الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع آداب يوم الجمعة
1 - باب في غسل يوم الجمعة
• عن أبي سعيد الخدري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم".
متفقٌ عليه: رواه مالك في الجمعة (4) عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، فذكره.
ورواه البخاري في الجمعة (879)، عن عبد الله بن يوسف، ومسلم في الجمعة (846)، عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالكٍ.
وفي حديثٍ آخر لأبي سعيد الخدري من غير طريق مالكٍ: "غسل يوم الجمعة على كل محتلم، والسواك، ويمس من الطيب ما قدر عليه".
وفي رواية: "ولو من طيب المرأة". وكلُّها في صحيحٍ مسلمٍ. وستأتي.
• عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل".
متفق عليه: رواه مالك في الجمعة (5)، عن نافعٍ، عن ابن عمر. فذكره.
ورواه البخاري في الجمعة (877)، عن عبد الله بن يوسف، عن مالك.
وأخرجه مسلم في الجمعة (844)، من غير طريق مالك، وفيه: إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل".
وفي رواية عند البخاريّ (919)، ومسلم، كلاهما من وجهٍ آخر عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال وهو قائم على المنبر: من جاء منكم الجمعة فليغتسل".
وأمَّا ما رواه ابن خزيمة (1752) وابن حبان (1226) من طريق عثمان بن واقد، حدثني نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل، ومن لم يأتها فليس عليه غسلٌ من الرجال والنساء".
فهو ضعيفٌ، عثمان بن واقد فيه كلامٌ، وقد استنكر الأئمة عليه هذا الحديث؛ فقال أبو داود:"هو ضعيف، حدث بحديث: "من أتي الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل". ولا أحدًا قال هذا غيره". وقال البزار: "أخشى أن يكون عثمان بن واقد وهم فيه".
• عن ابن عمر، أنَّ عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ
دخل رجل من المهاجرين الأولِّين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فناداه عمر: أيَّة ساعةٍ هذه؟ قال: إنِّي شُغِلتُ فلم أنقلِبْ إلى أهلي حتَّى سمعتُ التأذينَ، فلم أزد أن توضَّأتُ. فقال: والوضوء أيضًا؟ ! وقد علمت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرُ بالغسل.
متفقٌ عليه: رواه البخاري في الجمعة (878) من طريق مالك، ومسلم في الجمعة (845) من طريق يونس، كلاهما عن الزّهريّ، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر، فذكره.
والحديث في "الموطَّأ برواية يحي في كتاب الجمعة (3): عن الزّهريّ، عن سالم بن عبد الله، قال: "دخل رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
…
". وهو مرسلٌ؛ لأنَّ سالما لم يُدرك جدَّه عمر كما ذكره أبو زرعة، وغيره.
• وعن أبي هريرةَ أنَّ عمر بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجلٌ فقال عمر: لِم تحتبسون عن الصّلاة؟ فقال الرجلُ: ما هو إلَّا أن سمعتُ النداء توضَّأتُ. فقال: ألم تسمعوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا راح أحدكم إلى الجمعةِ فليغتسل".
متفقٌ عليه: رواه البخاري في الجمعة (882)، ومسلم في الجمعة (4/ 845) كلاهما من طريق يحيى بن أبي كثيرٍ، حدَّثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدَّثني أبو هريرة، فذكر الحديث.
وفي مسلم أنَّ الداخل هو عثمان بن عفَّان. فقال عمر: ما بال الناس يتأخرون بعد النداء؟ فقال عثمان: يا أمير المؤمنين! ما زدتُ حين سمعتُ النداء أن توضَّأتُ ثمَّ أقبلتُ. فقال عمر: والوضوء أيضًا! ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل".
• عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"حقٌّ لله على كلِّ مسلمٍ أن يغتسلَ في كلِّ سبعة أيَّامٍ، يغسل رأسَه وجسده".
متفق عليه: رواه مسلم في الجمعة (849) عن محمد بن حاتم، ثنا بهز، ثنا وُهَيب، ثنا عبد الله ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
ورواه البخاري (896) في سباق أطول عن مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا وهيب بإسناده، وأوله عنده:"نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه، فهدانا الله، فغدًا لليهود، وبعد غدٍ للنصاري". فمكث ثمَّ قال: "حق على كلِّ مسلمٍ أن يغتسل
…
". فذكر مثله.
