الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمَّا ما رواه سماك الحنفي عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إنَّه صلَّى بهؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة، في صلاة الخوف" ولم يذكر قضاءَهم ركعة أخرى، فقد قال البيهقي:"وقد رُوينا عن سالم ونافع عن ابن عمر، أن كلّ واحدة من الطائفتين قضَوا ركعتهم، والحكم للإثبات في مثل هذا". انتهى. "السنن الكبرى" (3/ 2
63).
6 -
باب يحرس بعضهم بعضًا في صلاة الخوف
• عن ابن عبَّاسٍ قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم، وقام الناس معه فكبَّر وكبَّروا معه، وركع وركع ناس منهم، ثم سجد وسجدوا معه، ثم قام للثانية فقام الذين سجلوا وحرسوا لإخوانهم، وأتتِ الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا معه، والناس كلهم في صلاة، ولكن يحرس بعضهم بعضًا.
صحيح: رواه البخاري في الخوف (944) عن حيوة بن شريح، قال: حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس فذكره.
• عن ابن عبَّاسٍ قال: ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين كصلاة أحراسكم هؤلاء اليوم خلف أئمتكم هؤلاء إلا أنَّها كانت عُقَبًا، قامت طائفة منهم وهم جميعًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسجدتْ معه طائفة منهم، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاموا معه جميعًا، ثم ركع وركعوا معه جميعًا، ثم سجد فسجد معه الذين كانوا قيامًا أوَّل مَرَّة، فلمَّا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين سجدوا معه في آخر صلاتهم سجد الذين كانوا قيامًا لأنفسهم، ثم جلسوا فجمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتسليم.
حسن: رواه النسائي (1535) عن عبد الله بن سعد بن إبراهيم، قال: حدثني عمي، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وعم عبيدالله هو: يعقوب بن إبراهيم بن سعد، وعنه رواه الإمام أحمد (2382)، والبيهقي (3/ 258) وإسناده حسن لأجل محمد بن إسحاق، فإنَّه صدوق إذا صرَّح بالتحديث.
وقوله: أنّها كانت عُقَبًا، أي تُصلِّي طائفة بعد طائفة، فهم يتعاقبونها تعاقب الغُزَاةِ.
7 - باب صلاة الطالب والمطلوب راكبًا وإيماءً
• عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا رجع من الأحزاب: "لا يُصَلِّيَنَّ أحدٌ العصرَ إلَّا في بني قُريظة" فأدرك بعضَهم العصرُ في الطريق، فقال بعضُهم: لا نُصلِّي حتَّى تأتيها، وقال بعضُهم: بل نُصلِّي، ولم يُرِد مِنَّا ذلك، فذُكِر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يُعنِّف واحدًا منهم.
متفق عليه: رواه البخاري في صلاة الخوف (946) وفي المغازي (4119)، ومسلم في الجهاد والسير (1770) كلاهما عن عبد الله بن محمد ابن أسماء الضُّبعي، حدثنا جويرية بن أسماء، عن نافع، عن عبد الله فذكره. واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم: نادي فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم انصرف عن الأحزاب: "أن لا يُصَلِّينَّ أحد الظهرَ إلَّا في بني قريظة" فتخوَّف ناسٌ فوتَ الوقت فصلّوْا دون بني قُريظة، وقال آخرون: لا نُصَلِّي إلَّا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن فاتنا الوقت. قال: فما عَنَّفَ واحدًا من الفريقين" انتهى.
قال الحافظ في الفتح (7/ 408) أكثر المخرجين ذكروا لفظ "الظهر" كما ذكره مسلم إلَّا أنَّ بعض أصحاب السِّيَرِ ذكروا لفظَ العصر، ثمَّ حاول الجمع بين اللفظين ثم رجح لفظ مسلم، وقال عن البخاري: لعله كتبه من حفظه، ولم يُراعِ اللَّفظ كما عُرِف من مذهبه في تجويز ذلك، بخلاف مسلم فإنَّه يحافظ على اللَّفظ كثيرًا، وإنَّما لم أُجوِّز عكسَه لموافقةِ من وافق مسلمًا على لفظِهِ بخلاف البخاري" انتهى.
ومن التأويلات التي ذكرها قوله: وقد جمع بعض العلماء بين الروايتين باحتمال أن يكون بعضهم قبل الأمر كان صلَّى الظهر، وبعضهم لم يُصلِّها، فقيل لمن لم يُصَلِّها: لا يُصلِّينَّ أحد الظهرَ، ولمن صلَّاها لا يُصلِّين أحدٌ العصر. وجمع بعضهم باحتمال أن تكون طائفة منهم راحت بعد طائفة، فقيل للطائفة الأولى: الظهر، وقيل للطائفة التي بعدها العصر. ثم قال الحافظ: وكلاهما جمع لا بأس به. انتهي.
