الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب جعل ظهر الكفين إلى السماء في دعاء الاستسقاء
• عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقي، فأشار بظهر كفيه إلى السماء.
صحيح: رواه مسلم في الاستسقاء (896) عن عبد بن حميد، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس فذكره.
قال النووي في شرح مسلم: "قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه، ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل باطن كفيه إلى السماء واحتجوا بهذا الحديث".
9 - باب دعاء الاستسقاء في خطبة الجمعة من غير استقبال القبلة
• عن أنس بن مالك أنَّه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هلكتِ المواشي، تقطعتِ السبُلُ فادع الله، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمُطِرنا من الجمعة إلى الجمعة، قال: فجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! تهدَّمتِ البيوت، وانقطعتِ السّبُلُ، وهلكتِ المواشي، فقال رسول الله:"اللهم ظهورَ الجبال والآكام، وبطونَ الأودية، ومنابتَ الشجر".
قال: فانجابتْ عن المدينة انجياب الثوب.
وفي رواية: عن أنس أن رجلًا دخل المسجد يوم جمعةٍ من بابٍ كان نحو باب دار القضاء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب. فاستقبل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قائمًا ثم قال: يا رسول الله! هلكتِ الأموالُ، وانقطعتِ السبُلُ، فادعُ الله يُغيثُنا. فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال:"اللهم أَغِثنا، اللهم أَغِثنا، اللهم أَغِثنا".
قال أنس: ولا والله! ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعةً، ما بَيننا وبين سَلْعٍ من بيتٍ ولا دارٍ. قال: فطلعتْ من ورائه سحابةٌ مثلُ التُرسِ، فلما توسطتِ السماءَ انتشرتْ، ثم أمطرتْ، فلا والله ما رأينا الشمسَ سِتًّا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة -ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب- فاستقبله قائمًا فقال: يا رسول الله! هلكتِ الأموال، وانقطعتِ السبُلُ فادعُ الله يُمْسِكها عنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثمَّ قال: "اللهمَّ حوالينا ولا علينا ........ ".
متفق عليه: الرواية الأولى رواها مالك في الاستسقاء (3) عن شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر، عن أنس بن مالك فذكره.
ورواه البخاري في الاستسقاء (1016) من طريق مالك به مثله.
والرواية الثانية رواها البخاري في الاستسقاء (1014)، ومسلم في الاستسقاء (897) كلاهما عن قيتبة بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس بن مالك فذكره. ولفظهما سواء.
قال شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول، قال: لا أدري.
قوله: "دار القضاء" هي دار عمر بن الخطاب، سميت دار القضاء لأنها بيعتْ في قضاء دين كان عليه، فكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم طال ذلك فقيل لها: دار القضاء، ومن فسر بأنها دار الإمارة فإنه لم يُصب.
وقوله: "ستًّا" أي: لم نَرَ الشمس ستةَ أيام، ولكن في أكثر الروايات "سبتًا" باسم أحد الأيام - أي: لم نَرَ الشمس أسبوعًا.
وقال النووي: قطعة من الزمان، لأنَّ أصل السبت: القطع.
وقوله: "اللَّهم حوالينا" المراد به صرف المطر عن الأبنية والدور.
وقوله: "اللَّهم على الآكام" من الإكام: بكسر الهمزة، وقد تُفتح وتُمد، جمع أكمة بفتحات.
قال الخطابي: هي الهضبة الضخمة، وقيل: الجبل الصغير، وقيل غير ذلك وهو المراد من قوله:"حوالينا".
وفي الحديث دليل لمن يقول: بأن الاستسقاء لا تُشرع فيه الصلاة.
وأجيب بأن المقصود هنا مجرد الدعاء، وأما صلاة الاستسقاء فثبتت بالأحاديث الأخرى.
