الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاضطجعتُ في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهلُه في طولها. فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليلُ، أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح النومَ عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران وهي قوله تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} إلى قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . [سورة آل عمران: 190 - 200].
متفق عليه: رواه مالك في صلاة الليل (11) عن مخرمة بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس به في حديث طويل سيأتي في باب عدد صلاة الليل.
ورواه البخاي في الوضوء (183) عن إسماعيل (وهو ابن أبي أويس)، ومسلم في صلاة المسافرين (763/ 182) عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك به.
6 - باب ما جاء في الحثّ على قيام الليل
• عن علي بن أبي طالب أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقَه وفاطمةَ بنتَ النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً فقال: "ألا تُصلِّيان؟ " فقلت: يا رسول الله! أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يَبْعَثَنا بَعَثَنا. فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إليَّ شيئًا، ثم سمعتُه وهو مُوَلٍّ يضرب فخذه وهو يقول:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [سورة الكهف: 54].
متفق عليه: رواه البخاري في التهجد (1127)، ومسلم في صلاة المسافرين (775) كلاهما من حديث الزهري، عن علي بن الحسين، أن حسين بن علي أخبره، عن علي بن أبي طالب فذكره.
• عن ابن عمر قال: كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رُؤيا قصَّها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنَّيتُ أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت غلامًا شابًا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيتُ في النوم كأنَّ ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطيّ البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتُهم فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار. قال: فلقينا ملك آخر فقال لي: لَم تُرَعْ. فقصصتُها على حفصة، فقصَّتْها حفصةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"نعم الرجل عبد الله لو كان يُصلي من الليل".
فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليلًا.
متفق عليه: رواه البخاري في التهجد (1121، 1122)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة (2479) كلاهما من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه،
فذكره ولفظهما سواء. إلا أن مسلمًا كرر: أعوذ بالله من النار، ثلاث مرات. وكذا عند البخاري أيضًا (3738) والقائل:"فكان بعدُ لا ينام من النيل إلا قليلًا" هو سالم.
• عن أم سلمة قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: "سبحان الله ماذا أُنزِل الليلة من الفِتن، وماذا فُتح من الخزائن، من يُوقِظُ صواحبَ الحُجُرات؟ يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا، عاريةٍ في الآخرةِ".
صحيح: رواه البخاري في التهجد (1126) عن ابن مقاتل، حدثنا عبد الله (هو ابن المبارك)، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة فذكرتِ الحديث.
وهذا الحديث رواه مالك في الموطأ في كتاب اللباس (8) عن يحيى بن سعيد، عن ابن شهاب الزهري مرسلًا.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاةُ الليل".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (1163) عن قتيبة بن سعيد، ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن حُميد بن عبد الرحمن الحِمْيري، عن أبي هريرة فذكره.
• عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أيقظ الرجلُ أهلَه من الليل، فصلَّيا، أو صلى ركعتين جميعًا كتبا في الذاكرين والذاكرات".
صحيح: رواه أبو داود (1309)، وابن ماجه (1335) كلاهما من طريق شيبان أبي معاوية، عن الأعمش، عن علي بن الأقمر، عن الأغرِّ، عن أبي سعيد وأبي هريرة فذكر الحديث.
إسناده صحيح والأغر هو: أبو مسلم المديني من رجال مسلم، وشيبان هو: ابن عبد الرحمن التميمي مولاهم أبو معاوية البصري من رجال الجماعة.
قال أبو داود: ولم يرفعه ابن كثير، ولا ذكر أبا هريرة جعله كلام أبي سعيد.
قلت: ومن رفع معه زيادة.
وقد صحّحه ابن حبان (2568)، والحاكم (1/ 316)، وروياه من هذا الطريق إلا أن الحاكم وهم في قوله: على شرط الشيخين، لأن الأغر لم يرو عنه البخاري إلا إن قصد غير الصحيح، فإنّ البخاري روى عنه في الأدب المفرد، وأما مسلم فأخرج عنه، إذًا هو على شرط مسلمٍ وحده، وقد أعِلَّ بأنه موقوف، ولكن الصواب أنه مرفوع، لأن من رفع عنده زيادة علم، فيجب قبولها لأنه ثقة.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله رجلًا قام من الليل، فصَلَّى وأيقظ امرأته، فإن أبتْ نضح في وجهها الماءَ، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّت وأيقظتْ زوجَها، فإن أبي نضحتْ في وجهه الماءَ".
