الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر منوطا عندي على الانشراح أو الرؤيا؛ لأنه ليس في الحديث اشتراط انشراح النفس، ولا ذكر النوم بعد الاستخارة، واطلاع ما هو خير له في رؤياه" انتهى كلامه.
2 - باب صلاة المريض
• عن أنس قال: سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرس فخُدش -أو فجُحش- شِقُّه الأيمن. فدخلنا عليه نعودُه، فحضرتِ الصلاة فصلى قاعدًا فصلينا قعودًا وقال:"إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد".
متفق عليه: رواه البخاري في تقصير الصلاة (1114)، ومسلم في الصلاة (411) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس بن مالك فذكره ولفظهما سواء، وسبق الحديث في جموع أبواب صلاة الجماعة، وفيه أحاديث أخرى.
• عن أنس بن مالك، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناسٍ وهم يصلون قعودًا من مرض، فقال:"إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".
حسن: رواه ابن ماجه (1230)، والنسائي في "الكبرى"(1364)، والإمام أحمد (13236، 13517)، وأبو يعلى (4336) كلهم من حديث عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد، عن أنس بن مالك، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن جعفر وهو ابن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة ليس به بأس، وهو من رجال مسلم.
وله إسناد آخر رواه الإمام أحمد (12395)، وأبو يعلى (3582)، وعبد الرزاق (4121) كلهم من حديث ابن جريج، قال: قال ابن شهاب، أخبرني أنس بن مالك، قال: "قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة
…
" فذكر الحديث. وفيه متابعة للإسناد الأول.
• عن عمران بن حصين -وكان مَبْسورًا- قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدًا فقال: "إن صلَّى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا، فله نصف أجر القائم، ومن صلَّى نائمًا فله نصف أجر القاعد".
وفي رواية قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال:"صَلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب".
صحيح: رواه البخاري في تقصير الصلاة (1116، 1117) من طرق عن حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين فذكره.
قال البخاري: نائمًا عندي مضطجعًا هاهنا.
وقوله: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة -يقصد به صلاة المريض-، لأنه كان مبسورًا، وقد جاء تصريح ذلك في رواية الترمذي (372) قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة المريض فذكر الحديث.
قوله: "إن صلى قائمًا فهو أفضل" محمول على صلاة التطوع، لأن أداء الفرائض قاعدًا مع القدرة على القيام لا يجوز.
وقوله: "فإن لم يستطع فعلى جنب" محمول على صلاة المريض غير القادر على القيام، وهذا لا نقصان لأجره إن شاء الله تعالي.
قال سفيان الثوري في هذا الحديث: "من صلى جالسًا فله نصف أجر القائم" قال: هذا للصحيح، ولمن ليس له عذر "يعني في النوافل" فأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلي جالسًا فله مثل أجر القائم". انظر: الترمذي (2/ 210).
قلت: ويشهد له ما ثبت في صحيح البخاري (2996) من حديث أبي موسى مرفوعًا: "إذا مرض العبد، أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا". انظر للمزيد: "المنة الكبري"(2/ 159 - 163).
قال الحافظ في الفتح (2/ 588): "استدل به من قال: لا ينتقل المريض إلى القعود إلا بعد عدم القدرة على القيام. وقد حكاه عياض عن الشافعي. وعن مالك وأحمد وإسحاق: لا يشترط العدم، بل وجود المشقة. والمعروف عند الشافعية أن المراد بنفي الاستطاعة وجود المشقة الشديدة بالقيام، أو خوف زيادة المرض، أو الهلاك، ولا يكتفي بأدني مشقة. ومن المشقة الشديدة دوران الرأس في حق راكب السفينة، وخوف الغرق إن صلى قائمًا فيها" انتهى.
وقال: "ويدل للجمهور حديث ابن عباس عند الطبراني بلفظ: "يصلي قائمًا، فإن نالته مشقة فجالسًا، فإن نالته مشقة صلي نائمًا" الحديث فاعتبر في الحالين وجود المشقة ولم يفرق" انتهي.
قلت: حديث الطبراني في "الأوسط"(4009) عن علي بن سعيد الرازي، قال: حدثنا محمد ابن يحيى بن فياض الزماني، قال: حدثنا حُليس بن محمد الضُّبعي، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء ونافع، عن ابن عباس مرفوعًا.
وتتمة الحديث: "يومئُ برأسه، فإن نالته مشقة سبَّح".
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا جليس، تفرد به محمد بن يحيى بن فياض".
قال الهيثمي في "المجمع"(2/ 149) بعد أن نقل كلام الطبراني: ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات".
قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 227): "في إسناده ضعف" وسكت عليه في الفتح.
• عن عائشة قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعًا.
صحيح: رواه النسائي (1662) عن هارون بن عبد الله قال: حدثنا أبو داود الحفري، عن
حفص، عن حُميد، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة فذكرته.
قال النسائي: "لا أعلم أحدًا روي هذا الحديث غير أبي داود وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث إلا خطأ" انتهي.
قلت: ومن هذا الوجه رواه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه (978، 1238).