وقوله: "فمكث": أي النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الجملة الثانية أيضًا مرفوع بدليل ما رواه البخاري في كتاب الأنبياء (3486)، وليس فيه:"فمكث".
• عن طاوس قال: قلت لابن عباس: ذكروا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جنبًا، وأصيبوا من الطيب".
قال ابن عباس: أمَّا الغسل فنعم، وأمَّا الطيب فلا أدري.
وفي رواية عن طاوس، عن ابن عباس: أنَّه ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم في الغسل يوم الجمعة. فقلت لابن عباس: أيمس طيبًا أو دهنًا إن كان عند أهله؟ فقال: "لا أعلمه". كلها في صحيح البخاري.
متفق عليه: رواه البخاري في الجمعة (884، 885) ومسلم في الجمعة (848) كلاهما من طريق طاوس، عن ابن عباس، أنَّه ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم في الغسل يوم الجمعة، قال طاوس: فقلت لابن عباس: ويمس طيبًا أو دُهنًا إن كان عند أهله؟ قال: لا أعلمه.
• عن عكرمة أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاِق جَاءُوا، فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاس! أَتَرَي الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبًا؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ وَخَيْرٌ لِمَنِ اغْتَسَلَ، وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ، وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدْءُ الْغُسْلِ: كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُقَارِبَ السَّقْفِ إنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْم حَارٍّ وَعَرِقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِياحٌ آذَى بذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الرِّيحَ قَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ! إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ فَاغْتسِلُوا، وَلَيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دَهْنِهِ وَطِيبِهِ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمّ جَاءَ اللهُ بِالْخَيْرِ، وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ، وَكُفُوا الْعَمَلَ، وَوُسِّعَ مَسْجِدُهُمْ، وَذَهَبَ بَعْضُ الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِن الْعَرَقِ.
حسن: رواه أبو داود (353) وأحمد (2419) وصححه ابن خزيمة (1755) والحاكم (1/ 281، 282) كلهم من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، فذكره، واللفظ لأبي داود.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن أبي عمرو فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
• عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء رجلٌ والنبي يخطب يوم الجمعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يلهو أحدكم حتى إذا كادت الجمعة تفوته جاء يتخطى رقاب الناس يؤذيهم! ".
فقال: ما فعل يا نبيَّ الله! ولكن كنتُ راقدًا ثم استيقظت فقمت وتوضأت، ثم أقبلتُ. فقال النبيُّ:"أوَ يوم وضوء هذا؟ ! ".
حسن: رواه محمد بن أبي عمر العدني في مسنده (720 - المطالب)، ومن طريقه الطبراني في الأوسط (975 - مجمع البحرين)، ثنا بشر بن السري، ثنا عمر بن الوليد الشني، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
قال الطبراني: "لم يروه عن عكرمة إلَّا عمر بن الوليد، ولا عنه إلَّا بشر، تفرَّد به العَدَني". وقال ابن حجر: "رجاله ثقات إلَّا عمر، ففيه مقالٌ". وقال البوصيري: "رواه ابن أبي عمر، ورجاله ثقات".
قلت: إسناده حسن، رجاله ثقات معروفون إلَّا عمر بن الوليد؛ فهو صدوق في أقلِّ أحواله. قال النسائي:"ليس بالقوي". وليَّنه القطان فقال: "ليس هو عندي ممن أعتمد عليه، ولكنَّه لا بأس به".
ووثَّقه أحمد وابن معين وأبو زرعة، وقال أبو زرعة:"ما أرى بحديثه بأسًا، وعامة حديثه عن عكرمة فقط، قلَّ ما يجاوز به إلى ابن عباسٍ، لا يُشبه شبيب بن بِشر الذي جعل عامة حديثه موصولًا".
قلت: هذا الكلام يدل على تثبُّته وحفظه لما يرفعه عن عكرمة، عن ابن عباسٍ. وذكره أيضًا ابن حبان، وابن شاهين في "الثقات". فهو حسن الحديث إن شاء الله.
وأمَّا قول الطبراني: "تفرد به العدني". فالعدني هو محمد بن يحيى بن أبي عمرو العدني، صاحب المسند المعروف، وثَّقه ابن معين والدارقطني، واحتجَّ به مسلمٌ في "الصحيح"، وكان الإمام أحمد يحث أهل الحديث على الأخذ عنه، وذكره ابن حبان في الثقات، فمثل هذا لا يضرُّ تفرُّده، ولكن قال أبو حاتم الرازي:"كانت فيه غفلةٌ". والله أعلم.
