الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي ضعيف.
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي هريرة مرفوعًا: "يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلَّا أن تصوموا قبله، أو بعده". رواه الإمام أحمد (8025) عن عبد الرحمن (ابن مهدي) عن معاوية، يعني ابن صالح، عن أبي بشر، عن عامر بن لُدين الأشعري، عن أبي هريرة، فذكره.
ومن هذا الطريق رواه الحاكم (1/ 437) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه إلَّا أنَّ أبا بشر هذا لم أقف على اسمه، وليس ببيان بن بشر، ولا جعفر بن أبي وحشية". وقال الذهبي في تلخيصه: "هو مجهول".
وقال فيه الحافظ: "مقبولٌ إن كان هو مؤذن دمشق، وإن كان أبو بشر صاحب أبي الزاهرية فضعيف".
وقال ابن خزيمة في صحيحه (2162) بعد أن رواه من طريق ابن مهدي: "أبو بشر هذا شامي، ليس بأبي بشر جعفر بن أبي وحشية صاحب شعبة وهشيم".
12 - باب ما روي في كراهية السفر يوم الجمعة
لم يثبت في هذا الباب شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأمَّا حديث ابن عمر مرفوعًا: "من سافر من دار إقامته يوم الجمعة، دعت عليه الملائكة ألَّا يُصحب في سفره". فهو ضعيف.
قال العراقي في "المغني"(1/ 249): "أخرجه الدارقطني في الأفراد من كلام ابن عمر، وفيه ابن لهيعة، وقال: غريب".
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي هريرة مرفوعًا: "من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكان: أن لا يصاحب في سفره، ولا تُقضي له حاجة".
هذا ممَّا أخرجه الخطيب في كتابه: "أسماء الرواة عن مالك" من رواية الحسين بن علوان عنه، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
والحسين بن علوان قال فيه ابن حبان: كان من أهل الكوفة، كان يضع الحديث على هشام بن عروة وغيره من الثقات وضعًا، لا يحل كتابة حديثه إلَّا على جهة التعجب، كذَّبه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين"، "المجروحين" (228).
وقد ذكر الذهبي هذا الحديث في الميزان (1/ 543) وقال: "ومما كذب على مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً". فذكر الحديثَ مختصرًا.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بن عبد الله بن رواحة في سرية، فوافق ذلك يومَ الجمعة، قال: فقدَّم أصحابه، وقال: أتأخَّر فأُصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثمَّ ألحقهم. قال: فلمَّا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه، فقال:"ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ " قال: فقال: أردتُ أن أصلي معك الجمعة، ثمَّ ألحقهم. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنفقت ما في
الأرض ما أدركتَ فضلَ غدوتهم".
رواه الترمذي (527) عن أحمد بن منيع، حدَّثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه أحمد (1966) عن أبي معاوية بإسناده مثله.
قال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه، قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم إلَّا خمسة أحاديث، وعدَّها شعبة، وليس هذا الحديث فيما عدَّ شعبة، وكأنَّ هذا الحديث لم يسمعه الحكم من مقسم". انتهى.
قلت: وفي سنده أيضًا الحجاج، وهو ابن أرطاة، وصف بكثرة الخطأ والتدليس وقد عنعن.
ثمَّ قال الترمذي: "وقد اختلف أهل العلم في السفر يوم الجمعة، فلم ير بعضهم بأسًا بأن يخرج يوم الجمعة في السفر، ما لم تحضر الصلاة. وقال بعضهم: إذا أصبح فلا يخرج حتَّى يصلي الجمعة، انتهي.
وكذلك لا يصح ما رُوي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مسافرًا يوم الجمعة ضحى قبل الصلاة.
رواه عبد الرزاق (5540) عن الثوري، عن ابن أبي ذئب، عن صالح بن كثير، عن الزهري، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.
وهو مع إرساله فيه صالح بن كثير، وهو المدني "مقبول" كما في "التقريب".
ولكن ثبت عن عمر بن الخطاب أنَّه رأى رجلًا عليه ثياب سفرٍ، بعد ما قضى الجمعة، قال: ما شأنك؟ قال: أردت سفرًا، فكرهت أن أخرج حتَّى أصلِّي. فقال عمر: إن الجمعة لا تمنعك السفر ما لم يحضر وقتها.
رواه عبد الرزاق (5536) عن معمر، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين أو غيره، أنَّ عمر رأي رجلًا فذكره.
وفي رواية أخرى رواها عن الثوري، عن الأسود بن قيس، عن أبيه، قال: أبصر عمر بن الخطاب رجلًا عليه هيئة السفر، وقال الرجل: إنَّ اليوم يوم الجمعة، ولولا ذلك لخرجتُ. فقال عمر: إنَّ الجمعة لا تحبس مسافرًا، فاخرج ما لم يحن الرواح.
وخلاصة ما في هذا الباب: أنَّ المسافر إذا لم يَخَفْ فَوتَ رفقته فالأولى له أن يصلي إن دخل الوقت قبل شروعه في السفر، فإن خاف فوت رفقته، وانقطاعه بعدهم جاز له السفر مطلقًا؛ لأنَّ هذا عذر يُسقط الجمعة والجماعة. هذا ما رجَّحه الحافظ ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 383).
ويقاس عليه اليوم وسائل السفر التي ليست في اختيار المسافر.