الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولئك فصلوا خلفه فصلي بهم ركعتين ثم سلَّم. فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا، ولأصحابه ركعتين ركعتين. وبذلك كان يُفتي الحسن.
رواه أبو داود (1248)، والنسائي (1551) كلاهما من طريق أشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة فذكره. واللفظ لأبي داود. ولم يذكر النسائي فتوى الحسن.
وصحّحه ابن حبان (2881) فرواه من هذا الوجه.
وفي الإسناد الحسن وهو: البصري مدلس وقد عنعن، وبقية رجاله ثقات، وقد شعر أبو داود بعِلَّة هذا الحديث فقال: وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قال سليمان اليشكري، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، انتهي.
قلت: إذًا حديث أبي بكرة يكون شاهدًا لحديث جابر، ولكن أعلَّه ابن القطان بأن أبا بكرة، أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة. قال الحافظ: وهذه ليست بعلة، فإنه قد يكون مرسل صحابي.
ثم قال أبو داود: وكذلك في صلاة المغرب: يكون للإمام ست ركعات، وللقوم ثلاث ثلاث.
قلت: وصله ابن خزيمة (1368) عن محمد بن معمر بن ربعي العتيبي، ثنا عمرو بن خليفة البكراوي، ثنا أشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى بالقوم صلاة المغرب ثلاث ركعات، ثم انصرف، وجاء الآخرون فصلَّي بهم ثلاث ركعات، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ستّ ركعات، وللقوم ثلاث ثلاث، ومن طريق ابن خزيمة رواه الدارقطني (2/ 61)، قال الحاكم (1/ 337): سمعت أبا علي الحافظ يقول: "هذا حديث غريب، أشعث الحمراني لم يكتبه إلَّا بهذا الإسناد".
وقال الحاكم: "وإنه صحيح على شرط الشيخين".
وعمرو بن خليفة البكراوي كنيته أبو عثمان، ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 229) وقال:"وربما كان في بعض رواياته مناكير" وترجمة الحافظ في "اللسان" ولم يخرج عنه الشيخان البتة، ولعل من مناكيره ذكر صلاة المغرب فإنه انفرد عما رواه الثقات عن أشعث.
4 - باب من قال: وفي الخوف ركعة
• عن ابن عباس قال: فرضَ الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة.
صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (687) من طرق عن مجاهد وغيره، عن ابن عباس فذكره.
قال به بعض أهل العلم في شدة الخوف منهم: عطاء وطاوس والحسن ومجاهد والحكم وحماد وقتادة وغيرهم كلهم جميعًا قالوا: في شدة الخوف ركعة واحدة يومئ بها إيماءً".
وقال إسحاق بن راهويه: "أمَّا عند الشدَّة فتُجزِيك ركعة واحدة، تومئ بها إيماءً، فإن لم تقدر فسجدة واحدة، فإن لم تقدر فتكبيرة، لأنَّها ذكر الله".
وأمَّا سائر أهل العلم فقالوا: إنَّ صلاة شدَّة الخوف لا ينقص منها من العدد شيئًا، ولكن يصلِّي على حسب الإمكان ركعتين، أي وجه يوجهون إليه، رجالًا ورُكبانًا، يومئون إيماءً، وبه قال أصحاب الرأي ومالك والشافعي، وقال الإمام أحمد: كل حديث رُويَ في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز، وقال: ستَّة أوجه، أو سبعة أوجه تُروي فيه كلُّها جائز. انظر "معالم الخطابي".
وما قال به الإمام أحمد هو من أعدل الأقوال تجنُّبًا من التأويل أو التضعيف كما سيأتي من كلام البيهقي رحمه الله تعالي.
• عن ابن عباسٍ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بذي قَرَدٍ، وصفَّ الناس خلفه صفَّين، صفًّا خلفه، وصفًّا موازي العدوِّ، فصلى بالذي خلفه ركعة، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك فصلَّي بهم ركعة، ولم يقضوا.
