الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدارقطني (2/ 28) بعد أن رواه من طريق يحيى بن زكريا الكوفي، ثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن عبد الله بن مسعود فذكره.
22 - باب ما يقرأ به في الوتر
• عن أُبَيِّ بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .
صحيح: رواه أبو داود (1423)، وابن ماجه (1171)، وأحمد (21141) كلهم من حديث عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو حفص الأبَّار، قال: حدَّثنا الأعمش، عن طلحة وزُبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبْزي، عن أبيه، عن أبَيِّ بن كعب فذكره، وزاد ابن ماجه بين طلحة وزبيد "ذر" وهو: ابن عبد الله المرهبي ثقة من رجال الجماعة.
وهذا إسناد صحيح، وقد صحّحه النووي في الخلاصة (1886)، كما صحّحه أيضًا ابن حبَّان (2436)، والحاكم (2/ 257) كلاهما من حديث أبي حفص الأبّار، به، مثله.
• عن ابن عبد الرحمن بن أبْزى، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. وكان يقول إذا سلَّم: سبحان الملك القدوس ثلاثًا ويرفع صوتَه بالثالثة.
صحيح: رواه النسائي (1732) عن عمرو بن يزيد، قال: حدثنا بهز بن أسد، قال: حدثنا شُعبة، عن سلمة وزُبيد، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبْزى فذكره.
وذر هو: ابن عبد الله المُرهي الهمداني، وابن عبد الرحمن بن أبزى اسمه: سعيد وهو ثقة.
وأخرجه أيضًا النسائي من عِدَّة طرق عن ذَرٍّ، كما رواه أيضًا عبد الرزاق (4697)، والإمام أحمد (15354) كلاهما من طريق ذَرٍّ به مثله.
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات، وعبد الرحمن بن أبزى الخزاعي مولاهم له صحبة، وقال أبو حاتم: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وصلى خلفه.
قال البغوي: ابن أبزي هو: سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، يروي عن أبيه عبد الرحمن. ويُروى هذا عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي بن كعب، عن النبي، "شرح السنة (4/ 98).
قلت: يظهر منه أن عبد الرحمن بن أبزى أوَّلًا كان يروي عن أُبَيِّ بن كعب، ثم تيسر له العلم بالحديث مباشرة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه صحابي كما أكَّد به البخاري والترمذي وأبو حاتم وغيرهم فبدأ يروي بدون ذكر أبي بن كعب، فالحديث من مسنده، ومن مسند أبي بن كعب، ولا حاجة إلى تخطئة أحد الطريقين.
• عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث، يقرأ في الأولى: بـ {سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الْأَعْلَى} وفي الثانية بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .
صحيح: رواه النسائي (1702)، والدارمي (1596) كلاهما من طريق أَبِي أُسَامة، حدَّثنا زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره، هذا إسناد صحيح.
وتابعه يونس عند ابن ماجه (1172) وإسرائيل عند أحمد (2726) والدارمي (1632)، وشريك عند الترمذي (462) كلهم عن أبي إسحاق به مثله. إلا أن بعض هؤلاء تأخر سماعُهم من أبي إسحاق مثل يونس بن أبي إسحاق، فإنه سمع من أبيه بعد ما اختلط.
قال النووي في الخلاصة (1885): "رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح".
وأما ما رواه زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق موقوفًا على ابن عباس كما رواه النسائي فالحجة لمن وصله.
• عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} .
صحيح: رواه النسائي (1743) عن بشر بن خالد، قال حدثنا شَبابهُ، عن شعبة، عن قتادة، عن زُرارة بن أوفى، عن عمران بن حصين فذكره.
قال أبو عبد الرحمن النسائي: لا أعلم أحدًا تابع شَبابة على هذا الحديث، خالفه يحيى بن سعيد. انتهى.
