الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله إسناد آخر وفيه انقطاع كما قال البيهقي.
وأمَّا ما رواه الدارقطني (1/ 395) من طريق بشر بن فافا، ثنا أبو نعيم بإسناده، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/ 415) وقال:"بشر لا يعرف"، فهو ليس كما قال، بل بشر بن فافا ضعيف، ضعَّفه الدارقطني كما في "الميزان".
ورُوي هذا الحديث عن ابن عباس، رواه الدارقطني وفيه حسين بن علوان متروك، كما قال الدارقطني.
قلت: لم يثبت في هذا الباب شيء مرفوع غير ما ذكرته، وقد ثبت عن الصحابة أنهم صلوا في السفينة قيامًا وهم يقدرون على الخروج إلى البر كما رواه عبد الله بن أبي عتبة قال: صحبت جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة في سفينة فصلوا قيامًا في جماعة أمَّهم بعضُهم، وهم يقدرون على الجد" رواه ابن أبي شيبة (6564) وعبد الرزاق (4557)، والبيهقي (1/ 155).
ورواه البيهقي عن أنس بن مالك أنه كان إذا ركب السفينة فحضرتِ الصّلاة، والسفينة محبوسة صلى قائمًا، وإذا كانت تسير صلي قاعدًا في جماعة.
وفيه: جواز الصلاة في السفينة، وإن كان الخروج إلى البر ممكنا.
5 - باب ما جاء في صلاة الحاجة
• عن عثمان بن حنيف: أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئتَ أخّرتُ ذاك فهو خير. فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضي الي، اللهم شّفعْه فيَّ.
صحيح: رواه الترمذي (3578)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (659)، وابن ماجه (1358)، وأحمد (17240)، وصحّحه ابن خزيمة (1219)، والحاكم (1/ 519) كلهم من طريق شعبة، عن أبي جعفر المدني، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حنيف فذكره.
وإسناده صحيح، وأبو جعفر المدني هو: عمير بن يزيد بن عمير الخطمي، وقد اختلف عليه، والصحيح حديث شعبة كما قال أبو زرعة. علل ابن أبي حاتم (2064).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو الخطمي".
وقال ابن ماجه: "قال أبو إسحاق: هذا حديث صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد".
وقوله: "وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة" أي بدعاء نبيك كما يدل عليه بداية الحديث، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه هذا الدعاء، فعاد بصيرا، وهذا خاصٌّ بحياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: "اللَّهم شفّعه فيّ" أي تقبّل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حاجتي هذه.
وفي الباب ما رُوي عن عبد الله بن أبي أوفي، وابن عباس، وأنس، وأبي الدّرداء.
فأمّا حديث ابن أبي أوفي، فرواه الترمذي (479)، وابن ماجه (1384) كلاهما من طريق فائد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي أوفي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضّأ فليحسن الوضوءَ، ثم ليصل ركعتين، ثم ليُثْنِ على الله، وليُصلِّ على النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم ليقلْ: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كلّ بر، والسّلامة من كلّ إثم، لا تدعْ لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرّجته، ولا حاجةً هي لك رضًا إلا قضيتها يا أرحم الرّاحمين".
واللّفظ للترمذيّ، ولم يذكر ابن ماجه قوله:"يا أرحم الرّاحمين". ولكنه زاد في آخر الحديث: "ثم يسأل الله من أمر الدّنيا والآخرة ما شاء فإنّه يُقَدَّر".
قال الترمذيّ: "هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال؛ فائد بن عبد الرحمن يُضعَّف في الحديث، وفائد هو أبو الورقاء" انتهي.
قلت: بل فائد بن عبد الرحمن الكوفيّ أبو الورقاء ضعيف جدًّا، قال الحافظ في "التقريب":"متروك اتّهموه".
وأمّا قول الحاكم في "المستدرك"(1/ 320): "فائد بن عبد الرحمن أبو الورقاء كوفيّ، عداده في التابعين، وقد رأيت جماعة من أعقابه، وهو مستقيم الحديث إلا أنّ الشيخين لم يخرجا عنه، وإنّما جعلتُ حديثه هذا شاهدًا لما تقدّم".
يعني شاهدًا لحديث ابن عباس في صلاة التسبيح فليس كما قال، ولذا تعقبه الذهبي فقال:"بل متروك".
