الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع أبواب صلاة الاستخارة، وصلاة المريض، والصلاة في السفينة، وصلاة التسبيح، وصلاة الحاجة، وصلاة الرّغائب
1 - صلاة الاستخارة
• عن جابر بن عبد الله قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمُنا الاستخارةَ في الأمُور كما يُعلِّمنا السورة من القرآنِ يَقولُ: "إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فلْيَركعْ رَكعتَين من غَيرِ الفريضةِ، ثمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إني استخيرُكَ بِعلمكَ، وأستَقْدِرُكَ بقُدرَتِكَ، وأسأَلُكَ من فضلِكَ العظيم، فإنَّكَ تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أعلَمُ وأنت علَّامُ الغُيوب، اللهُمَّ إن كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي فِي دِيني ومَعاشي وعاقِبةِ أمري -أو قال: عاجل أمري وآجِلِه- فاقدُرْهُ لِي، ويَسِّرْهُ لي، ثمَّ باركْ لي فيه، وإن كنتَ تَعلمُ أنَّ هذا الأمرَ شَرٌّ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري -أو قال: في عاجل أمري وآجلهِ- فاصرِفهُ عَنِّي واصرفني عنهُ، واقدُرْ لي الخيرَ حيثُ كان، ثمَّ أرضِني، قال: ويُسمِّي حاجَتَهُ".
صحيح: رواه البخاري في التهجد (1162) عن قتيبة قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالِ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله فذكره.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد أحدكم أمرًا، فليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تَقْدر ولا أقْدِر، وتعلمُ ولا أعلمُ، وأنت علَّامُ الغُيوب، اللهم إن كان كذا وكذا خيرًا لي في ديني، وخيرًا لي في معيشي، وخيرًا لي في عاقبةِ أمري، فاقدُرْه لي، وبارك لي فيه، وإن كان غير ذلك خيرًا لي فاقدُرْ لي الخير حيث ما كان، ورَضِّني بقدرك".
حسن: رواه ابن حبان (886)، والبخاري في تاريخه (4/ 258)، وابن عدي في الكامل (4/ 1367)، والطبراني في الدعاء (1306) كلهم من طرق عن ابن أبي فُديك، قال: حدثنا أبو المفضَّل بن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة فذكره واللفظ لابن حبان.
وابن أبي فديك هو: محمد بن إسماعيل من رواة الجماعة غير أنه "صدوق".
وأبو المفضل قال ابن حبان عقب الحديث: "اسمه شبل بن العلاء بن عبد الرحمن، مستقيم الأمر في الحديث".
وقال في "الثقات"(6/ 452): "روي عن ابن أبي فديك بنسخة مستقيمة، حدثنا بها المفضل بن محمد العطار بأنطاكية، قال: حدثنا أحمد بن الوليد بن بُرْد الأنطاكي، قال: ثنا ابن أبي فديك، ثنا شبل بن العلاء، عن أبيه".
وإسناده حسن، وحسنه أيضًا الحافظ. انظر:"الفتوحات الربانية"(3/ 347) وهو شاهد الحديث جابر في أصل الاستخارة لا في كيفيتها، لأنه لم يذكر في هذا الحديث "فليركع ركعتين من غير الفريضة" وإنما ذكر ذلك في حديث جابر فقَيَّدُوا به.
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركُه استخارة الله، ومن شَقَاوةِ ابن آدم سخطُه بما قضى الله".
رواه الترمذي (2151) عن محمد بن بَشَّار، حدثنا أبو عامر، عن محمد بن أبي حُميد، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن سعد فذكره.
قال الترمذي: "حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حُميد، ويقال له أيضًا: حماد بن أبي حُميد، وهو أبو إبراهيم المدني، وليس هو بالقوي عند أهل الحديث".
ورواه أيضًا الإمام أحمد (1444)، والحاكم (1/ 518) كلاهما من طريق محمد بن أبي حُميد وزاد فيه:"ومن سعادة ابن آدم استخارتُه الله".
