الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أبواب صلاة الخوف
ِ
قال الخطابي في معالم السنن: "صلاة الخوف أنواع، وقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة، وعلى أشكال متباينة، يتوخَّى في كلِّ ما هو أحوط للصلاة، وأبلغ في الحراسة، وهي على اختلاف صورها مُؤتَلِفَة في المعاني".
وقال ابن حِبَّان: "هذه الأخبار ليس بينها تضادٍّ ولا تهاتُر، ولكنَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم صلَّى صلاة الخوف مرارًا في أحوال مختلفة بأنواع متباينة، على حسب ما ذكرناها، أراد صلى الله عليه وسلم به تعليم أُمَّتِه صلاةَ الخوف، أنَّه مباح لهم أن يُصلُّوا أيَّ نوع من الأنواع التسعة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف على حسب الحاجة إليها، والمرءُ مباح له أن يُصلِّي ما شاء عند الخوف من هذه الأنواع التي ذكرناها، إذْ هي من اختلاف المباح من غير أن يكون بينها تضادٌّ، أو تهاتُر" (7/
145).
1 -
باب ما جاء أن الإمامَ يصلِّي لكلِّ طائفة ركعة، ثم يسلِّم، وتقضي كلُّ طائفةٍ ركعةً لنفسها
• عن الزهري قال: أخبرني سالم أنَّ عبد الله بن عمر قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبل نجدٍ، فوازينا العدوَّ فصافَفْنا لهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي لنا، فقامت طائفة معه يُصلِّي، وأقبلت طائفة على العدوِّ، وركع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمن معه، وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطَّائفة التي لم تصلِّ، فَجَاؤا فركع رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بهم ركعةً، وسجَدَ سَجْدتَينِ ثم سلَّم، فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعةً، وسجد سجدتين.
متفق عليه: رواه البخاري في الخوف (942) وفي المغازي (4133)، ومسلم في صلاة
المسافرين (839) كلاهما من حديث الزهري واللفظ للبخاري. ولم يذكر مسلم أنَّ ذلك كان في غزوةٍ قبل نجدٍ.
• عن صالح بن خوَّات، عمَّن صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرِّقاع، صلاة الخوفِ، أنَّ طائفة صفَّت معه، وطائفةٌ وُجاهَ العدو، فصلَّى بالذين معه ركعةً، ثمَّ ثبت قائمًا وأتمُّوا لأنفسهم، ثمَّ انصرفوا فصفُّوا وُجاهَ العَدُوِّ، وجاءَت الطائفة الأخرى فصَلَّي بهمُ الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالسًا، وأتمُّوا لأَنفُسِهِمْ، ثمَّ سَلَّمَ بهم.
متفق عليه: رواه مالك في صلاة الخوف (1) عن يزيد بن رومان، عن صالح بن خوَّات، عمَّن صلَّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
ورواه البخاري في المغازي (4129) عن قتيبة بن سعيد، ومسلم في صلاة المسافرين (842) عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك به مثله.
وقوله: "عَمَّن صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" هو سهل بن أبي حثمة كما في رواية أخرى عند البخاري في المغازي (4131)، ومسلم في صلاة المسافرين (841) كلاهما من طريق شعبة عن عبد الرحمن ابن القاسم، عن أبيه، عن صالح بن خوّات بن جبير عن سهل بن أبي حَثْمة فذكره.
ورواه مالك في صلاة الخوف (2) عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوَّات، أنَّ سهلَ بنَ أبي حَثْمة حدَّثه، أنَّ صلاة الخوف أن يقوم الإمام ومعه طائفة من أصحابه، وطائفة مواجهة العدوِّ، فيركع الإمام ركعة، ويسجد بالذين معه، ثم يقوم، فإذا استوى قائمًا ثبت، وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية، ثمَّ يُسلمون وينصرفون والإمام قائم، فيكونون وجاه العدوّ، ثم يُقبل الآخرون الذين لم يُصلوا فيكبِّرون وراء الإمام، فيركع بهم الركعة ويسجد، ثم يُسلِّم، فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية، ثم يسلِّمون. انتهى. إلا أنه موقوف.
قال الترمذي: "لم يرفعه يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد، وهكذا روي أصحاب يحيى بن سعيد الأنصاري موقوفًا، ورفعه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد".
ونقل الترمذي عن الإمام أحمد قال: "قد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف على أوجه، وما أعلم في هذا الباب إلا حديثًا صحيحًا، واختار حديث سهل بن أبي حثمة"(2/ 454).
وقال مالك: "وحديث القاسم بن محمد، عن صالح بن خَوَّات أحبُّ ما سمعتُ إليَّ في صلاة الخوف".
وقال ابن عبد البر: الحديث سهل في الموطأ موقوف عند جماعة من الرواة عن مالك، ومثله لا يقال من جهة الرأي، وقد رُوي مرفوعًا مسندًا".
قلت: وهو كما قال، فإنَّه جاء في الصحيحين وغيرهما مسندًا مرفوعًا.