذا وهم منه رحمه الله تعالى،
ولذا تعقبه الذهبي بقوله: "المنهال ضعَّفه ابن معين وأشعث فيه لين، والحديث منكر".
وكذلك ما رُوي عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله: "أيعجز أحدكم أن يتقدم، أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله" يعني في السبحة.
رواه أبو داود (1006)، وابن ماجه (1427) كلاهما من طريق ليث، عن حجاج بن عبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده ضعيف لوجود الضعفاء والمجاهيل في الإسناد.
منهم: ليث وهو: ابن أبي سليم وهو ضعيف، وشيخه الحجاج بن عبيد، وشيخه إبراهيم بن إسماعيل وهو: الحجازي مجهولان.
قال البخاري في التاريخ الكير (1/ 340) بعد أن ساق الإسناد من طريق لبث به، ومن وجه آخر عن ليث، عن أبي حمزة حُدَّثْتُ به عن أبي هريرة.
"لم يثبت هذا الحديث".
وقال في صحيحه (2/ 334) في كتاب الأذان في باب مكث الإمام في مصلاه: ويُذكر عن أبي هريرة رفعه: لا يتطوع الإمام في مكانه: ولم يصح".
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 335) معلّقًا على قول البخاري: وذلك لضعف إسناده واضطرابه، وتفرد به ليث بن أبي سُلَيم وهو ضعيف".
قلت: ولكن ليس في الحديث ذكر الإمام، وإنما فيه العموم، ويدخل فيه أيضًا الإمام.
وكذلك ما رُوِي عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُصل الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول" رواه أبو داود (616) قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا عبد العزيز بن عبد الملك القرشي، حدثنا عطاء الخراساني، عن المغيرة بن شعبة فذكره.
قال أبو داود: عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة.
قلت: مات المغيرة بن شعبة الصحابي المشهور سنة خمسين على الصحيح، وعطاء وهو: ابن أبي مسلم أبو عثمان الخراساني ولد في هذه السنة، ومات سنة خمس وثلاثين ومائة وهو صدوق بهم كثيرًا، ويُرسل ويُدلس، ففي الإسناد انقطاع.
ورواه ابن ماجه (1428، 1429) من وجه آخر عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن المغيرة بلفظ:"لا يُصلي الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة، حتى يتنحَّى عنه" وفيه مع الانقطاع عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني ضعيف، ضعَّفه ابن معين وغيره.
وقال الحاكم أبو عبد الله: يَروي عن أبيه أحاديث موضوعة.
فقه الباب:
وأحاديث الباب تدل على أن لا يَصِل المكتوبة بالتطوع من غير فصلٍ خشية الالتباس، وقد
أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بأن يتقدم أو يتكلم، ويدل عليه حديث معاوية، وحديث التنحي وإن لم يثبت ففي حديث معاوية "أن يخرج" قريب منه. فمن اشتغل بعد السلام بالأذكار المأثورة فإن ذلك يكفي، وعليه جمهور أهل العلم لقوله في حديث معاوية:"أو يتكلم".
وقال الحنفية: لا بأس أن يتطوع قبل الذكر المأثور في مكانه عقب الفرائض فإن السلام يفصل بينهما.
وأما الإمام فكره الجمهور أن يتطوع في مكانه بعد صلاته وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وإسحاق ورُوي ذلك عن علي وغيره. وما رواه البخاري عن نافع قال: "كان ابن عمر يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة" كان مأمومًا لا إمامًا.
وفيه إشارة إلى أن البخاري يرجح للمأموم أن يصلي في مكانه.
قلت: وهو الذي قال به الجمهور على أن يفصل بالأذكار المأثورة، أو الكلام كما تقدم، وبه كان يأمر ابن عباس كما رواه عطاء عنه أنه كان يأمر إذا صلى أحد المكتوبة، أن يتكلم أو يتقدم، وروي مثل هذا عن ابن عمر أنه كان يكره أن يصلي النافلة في المكان الذي يصلي فيه المكتوبة حتى يتقدم أو يتأخر أو يتكلم.
• * *