فلا يجوز تخطئة الثقات بالظن، فإن أبا داود الحفري هو: عمر بن سعد بن عبيد الحَفري ثقة عابد، وثَّقَه ابن معين وأبو داود وغيرهما، وقد تابعه محمد بن سعيد بن الأصبهاني عند البيهقي (2/ 305) فرواه عن حفص وهو: ابن غياث به مثله.
وأما قول الحافظ ابن حجر: "قد رواه ابن خزيمة والبيهقي من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني متابعة أبي داود، فظهر أنه لا خطأ فيه".
فالظّاهر أنه وقع وهم من الحافظ، فإن ابن خزيمة رواه من طريق أبي داود الحفري وهو عمر بن سعد، وإنما الذي رواه من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني هو البيهقي وحده، فتنبه، وسبق تخريجه بالتفصيل في جموع أبواب صلاة الليل.
• عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم أن يسجد فليسجدْ، ومن لم يستطعْ فلا يرفعْ إلى جبهِته شيئًا يسجُد عليه، ولكن ركوعُه وسجوده يؤمِئُ برأسه".
حسن: رواه الطبراني في الأوسط (7085) عن محمد بن عبد الله بن بكر، قال: حدثنا سُريج بن يُونس، قال: حدثنا قُرَّان بن تَمام، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع فذكره.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبيدالله بن عمر إلا قُرَّان بن تمَّام، تفرد به سُريج بن يونس".
قلت: قُرَّان -بضم أوله، وتشديد الراء- ابن تمَّام الأسدي الكوفي وثقه أحمد وابن معين والدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات فمثله يحسن حديثه.
ولا يضر تفرد سُريج بن يونس، وهو أبو الحارث البغدادي فإنه ثقة عابد من رجال الشيخين، ولذا قال الهيثمي في "المجمع" (2/ 149):"ورجاله موثقون، ليس فيهم كلام يضر".
ولا يُعل هذا ما جاء عن ابن عمر موقوفًا، رواه مالك وجماعة عن نافع، لأن هذا لا يمنع من صحة الرفع، لأن رواته ثقات.
• عن ابن عمر قال: عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من أصحابه مريضًا، وأنا معه فدخل عليه وهو يُصَلِّي على عود، فوضع جبهته على العود، فأومأ إليه فطرح العود، وأخذ وسادةً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دعها عنك إن استطعت أن تسجد على الأرض وإلا فأومئ إيماءً، واجعل سجودك أخفض من ركوعك".
حسن: رواه الطبراني في "الكبير"(12/ 269، 270) عن عبد الله بن أحمد، قال: حدثني شباب
العصفري، ثنا سهل أبو عتاب، ثنا حفص بن سليمان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن ابن عمر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل شباب -وهو خليفة بن خياط العصفري أبو عمرو البصريّ- وشباب لقبه، مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وشيخه سهل هو ابن حماد البصري أبو عتّاب "صدوق" كما في "التقريب".
وحفص بن سليمان هو المنقري التميمي البصريّ، "ثقة" كما في "التقريب".
لكن خلّط الهيثمي بينه وبين غيره فقال في "المجمع"(2/ 148): "هو متروك، واختلفت الرواية عن أحمد في توثيقه، والصحيح أنه ضعّفه".
والصواب أنه لم يضعّف المنقري، بل قال:"هو صالح" وإنما اختلفت روايته في حفص بن سليمان الأسدي الغاضري وهو ضعيف باتفاق أهل العلم. وقال في "التقريب": "متروك الحديث مع إمامته في القراءة".
وأمَّا ما رُوي عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يُصلي المريض قائمًا إن استطاع، فإن لم يستطع صلى قاعدًا، فإن لم يستطع أن يسجد أومأ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يُصلي قاعدًا صلَّى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع أن يُصلي على جنبه الأيمن صلي مستلقيًا رجلاه مما تلى القبلة".
فهو ضعيف، رواه الدارقطني (2/ 42) من طريق الحسين بن زيد بن الحكم الجبري، ثنا حسن ابن حسين العُرني، ثنا حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب فذكره.
وفيه حسن بن حسين العُرني قال ابن عدي: "له أحاديث مناكير، ولا يُشبه حديثه حديث الثقات"، وقال ابن كثير:"هو شيعي ضعيف". "إرشاد الفقيه"(1/ 180).
وفيه أيضًا حسين بن زيد ضعَّفه ابن معين وغيره، يقول ابن عدي:"وأرجو أنه لا بأس به، إلا أني وجدتُ في حديثه النكرةَ".
وقال النووي: "هذا حديث ضعيف".
وكذلك لا يصح ما رُوي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد مريضًا، فرآه يصلي على وسادة، فأخذها فرمي بها، وأخذ عودًا ليصلي عليه فأخذه فرمي به، وقال:"صلِّ على الأرض إن استطعت وإلا فأومئ إيماءً، واجعل سجودَك أخفض من ركوعك" رواه البزار "كشف الأستار"(568) والبيهقي (2/ 306) من طريق أبي بكر الحنفي، ثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر فذكر الحديث.
وقد سُئل أبو حاتم عن هذا الحديث فقال: الصواب عن جابر موقوف، ورفعه خطأ، قيل له: فإن أبا أسامة قد روي عن الثوري هذا الحديث مرفوعًا، فقال: ليس بشيء".