حسن: رواه أبو داود (1308)، والنسائي (1610)، وابن ماجه (1336) كلّهم من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن عجلان، قال: حدثني القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره ولفظه سواء عند الجميع.
وإسناده حسن لأجل محمد بن عجلان فإنه صدوق حسن الحديث.
وصحّحه ابن خزيمة (1148) وعنه ابن حبان (2567) كما صحّحه أيضًا الحاكم (1/ 309) كلهم من طريق محمد بن عجلان، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
قلت: وهو كما قال فإن مسلمًا وإن كان أخرج لابن عجلان في الشواهد فإن الحاكم لا يفرق بين الشواهد والأصول فتنبه إلى ذلك.
وقال النووي في الخلاصة (1993): رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح. قلت: بل هو حسن كما تقدم.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ في ليلة مائة آية لم يكتب من الغافلين، أو كتب من القانتين".
صحيح: رواه ابن خزيمة (1142)، والحاكم (1/ 308) كلاهما من طريق أبي حمزة السكري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة واللفظ لابن خزيمة، وأما الحاكم فرواه بدون شك وهو قوله:"ومن قرأ في ليلة مائة آية كتب من القانتين". وقال: "صحيح على شرط الشيخين".
قلت: وهو كما قال، ولكن رواه سعيد بن منصور (136) عن أبي الأحوص، عن أبي سنان، عن أبي صالح، فقال: عن أبي سعيد الخدري، أو عن أبي هريرة - على الشك - وأبو سنان هو: ضرار بن مرة الكوفي الشيباني، وثَّقه أبو حاتم والنسائي والعجلي وغيرهم، روي له مسلم وأصحاب السنن غير ابن ماجه، إلا أن أبا حمزة السكري وهو: محمد بن ميمون المروزي من رجال الجماعة وهو أوثق منه، وقد رواه بدون الشك، فيشبه أن يكون الصواب أنه من حديث أبي هريرة.
ورواه ابن خزيمة (1143)، والحاكم (1/ 308، 309) أيضًا كلاهما من حديث سعد بن عبد الحميد بن جعفر، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبيد الله بن سلمان، عن أبيه أبي عبد الله سلمان الأغرِّ، عن أبي هريرة فذكر نحوه. قال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم".
قلت: ليس كما قال، فإن سعد بن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري لم يرو عنه مسلم أصلًا، وإنما روى عنه أصحاب السنن غير أبي داود، ولذا رمز له الحافظ في التقريب بـ (ت س ق) غير أنه حسن الحديث.
وأما عبد الرحمن بن أبي الزناد فهو وإن كان مسلم لم يحتج به، إلا أنه روى عنه في المقدمة - كما
رمز له الحافظ في التقريب "من" وقد سقط هذا المصطلح من بعض النسخ المطبوعة فتنبه -، والحاكم لا يفرق بين المقدمة وأصل الكتاب.
• عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله! إني إذا رأيتك طابَتْ نفسِي وقرَّتْ عَيني، فأنْبِئني عن كل شيء. فقال:"كل شيء خُلق من ماء" قال: قلت: أنْبِئْني عن أمر إذا أخذتُ به دخلتُ الجنةَ. قال: "أفْشِ السلامَ، وأَطْعِم الطعامَ، وصِلِ الأَرْحَام، وقُم بالليلِ والناسُ نِيام، ثم ادخُلِ الجنّةَ بسلامٍ".
صحيح: رواه الإمام أحمد (7932) عن يزيد بن هارون، أخبرنا هَمَّام، عن قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة فذكره.
رجاله ثقات وإسناده صحيح. صحّحه ابن حبان (508، 2559)، والحاكم (4/ 129) وروياه من طريق همام وهو: ابن يحيى العوذي به مثله إلا أن الحاكم لم يذكر الجزء الأول من الحديث.
كما رواه أيضًا الإمام أحمد من طرق أخرى عن همام، انظر (8295، 8296، 10399).
قال الهيثمي في "المجمع"(5/ 16): "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح خلا أبا ميمونة، وهو ثقة".
قلت: وهو كما قال، فإن أبا ميمونة الفارسي المدني الأبار ثقة وثَّقه النسائي، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، وقال ابن معين: أبو ميمونة الأبار صالح.
