الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 - باب في القنوت في النازلة قبل الركوع وبعده
• سئل أنس بن مالك عن القنوت في صلاة الصبح فقال: كنا نقنتُ قبل الركوع وبعده.
صحيح: رواه ابن ماجه (1183) عن نصر بن علي الجهضميِّ قال: حدثنا سهل بن يوسف، قال: حدثنا حُميد، عن أنس بن مالك فذكره.
قال البوصيري: "إسناده صحيح ورجاله ثقات".
قلت: وهو كما قال: ورواه أيضًا عبد الرزاق (4966) عن أبي جعفر، حُميد به قال: قلت له: كيف كنتُم تقنتون؟ قال: كل ذلك، قبل الركوع وبعده.
وبه قال الإمام أحمد والمختار عنده بعد الركوع كما سبق.
27 - باب ما كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم بعد التسليم من صلاة الوتر
• عن أُبّي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في آخر صلاته في الوتر يقول: يعني بعد التسليم: "سبحان الملك القدُّوس" ثلاثًا.
صحيح: رواه النسائي (1699) من طريق سفيان، عن زُبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أَبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب فذكره في حديث سبق تخريجه في باب ما يقرأ به في الوتر.
28 - باب ما جاء في بدءِ القنوت
• عن أنس قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سبعين رجلًا لحاجةٍ، يقال لهم القُرَّاء، فعرض لهم حيَّان من بني سُليم: رِعْلٌ وذَكْوان عند بئرٍ يُقال لها بئرُ مَعونة، فقال القومُ: والله! ما إيَّاكُم أردنا، إنَّما نحن مجتازون في حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم فقتلوهم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهم شهرًا في صلاة الغَداة، وذلك بَدْؤُ القُنوتِ وما كنا نَقنُتُ.
قال عبد العزيز: وسأل رجل أنسًا عن القنوت: أبعد الركوع، أو عند فَراغٍ من القراءة؟ قال: لا بل عند فَراغٍ من القراءةِ.
صحيح: رواه البخاري في المغازي (4088) عن أبي معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز، عن أنس فذكره.
29 - باب ما جاء في استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازِلةٌ والجَهْرُ به
• عن أنس بن مالك قال: دعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الذين قَتَلوا - يعني - أصحابه ببئر مَعونة ثلاثين صباحًا، حين يدعو على رِعْلٍ ولَحيانَ وعُصيَّةَ عَصَتِ الله ورسولَه.
قال أنس: فأنزل الله تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم في الذين قُتِلوا أصحابِ ببئرِ مَعونة قرآنًا قرأناه حتَّى نُسخ بعدُ: "بَلِّغُوا قومَنا فقد لَقِينا ربَّنا، فرضي عنَّا، ورضينا عنه".
متفق عليه: رواه مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك فذكره.
ورواه البخاري في المغازي (4095) عن يحيى بن بكير، ومسلم في المساجد (677) عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك واللفظ للبخاري، وزاد مسلم "وذكوان" بعد "رِعْلٍ".
وفي رواية عند البخاريّ (4091) عن موسى بن إسماعيل، ثنا همَّام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعث خالَهُ - أخٌ لأمِّ سُلَيم - في سبعينَ راكبًا، وكان رئيسَ المشركينَ عامرُ بن الطُّفَيل خَيَّرَ بينَ ثلاثِ خِصالٍ فقال: يكون لكَ أهلُ السهلِ ولي أهل المَدَر، أو أكونَ خَليفتَكَ، أو أغزوكَ بأهل غَطَفان بألفٍ وألف. فطُعِنَ عامرٌ في بيتِ أمِّ فلانٍ فقال: غُدَّةٌ كغدَّةِ البَكر، في بيتِ امرأةٍ من آلِ بني فلان. ائتوني بِفَرَسي، فمات على ظَهرِ فرَسِه، فانطلق حرامٌ أخو أمِّ سلَيم، وهو رجلٌ أعرج ورجل من بني فلان قال: كونا قريبًا حتى آتِيَهم، فإن آمَنوني كنتم، وإن قتلوني أتيتم أصحابَكم، فقال: أتُؤَمِّنوني أُبلِّغْ رسالةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فجعل يُحدِّثُهم، وأومَئوا إلى رجل فأتاهُ من خلفهِ فطعَنَه، قال همَّامٌ أحسبُه حتى أنفَذَهُ بالرُّمح، قال: الله أكبرُ، فزتُ وربِّ الكعبة، فلُحِق الرجل فقُتلوا كلُّهم غير الأعرج كان في رأسِ جبل، فأنزَل الله علينا ثمَّ كان من المنسوخ "إنا قد لَقينا ربَّنا، فرضي عنّا وأرضانا" فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ثلاثينَ صباحًا، على رِعل وذكوان وبني لَحيانَ وعُصيَّة الذين عَصَوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم".
فجمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الدعاء على بني لَحيان وبني عُصَيَّة الذين غادروا بأصحاب عاصم بن ثَابت أمير سرية غزوة الرجيع، وعلى رِعْل وذكوان الذين غادروا بالقراء السبعين وقتلوهم عند بئر مَعونة، وذلك لقربهما في الوقوع، بل زعم الواقدي أن خبر بئر مَعونة وخبر أصحاب الرجيع جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة، ولذا جمع أنس بن مالك في الدعاء بين رِعْل وذكوان، وعُصَيَّة وبني لَحيان.
• عن أنس بن مالك أنَّ رِعْلًا وذكوانَ وعُصَيَّةَ وبني لَحيانَ استمدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على عدوٍّ فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنَّا نُسمِّيهم القُراءَ في زمانهم كانوا يحتطبون بالنهار، ويُصلُّون بالليل، حتَّى كانوا ببئر مَعونة، قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقنت شهرًا يدعو في الصبح على أحياء من أحياءِ العرب: على رِعْلٍ وذكوان وعُصَيَّةَ وبني لَحْيانَ.
قال أنس: فقرأنا فيهم قرآنًا، ثم إنَّ ذلك رُفِع:"بَلِّغوا عَنَّا قومنا أنَّا لقينا ربَّنا فرضي عنا وأرضانا".
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (4090) عن عبد الأعلى بن حماد، حدثنا يزيد بن
زُريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس فذكره واللفظ له.
ورواه مسلم في المساجد (677/ 303، 304) من وجه آخر عن قتادة، عن أنس مختصرًا.
• عن أَبِي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يَفْرُغُ مِن صلاة الفجر من القراءة، ويكبِّر، ويرفع رأسه "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد" ثم يقول وهو قائم: "اللهم أنْجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدُدْ وَطْأتك على مُضَرَ، واجعلها عليهم كَسِنِيِّ يوسفَ. اللهم العَنْ لَحْيانَ ورِعْلًا وذَكوانَ وعُصَيَّة عصتِ الله ورسولَه" ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أُنزل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [سورة آل عمران: 128].
وفي رواية: قنت بعد الركعة في صلاةٍ شهرًا.
وفي رواية قال أبو هريرة: والله! لأُقَرِّبَنَّ بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أبو هريرة يقنت في الظهر، والعِشاء الآخرة، وصلاة الصبح، ويدعو للمؤمنين، ويلعَنُ الكفار.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (4560)، ومسلم في المساجد (675) كلاهما من طريق ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة فذكر الحديث واللفظ لمسلم، وأمَّا البخاري فاختصره ولم يُسمِّ في رواياته "لَحْيان ورِعل وذكوان وعُصَيَّة" وإنَّما قال:"اللهم الْعَنْ فلانًا وفلانًا" لأحياء من العرب حتَّى أنزل الله فذكر الآية. إلَّا أنَّ مُسلمًا جعل نزول الآية منقطعًا فإنه رواه من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به مثله، ثم قال:"ثم بلغنا أنه ترك لما أنْزِل فذكر الآية" فلم يبين الزهري عمَّن بلغه ولكن رواه البخاري من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري موصولًا، ولم يقل فيه: بلغنا. فلا يُعَلُّ رواية الزهري برواية مسلم عن يونس بن يزيد.