• عن عائشة قالت: كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم، والعوالي، فيأتون في الغبار، يصيبهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لو أنَّكم تطهَّرتم ليومكم هذا".
متفق عليه: رواه البخاري في الجمعة (902) واللفظ له، ومسلم في الجمعة (847)، كلاهما من طريق عبد الله بن أبي جعفر، أنَّ محمد بن جعفر بن الزبير حدَّثه، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرته.
وفي مسلم: "فيأتون في العباء".
قال الحافظ في "الفتح": وهو أصوب.
وفي رواية أخرى عند مسلمٍ: قالت عائشة: "كان الناس أهل عملٍ، ولم يكن لهم كُفاةٌ، فكانوا يكون لهم تَفَلٌ. فقيل لهم: لو اغتسلتم يوم الجمعة". وفي رواية عند البخاري (903): "كان الناس مَهَنة أنفسهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: "لو اغتسلتم".
قوله: "كُفاة": جمع كافٍ، كقضاة جمع قاضٍ، وهم الخَدَم الذين يكفونهم العمل.
و"تَفَلٌ": أي رائحة كريهةٌ.
• عن عبد الله بن أبي قتادة قال: دخل عليَّ أبي وأنا أغتسل يوم الجمعة فقال: غسلك هذا من جنابة أو للجمعة؟ قلت: من جنابة، قال: أعِد غسلًا آخر؛ إنِّي سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى".
حسن: رواه الطبراني في الأوسط "مجمع البحرين"(968): ثنا موسي بن هارون، ثنا سُرَيج ابن يونس، ثنا هارون بن مسلم العجلي البصري، ثنا أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، فذكره.
وإسناده حسن، رجاله ثقات غير هارون بن مسلم العجلي، وهو صدوق حسن الحديث، ومدار الحديث عليه، قال الطبراني:"لم يروه عن يحيى إلَّا أبان، ولا عنه إلَّا هارون". وقد صحح هذا الحديث ابن خزيمة (1760) وابن حبان (1222) والحاكم (1/ 282) فأخرجوه من طريق هارون ابن مسلم به. قال ابن خزيمة: "هذا حديث غريبٌ، لم يروه غير هارون".
وقال الحاكم: "هذا حديث على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه
…
". وهو ليس كذلك؛ فلم يُخرج الشيخان لهارون هذا شيئًا، بل ولا أحد من أصحاب الأصول الستَّة، وإن كان حديثُه حسنًا. وأورده المنذري في "الترغيب" (1063) وقال: "إسناده قريبٌ من الحسن".
قوله: "كان في طهارةٍ إلى الجمعة الأخرى": وعند ابن حبان: "لم يزل طاهرًا إلى الجمعة الأخرى". قال ابن حبان: "يريد من الذنوب؛ لأنَّ من حضر الجمعةَ بشرائطها غُفر له ما بينها وبين الجمعة الأُخرى".
• عن سمرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فهو أفضل".
صحيح: رواه أبو داود (354) والترمذي (417) والنسائي (1379) كلهم من طرق عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، فذكر مثله.
وإسناده صحيح، وإن كان قتادة مدلِّسًا إلَّا أنَّه روى عنه شعبة في بعض طرقه، وهو القائل:"كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة".
وأمَّا الحسن؛ فاخْتُلف في سماعه من سمرة، والذي رجَّحته تبعًا لابن المديني، والبخاري وغيرهما: أنَّه سمع منه مطلقًا، وقال ابن دقيق العيد في الإلمام:"من يحمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال يُصحِّح هذا الحديث". ونقل ابن الملقن، أنَّ أبا حاتم صحَّح هذا الحديث من طريقيه؛ أعني الاتصال، والإرسال، وذكر ابنه عنه أنه قال:"هما جميعًا صحيحان".
انظر "البدر المنير"(4/ 651).
وصحَّحه أيضًا ابن خزيمة (1757)؛ فرواه من طريق شعبه، عن قتادة به مثله.
قال الترمذي: "حديث سمرة حديث حسن، وقد روى بعض أصحاب قتادة هذا الحديث عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، ورواه بعضهم عن قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا".
قلت: من رواه موصولًا ثقات؛ فلا تضرُّ رواية من رواه مرسلًا.
وأمَّا ما رُويَ عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حق على المسلمين أن يغتسلوا