وفرّق البخاري وأبو حاتم ومسلم والحاكم أبو أحمد بن أبي ميمونة الأبار الذي روى عن أبي هريرة وعنه قتادة، وبين أبي ميمونة الفارسي واسمه سليم، روى عنه أبو النضر وغيره.
قلت: أبو ميمونة الذي عندنا هو المدني الأبار وهو ثقة كما رأيت فإنه هو الذي وثَّقه النسائي وغيره وهو من رجال السنن، وأما قول الدارقطني:"أبو ميمونة عن أبي هريرة، عنه قتادة مجهول يترك" فالحجة لمن علم على من لم يعلم كما هو معلوم، وأما أبو ميمونة الفارسي الذي وثَّقه الدارقطني في كناه فمن هو هذا؟ فإن الذي روى عنه يحيى بن أبي كثير وقتادة وهلال بن أبي ميمونة وأبو النضر هو صاحبنا الأبار ثقةٌ وهو المراد هنا.
• عن عبد الله بن أبي قيس قال: قالت عائشة رضي الله عنها: لا تدعْ قيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعُه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدًا.
حسن: رواه أبو داود (1307) عن محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبةُ، عن يزيد بن خُمير قال: سمعت عبد الله بن أبي قيس فذكره.
وأبو داود هو: الطيالسي، والحديث في مسنده (1622) من هذا الوجه إلا أنه قال فيه:"عبد الله بن أبي موسى النصري" ومن طريقه رواه ابن خزيمة (1137) ولكنه جزم بأنه ابن أبي قيس وصحّحه أيضًا الحاكم (1/ 308) فرواه عن أبي داود وقال فيه: "عبد الله بن أبي قيس"، وقال:
"حديث صحيح على شرط مسلم".
قلت: وهو كما قال، إلَّا أن يزيد بن خمير وإن كان من رجال مسلم إلا أنه "صدوق" وبه صار الحديث حسنًا.
• عن عبد الله بن سَلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، وقيل: قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئتُ في الناس لأنظر إليه، فلما استثبتُ وجهَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفتُ أن وجهه ليس بوجه كذّاب، وكان أوّلَ شيء تكلم به أن قال:"أيها الناس! أَفْشوا السلام، أَطْعِموا الطعامَ، وصلُّوا والناس نِيام، تدخلوا الجنة بسلام".
صحيح: رواه الترمذي (2485)، وابن ماجه (1334) كلاهما من حديث يحيى بن سعيد وغيره، عن عوف بن أبي جميلة، عن زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن سلام فذكره.
قال الترمذي: "صحيح".
ورواه أيضًا الحاكم (3/ 13) من طريق هوذة بن خليفة، عن عوف بن أبي جميلة به، وزاد في الحديث:"وصِلوا الأرحام".
وقال: "صحيح على شرط الشيخين".
قلت: وهذا وهم منه فإن هوذة بن خليفة لم يُخرجا له، إنما أخرج له ابن ماجه وهو صدوق، ثم رواه من وجه آخر (4/ 159، 160) عن يحيى بن سعيد القطان، عن عوف بن أبي جميلة به مثله.
وقال: "صحيح الإسناد".
• عن أبي مالك الأَشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة غرفةً يُرى ظاهِرُها من باطنها، وباطِنُها من ظاهرها، أعده الله لمن أطعم الطعام، وألانَ الكلام، وتابع الصيامَ، وصلى والناس نيام".
حسن: رواه أحمد (22905)، والطبراني في الكبير (3466) كلاهما من طريق عبد الرزاق - وهو في مصنفه (20883) - عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق أو أبي معانق، عن أبي مالك الأشعري فذكره.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا ابن خزيمة (2137)، وابن حبان (509) في صحيحيهما، إلا أن ابن حبان زاد في الحديث:"وأفشى السلام" ولم يذكر "الصيام" وهو ليس في نسخة عبد الرزاق، كما أنه ليس فيه:"ألَان الكلام" فالظاهر أنه يعود إلى اختلاف النسخ.
وإسناده حسن من أجل ابن معانق وهو: عبد الله بن معانق الأشعري كما قال أبو حاتم عقب الحديث. وكنيته أبو معانق، وثَّقه ابن حبان والعجلي، وهو من تابعي أهل الشام، وأبو مالك
الأشعري له صحبة، واسمه الحارث بن الحارث وهو شامي أيضًا. فلقاؤهما ممكن، ومن استبعد فقد حاد عن الحق.
