الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفيسًا في إبطالهما فأحسن فيه وأجاد رحمه الله" انتهى.
وقال نحو ذلك في "الخلاصة"(1/ 215 - 217) وزاد: "وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة"، وقال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" وهاتان محدثتان لا أصل لهما" انتهى.
وقال الحافظ ابن الصلاح: "هذه الصلاة شاعت بين الناس بعد المائة الرابعة، ولم تكن تعرف، وقد قيل: إن منشأها من بيت المقدس -صانها الله تبارك وتعالى والحديث الوارد بها بعينها وخصوصها ضعيف، ساقط الاسناد عند أهل الحديث، ثم منهم من يقول: هو موضوع، وذلك الذي نظنه. ومنهم من يقتصر على وصفه بالضعف، ولا يستفاد له صحة من ذكر رزين بن معاوية إياه في كتابه في "تجريد الصحاح"، ولا من ذكر صاحب كتاب "الإحياء" له فيه، واعتماده عليه، لكثرة ما فيهما من الحديث الضعيف، وإيراد رزين مثله في مثل كتابه من العجب" انتهى.
وقد جرتْ مساجلةٌ علميةٌ بين العِزّ بن عبد السلام وبين ابن الصلاح، فإن الأخير بعد ما ذكر بأن الصلاة المذكورة لم تشتهر إلا في القرن الرابع، وإن الحديث الوارد فيها موضوع قال: "ثم إنه لا يلزم من ضعف الحديث بطلان صلاة الرغائب والمنع منها، لأنها داخلة تحت مطلق الأمر الوارد في الكتاب والسنة بمطلق الصلاة، فهي إذا مستحبة بعمومات نصوص الشريعة الكثيرة الناطقة باستحباب مطلق الصلاة
…
ثم ذكر بعض هذه الأحاديث.
وقد فَنَّد العز بن عبد اللام أدلة ابن الصلاح واحدة تلو أخرى ومما قال فيه: "أن تعاطي صلاة الرغائب يوقع العامة في أن يكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينسبوه إلى أنه سنَّها بخصوصياتها فيكون متسببًا إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف الصلاة التي مثَّل بها". "المساجلة"(ص 33).
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: هل صلاةُ الرغائب مستحبة أم لا؟ فأجاب: "هذه الصلاة لم يصلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف، ولا الأئمة. ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة تخصها -والحديث المروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بذلك، ولهذا قال المحققون: إنها مكروهة غير مستحبة" مجموع الفتاوي (1/ 149).
انظر للمزيد "مساجلة علمية بين الإمامَين الجليلين العز بن عبد السلام وابن الصلاح حول صلاة الرغائب المبتدعة".
8 - باب ما روي في تحية البيت
رُوي عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا دخلت منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء، وإذا خرجت من منزلك فصل ركعتين تمنعانك مخرج السوء" إلا أنه ضعيف.
رواه البزار في مسنده (15/ 187) والبيهقي في شعب الإيمان (6/ 323) والأصبهاني في
الترغيب والترهيب (3/ 30، 31) كلهم من طريق معاذ بن فضالة، عن يحيى بن أيوب، عن بكر بن عمرو، عن صفوان بن سليم، قال بكر: أحسبه عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
وفي الإسناد من العلل: الأولى: الشك من بكر في رفعه.
الثانية: بكر بن عمرو المعافري المصري لم توثقه أحد من النقاد، بل قال فيه ابن القطان: لا نعلم عدالته. وقال الحاكم: سألت الدارقطني عنه فقال: ينظر في أمره.
وأما ابن حبان فوثقه على قاعدته في توثيق من لم يعرف فيه جرح ولا تعديل.
الثالثة: ويحيى بن أيوب هو الغافقي، سيئ الحفظ كما قال أحمد. وقال ابن سعد: منكر الحديث. وقال الدارقطني: في بعض حديثه اضطراب. وفيه كلام آخر عن أئمة النقاد وإن كان بعضهم حسن الرأي فيه ولكن الغالب عليه الوهم والخطأ.
ولعل هذا مما أخطأ فيه، إنما المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل البيت كان يصلي ركعتين أحيانا قضاء فجعله أمرا.
قال ابن رجب في "فتح الباري"(3/ 316، 317) بعد أن ذكر حديث البزار: "في إسناده ضعف". وقال أيضًا: "روى الأوزاعي، عن عثمان بن أبي سودة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الأوابين" أو قال: "صلاة الأبرار ركعتان إذا دخلت بيتك، وركعتان إذا خرجت منه" وهذا مرسل.
ويروى عن هشام بن عروة، عن عائشة، قالت: ما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي قط إلا صلي ركعتين. قال أبو بكر الأثرم: هو خطأ. كأنه يشير إلى أنه مختصر من حديث الصلاة بعد الصلاة" انتهى.
وفي معناه مراسيل أخرى، ولا يصح منها شيء. ثم إن هذا حكم لا يؤخذ إلا ممن عرفناهم، وقد قال العباس بن محمد: سمعت أحمد بن حنبل وسئل، وهو على باب أبي النضر هاشم بن القاسم، فقيل له: يا أبا عبد الله ما تقول في موسي بن عبيدة، وفي محمد بن إسحاق؟ قال: أما موسي بن عبيدة فلم يكن به بأس، ولكنه حدث بأحاديث مناكر عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما محمد بن إسحاق فهو رجل تكتب عنه هذه الأحاديث -كأنه يعني المغازي ونحوها- فأما إذا جاءك الحلال والحرام أردنا قومًا هكذا، وقبض أبو الفضل -يعني العباس- أصابع يده الأربع من كل يد، ولم يضم الإبهام.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال تساهلنا في الأسانيد وتسامحنا في الرجال، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال.
وبكر بن عمرو ويحيى بن أيوب ممن لا يقبل تفردهما في حكم لم يعمل به في عهد الصحابة والتابعين.
وأما ما روي عن عبد الله بن رواحة أنه كان يصلي إذا دخل بيته، وإذا خرج، ففي إسناده نظر.