الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهُدبة بن خالد - ويقال له: هَدَّابَ بالتثقيل وفتح أوله أيضًا كما في صحيح مسلم. وأبو جمرة - بالجيم.
وقوله: "البَرْدَين" - يعني العصر والفجر.
قال الخطّابي: سميتا بَردين لأنهما تصليان في بَردي النهار، وهما طرفاه حين يطيب الهواء، وتذهب سورة الحر.
• عن عُمارة بن رُؤَيبة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لن يلج النّار أحد صَلَّى قبل طلوع الشّمس، وقبل غروبها" يعني الفجر والعصر. فقال له رجل من أهل البصرة: أنت سمعتَ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال الرّجل: وأنا أشهد أني سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سِمِعتْه أُذُناي ووَعَاه قلبي.
صحيح: رواه مسلم في المساجد (634) من أوجه عن أبي بكر بن عُمارة بن رُؤَيْبَة، عن أبيه فذكره.
• عن عبد الله بن فَضالة، عن أبيه قال: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيما علَّمني: "وحافظ على الصلوات الخمس" قال: قلت: إن هذه ساعات لي فيها أشغال، فمرني بأمر جامع إذا أنا فعلتُه أجزأ عَنِّي؟ فقال:"حافظ على العصرين" وما كانت مِن لُغَتِنَا؟ فقلت: وما العصران؟ فقال: "صلاة قبل طلوع الشّمس، وصلاة قبل غروبها".
صحيح: رواه أبو داود (428) عن عمرو بن عون، أنا خالد، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عبد الله بن فَضالة فذكره.
إسناده صحيح. وصحّحه ابن حبان (1742)، والحاكم (1/ 199 - 200) فروياه من طريق خالد به مثله. وقال:"صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وعبد الله هو: ابن فضالة بن عبيد، وقد خُرِّج له في الصَّحيح حديثان".
قلت: عبد الله بن فضالة بن عبيد الليثي الزهراني ليس من رجال مسلم، ولكنه ثقة، واختلف في صحبته فالصحيح أنه رآه ولم يسمع منه، فمن روى عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فهو مرسل، ومن أثبت بينهما ذكر أبيه فهو الصواب.
وللحديث أسانيد أخرى، والذي ذكرته أمثلها.
11 - باب الرخصة في ترك الجماعة عند المطر والعذر
• عن ابن عمر أنه أذَّن بالصلاة في ليلة ذات بردٍ وريح فقال: ألا صلوا في الرحال، ثمّ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالمؤذِّن إذا كانت ليلة باردةً ذاتُ مطر يقول: "ألا صلوا في الرحال".
متفق عليه: رواه مالك في الصّلاة (10) عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ورواه البخاريّ في الأذان (666)، ومسلم في صلاة المسافرين (697) كلاهما من طريق مالك به مثله.
ولهما: البخاريّ (632)، ومسلم عن عبيد الله بن عمر قال: حَدَّثَنِي نافع قال: أذَّن ابن عمر في ليلة باردة بضجْنان ثمّ قال: صَلُّوا في رحالكم. فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذِّنًا يؤذِّن ثمّ يقول على أثره: "ألا صلُّوا في الرِّحال" في الليلة الباردة، أو المطيرة في السَّفر.
قوله: بضَجْنان - بفتح الضاد المعجمة، وبالجيم، بعدها نون على وزن فعلان غير مصروف، قال صاحب الصحاح: هو جبل بناحية مكة. وقال غيره: جبل بين مكة والمدينة.
• عن عبد الله بن الحارث قال: خطبنا ابن عباس في يومٍ رَدْغٍ فلمّا بلغ المؤذِّن: حيَّ على الصَّلاة فأمره أن ينادي: الصَّلاة في الرِّحال، فنظر القومُ بعضُهم إلى بعض فقال: فعل هذا من هو خير منه، وإنها عَزْمةٌ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأذان (616) ومسلم في صلاة المسافرين (699) كلاهما عن عبد الحميد صاحب الزياديّ، عن عبد الله بن الحارث فذكره، واللّفظ للبخاريّ.
ورواه أيضًا البخاريّ (668) عن عبد الله بن عبد الوهّاب، قال: حَدَّثَنَا حمّاد بن زيد، قال: حَدَّثَنَا عبد الحميد به وفيه: فنظر بعضهم إلى بعض فكأنهم أنكروا. فقال: كأنكم أنكرتم هذا، إن هذا فعله من هو خير مني - يعني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - إنها عَزْمَةٌ، وإني كرهتُ أن أُحرجكم.
وعن حمّاد عن عاصم، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس نحوه. غير أنه قال: كرهتُ أن أؤثِّمكم، فتجيئون تدوسون الطين إلى رُكبكم.
ورواه أيضًا (901) عن مسدد، قال: حَدَّثَنَا إسماعيل - وهو ابن علية، قال: أخبرني عبد الحميد صاحب الزيادي به وفيه: وإني كرهت أن أُحرجكم فتمشون في الطين والدحض.
وقوله: يوم رَدْغ - بفتح الراء وسكون الدال المهملة - وهو الماء القليل، وقيل: إنه طين وحل، وقيل: الرزغ - بالزاء والمعنى واحد.