وزاد أحمد في روايته عن يزيد بن هارون، عن محمد، عن أبي سلمة ثم قال:"الله أكبر وخرَّ ساجدًا".
وفي رواية عند مسلم قال أبو هريرة: ثم رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء بعد. فقلت: أُرى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد ترك الدعاء لهم، قال: فقيل: وما تراهم قد قدِموا؟
والآية نزلت في غزوة أحد كما ثبت في صحيح مسلم (1791) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كسِرتْ رُباعيتُه يومَ أحد، وشُجَّ في رأسه فجعل يَسْلُتُ الدمَ عنه ويقول:"كيف يُفْلح قوم شجوا نبيَّهم، وكسروا رُباعيتَه، وهو يدعوهم إلى الله" فأنزل الله عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [سورة آل عمران: 128].
وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة والربيع.
ولكن قصة رِعْل وذكوان كانت بعد أحد في غزوة بئر مَعونة قال الحافظ في "الفتح"(7/ 366):
"وهذا إن كان محفوظًا احتمل أن يكون نزول الآية تراخَى عن قِصَّة أحد، لأنَّ قِصَّة رِعْلٍ وذكوان كانت بعدها. ثمَّ قال: وفيه بُعْدٌ. والصواب أنَّها نزلت في شأن الذين دعا عليهم بسبب قِصَّة أُحُد. ويُؤيِّد ذلك ظاهر قوله في صدر الآية: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي يقتلهم {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} أي يخزيهم، ثم قال: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أي: فَيُسلِموا {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} أي: إن ماتوا كُفَّارًا". انتهى.
قلت: لنا أن نفرق بين الدُّعاء على الكُفَّار، وبين القنوت. فلعل النبيَّ صلى الله عليه وسلم دعا على الكفار يوم أحد بالهلاك في غير القنوت.
وأما القنوت فكان بدؤه كما قال أنس بعد بئر مَعونة فإنه قال: "وذلك بدؤ القنوت، وما كُنَّا نقنتُ" ولعل الآية نزلت مرتين.
وقوله: "كَسِنِي يوسف" أي اجعلها سِنين شِدادًا ذوات قَحط وغلاء. والسَّنَة - كما ذكره أصحاب اللغة: الجدب يقال: أخذتهم السَّنة، إذا أجدبوا وأقحطوا.
• عن خُفَاف بنِ إيماء الغِفاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة: "اللهم العَنْ بني لَحيان ورِعْلًا وذكوانَ، وعُصَيَّةَ عَصَوا الله ورسوله. غِفار غَفَر الله لها، وأسلم سالمها الله".
صحيح: رواه مسلم في المساجد (679) من حديث ابن وهب، عن الليث، عن عِمران بن أبي أَنَس، عن حنظلة بن علي، عن خُفاف بن إيماء فذكره.
وفي رواية: ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رفع رأسه فقال:"غِفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعُصَيَّة عصى الله ورسولَه. اللهم العَنْ بني لَحيان. والعَنْ رِعْلًا وذكوان" ثم وقع ساجدًا، قال خُفاف: فَجُعِلتْ لعنةُ الكفرة من أجل ذلك.
• عن ابن عمر أنه سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر يقول: "اللهم العَن فلانًا وفلانًا وفلانًا" بعد ما يقول: "سمع الله لمن حمِده، ربنا ولك الحمد" فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [سورة آل عمران: 128].
صحيح: رواه البخاري في المغازي (4069) عن يحيى بن عبد الله السلمي، أخبرنا عبد الله (وهو ابن المبارك) أخبرنا معمر، عن الزهري، حدثني سالم، عن أبيه فذكره.
ثم قال: وعن حنظلة بن أبي سفيان، سمعتُ سالم بن عبد الله يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان بن أمية، وسُهيل بن عمرو، والحارث بن هشام. فنزلت:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} .
قوله: وعن حنظلة - هو عطف على معمر، والراوي عنه هو عبد الله بن المبارك، إلا أنه مرسل،