وقد جاء في "التهذيب" عن الحاكم نفسه أنه قال: "روي عن ابن أبي أوفي أحاديث موضوعة". فلعله غفل عن هذا، فأتي بكلام متناقض، والخلاصة أن فائد بن عبد الرحمن ضعيف جدًّا كما قلت.
وأمّا حديث ابن عباس، فرواه الأصبهانيّ في "الترغيب"(1280) من طريق محمد بن زكريا البصري، نا الحكم بن أسلم، نا أبو بكر بن عياش، عن أبي الحصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاء جبريل عليه السلام بدعوات فقال: إذا نزل بك أمرٌ من أمر دنياك، فقدِّمْهنّ، ثم سلْ حاجتَك: يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا صريخ المتصرّخين، يا غياث المستغيثين، يا كاشف السّوء، يا أرحم الرّاحمين، يا مجيب دعوة
المضطّرين، يا إله العالمين، بك أُنزل حاجتي، وأنت أعلم، فاقضِها".
وفيه محمد بن زكريا وهو الغلابيّ، قال الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين" (483):"يضع الحديث".
والحديث أورده المنذريّ في "الترغيب والترهيب"(1030) وعزاه إلى الأصبهانيّ وقال: "وفي إسناده إسماعيل بن عياش، وله شواهد كثيرة".
قلت: إنما هو أبو بكر بن عياش، والتعليل بمحمد بن زكريا أولى وأمّا حديث أنس، فرواه أيضًا الأصبهاني (1278) عن إسحاق بن الفيض، نا المضاء، حدّثني عبد العزيز، عن أنس، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"يا على، ألا أُعلِّمُك دعاءً إذا أصابك غمٌّ أو هَمٌّ تدعو به ربَّك، فيُستجابَ لك بإذن الله، ويفرَّج عنك، توَضَّأ وصلِّ ركعتين، واحمد الله وأثْنِ عليه، وصلِّ على نبيِّك، واستغفرْ لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات، ثم قلْ: اللَّهمّ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، لا إله إلا الله العليّ العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، اللَّهمَّ، كاشفَ الغمِّ، مُفرِّج الهمِّ، مجيب دعوة المضطرّين إذا دعوْكَ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، فارْحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها، رحمةً تُغنيني بها عن رحمة مَنْ سواك".
وفيه رجال لا يعرفون، والمضاء هو ابن الجارود الدينوريّ، قال ابنُ أبي حاتم عن أبيه:"شيخ دينوري، ليس بمشهور، محلّه الصّدق".
وأورده المنذريّ في الترغيب والترهيب (1278) وسكت عليه.
وأورده الشّوكاني في "الفوائد المجموعة"(ص 55) ونقل عن "اللآلي" تضعيف إسناد حديث أنس من ابن حجر، وقال:"وأخرجه الطبراني، وفي إسناده أبو معمر عباد بن عبد الصّمد ضعيف جدًّا". قال: "وللحديث طريق أخرى عن أنس في "مسند الفردوس" وفي إسناده أبو هاشم، واسمه: كثير بن عبد الله كأبي معمر في الضّعف وأشدّ". انتهى نقله من "اللآلي".
وأمّا حديث أبي الدّرداء، فرواه الإمام أحمد (27497) عن محمد بن بكر، قال: حدّثنا ميمون -يعني أبا محمد المرَائيّ التّميميّ-، قال: حدّثنا يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: صحبتُ أبا الدّرداء، أتعلَّمُ منه، فلما حضره الموت قال: آذِن النّاسَ بموتي، فآذنْتُ النّاسَ بموته، فجئتُ وقد مُلئَ الدّار وما سواه، قال: فقلت: قد آذنتُ النّاس بموتك، وقد مُلئ الدّار وما سواه. قال: أخرجوني، فأخرجناه. قال: اجلسوني. قال: فأجلسناه، قال: يا أيُّها النَّاس! إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من توضَّأ فأسبغ الوضوء، ثم صلّى ركعتين يُتِمُّهما، أعطاه الله ما سأل مُعجَّلًا أو مُؤخّرًا".
قال أبو الدّرداء: يا أيُّها النّاس! إيَّاكم والالتفات، فإنّه لا صلاةَ لملتفت، فإن غُلبتُمْ في التّطوُّع، فلا تُغْلبُنَّ في الفريضة".