وقوله: عَزْمة - بسكون الراء - ضد الرخصة.
وقوله: والدَحْض - بفتح الدال وسكون الحاء وهو الزلق.
• عن محمود بن الربيع الأنصاري أنَّ عِتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرًا من الأنصار أنه أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! قد أنكرتُ بَصَرِي وأنا أصلِّي لقَوميّ، فإذا كانتِ الأمطارُ سالَ الوادي الذي بَيني وبينَهم لم أستَطِع أن آتيَ مسجدَهم فأُصلِّي بهم. وودِدْتُ يا رسولُ الله! أَنَّكَ تأتيني فتُصَلِّي في بَيتي فأَتخذَهُ مُصلًّى. قال: فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سأفعلُ إن شاءَ الله". قال
عِتبانُ: فغدا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حينَ ارتَفَعَ النهارُ فاستأذَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأَذِنتُ له، فلم يجلسْ حتَّى دخلَ البيتَ ثمّ قال:"أينَ تُحِبُّ أن أصلِّيَ من بَيْتِكَ؟ " قال: فأشرتُ له إلى ناحيةٍ من البيت، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فكبَّرَ، فقُمنا فصفَفْنا فصلَّى رَكعتَيِنِ ثمّ سلَّمَ. فذكر الحديث. وهو في كتاب الإيمان بطوله. قال ابنُ شِهابٍ: ثمَّ سَأَلتُ الْحُصينَ بنَ محمد الأنصاري - وهو أحدُ بني سالم وهو من سَراتِهم - عن حديث محمود بن الربيع، فصدَّقه بذلك.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصّلاة (425)، ومسلم في المساجد (263) كلاهما من طريق ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن الربيع فذكر مثله واللّفظ للبخاريّ.
وفي مسلم قال محمود: فحدثتُ بهذا الحديث نفرًا فيهم أبو أيوب الأنصاريّ، فقال: ما أظنُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال ما قُلتَ. قال: فحلفتُ إن رجعتُ إلى عِتْبان أن أسألَه، قال: فرجعت إليه فوجدته شيخًا كبيرًا قد ذهب بصرُه. وهو إمام قومه، فجلستُ إلى جنبه فسألتُه عن هذا الحديث فحدثنيه كما حدثنيه أولَ مرةٍ.
قال الزهري: ثمّ نزلتْ بعد ذلك فرائض وأمور نرى أن الأمر انتهى إليها. فمن استطاع أن لا يغتر فلا يغترَّ. انتهى.
ورواه البخاريّ (670) عن أنس يقول: قال رجل من الأنصار: إني لا أستطيع الصّلاةَ معك - وكان رجلًا ضخمًا - فصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا فدعاه إلى منزله، فبسط له حصيرًا، ونضح طرف الحصير، فصلى عليه ركعتين
…
وقوله: رجل من الأنصار - يقال: هو عتبان بن مالك السالمي الأنصاري الأعمى، لأن قصته شبيهة بقصته.
وقوله: ضخمًا - أي سمينًا، وفي هذا الوصف إشارة إلى علة تخلفه، وقد عدَّد ابن حبان من الأعذار المرخصة في التأخير عن الجماعة. انظر "فتح الباري"(2/ 158).
• عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فمُطرنا فقال: "ليُصَلِّ من شاء منكم في رحله".
صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (698) من طريق زهير أبي خيثمة، قال: حَدَّثَنَا أبو الزُّبير، عن جابر فذكر الحديث.
• عن عمرو بن أوس يقول: أنبأنا رجل من ثقيف أنه سمع مُنادي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يعني في ليلة مَطيرةٍ في السفر يقول: "حيَّ على الصّلاة، حيَّ على الفلاح، صَلُّوا في رحالكم".
صحيح: رواه النسائيّ (653) عن قُتَيبة قال: حَدَّثَنَا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن
أوس فذكر مثله. وإسناده صحيح، ولا يضر إبهام الرّجل فإنه صحابي.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (15433) عن أبي نعيم (وهو الفضل بن دكين) حَدَّثَنَا مسعر، عن عمرو بن دينار به مثله.
• عن أبي المَليح قال: خرجتُ في ليلةٍ مطيرةٍ، فلمّا رجعتُ استفتحتُ فقال أبي:
من هذا؟ قال: أبو المَليح، قال: لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وأصابتْنا سماءٌ لم تَبُلَّ أسافِلُ نعالنا، فنادى مُنادي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلوا في رحالكم".
صحيح: رواه ابن ماجة (936) قال: حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم، عن خالد الحذاء، عن أبي قِلابة، عن أبي المَليح فذكر الحديث.
وهو في مصنف ابن أبي شيبة (2/ 234) ورواه أيضًا عن هُشَيم، عن خالد عنه به، وشك فيه كان ذلك عام الحديبية أو حُنين.
ورواه أبو داود (1059) من طريق سفيان بن حبيب قال: خبَّرنا عن خالد الحذاء به ولم يشك أن ذلك كان زمن الحديبية يوم الجمعة.