صحيح: رواه النسائي (1535) عن محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الجهم، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (1384)، وابن حبان (2871)، والحاكم (1/ 335) والحديث في مسند الإمام أحمد (2063) كلهم من طريق سفيان به مثله.
ولم يذكر لفظه ابن خزيمة وإنما أحاله على لفظ حديث حذيفة الآتي بعده وقال في آخره: ولم يقضوا.
ثم روي عَقِبه حديث ابن عباس كما مضى في أوَّل صلاة السفر وفيه: وفي "الخوف ركعة".
ورواه أيضًا البيهقي (3/ 262) من طريق سفيان به مثله.
ثم قال: قال سفيان: فكان للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ولكل طائفة ركعة.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه الألفاظ.
قلت: وهذا وهم منه فإن أبا بكر بن أبي الجهم -واسمه عبد الله وهو العدويّ، وقد ينسب إلى جده- ليس من رجال البخاري، وإنَّما أخرج له مسلم وحده، غير أنَّه ثقة.
ولكن نقل البيهقي (3/ 262) عن الشافعي أنَّه ترك هذا الحديث بحجَّة أنَّ جميع الأحاديث في صلاة الخوف مجتمعة على أنَّ على المأمومين من عدد الصّلاة ما على الإمام، وكذلك أصل الفرض في الصلاة على الناس واحد في العدد، ولأنَّه لا يثبت عندنا مثله لشيء في بعض إسناده.
قال البيهقي: هذا حديث لم يخرجه البخاري ولا مسلم في كتابيهما وأبو بكر بن أبي الجهم يتفرد بذلك هكذا عن عبيد الله بن عبد الله، وقد يحتمل أن يكون مثل صلاته بعُسفان، فإنَّ قوله: ثم ذهب هؤلاء إلى مصافِّ أولئك، وجاء أولئك أراد به تقدُّم الصف المؤخَّر، وتأخُّر الصفِّ المقدَّم.
وقد روى الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس ما دلَّ على ذلك مع اختلاف فيه عن الزهري وقت حراسة أحد الصفين".
هكذا يؤول البيهقي حديث أبي بكر بن أبي الجهم أو يُضعِّفه لأنه لم يخرجه الشيخان ولذا تعقبه
ابن التركماني قائلًا: "أخرجه النسائي ولم يُعلِّله بشيء، وعدم تخريجهما له ليس بعلَّةٍ كما ذكرنا مرارًا، وابن أبي الجهم ثقة أخرج له مسلم فلا يضره تفرده. كيف وقد جاء له شواهد ذكرها البيهقي" انتهي.
وقوله: "صلَّي بذي قَرَد": بقافٍ مثناةٍ مفتوحةٍ وراءٍ مهملة مفتوحةٍ، وآخره دالٌ -جبل يبعد عن المدينة شمالًا شرقيًّا خمسة وثلاثين كيلًا تقريبًا .. معجم الأمكنة الوارد ذكرها في صحيح البخاري (252).
• عن ثعلبة بن زَهدم قال: كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال: أيُّكم صلَّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا. فصلَّي بهؤلاء ركعةً، وبهؤلاء ركعة، ولم يقضوا.
صحيح: رواه أبو داود (1246)، والنسائي (1531) كلاهما من طريق يحيى، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثني أشعث بن سُليم، عن الأسود بن هلال، عن ثعلبة بن زهدم فذكره.
ورجاله ثقات، إنَّما الخلاف في ثعلبة بن زهدم في صحبته، والراجح أنَّه من الطبقة الأولى من التابعين.
وصححه ابن خزيمة (1343) من طريق محمد بن بشار وهو بندار، وأبي موسى محمد بن المثنى كلاهما عن يحيى بن سعيد به مثله وقال: ولم يقضوا هذا لفظ حديث أبي موسى.
وقال بندار: عن أشعث بن أبي الشعثاء ولم يقل: "ولم يقضوا". وأشعث بن أبي الشعثاء هو: ابن سُليم.
ثم روى عن محمد بن أبي موسى قالا: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سفيان، حدثني أبو بكر ابن أبي الجهم، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بذي قَرَدٍ، قال أبو موسى: مثل حديث حذيفة.
