الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أحكام صلاة الجمعة
1 - باب وقت الجمعة
• عن سلمة بن الأكوَع قال: كنَّا نصلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم الجمعةَ ثمَّ ننصرِف وليس للحيطان ظلٌّ يُستظلُّ فيه.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (4168) ومسلم في الجمعة (860/ 32) كلاهما من طريق يعلى بن الحارث المُحاربي، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، فذكر الحديثَ.
وفي رواية عند مسلم: "كنا نجمَّع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثمَّ نرجع نتتبَّع الفيءَ".
• عن سهلٍ قال: ما كنَّا نقيل ولا نتغدَّى إلَّا بعد الجمعة.
وفي رواية: على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
متفق عليه: رواه البخاري في الجمعة (939) ومسلم في الجمعة (859) كلاهما من حديث عبد الله بن مسلمة، قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهلٍ، فذكره. ولفظهما سواء، إلَّا أنَّ الرواية الثانية رواها مسلم وحده عن علي بن حجر، عن عبد العزيز به.
وذكر البخاري في روايةٍ أخرى (938) عن أبي غسَّان قال: حدثني أبو حازم، عن سهلٍ قال:"كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقًا، فكانت إذا كان يوم جمعة تنزع أصولَ السلق فتجعله في قدرٍ، ثمَّ تجعل عليه قبضة من شعيرٍ تطحنها، فتكون أصول السلق عرقة، وكنَّا ننصرف من صلاة الجمعة فسلِّم عليها، فتقرِّب ذلك الطعام إلينا فنعلقه، وكنَّا نتمنَّى يوم الجمعة لطعامها ذلك". وزاد في رواية (2349): "وما كنَّا نتغدَّى ولا نقيل إلَّا بعد الجمعة".
• عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدَّ البردُ بكَّر بالصلاةِ وإذا اشتدَّ الحرُّ أبرد بالصلاةِ. يعني الجمعة.
صحيحٌ: رواه البخاري في الجمعةِ (906) من طريق أبي خلدةَ -وهو خالد بن دينار-، قال: سمعت أنس بن مالك، فذكر الحديثَ.
قال البخاري: "قال يونس بن بُكَير: أخبرنا أبو خلدةَ، قال: صلَّى بنا أميرٌ الجمعةَ ثمَّ قال لأنسٍ رضي الله عنه: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي الظهرَ؟ ".
والأمير هو: الحكم بن أبي عقيل الثقفيّ.
وأخرجه ابن خزيمةَ (1842) من طريق حَرَمي بن عُمارةَ، حدَّثني أبو خلدةَ، قال: سمعت أنس
ابن مالكٍ وناداه يزيد الضبِّي يوم الجمعة في زمن الحجَّاج، فقال: يا أبا حمزة! شهدت الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت الصلاة معنا فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي؟ قال .. فذكر مثلَه.
• عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي الجمعةَ حين تميلُ الشمس.
صحيح: رواه البخاري في الجمعة (904) عن شُريح بن النعمان، حدَّثنا فُلَيح بن سليمان، عن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، عن أنس بن مالك، فذكر الحديثَ.
• عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، أنَّه سأل جابر بن عبد الله: متى كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي الجمعة؟ قال: كان يُصلِّي ثمَّ نذهب إلى جِمالنا فنُريحها.
صحيح: رواه مسلم في الجمعة (858/ 29) من طرق عن سليمان بن بلالٍ، عن جعفر فذكر الحديثَ.
قال مسلم: زاد عبد الله (أي ابن عبد الرحمن الدارمي شيخ مسلم) في حديثه: "حين تزول الشمس".
وفي رواية له من طريق حسن بن عياش، عن جعفر بن محمد به. قال حسن: فقلت لجعفر: فأي ساعةٍ تلك؟ قال: "زوال الشمس".
• عن الحكم بن عُتَيبة قال: إنَّ الحجَّاج أخَّر الصلاةَ يومَ الجمعة فقال له شيخٌ: والله! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي فما رأيته يصنع كما تصنع أنت. قال: فلمَّا رأيته ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قلتُ له: كيف رأيتَه يصنع؟ قال: رأيته صلى الله عليه وسلم خرج حين زالت الشمس، وإذا الرجل أبو جُحيفة رضي الله عنه.
صحيحٌ: رواه أبو يعلى (2/ 187، حديث: 886)، عن زهير، ثنا يزيد بن هارون، ثنا سفيان ابن حسين، عن الحكم بن عتيبة، فذكر الحديثَ.
وهذا إسناد صحيح، رواته ثقات عن آخرهم. قال البوصيري:"رواه أبو يعلى الموصلي ورجاله ثقات".
