الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الحديث مما انفرد به مسلم عن البخاريّ، وأمّا قول الحافظ البغوي في "شرح السنة" (4/ 58): "هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم عن محمد بن رافع، عن عبد الرزّاق
…
" ففيه وهم، لأن البخاريّ لم يخرج هذا الحديث لا من طريق همام بن منبه ولا من غيره، ومن عادة البغوي أنه إذا قال: "متفق عليه" فهو يقصد به الشيخان، إِلَّا أنه لا يلتزم ببيان طريقة إخراجهما، فأحيانًا يذكر طريقهما، وأحيانًا يكتفي بذكر طريق أحدهما، ولكن أصل الحديث فيهما فتنبه.
وقوله: "فاستعجم" أي: استَبْهَمَ واستغلق.
37 - باب المداومة على العمل وإن قل
َّ
• عن علقمة قال: سألت أم المؤمنين عائشة قلت: يا أم المؤمنين! كيف كان عمل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هل كان يخصُّ شيئًا من الأيام؟ قالت: لا، كان عملُه دِيمةً، وأيّكم يستطيع ما كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يستطيع.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (6466)، ومسلم في صلاة المسافرين (783) من حديث جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة فذكره.
• عن مسروق قال: قلت لعائشة أي العمل كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: الدائم.
متفق عليه: رواه البخاريّ في التهجد (1132)، ومسلم في صلاة المسافرين (741) كلاهما من طريق أبي الأحوص، عن الأشعث بن سُليم، عن أبيه، عن مسروق فذكر الحديث، انظر باب قيام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في أوقات مختلفة من الليل.
• عن عائشة أنها قالت: سُئِل النَّبِيّ: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل" وقال: "اكْلَفُوا من الأعمال ما تُطِيقون".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (6465)، ومسلم في صلاة المسافرين (782/ 216) كلاهما من حديث شعبة، عن سعد بن إبراهيم، أنه سمع أبا سلمة يحدث عن عائشة فذكرت الحديث واللّفظ للبخاريّ، ولم يذكر مسلم الجزء الثاني من الحديث.
• عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يحتجر حصيرًا بالليل فيصلِّي، ويبسطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يثوبونَ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتَّى كثروا فأقبل فقال:"يا أيها الناس! خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يَملُّ حتَّى تملُّوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قلَّ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في اللباس (5861)، ومسلم في صلاة المسافرين (782) كلاهما من حديث عبد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة، عن عائشة فذكرته. واللّفظ للبخاريّ،
ولفظ مسلم قريب منه.
• عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمالِ إلى الله تعالى أدومُها وإن قلَّ" وكانت عائشة إذا عملت العملَ لزِمَتْه.
صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (783/ 218) من حديث سعد بن سعيد، أخبرني القاسم بن محمد، عن عائشة فذكرته.
• عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال: "من هذه؟ " قالت: فلانة، تذكر من صلاتها. قال:"مَهْ! عليكم بما تطيقون، فواللهِ! لا يملُّ اللهُ حتَّى تَمَلُّوا".
وكان أحبَّ الدينِ إليهِ ما دام عليه صاحبه.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الإيمان (43)، ومسلم في صلاة المسافرين (785/ 221) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد، عن هشام، قال: أخبرني أبي، عن عائشة فذكرت مثله واللّفظ للبخاريّ.
ورواه البخاريّ أيضًا في التهجد (1151) عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كانت عندي امرأة من بني أسد، ثمّ ذكرت مثله، إِلَّا أن مالكًا لم يرو هذه الرواية في رواية يحيى الليثي المتداول عندنا، وإنما رواه في صلاة الليل (4) عن إسماعيل بن أبي حكيم، أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع امرأة من الليل تُصَلِّي فقال:"من هذه؟ " فقيل له: هذه الحولاءُ بنتُ تُوَيْتِ لا تنامُ الليلَ. فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى عُرفت الكراهية في وجهه ثمّ قال: فذكرت الحديث نحوه.
وهذا منقطع، والذي وصله البخاريّ لم يكن من هذا الطريق، بل رواه من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبيّ، وهو تفرّد بروايته عن مالك في الموطأ دون بقية رواته، فإنهم اقتصروا منه على طرف مختصر. كذا قاله ابن عبد البر. انظر:"الفتح"(3/ 37).
