الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: "إني قد بدنت" يُروي علي وجهين: أحدهما: بدنت بتشديد الدال، ومعناه: كبر السن. يقال: بدَّن الرجل تَبْدينًا إذا أسن. والآخر: بَدُنْتُ، مضمونة الدال، غير مشدودة. ومعناه زيادة الجسم، واحتمال اللحم. وروتْ عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طُعن في السن احتمل بدنه اللحم. وكل واحد من كبر السن واحتمال اللحم ينقل البدن، وَيُثَبِّط عن الحركة، قاله الخطابي.
• عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد بدَّنتُ، فلا تُبادروني بالقيام في الصلاة، والركوع والسجود".
صحيح: رواه الطبراني في الكبير (1579) عن علي بن عبد العزيز، ثنا عاصم بن علي، ثنا إسحاق الأزرق، عن زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه فذكر الحديث.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2411): رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
قلت: وهو كما قال، وإسحاق الأزرق هو: إسحاق بن يوسف بن مِرداس المخزومي الواسطي، المعروف بالأزرق من رجال الجماعة.
17 - باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام
• عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أما يخشى أحدكم - أو لا يخشى أحدكم - إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعلَ الله رأسَه رأس حِمار، أو يجعلَ الله صورتَه صورة حِمار".
متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (691) عن حجاج بن منهال، قال: حدّثنا شعبة، عن محمد بن زياد سمعتُ أبا هريرة فذكر مثله.
ورواه مسلم في الصلاة (427) من طرق عن شعبة به مثله.
ورواه من طريق الربيع بن مسلم، عن محمد بن زياد وفيه:"أن يجعل الله وجْهه وجْهَ حمار".
ورواه أبو داود (623) عن حفص بن عمر، عن شعبة وفيه:"إذا رفع رأسه والإمام ساجد".
18 - باب ما جاء في الفتح على الإمام
• عن عبد الرحمن بن أبْزى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى الفجر، فترك آية، فلما صلَّى قال:"أفي القوم أبيُّ بن كعب؟ " قال أبي: يا رسول الله! نُسختْ آية كذا وكذا، أو نسيتَها؟ قال:"نُسِّيتُها".
صحيح: رواه أحمد (15365) عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثنا سَلَمة بن كُهيل، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبْزى، عن أبيه فذكره.
وإسناده صحيح. واختلف في عبد الرحمن بن أبزى فذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وكذا
رجَّح البيهقي (3/ 212) أن حديثه مرسل في قصة أبي، بينما جزم البخاري وخليفةُ بن خياط والترمذي ويعقوب بن سفيان والبرقي والدارقطني وغيرهم، أن له صحبة، ولذا أخرج البخاري في صحيحه عنه أنه قال:"نُصيب الغنائم مع النبي صلى الله عليه وسلم" وأخرج ابن سعد أنه ممن صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وذَرّ: ابن عبد الله المُرْهبي - بضم الميم وسكون الراء - ثقة عابد من رجال الجماعة.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" في مناقب أُبيّ، (8183)، وابن خزيمة في صحيحه (1647) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان به.
وقال الهيثمي في "المجمع"(2354): "رواه أحمد والطبراني كلاهما عن عبد الرحمن بن أبْزى، رجالُه رجال الصحيح".
• عن المسوَّر بن يزيد الأسدي قال: شهدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة، فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله! تركت آية كذا وكذا. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "هلا أذكرتنيها".
إسناده جيد: رواه أبو داود (907) قال: حدّثنا محمد بن العلاء وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قالا: أخبرنا مروان بن معاوية، عن يحيى الكاهلي، عن المسور بن يزيد المالكي فذكر الحديث. قال سليمان في حديثه: كنت أراها نُسختْ.
وقال سليمان: قال: حدثني يحيى بن كثير الأزدي - أي قال سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي أحد شيوخ أبي داود في سنده، حدّثنا مروان بن معاوية، قال: حدّثنا يحيى بن كثير الأزدي، حدثنا المسوَّر بن يزيد الأسدي المالكي. والغرض من هذا بيان اختلاف صيغة الأداء، فإن محمد بن العلاء رواه بلفظ "عن" كما أنه ترك نسبة يحيى إلى أبيه وهو: كثير الأزدي، بينما رواه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي بصيغة التحديث، وذكر نسبة يحيى بأنه ابن كثير الأزدي.