قال الحاكم: "صحيح الإسناد".
وليس كما قال؛ فإن محمد بن أبي حُميد إبراهيم الأنصاري الزرقي أبو إبراهيم الذي قال فيه الترمذي: "ليس هو بالقوي عند أهل الحديث".
تكلم فيه نقاد الحديث منهم الإمام أحمد وابن معين والبخاري وأبو زرعة والنسائي وأبو داود والدارقطني وخلق، والذهبي نفسه قال في "الكاشف":"ضَعَّفُوه".
وفي الباب عن أبي سعيد الخُدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد أحدكم أمْرًا فليقُل: اللَّهم إني أَستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علَّامُ الغيوب، اللَّهم إن كان كذا وكذا -للأمر الذي يريد- خيرًا لي في ديني ومَعيشتي وعاقبة أمري، فاقدرُه لي، ويسِّره لي، وأعنّي عليه، وإن كان كذا وكذا -للأمر الذي يُريد- شرًّا لي في ديني ومَعيشتي وعاقبة أمري فاصرِفه عَنِّي، ثم اقدُرْ لي الخير أينما كان، لا حول ولا قوة إلا بالله".
رواه ابن حبان (885)، والبزار (4/ 56)، وأبو يعلى (1342)، والطبراني (1304) كلهم من طرق عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني عيسي بن عبد الله بن مالك، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
وفيه عيسي بن عبد الله بن مالك قال ابن المديني: مجهول.
ولكن ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه في صحيحه. وهذا يؤكد توثيقه للمجاهيل كما قيل؛ ولذا قال فيه الحافظ:"مقبول" أي حيث يتابع، إلا أنَّه لم يتابع فهو "لين الحديث".
وفي الباب عن أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "اكتُم الخِطبة، ثم توضأ فأحسن وُضوءَك، وصَلّ ما كتب الله لك، ثم احمدْ ربك ومجِّده، ثم قل: اللهم إنك تَقْدِرُ ولا أقْدِر، وتعلمُ ولا أعلمُ، أنت علَّامُ الغيوب، فإن رأيتَ لي في فُلانَة -تُسمِّيها باسمها- خيرًا في ديني ودُنيايَ وآخِرتي فاقدرها لي، وإن كان غيرُها خيرًا لي منها في ديني ودُنيايَ وآخِرتي فاقض لي بها". أو قال: "فاقدرها لي".
رواه الإمام أحمد (23596) عن حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا الوليد بن أبي الوليد، عن أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري، حدَّثه عن أبيه، عن جده أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
وفيه ابن لهيعة وهو سيء الحفظ، ولكنه توبع، رواه الإمام أحمد (23597) عقب الحديث المذكور عن هارون، حدثنا ابن وهب، أخبرني حيوة، أن الوليد بن أبي الوليد أخبره فذكره بإسناده ومعناه.
وابن وهب هو عبد الله، ومن طريقه رواه ابن خزيمة (1220)، وابن حبان (4040)، والحاكم (1/ 314، 2/ 165).
قال الحاكم في الموضع الأول: "هذه سنهُ صلاةِ الاستخارةِ عزيزةٌ، تفرد بها أهلُ مصر، ورواتُه عن آخرهم ثقات، ولم يُخرجاه".
وقال في الموضع الثاني: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
قلت: وفي تصحيحه نظر؛ فإن أيوب بن خالد وهو: ابن صفوان بن أوس بن جابر الأنصاري المدني، ويعرف بأيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري، وأبو أيوب جده لأمه عمرة بنت أبي أيوب الأنصاري لم يوثقه غير ابن حبان، وكان يحيى بن سعيد ونظراؤه لا يكتبون حديثه.
وقال فيه الحافظ: "فيه لين".
وأبوه خالد مجهول، انفرد ابنه بالرواية عنه.