قلت: ورواه مسلم (785) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروةُ بن الزُّبير أن عائشة أخبرتْه أن الحولاءَ بنتَ تُوَيْتِ بن حبيب بن أسد بن عبد العُزَّى مرتْ بها، وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: هذه الحولاءَ بنتَ تُوَيْتِ، وزعموا أنها لا تنام الليلَ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تنامُ الليل! خذوا من العمل ما تطيقون. فواللهِ لا يَسْأَمُ الله حتَّى تسْأَمُوا" ووقعت القصة مثل هذا لزينب كما في الذي بعده.
• عن أنس بن مالك قال: دخل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين. فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترتْ تعلقتْ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"لا، حُلوا ليُصلِّ أحدكم نشاطَه فإذا فتر فليقعُد".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التهجد (1150)، ومسلم في صلاة المسافرين (784) كلاهما من
حديث عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صُهيب، عن أنس فذكره، واللّفظ للبخاريّ. ولفظ مسلم قريب منه إِلَّا أنه قال:"كَسِلَتْ أو فترتْ أمْسَكتْ به" فقال: "حُلُّوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا كسِلَ أو فَتَر قعد" وفي رواية "فليقعُد".
وزينب هي: بنت جحش أم المؤمنين كذا ادعى أكثر الشراح، ولكن رُوي من وجوهٍ أخرى أنها: حمنة بنت جحش.
منها: ما رواه أبو داود (1312) عن زياد بن أيوب وهارون بن عباد الأزديّ، أن إسماعيل بن إبراهيم حدَّثهم، حَدَّثَنَا عبد العزيز عن أنس قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وحبل ممدود بين ساريتين، فقال:"ما هذا الحبل؟ " فقيل: يا رسول الله! هذه حمنة بنت جحش تُصلي، فإذا أعيتْ تعلقتْ به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لتُصل ما أطاقتْ، فإذا أعيتْ فلتجلس".
قال زياد: فقال: ما هذا؟ " فقالوا: لزينب تُصلي، فإذا كسلتْ، أو فترتْ أمسكتْ به، فقال: "حُلُّوه"، فقال: "ليُصلِّي أحدكم نشاطَه، فإذا كسل، أو فتر فليقعد".
هارون بن عباد الأزدي أبو محمد الأنطاكي "مقبول" كما قال الحافظ، إِلَّا أنه لم يتابع على ذلك فهو لين الحديث.
وبقية رجاله ثقات رجال الشّيخين، إسماعيل بن إبراهيم هو: ابن مقسم المعروف بابن عليه.
وتابعه على ذلك مرسل، ومسند من وجه آخر عن أنس.
ومنها: ما رواه الإمام أحمد (12915، 13690) وأبو يعلى (3831) مرسلًا، كلاهما عن حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حبلًا ممدودًا بين سارتين، فقال:"لمن هذا؟ " فقالوا: لحمنة بنت جحش تُصلي فذكره، وإسناده صحيح غير أنه مرسل لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى تابعي.
ومنها: ما رواه أحمد (12916، 13692) مسندًا عقب المرسل عن عبد الرحمن، حَدَّثَنَا حمّاد، عن حميد، عن أنس، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مثله.
أي مثل مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى. وهذا إسناد صحيح، إِلَّا أن حميدًا وهو الطّويل كان كثير التدليس عن أنس، وجعله الحافظ في المرتبة الثالثة، والمرسل يقوي المسند.
ولفظ زياد بن أيوب أن القصة وقعت لزينب، وهي كما قال أكثر الشراح: زينب بنت جحش أم المؤمنين"، وتابعه على ذلك جماعة من الحفاظ عند مسلم، فالذي يترجح أن القصة وقعت لزينب كما في الصحيحين، ولا يمنع أن تقع مثل هذا لحمنة بنت جحش أيضًا، وجمع الحافظ بين القضيتين بصورة غريبة فانظرها إن شئت في "فتح الباري".
وأمّا ما رواه ابن خزيمة (1181) من حديث أبي حبيب مسلم بن يحيى مؤذن مسجد بني رفاعة، ثنا شعبة، عن عبد العزيز بن صُهيب، عن أنس بن مالك أن ذلك كان لميمونة بنت الحارث، فقد