وذكر بندار الحديث مثل حديث حذيفة. وقال في آخره: "ولم يقضوا". انتهى.
فبين ابن خزيمة الخلاف بين حديثي ابن عباس وحذيفة ففي حديث حذيفة. قال أبو موسي: "لم يقضوا". ولم يقل ذلك بندار.
وفي حديث ابن عباس قال بندار: ولم يقضوا.
والظاهر منه أن أبا موسى لم يقل في حديث ابن عباس: لم يقضوا.
وحديث حذيفة رواه أيضًا الإمام أحمد (23268)، والحاكم (1/ 335) كلاهما من طريق سفيان إلَّا أنَّ الإمام أحمد أحال لفظ الحديث على حديث ابن عبَّاس، وزيد بن ثابت.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وجعل حديث ابن عباس شاهدًا لحديث حُذيفة.
ولحديث حذيفة طرق أخرى عند الإمام أحمد إلَّا أنَّها ضعيفة.
• عن القاسم بن حسان قال: أتيت زيد بن ثابت فسألتُه عن صلاة الخوف فقال: صلَّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفٌّ خلْفه، وصفٌّ بإزاء العدوُ، فصلَّى بهم ركعةً، ثمَّ ذهبوا إلى مصافٍّ إخوانهم، وجاء الآخرون، فصلَّى بهم ركعة، ثمَّ سلَّم، فكان للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل طائفة ركعةٌ.
حسن: رواه النسائي (1531)، والإمام أحمد (21593)، وابن خزيمة (1345)، وابن حبان (2870)، والبيهقي (3/ 262) كلهم من طريق سفيان، عن الرُّكَين الفزاري، عن القاسم بن حسان فذكره، واللفظ لابن حبان، وأمَّا النسائي فأحال على حديث حذيفة، والإمام أحمد أحال على حديث ابن عباس، وابن خزيمة أحال على حديث حذيفة، وإسناده حسن فإنَّ القاسم بن حسَّان وهو العامري الكوفي روى عنه اثنان ووثقه أحمد بن صالح كما ذكره ابن شاهين في "ثقاته"(1094) وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 305) واعتمده ابن خزيمة وابن حِبَّان فأخرجا الحديث في صحيحيهما.
وأمَّا ما قاله ابن القطَّان: لا يُعْرف حاله. فقد عَرفتَ من علم حاله فوثَّقه.
وقال الذهبي في الكاشف: "وُثق" ونقل عن البخاري في الميزان أنه قال: حديثه منكر، رولا يُعرف، ثم ذكر له شيئًا.
وأورد له من حديثه عن ابن مسعود فلعله يقصد به هذا الحديث بعينه، وأمَّا في التاريخ الكبير فلم يذكر فيه شيئًا، وذكره أيضًا ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه شيئًا. والله أعلم.
وبقية رجال الإسناد من رجال الصحيح.
• عن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم صلاة الخوف، فقام صفٌّ بين يديه، وصف خلفه، صلَّى بالذين خلفه ركعة وسجدتين، ثم تقدم هؤلاء حتى قاموا في مقام أصحابهم، وجاء أولئك فقاموا مقام هؤلاء، وصلَّى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعةً وسجدتين، ثم سلَّم، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان، ولهم ركعة.
صحيح: رواه النسائي (1545) عن إبراهيم بن الحسن، عن حجاج بن محمد، عن شعبة، عن الحكم، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله فذكره.
ورواه الإمام أحمد (14180) وصحّحه ابن خزيمة (1347)، وابن حبان (2869) كلهم من حديث شعبة به مثله. وإسناده صحيح.
ورواه النسائي من وجه آخر عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي قال: أنبأني يريد الفقير وفيه: ثم سلَّم النبي صلى الله عليه وسلم، فسلَّم الذين خلفه، وسلَّم أولئك. أخرجه عن أحمد بن المقدام، حدثنا يزيد بن زُريع، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي به مثله هكذا مختصرًا.