وصححه ابن حبان (2240) فرواه عن محمد بن إسحاق بن خزيمة وهو في صحيحه (1648) قال: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، قال: حدّثنا الحميدي، قال: حدثنا مروان بن معاوية به مثله.
ورجاله ثقات غير يحيى الكاهلي وهو: يحيى بن كثير الكاهلي الأسدي الكوفي، روى عن مسوَّر بن يزيد الكاهلي وصالح بن حبان الفزاري، وعنه مروان بن معاوية الفزاري، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن شاهين في "ثقاته" (1525): روى عنه صالح بن إسحاق الجرمي فقال: كان ثقة، لا بأس به. وقال الذهبي في "الميزان":"وُثِّق".
قلت: فمثله يحسن حديثه إذا اعتمد بشاهد، أو حديث مرسل، أو قول صحابي وقد اجتمعت هذه المُعاضدةُ كلُّها في هذا الحديث كما سيأتي.
وأما النسائي فقال في الكاهلي إنه "ضعيف".
وعلَّق الحافظ على قول ابن شاهين: "كذا قال، وإنما روى صالح المذكور عن يحيى بن كثير
صاحب البصري، فإن كان ما قاله محفوظًا فيُشبه أن يكون روى عنهما جميعًا. لكن لم يذكر ابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهم للكاهلي راويًا إلا مروان". انتهى. انظر:"تهذيب التهذيب"(11/ 267).
قلت: أما قول النسائي فيُحمل على أنه كان من المتشددين، ثم إنّ جرحه غير مفسر، ففي حال التعارض مع غيره يقدم قول المعتدلين، وأما تعليق الحافظ على قول ابن شاهين فهو مجرد احتمال.
وأما يحيى بن كثير أبو النضر صاحب البصري فهو ضعيف بلا نزاع وستأتي ترجمته بعد قليل.
ثم رواه ابن حبان من وجه آخر عن مروان بن معاوية، قال: حدّثنا يحيى بن كثير الكوفي - شيخ له قديم - قال: حدّثنا المسور بن يزيد قال: شهدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فتعايَ في آية، فقال رجل: يا رسول الله! إنك تركت آية، قال:"فهلَّا أذكرتنيها؟ " قال: ظننت أنها قد نُسختْ. قال: "فإنها لم تُنسخ".
وحديث المسور بن يزيد هذا يقويه قول أنس بن مالك قال: كنا نفتحُ على الأئمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه الحاكم في المستدرك (1/ 276) من طريق يحيى بن غيلان وعبد الله بن بزيغ، ثنا حميد، عن أنس فذكره.
قال الحاكم: يحيى بن غيلان وعبد الله بن بزيغ التستريان ثقتان. هذا حديث صحيح وله شواهد ولم يخرجاه قال: أخبرنا علي بن حماد العدل، ثنا علي بن عبد الصمد الطيالسي، ثنا زياد بن أيوب، ثنا جارية بن هرم، ثنا حميد الطويل، عن أنس قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُلقن بعضُهم بعضًا في الصلاة. انتهى.
قلت: وحكمه الرفع، لأنه عزاه إلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فالظاهر أنه علم بذلك ولم يُنكر على ذلك.
كما يؤيده أيضًا مرسل عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك آية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفيكم أبيّ" فقالوا: نعم، فقال: "فما منعك أن تفتحها علي" هكذا رواه عروة مرسلًا.
• عن عبد الله بن عمر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاةً فقرأ فيها، فلبس عليه، فلما انصرف قال لأُبِّي:"صلَّيت معنا؟ " قال: نعم. قال: "فما منعك".
صحيح: رواه أبو داود (907) عن يزيد بن محمد الدمشقي، حدّثنا هشام بن إسماعيل، حدّثنا محمد بن شُعيب، أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زَبْرٍ، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه ابن حبان في صحيحه (2242) من طريق هشام بن عمار، قال: حدّثنا محمد بن شُعيب بن شابور به وفيه "فما منعك أن تفتحها عليَّ".
وفي الباب عن ابن عباس قال: تردد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر في آية. فلما قضى الصلاة نظر في وجوه القوم، فقال:"أما صلَّى معكم أبي بن كعب؟ " قالوا: لا، قال: فرأى القوم أنه إنما سأل عنه ليفتح عليه.