الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك لا يصح بوجه من الوجوه: "من نفخ في الصّلاة فقد تكلم" أو بلفظ "النفخ في الصلاة كلام".
قال العلامة ابن القيم: "لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما رواه سعيد في سننه عن ابن عباس من قوله إن صحَّ""زاد المعاد"(1/ 270).
والنفخ لا يكون كلامًا من حيث اللغة، لأنه ليس فيه هجاء إلا إنْ شُدِّدت الفاء فيكون على ثلاثة أحرف من التأفيف كما قال الخطابي وقال:"وأما والفاء خفيفة فليس بكلام والنافخ لا يُخرج الفاء في نفخة مشددةٍ، ولا يكاد يخرجها فاء صادقة من مخرجها بين الشفة السُفلى، ومقاديم الأسنان العليا، ولكنه يُغشيها من غير إطباق السنِّ على الشفة، وما كان كذلك لم يكن كلامًا".
ثم قال: "وقد قال عامة الفقهاء: إذا نفخ في صلاته فقال: "أف" فسدتْ صلاته إلا أبا يوسف فإنه قال: صلاته جائزة". انتهى.
13 - باب دفع الجن وخنقه في الصّلاة
• عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ عِفريتا من الجنِّ تفلَّتَ عليَّ البارحةَ - أو كلمة نحوها - ليقطعَ عليَّ صَلاتي. فأمكنني الله منه فأخذتُه فأردتُ أن أرْبُطَه على ساريةٍ من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كُلُّكم. فذكرْتُ دعوةَ أخي سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [سورة ص: 35] فرددتُه خاسئًا. عِفْريت: متمرد من إنس أو جان مثل زِبْنِيَة جماعتها الزَّبانية.
متفق عليه: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (3423)، ومسلم في المساجد (541) كلاهما عن محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد، قال: سمعتُ أبا هريرة فذكر الحديث واللفظ للبخاريّ.
وزاد مسلم في رواية النضر بن شُميل، عن شعبة بعد قوله:"فأمكنني الله منه": "فذعتُه" بالذال المعجمة، وتخفيف العين المهملة. بمعنى: خَنَقْتُه.
ثم قال مسلم: فأما ابن أبي شيبة (عن شبابة، عن شعبة) فقال في روايته: "فدعتُه" بالدال المهملة. بمعنى: دفعتُه دفْعًا شديدًا.
قال النووي: "وأنكر الخطابي المهملة وقال: لا تصح، وصحّحها غيره وصوَّبوها، وإن كانت المعجمة أوضح وأشهر. وفيه دليل على جواز العمل القليل في الصلاة".
وقوله: "ثم ذكرتُ قول أخي سليمان
…
" أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قدر على ربطه في سارية المسجد، فلما تذكر قول سليمان عليه السلام امتنع من ذلك تواضعًا وتأدبًا. وتمكينه صلى الله عليه وسلم لا ينافي قوله تعالى:{وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [سورة ص: 35] إذ لا يبطل اختصاص تمام
الملك لسليمان بهذا القدر.
وقوله: "حتى تنظروا إليه كلكم" فيه دليل على أن رؤيةَ الجنِّ غيرُ مستحيلةٍ، فأما قوله تعالى:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27] فإنه حكم الأعم والأغلبِ من الآدميين امتحنهم بذلك ليفْزَعُوا إليه عز وجل ويستعيذوا به من شرهم. انظر: "شرح السنة"(3/ 270).
• عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي، فأتاه الشيطان فأخذه، فصرعه فخنقَه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حتى وجدتُ بردَ لسانه على يدي، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح موثقًا حتى يراه الناس".
صحيح: رواه النسائي في "الكبرى"(11375) عن إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن حصين، عن عبيد الله، عن عائشة فذكرت مثله.
وصحّحه ابن حبان فرواه في صحيحه (2350) من طريق محمد بن أبان، حدثنا أبو بكر بن عياش به مثله.
وحصين هو: ابن عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفي من رجال الجماعة.
وعبيد الله بن عبد الله هو: ابن عتبة بن مسعود الهذلي من رجال الجماعة أيضًا. ومحمد بن أبان في إسناد ابن حبان هو الواسطي تكلم فيه الأزدي إلا أنه توبع عند النسائي.
• عن جابر بن سمرة قال: صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، فجعل يَهْوِي بيده، قال خَلَفٌ: يَهْوِي في الصلاة قُدَّامَه. فسأله القومُ حين انصرف فقال: "إن الشيطان هو كان يُلْقِي عَلَيَّ شَرارَ النار ليَفْتِنَنِي عن صلاتي، فتناولتُه، فلو أخذتُه ما انفلتَ مني حتى يُناطَ إلى سارية من سواري المسجد، ينظر إليه وِلدانُ أهل المدينة".