قلت: شَبابَه ثقة حافظ، فلا يضر تفرده، وعدم متابعة له، وأما حديث يحيى بن سعيد فهو حديث آخر مع اتحاد الإسناد فمثل هذه المخالفة لا تضر، وسبق ذكر حديث يحيى بن سعيد عن شعبة، عن قتادة، عن زُرارة، عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى الظهر، فجاء رجل فقرأ خلفه: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} فلما فرغ قال: "أيكم قرأ؟ " فقال رجل: أنا. قال: "قد عرفتُ أن بعضكم خالجنيها" وهو مخرج في صحيح مسلم (398).
• عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين التي يُوتر بعدهما: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ويقرأ في الوتر بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} .
حسن: رواه الدارقطني (2/ 34، 35)، والحاكم (1/ 305) وعنه البيهقي (3/ 37) عن الحسين بن إسماعيل، ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا سعيد بن عفير، ثنا يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة فذكرته.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
وإسناده حسن، لأن يحيى بن أيوب الغافقي مختلف فيه غير أنه حسن الحديث. وثقه البخاري وأبو داود وغيرهما، وتكلم فيه النسائي وابن سعد، واستشهد به البخاري، واحتج به مسلم.
وصحّحه ابن حبان (2432) ورواه من وجه آخر عن سعيد بن عفير به مثله.
والظاهر من قولها: "التي يوتر بعدهما" أنه يصلي ركعة منفصلة عن الثنتين. ولكن رواه الدارقطني والحاكم والبيهقي من وجه آخر عن سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب به وفيه: "وكان يقرأ في الثالثة
…
" فذكر بقية الحديث.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وسعيد بن عفير إمام أهل مصر بلا مدافعة، وقد أتى بالحديث مفسرًا مُصَلَّحًا دالًا على أنَّ الركعة التي هي الوتر في الثانية، غير الركعتين اللتين قبلها".
قلت: لا يحتاج إلى تخطئة أحدٍ، فإنه صلى الله عليه وسلم لعله صلَّى مرَّةً منفَصِلًا، وأخرى متَّصِلًا كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.
وهذا الإسناد هو أصح ما رُوي به حديث عائشة، وأشار إليه الترمذي بعد ما روي من طريق خُصَيف هو (463)، وأبو داود (1424)، وابن ماجه (1173)، وأحمد (25906)، والحاكم (2/ 520، 521) كلّهم من طريق خُصيف، عن عبد العزيز بن جُريج، قال: سألت عائشة أم المؤمنين بأيِّ شيءٍ كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: فذكر مثل حديث أُبَيِّ بن كعب، وزاد في الثالثة بعد قوله:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين.
قال الترمذي: "حسن غريب".
وقال الحاكم: إسناده صحيح.
قلت: بل إسناده ضعيف لضعف عبد العزيز بن جريج المكي والد عبد الملك قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال العجلي: لم يسمع من عائشة، وأخطأ خُصَيف فصرَّح بسماعه منها. وقال الدارقطني: مجهول.
قال الحافظ في "نتائج الأفكار"(ص 512) لعل تحسينه بالطريق المتقدمة؛ لأن الحافظ حَسَّن طريق يحيى بن أيوب الغافقي. كما أنَّ النووي أقرَّ بتحسين الترمذي في "الخُلاصة"(1883).
والإسنادان يقوي بعضهما بعضًا، فلا نكارة في قراءة المعوذتين في الوتر.
وقد سئل الإمام أحمد عن قراءة المعوذتين في الوتر فقال: "ولم لا يقرأ" ولكن الذي نختار أن يقرأ في الوتر بـ {سَبِّحِ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .
وكذلك سئل مالك عن القراءة في الوتر فقال: "ما زال الناس يقرؤون بالمعوذات في الوتر، وأنا أقرأ بها في الوتر".
وفي الباب ما روي عن أبي موسى أنه صلى باصحابه، وهو مرتحل من مكة إلى المدينة، فصلي العشاء ركعتين، وسلم. ثم قام فقرأ مائة آية من سورة النساء في ركعة، فأنكر ذلك عليه، فقال: "ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه، وأن أصنع مثل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.