• عن أنس قال: أصاب الناسَ سَنَهٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبيْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة، قام أعرابي فقال: يا رسول الله! هلك المالُ، وجاعَ العِيَالُ، فادْعُ الله لنا أنْ يَسْقينا، قال: فرفع رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَيه، وما في السماء قزَعَةٌ، قال: فثار سحابٌ أمثالُ الجِبال، ثم لم يَنْزِلْ عن مِنْبَرِه حتَّى رأيتُ المَطَرَ يتحادَرُ على لِحَيَتِه، قال: فمُطرْنا يومَنا ذلك، وفي الغَد، ومن بعدِ الغدِ، والذي يليه إلى الجمعةِ الأخرى، فقام ذلك الأعرابي، أو رَجُلٌ غَيرُه، فقال: يا رسولَ الله! تَهَدَّمَ البناء، وغَرقَ المال، فادْعُ الله لنا، فرفع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَيْه وقال:"اللَّهمَّ حَوَالَيْنَا ولا علينا" فما جعل يُشيرُ بيده إلى ناحيةٍ من السماء إلا تفرَّجتْ، حتى صارتِ المدينةُ في مثل الجَوْبة، حتى سالَ الوَادي -وادي قناةَ- شهرًا قال: فلم يجئْ أحد من ناحيةٍ إلا حدَّث بالجَود.
متفق عليه: رواه البخاري في الاستسقاء (1033)، ومسلم في الاستسقاء (897/ 9) كلاهما من طريق الأوزاعي قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، قال: حدثني أنس بن
مالك فذكره واللفظ للبخاري.
ولفظ مسلم نحوه. وفي رواية عند مسلم من وجه آخر عن ثابت البناني، عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقام إليه الناس فصاحوا، وقالوا: يا نبي الله! قحط المطرُ، واحمرَّ الشجِرُ، وهلكتِ البهائمُ، وساق الحديث. وفيه أيضًا: فَتَقَشَّعَتْ عن المدينة، فجعلتُ تُمطر حوالَيها، وما تُمطر بالمدينة قطرةٌ، فنظرتُ إلى المدينة، وإنها لفي مِثْل الإكليل.
وفي رواية أخرى: رأيت السحاب يتمزَّق كأنه الملاءُ حين تُطْوى.
وفي رواية: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه، حتى أصابه من المطر. فقلنا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ قال: "لأنه حديث عهد بربه تعالي".
قوله: "قزعة" بفتح القاف والزاي، أي سحاب متفرق.
وقوله: "حتى رأينا المطر يتحادر على لحيته" هذا يدل على أن السقف كان من جريد النخل.
وقوله: "مثل الجوبة" بفتح الجيم، وهي الحفر المستديرة الواسعة، المراد بها هنا: الفرجة في السحاب.
وقال الخطابي: المراد بالجّوبة هنا الترس.
وقال النووي: هي الفجوة ومعناه: تقطع السحاب عن المدينة، وصار مستديرًا حولها، وهي خالية منه.
وقوله: "وادي قَناة" بفتح القاف، أرض ذات مزارع بناحية أحد، وواديها أحد أودية المدينة المشهورة، كذا في الفتح.
وقال النووي: وادي قناة: اسم لواد من أودية المدينة، وعليه زروع لهم، فأضافه إلى نفسه، وفي رواية البخاري: سال الوادي -وادي قناة- على البدل.
وقوله: "إلَّا حدَّث بالجَود"-بفتح الجيم- المطر الغزير.
وقوله: "احمَّر الشجر" كناية عن يُبس ورقها، وظهور عودها.
وقوله: "تقشَّعتْ" أي زالت.
وقوله: "مثل الإكليل" وهو بكسر الهمزة، هي العصابة. وتطلق على كل محيط بالشيء، كذا في شرح النووي. ويسمى التاج إكليلًا لإحاطته بالرأس.
وقوله: "كأنه المُلاء حين تطوي" المُلاء: بضم الميم، وبالمدِّ، والواحدة ملاءة -بالضم والمد. وهي الريطة كالملحفة، كذا في شرح النووي، وهي كالملحفة التي تلتحف بها المرأة، ومعناه: تشبيه انقطاع السحاب وتجليلهِ بالملاءة المنشورة إذا طويت.
وقوله: "حسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه" معني حسر: كشف، أي: كشف بعض بدنه ليصيبه المطر.