وأما الوليد بن أبي الوليد، وهو أبو عثمان المدني وإن قال فيه الحافظ:"لين الحديث" فالصواب أنه ثقة، وثقه أبو زُرعة، كما في "الجرح والتعديل"، والذهبي في "الكاشف".
وفي الباب أحاديث أخرى أيضًا عن ابن مسعود وابن عباسٍ وغيرهما، ولكن لا يخلو شيءٌ منها من مقالٍ. إلا أن بعض أهل العلم نقلوا تصحيح ابن حبان والحاكم وأقروه، وجعلوها شواهد لحديث جابر، انظر "فتح الباري"(11/ 184)؛ لأن الإمام أحمد تكلم في عبد الرحمن بن أبي الموال الذي روى عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله حديث الاستخارة فقال:"روي عن محمد بن المنكدر حديث الاستخارة، وليس أحد يرويه غيره، وهو منكر الحديث" ذكره ابن عدي
في الكامل (4/ 1616)، وساق لعبد الرحمن أحاديث وقال:"هو مستقيم الحديث، والذي أُنكر عليه حديث الاستخارة وقد رواه غير واحد من الصحابة كما رواه ابن أبي الموال". قال الحافظ: يريد أن للحديث شواهد، ثم ذكر بعض تلكَ الشواهد.
قلت: ولعلَّ المراد بالمنكر هنا تفرد عبد الرحمن بن أبي الموال، عن محمد بن المنكدر؛ لأن الإمام أحمد يستعمل كلمة "منكر" للتفرد أحيانًا ولو كان المتفرد ثقة، وإلا فالحديث صحيح، لأن عبد الرحمن بن أبي الموال وثَّقه ابن معين وابن المديني وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم فلا يضر تفرده، كما هو مقرر في علوم الحديث.
وأما كونه يكرر الاستخارة سبع مرات حتى ينشرح صدره فلم يثبت.
وما رُوي فيه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أنس! إذا هممتَ بأمر فاستخر ربَّك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك، فإن الخير فيه" فهو ضعيف.
رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(598) عن أبي العباس بن قتيبة العسقلاني، حدثنا عبيد الله بن الحميري، ثنا إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك، ثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه قال:(فذكر الحديث).
قال النووي في "الأذكار"(358): "إسناده غريب، فإن فيه من لا نعرفهم".
قلت: وفيه إبراهيم بن البراء بن النضر وهو ضعيف جدًّا. قال ابن عدي: "إبراهيم بن البراء هذا أحاديثه التي ذكرتها، وما لم أذكرها كلها مناكير موضوعة، ومن اعتبر حديثه علم أنه ضعيف جدًّا، وهو متروك الحديث" الكامل (1/ 254).
والراوي عنه عبيد الله بن الحميري لا يعرف من هو؛ ولذا قال الحافظ ابن حجر: إسناده واه جدًّا.
وأما ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة؟ فللعلماء فيه رأيان:
الأول: يفعل ما بدا له، ويختار أي جانب شاء من الفعل والترك وإن لم ينشرح صدره لشيء منهما، فإن فيما يفعله فيه خير ونفع فلا يوفق إلا لجانب الخير.
والثاني: يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له صدره حتى أنه يستحب له تكرار الصلاة والدعاء في الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصواب. وهو اختبار النووي في "الأذكار".
وقد رجّح الشوكاني وغيره الرأي الأول، فقال:"فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوي قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسًا، وإلا فلا يكون مستخيرًا لله، بل يكون مستخيرًا لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة، وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة، ومن اختياره لنفسه". "النيل"(2/ 298).
وهو من ترجيحات شيخ الحديث عبيدالله الرحماني رحمه الله في "المرعاة"(4/ 365) حيث قال: "والراجح عندي قول من ذهب إلى أنه يفعل المستخير بعد الاستخارة ما بدا له واتفق، فليس