قال الهيثمي في "المجمع": رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات، وفاته عزوه إلى أحمد.
وقول ابن خزيمة: "لست أعرف ابن معانق، ولا أبا معائق الذي روى عنه يحيى بن أبي كثير" فقد عرفه غيره.
• عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كُتِب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنْطِرين".
حسن: رواه أبو داود (1398) عن أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو، أن أبا سَويَّة حدَّثه أنه سمع ابن حُجيرة يخبر عن عبد الله بن عمرو بن العاص فذكر الحديث.
قال أبو داود: "ابن حجيرة الأصغر: عبد الله بن عبد الرحمن بن حُجيرة".
وصحّحه ابن خزيمة (1144)، وابن حبان (2572) كلاهما من حديث ابن وهب به، مثله.
وإسناده حسن لأجلِ أبي سويَّه واسمه: عبيد بن سَويَّة بن أبي سوية، ويقال له: أبو سويد المصري قال ابن حبان: أبو سويد اسمه حُميد بن سويد من أهل مصر، وقد وهم من قال: أبو سوية". انتهى.
قلت: ليس كما قال، فإن أكثر أهل العلم على أنه ابن سوية، وله ترجمة مفصلة في التهذيب، قال ابن ماكولا:"كان فاضلًا".
وقال ابن يونس: "كان رجلًا صالحًا كان يفسر القرآن" وقال أبو عمير الكندي: "كان فاضلًا، ثم أسند أنه مات سنة (35) أي بعد المائة.
قلت: وحديثه حسن، وهو "صدوق" كما في التقريب.
وكذلك رُوي أيضًا عن تميم الداري مرفوعًا: "من قرأ بمائة آية في ليلة لم يكتب من الغافلين" رواه أحمد (16958)، والدارمي (3451) كلاهما من طريق زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى، عن كثير بن مرة، عن تميم الداري فذكره.
وفيه انقطاع، فإن سليمان بن موسى وهو الأشدق لم يدرك كثير بن مرة، وله أسانيد أخرى كلها معللة.
وفي الباب أحاديث أخرى ستأتي في فضائل القرآن.
• عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غرفةً يُرى ظاهرُها من باطنِها، وباطنُها من ظاهرها". فقال أبو موسى الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟
قال: "لمن أَلانَ الكلامَ، وأطعمَ الطعامَ، وبات لله قائمًا والناس نيام".
حسن: رواه أحمد (6615) عن حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثني حُيَي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، حدَّثه عن عبد الله بن عمرو فذكره.
وابن لهيعة فيه كلام مشهور، ولكنه توبع.
رواه الحاكم (1/ 321) من طريق ابن وهب، عن حُيَي بن عبد الله بهذا الإسناد، وقال:"صحيح على شرط مسلم". إلا أن السائل فيه: أبو مالك الأشعري، وكذلك رواه الطبراني في الكبير.
قال الهيثمي (2/ 254): "رواه أحمد والطبراني في الكبير وإسناده حسن".
قلت: وهو كما قال فإنّ ابن لهيعة، قد توبع، وأما حُيَي بن عبد الله بن شريح المُعافري فهو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث وخاصة في الشواهد وهو من رجال السنن، وبهذا ظهر وهم الحاكم في قوله:"على شرط مسلم".
وقد رُوي مثل هذا عن علي بن أبي طالب، رواه الترمذي (1984) و (2527) عن علي بن حُجر، حدثنا علي بن مُسْهِر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي بن أبي طالب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة غُرَفًا تُرى ظهورُها مِن بطونها، وبطونُها من ظُهورِها"، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: "لمن أطاب الكلامَ وأطْعم الطعامَ، وأَدامَ الصيامَ، وصلى لله بالليل والناس نيام".
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، وقد تكلم بعضُ أهل الحديث في عبد الرحمن بن إسحاق هذا من قبل حفظه، وهو كوفي، وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي مدني، وهو أثبتُ من هذا، وكلاهما كانا في عصر واحد".
قلت: وهو كما قال فإن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي هذا ضعَّفه ابن معين وأبو حاتم وابن حبان والعجلي.