قلت: وقد فات الهيثمي هذا الحديث؛ فلم أجده في مظانِّه عنده.
وأمَّا ما رُوي عن الزبير بن العوام أنَّه قال: "كنَّا نُصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعةَ ثمَّ ننصرف فنبتدر في الآجامِ، فلا نجد إلَّا قدر موضع أقدامنا". فهو ضعيف.
أخرجه الإمام أحمد (1412، 1436) وابن خزيمة (1840) من رواية مسلم بن جندب، عن الزبير بن العوام. ومسلم لم يُدرك الزبير. وفي روايةٍ قال: حدَّثني مَن سمِع الزبيرَ.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كره الصلاة نصف النهار إلَّا يوم الجمعة.
وقال: "إنَّ جهنَّم تُسجر إلَّا يوم الجمعة". فهو ضعيف، رواه أبو داود (1083) عن محمد بن عيسى، حدثنا حسان بن إبراهيم، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي الخليل، عن أبي قتادة، فذكر الحديث.
قال أبو داود: "وهو مرسل؛ ومجاهد أكبر من أبي الخليل، وأبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة".
قلت: وفيه أيضًا ليثٌ، وهو ابن أبي سُليم، وهو مضطرب الحديث كما قال الإمام أحمد. وضعيف
الحديث كما قال أبو حاتم. وفي "التقريب": "صدوق، اختلط أخيرًا، ولم يتميَّز حديثه فتُرك".
ولكن قال البيهقي (2/ 464) بعد أن نقل الحديث من طريق أبي داود، ونقل قوله بأنَّه مرسل، قال:"وله شواهد، وإن كانت أسانيدها ضعيفةً". فذكر من شواهده حديث أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتَّى تزول الشمس إلَّا يوم الجمعة.
وأخرجه من طريق الشافعي قال: أنبأنا إبراهيم بن محمد، عن إسحاق بن عبد الله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فذكر مثله.
قلت: فيه إبراهيم بن محمد، وهو ابن أبي يحيي، شيخ الشافعي، وهو ضعيف جدًّا، بل كذَّبه ابن معين، وشيخه إسحاق بن عبد الله، وهو ابن أبي فروة، قال فيه أبو حاتم وأبو زرعة والنسائي والدارقطني:"متروك". وقال البخاري: "تركوه".
ثمَّ روى البيهقي حديث أبي هريرة من وجهٍ آخر بلفظ: "تحرم -يعني الصلاة- إذا انتصف النهار إلَّا يوم الجمعة". بإسناده عن شيخ من أهل المدينة، يقال له: عبد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة.
ثمَّ قال: "ورُوي في ذلك عن أبي سعيد الخدري، وعمرو بن عبسة، وابن عمر مرفوعًا.
والاعتماد على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استحبَّ التبكير إلى الجمعة، ثمَّ رغَّب في الصلاة إلى خروج الإمام من غير تخصيص ولا استثناء، نذكرها إن شاء الله في كتاب الجمعة".
ثمَّ قال: "وروينا الرخصة في ذلك عن طاوس ومكحول" انتهى.
قلت: هذا مذهب الشافعي ومن وافقه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال الحافظ ابن القيم في "الزاد"(1/ 378): أنَّه "لا يُكره فعل الصلاة فيه وقت الزوال عند الشافعي رحمه الله ومن وافقه، وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية. ولم يكن اعتماده على حديث ليث، عن مجاهد، عن أبي الخليل، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنَّه كره الصلاة نصف النهار إلَّا يوم الجمعة، وإنَّما كان اعتماده على أنَّ من جاء إلى الجمعة يُستحب له أن يصلي حتى يخرج الإمام، وفي الحديث الصحيح: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهَّر ما استطاع من طهر، ويدَّهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثمَّ يخرج، فلا يفرِّق بين اثنين، ثمَّ يصلي ما كُتب له، ثمَّ يُنصت إذا تكلَّم الإمام، إلَّا غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى". رواه البخاري، فندبه إلى الصلاة ما كُتب له، ولم يمنعه عنها إلَّا في وقت خروج الإمام، ولهذا قال غير واحدٍ من السلف، منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتبعه عليه الإمام أحمد: خروج الإمام يمنع الصلاةَ، وخطبته تمنع الكلام. فجعلوا المانع من الصلاة خروج الإمام. لا انتصاف النهار.
وأيضًا، فإنَّ الناس يكونون في المسجد تحت السقوف، ولا يشعرون بوقت الزوال، والرجل يكون متشاغلًا بالصلاة لا يدري بوقت الزوال، ولا يمكنه أن يخرج، ويتخطَّى رِقاب الناس، وينظر إلى الشمس ويرجع، ولا يُشرع له ذلك". انتهى.