الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: عمَّن؟ قال: عن أبي بكر وعمر وعثمان وعن الحسن، وأنَّ أُبَيَّ بن كعب أمَّ الناسَ في خلافة عمر في رمضان فقنت بعد النصف بعد الركوع، انظر "كتاب الوتر" لمحمد بن نصر (ص 132).
وبه قال مالك والشافعي وأحمد وغيرهم كما ثبت ذلك في الأخبار الصحيحة.
وفي رواية عند الإمام أحمد: القنوت قبل الركوع وبعده جائز والمختار بعده.
25 - باب من قال: إنّ القنوت في الوتر قبل الرّكوع
فيه حديث أبي بن كعب الذي رواه النسائي (1699)، وابن ماجه (1182) كلاهما من طريق سفيان، عن زبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أُبي بن كعب، فذكر الحديث. وزاد في آخره:"وكان يقنت قبل الرّكوع".
وقد مضى الحديث في باب ما يقرأ في الوتر.
قال النسائي في "الكبرى"(1436)"طبعة الرسالة" قد روي هذا الحديث غير واحد عن زبيد، فلم يذكر أحدٌ منهم فيه:"ويقنت قبل الركوع".
وقال أبو داود: روي عيسى بن يونس، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أُبي بن كعب، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت - يعني في الوتر - قبل الركوع.
قال أبو داود: روي عيسى بن يونس هذا الحديث أيضًا عن فطر بن خليفة، عن زُبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، مثله.
وروي عن حفص بن غياث، عن مسعر، عن زيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب:"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع".
قال أبو داود: وحديث سعيد، عن قتادة رواه يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر القنوت، ولا ذكر أبيًّا.
وكذلك رواه عبد الأعلى ومحمد بن بشر العبديّ، وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس، ولم يذكروا القنوت.
وقد رواه أيضًا هشام الدستوائي وشعبة عن قتادة ولم يذكرا القنوت.
وحديث زبيد رواه سليمان الأعمش وشعبة وعبد الملك بن أبي سليمان وجرير بن حازم كلّهم عن زبيد. لم يذكر أحدٌ منهم القنوت إلّا ما رُوي عن حفص بن غياث عن مسعر عن زيد، فإنه قال في حديثه:"إنه قنت قبل الركوع".
قال أبو داود: وليس هو بالمشهور من حديث حفص، نخاف أن يكون عن حفص عن غير مسعر" انتهى كلام أبي داود من سنته (2/ 135).
قلت: ولكن سبق أن ذكرنا أن النسائي وابن ماجه روياه أيضًا من طريق سفيان، عن زبيد
القنوت قبل الركوع إلا أن النسائي أعلّه بالتفرّد، فلعلّ الخطأ من دون سفيان.
ثم روى البيهقي (3/ 41) من حديث ابن مسعود وابن عباس وضعّفهما.
ثم الصّحيح الثابت من حديث أنس، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع شهرًا يدعو على حي من أحياء العرب، ثم تركهـ. رواه البخاري (4089)، ومسلم (677).
ولكن روى عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، أنه سئل عن القنوت بعد الركوع أو عند فراغٍ من القراءة؟ فقال:"لا، بل عند فراغٍ من القراءة". رواه البخاريّ (4088).
قال الأثرم: قلت لأحمد: يقول أحدٌ في حديث أنس: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع" غير عاصم الأحول؟ فقال: ما علمتُ أحدًا يقوله غيره. خالفهم كلّهم: هشام عن قتادة، والتيمي عن أبي مجلز، وأيوب عن ابن سيرين، وغير واحد عن حنظلة السدوسي كلهم عن أنس:"أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع".
قيل لأحمد بن حنبل: سائر الأحاديث أليس إنما هي بعد الركوع؟ قال: بلى؛ خفاف بن إيماء، وأبو هريرة. قلت: لأبي عبد الله: فلم ترخِّص إذًا في القنوت قبل الركوع، وإنما صحَّ بعده؟ فقال: القنوت في الفجر بعد الركوع، وفي الوتر يختار بعد الركوع، ومن قنت قبل الرّكوع فلا بأس لفعل الصحابة واختلافهم، فأمّا في الفجر فبعد الركوع" ذكره ابن الجوزي في "التحقيق" (2/ 451، 452).
وقال الحافظ ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 282): "أحاديث أنس كلّها صحاح يصدّق بعضها بعضًا، ولا تتناقض. والقنوت الذي ذكره قبل الركوع غير القنوت الذي ذكره بعده، والذي وقّته غير الذي أطلقه. فالذي ذكره قبل الركوع هو إطالة القيام للقراءة، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة طول القنوت" [رواه مسلم (756)]، والذي ذكره بعده: هو إطالة القيام للدعاء، فعله شهرًا يدعو على قوم ويدعو لقوم".
فجعل القنوت قبل الركوع بمعنى إطالة القيام بالقراءة، وجعل القنوت بعد الركوع إطالة القيام بالدعاء، ثم استمر يطيل هذا الركن الدعاء والثناء إلى أن فارق الدنيا، وإليه أشار ثابت في قوله:"كان أنس يصنع شيئًا لم أركم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى يقول القائل: قد نسي، وبين السجدتين حتى يقول القائل: قد نسي". رواه الشيخان: البخاري (821)، ومسلم (472).
ثم قال ابن القيم رحمه الله: "ولما صار القنوت في لسان الفقهاء وأكثر الناس هو هذا الدعاء المعروف "اللهم اهدني فمين هديت
…
إلى آخره" وسمعوا أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا، وكذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة، حملوا القنوت في لفظ الصحابة على القنوت في اصطلاحهم. ونشأ من لا يعرف غير ذلك، فلم يشك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا مداومين عليه كلّ غداة. وهذا هو الذي نازعهم فيه جمهور العلماء وقالوا: لم يكن هذا من فعله الراتب، بل لا يثبت عنه أنه فعله" انتهى.