وقال أحمد: ليس بشيء منكر الحديث، وأما عبد الرحمن بن إسحاق المدني فهو صدوق من رجال مسلم.
وفي الإسناد علة أخرى وهي النعمان بن سعد بن حَبْتة - بفتح المهملة وسكون الموحدة ثم مثناة - كوفي لم يوثقه غير ابن حبان ولذا قال الحافظ: "مقبول" أي حيث يتابع، ولكنه لم يتابع، فهو لين الحديث.
والحديث رواه أيضًا الإمام أحمد (1338) والبزار "كشف الأستار"(702)، وأبو يعلى (438)، وابن خزيمة (2136) كلهم من طريق محمد بن فُضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق به مثله.
قال ابن خزيمة: "إن صحَّ الخبر، فإن في القلب من عبد الرحمن بن إسحاق أبي شيبة الكوفي، وليس هو بعبد الرحمن بن إسحاق الملقب بعبَّاد الذي رَوَى عن سعيد المقبري والزهري وغيرهما،
هو صالح الحديث، مدني سكن واسط، ثم انتقل إلى البصرة" انتهى.
• عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة يحبهم الله عز وجل، وثلاثة يُبغضهم الله عز وجل، وأما الذين يحبهم الله عز وجل فرجل أتى قومًا فسألهم بالله، ولم يسألهم بقرابة بينه وبينهم فمنعوه، فتخلفهم رجل بأعقابهم فأعطاه سِرًّا لا يعلم بعطيته إلا الله عز وجل والذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يُعدل به نزلوا فوضعوا رؤسَهُم فقام يتملَّقُني ويتلو آياتي، ورجل كان في سَرِيَّةٍ فلقوا العدوَّ، فانهزموا فأقبل بصدْره حتى يُقتَلَ أو يفتح الله له، والثلاثة الذين يُبغضهم الله عز وجل: الشيخ الزاني والفقير المختال، والغني الظلوم".
حسن: رواه النسائي (2570)، والترمذي (2568) كلاهما عن محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور بن المعتمر قال: سمعت ربعي بن حِراش يحدث عن زيد بن ظبيان يرفعه إلى أبي ذر فذكر الحديث.
وأخرجه ابن خزيمة (2456 و 2564)، وابن حبان (3350 و 4771) في صحيحيهما كلاهما من طريق محمد بن جعفر به. قال الترمذي:"هذا حديث صحيح".
وصحّحه أيضًا الحاكم (1/ 417) بعد أن رواه من طريق الإمام أحمد - وهو في مسنده (21355) - عن محمد بن جعفر به.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
قلت: إسناده حسن من أجل زيد بن ظبيان ولم يخرج له الشيخان، وإنما أخرج له الترمذي والنسائي، ولم يوثقه غير ابن حبان، ولذا قال الحافظ في التقريب:"مقبول" وهو كذلك لأنه توبع.
رواه الإمام أحمد (21340) عن إسماعيل (وهو ابن علية) حدثنا الجريري، عن أبي العلاء بن الشِخّير، عن ابن الأحمس، قال: لقيت أبا ذر فقلت له: بلغني عنك أنك تحدث حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أما إنه لا تخالُني أكذبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما سمعتُه منه فما الذي بلغك عني؟ قلت: بلغني أنك تقول: "ثلاثة يُحبهم الله، وثلاثة يشنؤُهم الله" قال: قلتُه وسمعتُه فذكر الحديث نحوه مع خلاف في البعض. فذكر من الثلاثة الذين يحبهم الله "والرجل يكون له الجارُ يؤذِيه جوارُه فيصبر على أذاه حتى يفرق بينهما موت أو ظعن" بدلًا من الصدقة، والثلاثة الذين يبعضهم الله:"التاجر الحلّاف - أو البائع الحلَّاف - والبخيل المنان، والفقير المختال".
ولكن فيه ابن الأحمس، ويقال: ابن الأحمسي ذكره الحافظ في "التعجيل"(1436): وقال: "روى عن أبي ذر، وعنه أبو العلاء بن الشخير".
وفيه إشارة إلى أنه مجهول، ولكن هو بالجملة يقوي رواية زيد بن ظبيان.
والجُريري هو: سعيد بن إياس وهو ثقة من رجال الجماعة، ولكنه اختلط قبل موته بثلاث سنين، ورواية إسماعيل ابن علية كانت قبل موته.