وصحَّح هذا الإسناد النوويّ وغيره. انظر: "الخلاصة"(2273).
وقوله: "خبَّرنا" هكذا بصيغة المعلوم، بمعني حَدَّثَنَا، ومن ضبط بصيغة المجهول فقد وهم، لأنه يكون الإسناد حينئذ منقطعًا، وقد صحَّح هذا الإسناد الحاكم في المستدرك (1/ 293)، ورواه شعبة، عن قتادة، عن أبي المليح عنه أن ذلك كان يوم حنين.
رواه أبو داود والنسائي (854) والإمام أحمد (20702) من طرق عنه، كما رواه أيضًا من طريق همام (وهو ابن يحيى العوذي)(20700) عن قتادة به مثله، ومن طريقه رواه أيضًا ابن خزيمة (1658) في صحيحه.
وقتادة وإن كان مدلسًا، ولكن رواية شعبة عنه تُبعد تهمةَ التدليس، لما اشتهر من قوله: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وقتادة، وأبي إسحاق.
وبهذه الطرق صحَّ كون ذلك وقع يوم حنين، واليقين لا يزول بالشك، كما وقع التصريح في بعض الروايات بأن ذلك كان يوم الجمعة، ولكن لم يظهر لي كان ذلك لصلاة الجمعة، أو لصلاة من صلوات يوم الجمعة، والقلب يميل إلى أن القصة وقعت لصلاة الجمعة.
ولكن يعكر هذا ما رواه ابن خزيمة (1657) من طريق مؤمّل بن هشام وزياد بن أيوب، كلاهما عن إسماعيل (وهو ابن علية) عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المليح قال: خرجت في ليلة مظلمة إلى المسجد لصلاة العشاء، فلمّا رجعت استفتحتُ فقال أبي: من هذا؟ قالوا: أبو مليح، قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، وأصابتنا سماء لم تبل أسفل نعالنا. فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن صلوا في رحاكم".
ورواه أيضًا أحمد (20704) عن عبد الرزّاق، أنا سفيان، عن خالد به مثله. فإن صَحَّ ذلك فيمكن حمله على الواقعتين يوم الحديبية ويوم حنين، ورجَّح بعض أهل العلم أن ذلك وقع يوم حنين بناءً على حديث الحسن عن سمرة الآتي.
ويؤيد أن ذلك كان يوم الجمعة ما ذكره ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم جمعة يوم مطر: "صلوا في رحالكم" رواه ابن ماجة (938) وفيه عباد بن منصور ضعيف.
وبوَّب أبو داود بقوله: باب الجمعة في اليوم المطير، وأخرج فيه حديث أبي المليح عن أبيه.
وأبو المليح: اسمه عامر بن أسامة، وقيل: زيد بن أسامة، وقيل أسامة بن عامر، وقيل: عمير بن أسامة، هذلي بصريّ، اتفق الشيخان على الاحتجاج بحديثه، وأبوه له صحبة، ويقال: إنه لم يرو عنه إِلَّا ابنه أبو المليح. كذا أفاد المنذري.
• عن سمرة بن جندب قال: أصابتنا السماءُ، ونحن مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنادى:"الصّلاة في الرِحال".
حسن: رواه الإمام أحمد (20170) عن معاذ بن هشام، قال: حَدَّثَنِي أبيّ، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة فذكر الحديث.
ورواه أيضًا البزّار "كشف الأستار"(برقم: 464).
والطَّبرانيّ في الكبير" (برقم: 6823) وأبو يعلى "إتحاف الخيرة" (1317) كلّهم من طرق عن معاذ بن هشام به مثله.
ورواه الإمام أحمد عن بهز، عن أبان (20093)، وهمام (20153) كلاهما عن قتادة، عن الحسن به وفيه التصريح بأن ذلك كان يوم حنين.
بهز هو: ابن أسد العمي ثقة ثبت من رجال الجماعة.
وهمام هو: ابن يحيى العَوذي ثقة من رجال الجماعة وإسناده صحيح غير أن قتادة مدلِّس وقد عنعن، ولكن ثبت في حديث أبي المليح، عن أبيه أن شعبة روى عنه هذا الحديث فالذي يظهر أن قتادة له شيخان: أبو المليح والحسن، وصحَّ في إحدى طرقه أن شعبة روى عنه، وبهذا تزول تهمة التدليس عن قتادة لما سبق من قوله.
وأمّا الحسن البصري فهو الإمام الفقيه المعروف، وفي صحيح البخاريّ وغيره أنه سمع حديث العقيقة من سمرة، وهذا لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في سماعه منه غير حديث العقيقة، فذهب عليّ بن المديني والبخاري إلى سماعه مطلقًا، وسيأتي مزيد من التحقيق في حديث العقيقة.
وقال الهيثميّ في مجمعه (2/ 47) رواه أحمد والطَّبرانيّ في الكبير والبزّار بنحوه وزاد: كراهية أن يشق علينا. ورجال أحمد رجال الصَّحيح.
قلت: وأمّا البزّار فرواه بإسناد آخر وهو ضعيف جدًّا. قال: حَدَّثَنَا خالد بن يوسف، حَدَّثَنِي