حسن: رواه الإمام أحمد (21000) عن عبد الرزاق وخَلف بن الوليد، قالا: حدثنا إسرائيل، عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة فذكر مثله.
وإسناده حسن لأجل سماك بن حرب. والحديث في مصنف عبد الرزاق (2338) من هذا الوجه. ورواه أيضًا الطبراني في الكبير (1925) من طريق خلف بن الوليد به مثله.
وأمّا ما رواه الطبراني (2053)، والدارقطني (1/ 365)، والبيهقي (2/ 450) من طرق عن المفضل بن صالح، عن سماك به بلفظ: صلَّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة مكتوبة، فضَمَّ يده في الصلاة. فلما قضى الصلاة قلنا يا رسول الله! أَحَدَثَ في الصّلاة شيء؟ قال:"لا إلا أن الشيطان أراد أن يمر بين يدي فَخَنقتُهُ حتى وجدتُ برد لسانه على يدي، وايم الله! لولا ما سبقني إليه أخي سليمان لنيط بسارية من سواري المسجد، حتى يُطيف به ولدان أهل المدينة"، فهو ضعيف، فيه المفضل بن صالح ضعَّفه البخاري وأبو حاتم كذا في "المجمع"(2/ 61).
• عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فصلَّى صلاة الصبح وهو خلْفَه، فقرأ، فالتبست عليه القراءة، فلما فرغ من صلاته قال:"لو رأيتموني وإبليس، فأهويتُ بيدي، فما زلتُ أخْنُقُه حتى وجدتُ برْد لُعابه بين أصْبعيَّ هاتين - الإبهام والتي تليها - ولولا دعوةُ أخي سليمان لأصبح مربوطًا بسارية من سواري المسجد، يتلاعبُ به صبيانُ المدينة، فمن استطاع منكم أن لا يحُولَ بينَه وبين القبلة أحدٌ فليفْعلْ".
حسن: رواه الإمام أحمد (11780) عن أبي أحمد، حدثنا مسرَّة بن معبد، حدثني أبو عبيد حاجب سليمان، قال: رأيتُ عطاء بن يزيد الليثي قائمًا يصلِّي، مُتعممًا بعمامةٍ سوداء، مرخي طرفَها من خلْفِه، مُصَفِّر اللحيةِ. فذهبتُ أمرُّ بين يديه فردَّني، ثم قال: حدثني أبو سعيد الخدري فذكر مثله.
وإسناده حسن لأجل مسرة بن معبد وهو: اللخمي الفلسطيني المقدسي اختلف فيه فقال أبو حاتم: شيخ لا بأس به، وذكره ابن حبان مرة في "الثقات" (7/ 524) وأخرى في "المجروحين" (1093) فقال:"كان ممن ينفرد عن الثقات ما ليس من أحاديث الأَثبات على قلة روايته، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". غير أنه حسن الحديث، ولذا قال الذهبي في "الكاشف":"وُثِّق" وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق له أوهام".
وقال الهيثمي في "المجمع"(2/ 87): رواه أحمد ورجاله ثقات، غير أنه لم يذكر قوله: "من استطاع منكم
…
".
والحديث رواه أبو داود (699) عن أحمد بن سريج الرازي، أخبرنا أبو أحمد الزبيري، أخبرنا مسرة بن معبد اللخمي به مقتصرًا على قوله:"من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين القبلة أحد فليفعل". انظر باب منع المار بين يدي المصلي.
وأبو أحمد هو: محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري من رجال الجماعة.
والذي رواه عبد بن حميد (946) عن علي بن عاصم، ثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خرجتُ لصلاة الصبح فلقيني الشيطان في السدة، سدة المسجد فزحمني حتى إنِّي لأجد من شعره فاستمسكت منه فخنقتُه، حتى إني لأجد برد لسانه على يديَّ، فلولا دعوة أخي سليمان لأصبح مقتولًا تنظرون إليه" ففيه أبو هارون العبدي وهو: عمارة بن جُوَين - بجيم مصغرًا - مشهور بكنيته متروك، والبعض كذَّبَه.
وأما ما رُوِي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مرَّ عليَّ الشيطانُ فأخذتُه فخنقتُه، حتى لأجد برْد لسانه في يدي فقال: أوْجَعتنِي أوْجَعتني" فهو منقطع، رواه الإمام أحمد (3926) عن أسود بن عامر، أخبرنا إسرائيل، قال: ذكر أبو إسحاق عن أبي عبيدة، عن عبد الله.
وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، قال الهيثمي في "المجمع" (1/ 288):