ومن هذا الطريق رواه ابن منيع كما في "إتحاف الخيرة"(5990) وللحديث أسانيد أخرى والذي ذكرته أصحُّها.
وأما ما رُوِيَ عن عبد الله بن مسعود يرفعه: "ثلاثة يحبهم الله
…
" فذكر نحوه فهو موقوف.
رواه الترمذي (2567) من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن منصور، عن ربعي بن حِراش، عن عبد الله بن مسعود فذكر الحديث.
قال الترمذي عقب حديث أبي ذر: "وهذا أصح من حديث أبي بكر بن عياش".
وروي أيضًا عن عبد الله بن مسعود يرفعه: "عجب ربنا عز وجل من رجلين: رجل ثار عن وِطَائِه ولِحافه، من بين أهله وحَيِّه إلى صلاته، فيقول ربنا: يا ملائكتي! انظروا إلى عبدي ثار من فراشِه ووِطَائه، ومن بين حيِّه وأهله إلى صلاته رغبةً فيما عندي، وشفقَةً مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله عز وجل فانهزموا، فعَلم ما عليه من الفِرار، وما له في الرجوع، فرجع حتى أُهريق دمُه رغبةً فيما عِندي، وشفقَةً مما عندي، فيقول الله عز وجل لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي، ورهبةً مما عندي، حتى أُهريق دمه".
الصّواب أنه موقوف على ابن مسعود: رواه الإمام أحمد (3949)، وأبو يعلى (5361) كلاهما من طريق عفان بن مسلم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود فذكره.
قال الدارقطني في "العلل"(5/ 267): يرويه عطاء بن السائب، عن مرة، واختلف عنه، فرواه حماد بن سلمة، عن عطاء السائب، ووقفه خالد بن عبد الله عن عطاء. وروى هذا الحديث قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن مرة، عن عبد الله مرفوعًا، تفرد به يحيى الحماني، عن قيس، ورواه إسرائيل، واختلف عنه فقال أحمد بن يونس، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص وأبي الكنود، عن عبد الله موقوفًا، وقال يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة وأبي الكنود موقوفًا، والصحيح هو الموقوف" انتهى.
وكذا قال أيضًا البيهقي في "الأسماء والصفات": رواه أبو عبيدة عن ابن مسعود من قوله موقوفًا عليه.
وأورده المنذري في "الترغيب والترهيب" وقال: رواه الطبراني موقوفًا بإسناد حسن.
وأما الهيثمي فحكم في "المجمع"(2/ 255): رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وإسناده حسن، وله عند الطبراني في الكبير نحوه موقوفًا، على ظاهر الإسناد، ولم يدرك العلة الخفية فيه.
وأما ما روي عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة يحبهم الله، ويضحك إليهم، ويستبشر
بهم: الذي إذا انكشفتْ فئة قاتل وراءها بنفسه لله تعالى، فإما أن يُقتل، وإما أن ينصره الله ويكفيه، فيقول: انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه؟ ، والذي له امرأة حسنةٌ، وفراش ليِّن حسن، فيقومُ من الليل يذرُ شهوتَه، ويذكرني، ولو شاء رقد، والذي إذا كان في سفر، وكان معه ركبٌ فسَهِروا، ثم هجعوا فقام من السَّحَر في ضرَّاء سِرًّا" فهو ضعيف.
أخرجه الحاكم (1/ 25) مختصرًا، والبيهقي مفصلا في "الأسماء والصفات"(2/ 220) كلاهما من طريق فُضيل بن سليمان، نا موسى بن عقبة، حدثني عبيد الله بن سلمان، عن أبيه، عن أبي الدرداء فذكر نحوه.
وإسناده ضعيف من أجل فُضيل بن سليمان وهو: النُميري فقد ضعفه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وأبو داود وغيرهم، وأما البخاري فقد أخرج له متابعة، وأما الهيثمي فعزاه في المجمع (2/ 255) إلى الطبراني وقال:"ورجاله ثقات". وذلك اعتمادا منه على توثيق ابن حبان له.
• عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قُربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم".
حسن: رواه ابن خزيمة (1135)، والحاكم (1/ 308) وعنه البيهقي (2/ 502) كلهم من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن ثور بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي أمامة الباهلي فذكره. غير أن ابن خزيمة قال: ربيعة بن يزيد.