• عن ابن عبد الله بن أُنَيس، عن أبيه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهُذَلي، وكان نحو عُرَنَة وعرفات. فقال: اذهب فاقتله، قال: فرأيتُه وحضرت صلاةُ العصر، فقلت: إنِّي لأخاف أن يكون بيني وبينه ما إن أؤخِّر الصلاة. فانطلقت أمشي، وأنا أصلِّي أومئ إيماءً نحوه. فلما دنُوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب، بلغني أنك تَجمع لهذا الرجل، فجئتك في ذاك، قال: إني لفي ذاك، فمشيتُ معه ساعةً حتى إذا أمكنني علوتُه بسيفي حتى برد.
وزاد رزين: وكان ساكنا بعُرنة، وكان يجمع لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: قلتُ: إني لا أعرفه. قال: "إنه ثائر الرأس، كأنه شيطان، إذا رأيته لم يخفَ عليك؟ " قال: فجئتُه فرأيتُه وعرفتُه.
حسن: رواه أبو داود (1249) عن أبي معمر عبد الله بن عمرو، حدثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن ابن عبد الله بن أُنَيس، عن أبيه فذكره.
ومن هذا الوجه رواه ابن خزيمة (982) وحسَّن إسنادَه الحافظ في "الفتح"(2/ 437).
قلت: وفيه علَّتان: إحداهما محمد بن إسحاق فإنه مدلس وقد عنعن. والثانية: ابن عبد الله بن أُنَيس، يقال هو: عبد الله بن عبد الله ترجمه البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 37).
فأما العلة الأولى وهي تدليس ابن إسحاق فقد صرَّح به في مسند الإمام أحمد (16047)، وابن خزيمة (983)، وابن حبان (7160) كلهم من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير به في حديث طويل وهذا نصُّ الإمام أحمد:
قال: دعاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنَّه قد بلغني أنَّ خالد بن سفيان بن نُبَيح الهُذَلي، يجمَعُ لي الناس ليغزُوَني وهو بعُرَنة، فأتِهِ فاقتُلْه" قال: قلتُ: يا رسول الله! انعتْهُ لي حتَّى أعرفَه، قال:"إذا رَأَيْتَهُ وَجَدْتَ لهُ إقْشَعْريرةً". قال: فخرجتُ متوشِّحًا بسيفي حتَّى وقعتُ عليه، وهو بعُرَنَة مع ظُعُنٍ يرتادُ لهن منزلًا، وحين كان وقتُ العصر، فلما رأيتُه وجدتُ ما وصَفَ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من الإقشعريرة، فأقبلتُ نحوه، وخشيتُ أن يكون بيني وبينه محاولةٌ تشغلُني عن الصلاة، فصليتُ وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي الركوع والسجود، فلمَّا انتهيتُ إليه، قال: من الرجل؟ قلتُ: رجلٌ من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل، فجاءك لهذا. قال: أجل أنا في ذلك. قال: فمشيتُ معه شيئًا، حتَّى إذا أمكَنَني حَمَلْتُ عليه السيف حتَّي قتلتُه، ثم خرجتُ، وتركت ظعائنَه مُكِبّاتٍ عليه، فلمَّا قدِمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني، فقال:"أَفْلَحَ الوَجْهُ"، قال: قلتُ: قتلتُه يا رسول الله! قال: "صدَقْتَ" قال: ثم قام معي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فدخل بي بيته، فأعطاني عصًا، فقال:"أمْسِكْ هذِهِ عِنْدَكَ، يا عبد الله بن أُنَيْس"، قال: فخرجتُ بها على الناس، فقالوا: ما هذا العصا؟ قال: قلتُ: أعطانيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأمرني أن أُمسكها، قالوا: أوَ لا ترجِعُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسألَه عن ذلك؟ قال: فرجعتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسولَ الله! لم أعطَيْتَني هذه العصا؟ قال: "آيَةُ بيني وبَيْنَكَ يومَ القِيَامَةِ، إنَّ أقْلَّ النَّاس المُتَخَصِّرُونَ يومئذٍ" قال: فقَرَنها عبد الله بسيفه، فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فصُبَّتْ معه في كفنه، ثم دُفنا جميعًا. واللفظ لأحمد ومثله عند ابن حبان، وأما ابن خزيمة، فأحال على لفظ عبد الوارث.
وأما العلة الثانية وهي جهالة ابن عبد الله بن أُنَيس فهو لم ينفرد به في أصل القصة، بل تابعه أكثر من واحد، كما أن له إسنادًا آخر عند البيهقي في "الدلائل"(4/ 40، 41) وبهذه المتابعات والطرق يصل الإسناد إلى الحسن، إن شاء الله تعالي.
وقولي: زاد رزين: ذكره ابن الأثير في "جامع الأصول"(5/ 750).