قال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري".
وهذا وهم منه. فإن معاوية بن صالح وهو: ابن حدير لم يخرج له البخاري، وإنما أخرج له مسلم وهو "صدوق له أوهام" كما في "التقريب" ورمز له بـ (م).
ولكن في الإسناد عبد الله بن صالح كاتب الليث، وإن كان أخرج له البخاري في المعلقات إلا أنه مختلف فيه.
فقال النسائي: ليس بثقة، وقال الحاكم: ذاهب الحديث، وابن عدي سبر أحاديثه فقال:"هو عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في أسانيده ومتونه غلط، ولا يتعمد الكذب".
قلت: وهنا لم يأتِ بشيء ينكر عليه، فلا مانع من الاستشهاد به لا الاحتجاج به.
وأما ما رواه الترمذي (3549) من طريق بكر بن خُنيس، عن محمد القرشي، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن بلال بن رباح، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه، وزاد في آخره:"ومَطرَدَة للداء عن الجسد" فإنه لا يُعلّ ما رواه عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح به.
قال الترمذي: "حديث غريب، لا نعرفه من حديث بلال إلا من هذا الوجه، ولا يصح من قبل إسناده، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: محمد القرشي هو: محمد بن سعيد الشامي، وهو: محمد بن أبي قيس، وهو: محمد بن حسان، وقد تُرِك حديثه، وقد روي هذا الحديث معاوية بن
صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أصح من حديث أبي إدريس، عن بلال".
قلت: وهو كما قال فإن الشامي هذا هو المصلوب كذبوه، قتله المنصور على الزندقة وصلبه، وأما شيخه ربيعة بن يزيد فهو ثقة عابد كما في التقريب، والاسناد الأول ليس فيه متهم وهو حسن إن شاء الله.
وفي الباب أيضًا عن سلمان الفارسي ولفظه: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة لكم إلى الله عز وجل، ومُكفِّرة للسيئات، ومَنْهاة عن الإثم، ومَطرَدَة الداءِ عن الجسمِ" إلا أنه ضعيف لجهالة أحد رواته.
رواه الطبراني في "الكبير"(6154) وفيه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون وثَّقه دُحَيْم وابن حبان وابن عدي، وضعَّفه أبو داود وأبو حاتم. كذا قال الهيثمي في "المجمع"(3520).
وأورده ابن عدي في "الكامل"(4/ 1596 - 1597) وذكر له عدة أحاديث منها الحديث المذكور وقال: ابن أبي الجون هذا مثل ابن أبي الرجال، وعامة أحاديثه مستقيمة، وفي بعضها بعض الإنكار، فلذلك ذكرته، وله غير ما ذكرت من الحديث، وقد روى عنه الوليد بن مسلم ونطراؤه من الناس من أهل دمشق، وأرجو أنه لا بأس به" انتهى.
وأما أبو داود فضعَّفه كما سبق، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وفيه أيضًا أبو العلاء الغَزِّي الراوي عن سلمان الفارسي مجهول، قال الذهبي: لا أعرفه.
وفي الباب ما روُي عن عبد الله بن عباس قال: ذكرت قيام الليل. فقال بعضُهم: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نصفه وثلثه وربعه، فواق حَلْبِ ناقة، فواق حَلْبِ شاة".
رواه أبو يعلى "المقصد العلي"(369) عن هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره. ومخرمة بن بكير حسن الحديث.
قال الهيثمي في "المجمع"(2/ 252): "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح".
وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة"(2353): "رواه أبو يعلي بسند صحيح".
قلت: وهو كذلك إلا أنّ مخرمة بن بكير وهو من رجال مسلم روايته عن أبيه وجادة من كتابه كما قال أحمد وابن معين. وقال ابن المديني: "سمع من أبيه قليلًا"، والوِجادة مقبولة عند المحدثين.
ولكن علّته أنّ فيه انقطاعًا، فإنّ بكيرًا وهو ابن عبد الله بن الأشجّ لم يسمع من ابن عباس.
وقوله: فواق حلبِ ناقةٍ: أي: قدر ما بين الحلبتين من الراحةِ. كما في النهاية لابن الأثير.
وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: "شرف المؤمن صلاته باللّيل، وعزُّه استغناؤه عن النّاس". فهو ضعيف.